لم تدم العنترية التركية المهللة بإسقاط الطائرة الروسية أكثر من ثمانية وأربعين ساعة , فشل خلالها الرئيس التركي والسلطان الحاكم بأمر الإخوان المسلمين رجب طيب أردوغان بسوق ما يبرر فعلته , وأمام الردود الروسية القوية والإعلان عن توريد صواريخS400 إلى سورية وما تلاه من تطورات كشفت كذب أردوغان وصعوبة تصديق الرواية التركية , لتفسير إسقاط الطائرة الروسية , قال الجيش التركي كلمته بأن سلاح الجو التركي لم يكن يعلم هوية الطائرة وأبدى الاستعداد للتعاون مع الجيش الروسي في محاولة لإنقاذ تركيا من الورطة التي أوقعها أردوغان فيها.
لم يكن أردوغان ليلجئ لورقة الجيش لو لم يجد نفسه وحيداً في مواجهة الغضب الروسي , حيث تخلى عنه كل حلفائه الذين اكتفوا بالدعوة لضبط النفس والتأكيد على ضرورة احترام السيادة التركية التي فشلت باحتواء الغضب الروسي , حيث فشل أردوغان بنسج حكاية منطقية تفسر الواقعة , فادعاء أردوغان بضرب الطائرة في الاجواء التركية وتحطمها في الاجواء السورية ووصول الحُطام إلى الأراضي التركية وإصابة مواطنين أتراك , مجرد رواية لا يمكن لعاقل أن يصدقها وفيها من الخيال ما يفوق الدراما التركية رواية , سرعان ما سقطت بنشر وزارة الدفاع الروسية تسجيلاً مصوراً لمسار الطائرة يكذب رواية أردوغان ويثبت حقيقة اختراق الطائرات التركية المجال الجوي السوري وارتكاب جريمة عن سبق إصرار وتصميم وهو ما كشفته تصريحات الطيار الروسي حين أكد عدم تلقي الطاقم أية إنذارات صوتية أو مرئية من الطائرات التركية ولم تطر بالتوازي معها للفت النظر بل باغتتهم بصاروخ أصاب ذيل الطائرة بشكل مباشر بما يؤكد النوايا العدائية التركية والتعمد بافتعال مواجهة غير محسوبة مع روسيا.
لم يكن أردوغان في يوم سعده حين أمر بإسقاط الطائرة , فالنتائج وردود الأفعال الروسية فاقت قدرته على تحملها ومهما كانت الأسباب التي دفعته للمغامرة فإن الحادث زاد في طين التورط التركي بلة , فلو سلمنا بأن قصف صهاريج النفط وراء الغضب التركي فإن الغضب الروسي أخسر تركيا عشرات أضعاف خسراتها من أرباح النفط الداعشي المهدور وثمن الصهاريج التي يروَّج أنها تعود لبلال نجل الطيب أردوغان , ولو كان القصد منع المس بمعاقل المسلحين في جبال التركمان فإن الحادثة سرّعت الخطى في القضاء على معاقل النصرة وباقي التنظيمات في جبال اللاذقية لتنهي الآمال التركية في إقامة المنطقة العازلة ، وزادت الإصرار السوري على ضرب قوافل الإمداد التركية بمجرد دخولها الأراضي السورية وآخرها قصف شحنة أسلحة قادمة من تركيا إلى اعزاز عند معبر باب السلامة الحدودي قبل وصولها لإرهابيي جبهة النصرة وأحرار الشام.
خسر أردوغان في مغامرته غير المحسوبة وأنزل في جدول حساباته معادلات جديدة زادت من حجم خسائره , وفي ذروة المعركة حيث تحسب الأطراف ألف حساب لكل خطوة , تهوّر في مغامرة كبرى مكّنت خصومه من الرد بسرعة في الاقتصاد والعسكر وكانت سورية الكاسب الأكبر في الحادث , فبعد تعثر صفقة توريد الصواريخ الروسية S300 إلى سورية أكثر مرة وافقت موسكو وبقرار سريع من الرئيس فلاديمير بوتين على نشر صواريخ S400 في قاعدة حميميم في اللاذقية .
حماقة أردوغان السياسية والعسكرية استدعت صفعة روسية لتركيا وصفقةَ صواريخ مجانية لسورية.
2015-11-26 | عدد القراءات 2718