روسيا اخفت حقائق لمصلحة الديبلوماسية ... روزانا رمّال

وقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امام البرلمانيين والحكومة وحكام مناطق روسية بالاحرى وقف الرئيس الروسي امام العالم يتحدث عن مجمل الملفات واضعا النقاط على الحروف بما يتعلق بالازمة مع تركيا لكنه كشف الكثير مما سيعتري هذه العلاقة و يبدو ان السلطات في انقرة فتحت على نفسها بابا من اللهب الذي يبدو ان الوقت لا يخمده عند الروس بل يزيده تسعيرا ..

لم تنفع محاولات العناية و الحماية و الاستعراض العسكري التركي قبل تسليم جثة الطيار الى روسيا من التكفير عن ذنب اقترفته ايدي تجهل العقل الروسي , يقول بوتين في خطابه ان نسبة تحمل روسيا لمسؤولياتها عالي جدا و ان المواطنون الروسي يدركون مدى الخطر الارهابي حولهم و يظهرون حبهم للوطن و يقينهم باهمية الدفاع عنه ..يريح بوتين اعدائه من مغبة التفكير باي محاولة لقلب الراي العام الداخلي ضده و يقطع عليهم اي امل في ذلك فشعبه واع و ها هو لم ينتفض او يتحرك ضده بل يؤيده حتى النهاية ..

يذكر بوتين الناس انه يوما ما و في القرن العشرين لم تكن هناك رغبة للتصدي لنمو الخطر الفاشي ما اسفر عن وقوع عشرات ملايين الضحايا و من جديد نواجه خطرا لا بد من التصدي له و بالتالي فان بوتين غير مستعد ان يقدم روسيا و شعوب المنطقة على مذبح الارهاب لمجرد التقليل من مخاطره او بفتح باب تعامل معه قد يحميه من الاذى .

العلاقة التركية الروسية لا شك تتازم و بوتين يعرف جيدا من يسمح للارهابيين بالمال و و من يقوم يصفقات تجارية و من يجند ارهابيين لكنه يسمي تركيا جهارا و يعود الى الماضي فيقول "نعرف ان تركيا قدمت ملاجئ للمسلحين الارهابيين الذي كانوا يحاربون في القوقاز...

المسالة معقدة و اعاد بوتين تذكير العالم بان لنظام اردوغان كما سماهم التخبة الحاكمة باع طويل في الاستثمار مع الارهاب و اننا كروس لا نبتدع كما تحاول

انقرة و واشنطن الايحاء للعالم لكن بوتين يكشف الاخطر و يؤكد اننا كنا مستعدين للتعامل مع تركيا في اكثر المسائل حساسية ....فقط الله يعلم لماذا فعلوا ذلك و على الارجح الله اخذ قرارا بمعاقبة النخبة الحاكمة في تركيا فسحب منها العقل ..

بالواقع ان الكلام الروسي في الخطاب الهام يحمل عدة جوانب يمكن بقرائتها تقديم العذر لروسيا التي تعمل على حماية مصالحها مثلاها مثل اي دولة فالوثائق و الفيديوهات التي كانت بحوزتها عن اردوغان و فريقه المؤلف من ابنه و صهره و عن الصهاريج التي تدخل تركيا و عن كل الملفات هي وثائق محضرة و جاهزة تابعتها الاستخبارات لكنها لم تود الافصاح عنها ما يعني ان روسيا لم تكن حتى تنوي ان تؤسس الى العداء مع تركيا بل كانت تريد استمالتها للتراجع عن الخطأ و كانت روسيا مستعدة لاخفاء الحقائق لمصلحة الديبلوماسية و سير العملية السياسية و هذا يدل على انها كانت ترى في اردوغان يوما ما صديقا قد يتراجع عن الخطأ الفادح ..لقد تعاطت روسيا بشكل ودي جدا عندما قدمت للروس اردوغان كزعيم اسلامي لدى افتتاح موسكو الكبير مؤخرا ..لقد عاد بوتين و ردد اليوم انه طعن في الظهر ..

يتلذذ اردوغان بالغدر هكذا تحكي تجربته مع حلفاء الاسد هكذا حصل مع الاسد نفسه و بعده نصرالله و اليوم بوتين و من غير المستبعد ان يتعاطى مع ايران مستقبلا بهذا التوجه و على هذا الاساس ينهي بوتين مرحلة من التسامح كان قد اطال عمرها و منحها كل امل بان تؤسس لسلام مقبل على المنطقة و سوريا حتى نفذ صبر روسيا .

ينهي بوتين سنوات من الديبلوماسية و يعلي سقف الخطاب الخالي من اي فسحة تعيد تركيا ان عادت مستقبلا ذلك الشريك في اي مشروع كند بل تحجمها امام القوة العظمى الاقتصادية و السياسية لروسيا واضعة الامور في نصابها الصحيح.

نعم ..لقد اخفت روسيا حقائق من اجل السياسة و من اجل الديبلوماسية و من اجل الحوار لكنها امام السيادة نسفت كل ذلك عسى ان يتعلم العرب المصفقون و

الغرب المستضعفون خصوصا الجزء الاوروبي منهم من قبل الاميريكيين درسا روسيا في احترام السيادة و الكرامة و حفظ المهابة و تحديد المكانة .

 

2015-12-04 | عدد القراءات 2572