أن يشن تنظيم إرهابي لا يتجاوز عمره العامين هجمات انتحارية في ثلاث قارات خلال أقل من خمسة عشرة يوماً يطرح تساؤلات عدة حول حقيقة هذه التنظيمات ومرامي القوى التي تقف وراءها والرسائل الحقيقية من تلك الحوادث فما هو قبل تفجيرات باريس لن يكون كما قبلها فمن أسيا إلى أوروبا وأفريقيا قرأت الرسائل الداعشية والتي تفرض التعاطي الدولي مع الظاهرة بمزيد من الشفافية والوضوح بعيداً عن التصريحات غير القابلة للتصديق أو حتى للفهم فالتنظيم الذي أعلنت واشنطن الحرب عليه على الأراضي السورية قبل عام ونصف عبر تحالف دولي وأكد وزير خارجيتها بأن القضاء عليه يستغرق عشر سنوات من المواجهة بات بين ليلة وضحاها معدود الأيام بحسب زعم كيري دون أن يقدم نتائج تقيمه لضربات التحالف التي وسعت من نطاق سيطرة التنظيم على الأرض السورية قبل أن تقلب الغارات الجوية الروسية المشهد وتعيد الحسابات حول قدرة التنظيم الفعلية على الأرض وتكشف الدور الاستخباراتي الغربي في تمكين التنظيم من تنفيذ عملياته حيث تثبت الوقائع على الأرض أن التنظيم يتخطى كونه مجموعات إرهابية تتلاقى في المصالح والرؤى ليغدو علامة فارقة وماركة لتسويق أفكار ومشاريع تشبه المشاريع التي سوقتها تفجيرات الحادي عشر من أيلول من حرب عالمية ضد تنظيم القاعدة قادت لغزو أفغانستان والعراق وتعميم مشروع الفوضى الخلاقة الأميركية وغيرها من البرامج والخطط الأميركية التي تجد في سلوك تنظيم "داعش" خطوة في مشروع التفتيت والتقسيم في المنطقة في المدى البعيد أما في المدى القريب فإن التفجيرات الثلاثة تبعث رسائل مدروسة كشفها اختيار توقيت لا يمكن أن يكون محض صدفة فبالرغم من أن التنظيم الإرهابي حاضر في سيناء منذ مدة فإنه لم يتجرأ على استهداف مصالح دولية على الأرض المصرية في ذروة نشاط التنظيم الإرهابي وقبل الحملات المتتالية التي شنها الجيش المصري على معاقل التنظيم الذي لا يخفي أن الاستهداف جاء رداً على الغارات الروسية على الأراضي السورية وضربة للدور المصري في السياسة والاقتصاد لخدمة أهداف سعودية أميركية في السياسة وتحويلاً لمسار حركة السياح إلى اليونان وتركيا ،فيما يبدو التفجير الداعشي الذي استهدف الضاحية الجنوبية ردة فعل واضحة على تقدم الجيش العربي السورية والمقاومة في ريف حلب وتحقيقه إنجازات ميدانية تؤهله دخول طاولة فيينا برصيد ميداني عالي نتيجة للتنسيق المنقطع النظير بين سلاحي الجو الروسي والسوري والقوات البرية التي تقود العمليات على الأرض وإذا كانت رسالة التفجير إثارة حالة من النقاش حول دور المقاومة في الحرب على الإرهاب على سورية وإثارة شرخ سوري لبناني فلسطيني فإن رسائل تفجيرات باريس تتخطى كونها ارتداد لرعاية فرنسية لإرهاب وتغاضي القيادة الفرنسية عن تقارير الاستخبارات المحذرة من الخطر الإرهابي على الداخل الفرنسي في ظل علانية عمل شبكات تجنيد الإرهابيين في الداخل الفرنسي فإن التركيز على دور اللاجئين والحديث عن تورط سوريين في هكذا عمل ضخم على الأراضي الأوروبية عشية لقاءات فيينا وقبل ايام من قمة العشرين يشرع الأبواب أمام إمكانية العودة لطرح قضايا الحد من الهجرة واعادة توزيع اللاجئين وضمان مكان لائق لإقامتهم على الأراضي السورية ويدغدغ الأحلام التركية بإقامة المناطق العازلة بما يخلط أوراق التفاهمات الدولية في فيينا.
ثلاث تفجيرات تكشف رسائلها وطريقة التعاطي معها في عواصم القرار بأن تنظيم "داعش" يخرج عن مساره المعلن وليتحول لألة استخباراتية دولية عابرة للحدود وهو ما أدركته سورية وروسية منذ اليوم الأول لإعلان عنه أممية تنظيم داعش تكشف مراميه وأهدافه والمواجهة على الأرض حاضرة.
2015-11-15 | عدد القراءات 2034