السعودية : سندخل التسويات بما لا حول لنا فيه و لا قوة ... روزانا رمّال

مرغمة هي السعودية هكذا تبدو و هي تردد على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير ان على الاسد الرحيل لكن بجمل ملتبسة و مرتبكة تعكس قلقا سعوديا من المجهول كيف لا و هي التي جزمت منذ الشهر الاول للازمة بان مصير الاسد اشهر قليلة و من بعدها سترتاح المنطقة من حقبة اودت بالسعودية الى التهلكة سياسيا.

هذه الحقبة التي امتازت بافضل العلاقات مع حزب الله و ايران هي السبب الرئيسي بكل الهواجس التي تعيشها السعودية منذ اكثر من عشر سنوان اي منذ ان تسلم الاسد الابن الحكم حيث كان عهده موازيا لانتصارات المقاومة و صعود نجم هذا الحلف .

هذا الحلف الذي حجم السعودية شرق اوسطيا و خليجيا هذه السنة بعد نجاح ايران بانتزاع نصرها النووي ديبلوماسيا و من دون اي حرب عليها كانت قد ناشدتها السعودية و شجعت عليها في كل مرة حاولت اسرائيل تسويقها في واشنطن و لدى كبار شخصيات الكونغرس الاميريكي في محاولات لابتزاز الولايات المتحدة بذريعة الامن الاسرائيلي الذي يتعرض لخطر وجودي .

لم تمتثل الولايات المتحدة للرغبة الاسرائيلية السعودية حينها بسبب فشلها في حربي العراق و افغانستان فهي لا تريد ان تكرر هذا الامر مجددا لكنها استعاضت عن هذا الفشل بدعم مشروع تغيير هوية المنطقة و دفعها نحو التفيت على اسس مذهبية و عرقية حتى جاءت الحرب على الاسد و نظامه بعنوان الحرب السنية في سوريا على العلويين الذين يستاثرون بالحكم.

استجمعت السعودية ما تبقى من قواها السياسية علها تفلح في جمع المعارضة العسكرية بين ارهاب و تطرف ممزوجة بشخصيات تصلح لشيء من السياسة في سوريا في مهمة يبدو انها كانت صعبة بعد انسحاب بعض الاطراف المسلحة مثل احرار الشام و من ثم اذعانهم بالامتثال لئلا تصبح الرياض غير قادرة حتى على جمع من يسمون جماعتها . كيف لا تمتعض احرار الشام و المطالب السعودية مثيرة فالاخيرة تود التفاوض مع الاسد و هذا ما لم يكن واردا حتى و لو ان احد شروطها رحيله .

السؤال الاساسي هنا لمعالي وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الذي يبدو انه لم يخض اي تجربة ديبلوماسية ابعد من حدود احوال شخصية او خدماتية فاضراره على تسويق فكرة التفاوض مع الاسد حتى يرحل تثير السخرية و الضحك لدى كل من يتابع فكيف خيل

للوزير السعودي الطارئ على السياسة ان هناك من يجلس مع طرف من اجل اقناعه بالرحيل ؟ كيف خيل له و هو يشرح انه قادر على اقناع من لديه اكثر من نصف البلاد و مقدراتها و جيشها انه قادر على مواجهته بالرحيل ؟

يبدو ان المملكة العربية السعودية تتخبط بين ما يجري في اليمن و بين ما يجري في سوريا و قد هيئ لها يوما انها قادرة على تفكيك الجيش اليمني بامرة علي عبد صالح الرئيس الاسبق لليمن و و لم تفلح بذلك حيث لنضم الجيش للقتال ضدها و ها هي اليوم تحاول اللعب ضمن نفس اطار السذاجة في قول ما لا قدرة لها عليه.

حرب اليمن اللاعب الابرز اليوم و هي التي تضغط على السعودية من كل حدب و صوب ..

لم تعد قادرة الرياض على ضبط الاوضاع في اليمن فالحوثيون دخلو حدودها و هي ايضا لم تعد قادرة على المكابرة اكثر برفض الاسد فكيف اذا عرض عليها تسوية من نوع حل سياسي في اليمن مقابل بقاء الاسد؟ او ربما هي تتمناها ؟ فمن غير الاكيد حتى الساعة انها قادرة على الحصول على مثل هذه التسوية اذا لم تقدم تنازلات و تذعن للاجواء الجديدة التي فرضتها بشكل صارخ . الارتباك السعودي بدأ و النزول عن شجرة التمرد بدا هو الاخر ولا مجال الا للاذعان و الخضوع و القناعة بان السعودية لم تعد كما كانت سابقا لا نفوذا و امنا و لا اقتصادا و ب " لا حول لنا و لا قوة " ها هي تدخل السعودية التسويات الاقليمية تدريجيا مرغمة على تقديم كل ما يلزم من اجل حسم وجه هذه المنطقة قبل الدخول الاميريكي بمرحلة التحضير للانتخابات الرئاسية الاميريكية .

 

2015-12-11 | عدد القراءات 2468