اردوغان و هاجس العزلة بين فرنسا و شجاعة الخيار ... روزانا رمّال

يحذر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان روسيا من مغبة اللعب بالنار ..نعم لقد قالها الرئيس التركي و هو بهذا يقول ان لديه ما يفعله اذا تعدت روسيا الحدود و على هذا الاساس سنسلم جدلا ان روسيا قد تعدت الحدود منذ البداية اذا .. كيف يمكن لاردوغان ان ينفذ تهديداته اذا اعادت موسكو الكرة ؟

ما هي السيناريوهات الممكنة مثلا التي سيقوم اردوغان بتحويلها واقعا تخشى منه روسيا و تتوجس منه شرا ؟

يطلق ارودغان في كل نصف ساعة تصريحا لوكالة انباء ما و يستغل المنابر التي يطل منها و المناسبات الرسمية التي يحضرها منذ حادثة اسقاط الطائرة الروسية شمال سوريا لكي يتحدث عن الواقعة و يذكر سوء المعاملة التي تلقاها من فلاديمير بوتين الرئيس الروسي " المهدد طبعا " من ارودغان , فيقول " لقد حاولت الاتصال ببوتين مرارا لكنه لم يجيب على اتصالاتي " ثم يعود ليقول لو كنا نعرف ان الطائرة روسية لما تصرفنا على هذا الاساس " و هذه طبعا واحدة من التصريحات المدهشة التي تتطلب سؤال اردوغان عن التالي " مثلا لو كانت تركيا تعلم ان طائرة روسية اخترقت الحدود التركية لما كانت انقرة قد اعتبرتها خرقا للسيادة؟ ام ان للسيادة جنسيات و عناوين و محسوبيات ؟ هل الموضوع مبدائي ام ان اردوغان يشعر بعظمة الارتكاب اليوم؟

اردوغان الذي جعل من نفسه حديث الساعة دخل متاهة التطرف المطلق بالتصريحات و ابتعد جدا عن الديبلوماسية و اللياقات و حتى القنوات التي كان من المفترض ان تعالج الموضوع بعيدا عن الاعلام و ربما هذا كله بسبب تجاهل الروس له و بسبب ما اوحوه من حالة قطيعة من تركيا و نظامها حتى الساعة , لكن الازمة تتفاقم اكثر و اردوغان يدرك في كل لحظة تطور الموقف ضده و صعوبة ان يكون الموقف الاوروبي منحازا له ضد روسيا و يعرف ان العزلة تتجه تدريجيا نحو نظامه الذي يبدو وحيدا لا يريد مكافحة الارهاب عنوة عن العالم و يجاهر باعتبار ان له جماعات مسلحة في سوريا و انه يريد حمايتها و يريد ايضا اقامة منطقة عازلة و الاهم انه لا يزال يعيش في زمن المطالبة باسقاط الاسد التي تخطته اوروبا الى غير رجعة و فرنسا اليوم وضعت النقاط على الحروف بمفاجئة شديدة الاهمية .

فرنسا التي لا تزال حتى يوم امس تعرض على المجتمع الدولي سيناريوهات التخلص من الرئيس الاسد و التي دعمت المعارضة السورية و الحركات الارهابية و التي صوبت مباشرة ضد التدخل الروسي في سوريا تتوجه الان نحو موسكو لتبدا مرحلة من التعاون الامني الذي يمثل اهم مستويات التعامل بين الدول و اعلاها مؤشرا على العلاقة المتينة و تذهب نحو النهاية في التخلص من داعش, نقول هنا النهاية لان الحليف هو روسي لا يريد المساومة على القتال حتى انقطاع النفس .

دخلت فرنسا من الباب العريض مع روسيا و قلبت الموازين و حشدت معها موقفا اوروبيا ثقيلا يتمثل برغبة بريطانية و المانية بالمساعدة ايضا و اضافت موقفا على لسان وزير خارجيتها لم يكن يطمح السوريين اليه بهذه السرعة او يتوقعونه و هو قول فابيوس ان هناك درس لاحتمالية

التعاون بريا مع الجيش السوري النظامي لقتال داعش و هنا ينتهي الكلام و نعود الى اردوغان .

كل هذا المشهد يراه و يقراه جيدا اردوغان و يعرف تماما انه منذ التحول الفرنسي سيتجه نحو العزلة في ملف مكافحة الارهاب و يعرف ان في كل يوم يمضي يصبح الالتحاق بهدذ الركب اصعب و لم يعد امامه الا احتمالان و احلاهما مر: اما الحرق و الانتحار التركي اوروبيا و دوليا و اما الالتحاق و قد اعذر من انذر هذا ما ستقوله له روسيا في الايام المقبلة .

جنون العظمة لطالما اطاح برؤساء كثر و اردوغان يتجه نحو هذا المفترق من حياته السياسية اذا لم يتدراك المشهد و لم يقراء قسوة العزلة اذا دخلت فيها بلاده و تداعياتها و معانيها و كل هذا بسبب سوء رؤياه و هو هكذا يقدم حزب العدالة و التنمية على مذبح الانهيار..

 

2015-11-27 | عدد القراءات 2316