المسؤولية تقع على عاتق حزب الله - روزانا رمّال

لا يمكن لحزب الله التحدث عن ترشيح " ثابت " للعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية  مرة و اثنين و ثلاثة و اربعة و خمسة  و مئة حتى يصبح مسلّمة من مسلمات الحزب بلسان امينه العام  و يسمح بمناورة  من الحريري او بمناورة من الممكن ان تتحول "جداَ" في اي لحظة ان تاخذ مداها في الاوساط السياسية و الاجتماعية و الشعبية و النفسية  من دون التعبير عن موقف منها او تركها تاخذ مداها و صداها و لا يمكن لحزب الله تجاهل لمرة واحدة ذلك الديّن الذي وضعه في رقبته يوم حرب تموز و حفظه لذلك الرجل الوفي للمقاومة و الشجاع الذي استطاع تخطي مواقفه المسبقة من حزب الله و التصالح مع سوريا التي كان يعتبرها يوما " محتلا" لبلاده    من دون ان يخرج و يعبر عن موقفه مما يطرأ فجأة على ملف الرئاسة .

لا يمكن لحزب الله غض النظر عن ان منطق العماد ميشال عون سيخرج مهزوما امام فرنجية داخليا و اقليميا و لو ان الاخير ينتمي لنفس الخط و يتقدم على عون ربما بالموقف من سوريا و حزب الله و  هو الذي ذهب بعيدا في دعم المقاومة و اخذ لبنان نحو الامان الاجتماعي و وقع اهم تفاهم بين المسلمين و المسيحيين في المنطقة . لا يمكن لحزب الله ان يتناسى ان حظوظ عون الرئاسية انخفضت يوما ما بسبب تحالف تياره مع الحزب لكنه ظل متمسكا بالتحالف و بدعم المقاومة من دون ان يتراجع قيد انملة , لا يمكن لحزب الله ان يتجاهل لحظة واحدة ان العماد ميشال عون تنازل عن الحق في الترشح للرئاسة عام 2008 كرمى للسلم الاهلي و للتوافق الذي تم في الدوحة كاشفا  انه لا يفضل الرئاسة على المصلحة الوطنية لا يمكن لحزب الله تجاهل ان عون وحده هو التجدد بالعملية السياسية في لبنان من ناحية الطروحات و الافكار التي تحمي حقوق المسيحيين و ترعاها و هو يتمتع بالتمثل الاول عندهم و بالتالي فان مواجهة الحرب التي واجهها المسيحيون في المنطقة خصوصا سوريا و العراق لا يمكن ان يكون الا عبر لبنان و رئيس قوي يضمن امتدداهم و تجذرهم بالمنطقة و يعطيهم امل بالعودة و رفض عروض الهجرة المؤبدة .

لا يمكن لحزب الله ان يتجاهل انه اذا كان كل ما بالامر مناورة فان جمهور التيار المتفاجئ قد لا يشعر بالامان لفترة طويلة اذا لم يسمع توضيحا  عن الذي يجري منه قبل جنراله كما لا يمكن لحزب الله ان يغض النظر عن لعبة تقسيم الحلف المسيحي في 8 اذار و قاعدتهما الشعبية من اجل مناورة قد تؤثر جديا على نتائج الانتخابات .

بالواقع  و من منطق العلاقة الجيدة جدا بين السيد نصرالله و سليمان فرنجية فانه لا يمكن للاخير ان يذهب للقاء الحريري من دون ان يضع نصرالله بالاجواء قبل ذلك لان هذا اللقاء ليس لقاءا عاديا او روتينيا و لا ياتي بظروف طبيعية لا اقليمية و لا داخلية و لانه لقاء يطرح الف سؤال و سؤال قبل حدوثه فكيف عندما يتم  فلقاء قادة متخاصمين يرتب على كل واحد منهما وضع حلفه باجواء ما يفعل كيف و بعلاقة الاحترام المطلق بين نصرالله و فرنجية و الحرص المتبادل على مصلحة الخط الذي ينتميان اليه لا يمكن اعتبار حزب الله غائب عن ما يجري  و بالتالي تطرح الاسئلة الجدية اليوم بمدى امكانية ان يكون حزب الله ايضا يناور هو الاخر لاستدراج خصمه الى تقديم ما لديه من الافكار و وضعها على الطاولة كي لا يبدو معطلا لاي " محاولة "  لكن ذلك مستبعدا جدا من حزب  لا يسمح باستخدام اسماء رموز تحالف ينتمي اليه  في لعبة التجاذبات حتى و لو رغب الطرف الاخر في ذلك او فكر بحقه بالترشح اذا كان هذا قد حصل مع فرنجية و هذا ايضا مستبعد لان فرنجية ما يلبث حتى الساعة يضع ترشحه رهن  سقف العماد عون .

ان ترشيح فرنجية في هذه الاوقات يشكل اطارا يتنافى كل النفي مع ما يجري اقليميا بفعل صداقته مع الرئيس السوري بشار الاسد المروفض سعوديا فكيف اذا صح ما تم تداوله عن ان ترشيح فرنجية جاء سعوديا؟ تعرف السعودية ان اسم فرنجية رقما صعبا بمعادلة  اعادة الزمن السوري الى لبنان و هو بالتاكيد  اصعب وقعا  من اسم العماد عون و هنا فان ترشيحه لا يمكن وضعه الا ضمن الاحتمالات التالية .

اولا: ان يكون ترشيح فرنجية هو احد القرارات الصعبة لكن الاقل مرارة على فريق 14 اذار و الحريري تحديدا التي ايقنت صعوبة ان يكون اي نظام انتخابي جديد يصب في مصلحتها فبدأ الرهان على صفقة تبقي على قانون الانتخاب القديم مع بعض التعديلات مقابل فرنجية رئيسا فترضى  8 اذار و تعتبره انجازا.

ثانيا : ان يكون ترشيح فرنجية  الذي سيفشل هو طرحا يمهد لانفجار الاوضاع داخليا  بحجة ان 14 اذار قدمت اقصى ما يمكنها ان تقدمه من تنازلات و لكن شيئا ما لم يصل الى نتيجة فيدخل لبنان سيناريو معقد و خطير يفرض فيه رئيسا ضعيفا او رئيس تسوية .

ثالثا: ان يكون ترشيح فرنجية سعوديا هو مقدمة للتقارب مع سوريا من بوابة لبنان و هذا الاحتمال يبقى الابعد .

و بين كل هذا و ذاك ربما يشير هدوء عون  الى الكثير مما لم يحكى بعد.

2015-12-01 | عدد القراءات 1952