عمليات الصيد الحر لناقلات النفط التابعة لتنظيم داعش الإرهابي والتي تُظهر فيها الفيديوهات سهولة استهداف الطائرات لها وقدرتُها على تدمير نحو 500 صهريج محملٍ بالنفط تابعة لـتنظيم "داعش" متجهةً من سوريا الى العراق بما يشكل فضيحة جديدة للتحالف الأميركي المزعوم لمحاربة التنظيم , فبالرغم من القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن والقاضي بتجفيف مصادر التمويل للتنظيمات الإرهابية وبالتحديد تنظيم "داعش" فإن الغارات الأميركية لم تطل البنية الاقتصادية والتمويلية للتنظيم والتي تشكل تجارة النفط فيها العصب الرئيسي له , ولم تمنعه على الأقل من تسيير قوافل الصهاريج التي طالتها الغارات الروسية , فبعد أن طالت الغارات مراكز القيادة وطرق التواصل بين معاقل التنظيم التي تسمح بالإمداد اللوجستي الذي يضمن بقاء التنظيم كقوة منتشرة على امتداد الجغرافيا العابرة للحدود , تتقدم موسكو للمرحلة الثانية في الحرب على الإرهاب والتي لا تقل أهمية عن سابقتها , حيث تتمثل بقطع ما يؤمن للتنظيم التمويل الذاتي عبر استهداف ناقلات النفط وتُسقط نظريات الغرب عن البنية الاقتصادية المتماسكة القادرة على تلبية حاجات التنظيم دون دعم دولي , وهي نظريات لا يمكن لأي عاقل ومتابع أن يقتنع بها , فالعملية التجارية تحتاج لبائع ومشتري ولا يمكن التصديق بمرور عملياتٍ بحجم تجارة داعش دون تورط دولي تركي سعودي قطري أميركي.
فَتَحَ الاستهداف الروسي لمصادر التمويل لتنظيم "داعش" الباب واسعاً أمام اختبار حقيقة التورط الدولي في التنظيم الأكثر جدلاً بما يسمح المجال للتثبت من حقيقة تلك المصادر , فمراقبة الأجواء واستهداف تجارة النفط من المفترض أن تدفع لضرب البنية المالية والعسكرية للتنظيم ,كون التسليح واستقدام المسلحين مرتبط بالتمويل وأي نتائج معاكسة تثبت تهمة التمويل على الدول الإقليمية والغربية للتنظيم على اعتبار أن باقي المصادر كفرض الأتاوات وعمليات الخطف لا تشكل ثقلاً نوعياً في حسابات داعش المالية وبالتالي تزيل غاراتُ موسكو مسمار جحا في خطاب دول الحرب على سورية لتغطيتها تمويل التنظيم الإرهابي.
بموازاة الحرب على مصادر التمويل فإنه ثمة دواع ومبررات للحرب على التنظيمات الإرهابية تطرحها موسكو على الغرب لنيل اعتراف بمشروعية السير قدُماً في الحرب على الإرهاب تتمثل في تحقيق الغاية التي أنشئت من أجلها تلك التنظيمات , فبعد الاعتراف الأمريكي بتأسيس القاعدة بدعم مالي وأيديولوجي سعودي لمحاربة الاتحاد السوفيتي وبعد النجاح الأميركي بتفتيت الاتحاد وتدمير أفغانستان والعراق وإحداث بلبلة في اليمن وسورية ولبنان وتونس ومالي ونيجيريا والصومال وباكستان والهند ومعظم دول المشرق عبر يافطة تنظيم القاعدة فإن وجهة هذه التيارات باتت واضحة صوب الغرب وربما البداية من فرنسا مع إدراك موسكو بأنها وإيران الوجهة القادمة التي تصطدم بجدار القوة الروسية الإيرانية التي لن تسمح بوصول نيران القاعدة إلى أراضيها وتفضل المضي بالضربات الاستباقية في سورية والعراق , بالتزامن مع الاستهداف الأوروبي وما يُظهره الجسد الأمني من هشاشة في البنية , تسمحُ بسهولة الاختراق وهو ما يفرض على الغرب ترتيب صفقة تبدو في ظاهرها أخلاقية بوجوب التخلص من هذه التنظيمات والاكتفاء بما حققته من نتائج قبل انقلاب السحر على الساحر وهي صفقة ليس بمقدور أي طرف غربي رفضها لأن رفض المحاربة يعني المهادنة والدعم وهي سياسة الغرب التي ثبت فشلها.
تدرك واشنطن والدول الإقليمية بأن الخيارين الذين وضعتهما موسكو بينهما أحلاهما مرٌ , فالحرب على داعش وأخواتها يعني نهاية حربها على سورية ويقضي على أحلامها بتحريك خلاياها في روسيا وإيران مستقبلاً , والرفض المعلن يبقيها في دائرة الاتهام , وبين المر والأمر سيُفضل الغرب تمييع الأمور
2015-11-19 | عدد القراءات 2105