منذ حادث سقوط الطائرة الروسية بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ والتطورات والتداعيات أكبر من حجم حادث مؤلم ومفجع ، لأنه بالقياس لمثله بقي ولا يزال محور اخذ ورد في السياسة سواء لجهة ما يتصل بالتخمينات والترجيحات حول الأسباب أو بالخطوات التي بنيت على اساسه وإتخذته سببا لتبريرها وهي بأحجام ومترتبات تفوق حجم ما يبنى على مثله من حوادث وكوارث . لم يعد لغز الطائرة الروسية مغفلا حتى لو بقيت أسباب تفجيرها موضع نقاش في التفاصيل ، فقد حسم ترجيح فرضية العملية التخريبية ، لكن فجأة بدأت تتظهر ملامح حرب شعواء لتجفيف مصادر السياحة المصرية من بوابة حادث إنفجار الطائرة الروسية بلجوء دول الغرب إلى التركيز على ضعف الإجراءات الأمنية في مطار شرم الشيخ وإطلاق عمليات ترحيل للرعايا وقطع الخطوط الجوية ومعاملة مصر كطاعون يجب الإبتعاد عنه ، وهو أمر لا يمكن قياسه بحجم الحادث ، الذي لو جرى في الأجواء الخاضعة لحكومة الإحتلال للاقت تلك الحكومة أوسع التضامن وربما تنظيم حملات سياحية تشجيعية يقودها رؤوساء الدول اوالحكومات ، ما يشي بضغوط تريد ان تفرمل خطوات مصر السيادية البعيدة عن قطيع التموضع الذي أتخذه حلفاء الغرب تجاه سوريا سواء بصورة مباشرة أو ما يتصل بالدور الروسي فيها ، خشية ان يتطور هذا الإستقلال المصري كما يبدو لتعطيل الصفقة التي جرى عقدها مع الرئيس التركي عشية الإنتخابات وما إقتضاه من تركيا تجاه تسهيل مسار فيينا ولكن بالمقابل منح تركيا أفضلية دور مميز في الحل الليبي ما يهدد مصر ولكن يستدعي قبولها . مقابل الضغط الغربي على مصر لإسترضاء تركيا بحل يعوم الأخوان المسلمين في ليبيا ، تبدو مصر أمام مفترق طرق في ظل الخيارات المتاحة ، فالوقوف في منتصف الطريق لم يعد مقبولا من الحلف الغربي التركي الخليجي ، وإستخدام التميز في العلاقة بروسيا والتعامل مع المسألة السورية لبناء مساحة مصرية خاصة في السياسة الشرق الأوسطية تتيح لمصر إستطرادا أن تشغل الموقع الشاغر لكرسي المفاوض المقابل لإيران وهو أمر لن تسمح ولن تتسامح به لا السعودية ولا تركيا ، وسيكون نتيجة طبيعية في ظل التموضع المصري الوسطي في القضية السورية . يجري دفع مصر للرضوخ لمعادلة قوامها التراجع عن التطلع لهذا الدور الخاص والمستقل والتسليم بإعتبار لعبة المفاوض الإقليمي للكبار فقط وهما تركيا والعسودية وإرتضاء الدعم المالي لقاء قبول دور الدول الصغرى في المنطقة التي تتبع المحاور ولا تقود محورا خاصا بها ، والنتيجة الطبيعية هي أن تكون مصر خزانا بشريا لتعويض خسائر السعودية في حرب اليمن وبقبول التدخل النوعي للمساعدة في حسمها والقبول الموازي بالتخلي عن خاصرتها الليبية لتركيا لتصير لاحقا قاعدة إتركاز للأخوان المسلمين تتكامل مع أخوان غزة الحمساويين وأخوان الأردن وأخوان اليمن في محاصرة مصر وإمداد أخوانها بمصادر القوة تمهيدا للإنقضاض مجددا على الحكم . بالمقابل إذا ارادت مصر تفادي هذه المخاطر فعليها أن تتحمل تبعات الإستقلال عن المحور التركي السعودي والإقدام لبناء محور بقيادتها يضم سوريا والعراق ويهتم بالحل السياسي والتعاون الأمني لمواجهة الإرهاب في بلاد الشام وخصوصا سوريا وحلف بقيادتها يضم الجزائر وتونس للحل السياسي ومواجهة الإرهاب في بلاد المغرب وخصوصا ليبيا ، وبدلا من دور خزان الدم في اليمن لحساب السعودية ودور الملحق لعب دور الشريك الفاعل في تشكيل مشهد عربي جديد . يبدو أن التفجير الذي إستهدف الطائرة الروسية أراد تضييع العين ولعب دور الخداع البصري بالإيحاء أن روسيا المستهدفة بينما يبدو اليوم أن المستهدف هي مصر .
2015-11-07 | عدد القراءات 3190