عجلة أميركية وتروي روسي إيراني – ناصر قنديل

العجلة والهدوء سمتان متعاكستان في تعامل  كل  من واشنطن من جهة وموسكو وطهران من جهة أخرى في  جميع المفات الساخنة ، ففيما يستعجل الأميركي وضع سكك ومنصات التسويات قبل نهاية العام  ليضمن تغطية وتعاون موسكو وطهران مع خططه لبدء تنفيذ سحب قواته من أفغانستان وليتسنى له التفرغ للعام الإنتخابي العاصف الذي سعنس إطفاء محركات السساسة الخارجية عمليا ، تتعامل موسكو وطهران بالتروي  مع كل ما يطرحه الأميركي المستعجل ، فيحاول الأميركي تدوير الزوايا بين  تطلبات حلفائه للسير بالحلول من جهة ، والسعي لتسويق الممكن منها لدى الخصوم كشركاء إلزاميين في هذه التسويات وضمان نجاحها ، لكن الوقائع تقول ان هذا المسعى يتعثر بغياب موقف أميركي  حازم بوجه رعونة بعض  حلفائه وغباء بعضهم وعجز بعض ثالث عن تقبل واقعي للمتغيرات وقدرة التأقلم معها .

إجتماع نيويورك  الخاص بسوريا من ضمن مسار فيينا ثبت أنه خطوة أميركية متسرعة ، لم تنضج  شروط نجاحها ، طالما يفوض الأميركي ويبارك  للرياض قيادة عملية تشكيل الوفد المعارض لأي عملية سياسية معتبرا مجرد قبول الرياض بالإنخراط بمعادلات الحل السياسي والتخلي العملي عن وضع شرط تنحي الرئيس السوري قبل أي بحث بالحل السياسي وصولا لتغييبه كمطلب من البيانات الخليجية بالأمر الذي يستحق المكافأة ، بينما تنظر كل من روسيا وطهران لهذا التذاكي الأميركي بعين الريبة ، فمن يريد مكافأة حليفه فليفعل من جيبه ، وليس على حساب ضمان شروط نزيهة للعملية السياسية لا نجاح  بدونها ، وبالتالي لا يمكن التسليم بمواصلة السعودية العبث بلائحتي المعارضة السياسية والتنظيمات الإرهابية اللتين يتوقف  على حسمهما نضوج  شروط اللقاء التالي لمسار فيينا ، والجهة الوحيدة المجمع على قيامها بالتشاور  اللازم مع الأطراف المشاركة في  مسار فيينا ، وصولا لبلورة التفاهم على اللوائح هي الأمم المتحدة ممثلة بالمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا .

على المسار اليمني رغم صدور التأكيدات على السير بالمفاوضات ووقف إطلاق النار بدءا من يوم الإثنين ، قبيل وصول وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى موسكو ، بيوم واحد ، لا تزال الضبابية  تحيط بمدى الجدية السعودية بتسهيل  نجاح هذه الجولة التفاوضية ومعها وقف النار ، خصوصا لجهة الإلتزام السعودي بفك الحصار المضروب  على اليمن  ، وليس فقط السعي الحثيث لضمان الأمن الحدودي الذي يتعرض يوميا لتوغلات  يمنية .

التوغل التركي في العراق لن يغيب  عن لقاءات موسكو ، وقد سبق لروسيا ان دعت لجلسة تداول  غير رسمية بهذا التوغل ، وعبرت عن عدم  رضاها عن مستوى التفاعل الذي لقيه الأمر لدى الشركاء الدائمين في  مجلس الأمن والمقصود قبل الجميع الموقف الأميركي الذي لم يتصرف وكأن الأمر إنتهاك سيادي للعراق بل بوصفه مجرد خلال بين دولتين  جارتين في ظروف الحرب  على الإرهاب ما يتسدعي التغاضي والتسامح والتراضي ، وبالتالي إنكشاف ما يدل على تغطية أميركية لتركيا ربما  على خلفية  تعويض الفشل التركي في سوريا .

في هذا التسارع  الداعي للتروي ، توقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والنائب سليمان فرنجية ، في لقاء  ضمهما أول أمس أمام مشروع  التسوية الرئاسية التي يتبناها الرئيس سعد الحريريو التي تقوم على ترشيح  فرنجية لرئاسة الجمهورية ، وعلى قاعدة  القراءة الواحدة و تماسك الجبهة التي تمثل المقاومة محورها ويعتبر حلفاؤها أن قراءتها تبقى هي الأساس في رسم السياسات ، ثبت اللقاء قواعد الإدارة الهادية للإستحقاق الرئاسي ، الذي يبدو ثابتا أنه سيرحل لما بعد نهاية العام ، وأن ترشيح العماد ميشال عون لا يزال فيه هو الأساس ، وأن ترشيح  فرنجية ضمنه صار البديل الوحيد ، لكن المسائل بمواقيتها .

لماذا العجلة هو شعار موسكو وطهران فالإنتخابات والإنسحابات أميركية بينما الميدان سوري عراقي روسي إيراني وهو يكتب كل يوم جديدا يبدو منحه الوقت ضروريا كي يثمر الكثير .

2015-12-12 | عدد القراءات 2952