للسنة الثالثة يتصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائمة الشخصيات الأكثر نفوذاً في العالم التي تنشرها مجلة "فوربس" الأمريكية بشكل سنوي فشعبية بوتين وصلت إلى رقم قياسي هذا العام بحسب مدير تحرير الجريدة والتي لم تتأثر بمحاولات الغرب الضغطَ على قيصر الكرملين سواء بالعقوبات أو عبر حملات الشيطنة الممنهجة التي دأبت آلة بروباغاندا الغرب على إطلاقها بحقه والتي سبق أن استهدفت أغلب القيادات التي تتصدر قائمة العداء لسياسات واشنطن والتي تصنفها الإدارة الأميركية ضمن محور الشر الممتد من موسكو إلى أميركا اللاتينية مروراً بسورية والعراق وليس بعيداً عن إيران.
بعيداً عن التصنيفات والقوائم التي ربما تؤكد المؤكد والتي لا يتعدى تأثيرها على مجريات العمل السياسي مفعول الأوسمة والنياشين في ساحات القتال , والتي لا تعترف إلا بشجاعة القلوب ويقظة الذهن وبُعد النظر والتي تقطع بطبيعة الأحوال أشواطاً أبعد بكثير مما هو لحظيٌ وآني.
بالرغم من الجوانب المظلمة للحرب على سورية وما رافقها من شلالات دمِ ودمار لم تشهد حروب العالم مثيلاً لها , إلا أن نارها المشتعلة والتي امتدت على مساحة الجغرافية السورية والتي حاول أعداء سوريا نقلها إلى ميادين الحلفاء ونجحوا في أكثر من مرة , لم يتعدى فعلها فعل الحرارة في الحَلَقة الذهبية التي صهرتها وغيرت صورتها وزادته لمعاناً وتمكنت مهارة قادتها من إعادة تشكيله من جديد وتركت لما جاورها من هشيمٍ أن تتلظى بنيرانها و تجعله رماداً تنثره الرياح على وجه الصحراء ، فأعادت الحرب على سورية تشكيل مروحة التحالفات السياسية إلى سياقها الطبيعي بترسيخ قوة محور الشرق ، فرسخت تطورات المشهد الدولي في الأشهر الستة الماضية قوة محور المقاومة والتي بُنيت على صخرة الصمود السورية في الحرب التي تواجهها , فنجحت إيران في قطف ثمار صمودها بعد التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني في السياسة والاقتصاد دون أن تتخلى على أيٍ من مكامن قوتها العسكرية , وباتت لاعباً إقليمياً دولياً بفضل دبلوماسيتها الناجحة وتناغم فريقها السياسي المتمثل بالرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية حسن ظريف لما لهما من دور فاعل في تجاوز مطباتٍ حاول الغرب زرعها في طريق المفاوضات بالتشدد تارة وبالدبلوماسية تارة أخرى إلى أن سارت الأمور وفق ما تشتهيه إيران.
بالرغم من الدعم الروسي المباشر لسورية منذ بدء الأزمة إلا أن الدخول العسكري الروسي على خط الأزمة السورية شكل نقطة تحول في مسار الحدث السوري وما أرسله من رسائل في السياسة يتجاوز حدود الحرب على الإرهاب , فمن بحر قزوين إلى لب الأجواء وأعماق الأرض السورية قُرأت الرسائل وبدأت كرة الثلج تتدحرج في السياسة , بدت نواتها في فيينا وتعاقبت فصول الرواية بالكتابة في عواصم القرار حيث تتسارع الأحداث ونجحت موسكو بجذب أطرافٍ لطالما ناصبتها العداء في فصول الأزمة السورية في مقلب المعارضة السورية والتي وَصفت في سابقات الأيام دورها بالهدام فإذ بها تتجاوب مع الحراك الروسي حيث نجح الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف بفك شيفرات المعارضة السورية وفتح الطريق لمن يرغب بالتخلص من التعاطي مع متفرعات القاعدة للسير في سكة الحل السياسي والتعاون في الحرب على الإرهاب فتتحول تلك القوى إلى فرق استطلاع للطيران الروسي في مواجهة داعش وتستعد للقاء قيادات روسية في أبو ظبي وترمي البوصلة الأميركية في أحضان داعش والنصرة وغيرها من تنظيمات قاعدية الهوى والهوية وهو ما يشكل قيمةً مضافة لوجهة النظر السورية التي لطالما أعلنت رؤيتها للحل السياسي المتزامن مع الحرب على الإرهاب واستعدادها لوضع يدها بيد الراغبين بمواجهة تلك التنظيمات بغض النظر عن توجهه السياسي في مقلب الموالاة أو المعارضة وهو ما بات اليوم واقع حال قائم لا نظريات ورؤى حالمة ، فبعد خمس سنوات من اتهام الغرب لرؤية الرئيس بشار الأسد والدبلوماسية السورية بالبعد عن الواقع تثبت تطورات الأحداث دقتها وتُجبر الخصوم على الاعتراف بصحتها.
سنوات خمس عجاف مرت على المنطقة خسرت ما خسرت وتجرعت من الألم الكثير إلا أنها كسبت أيضاً الكثير الكثير مما هو رصيدٌ لقادمات الأيام وأثبتت أن الحياة وقفة تَكتب المستقبل فيما لسان حال الحاضر يقول أن محور المقاومة يعيش عصره الذهبي من بوابة الصمود السوري
2015-11-05 | عدد القراءات 2003