تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس شبكة توب نيوز ورئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية:
هذه الحلقة ونحن نقترب من نهاية العام سوف نخصص هذه الحلقات لنوع من المراجعات والمسائل المنهجية التي يمكن استخلاصها من حصيلة الأربع والخمس سنوات التي مرت على المنطقة بحيث تشكل هذه الحلقات نوع من القراءة المنهجية لفهم العاصفة التي مرت في المنطقة .. إلى أين نحن ذاهبون؟ وما هي الآفاق التي يمكن أن نراها ؟ وتشخيص الوضع العربي العام واتجاهاته الحاكمة واستقراء مهام التي يمكن أن نجد لها مكان أو حيز في المقاربات الواجبة على القوى الحية لهذه الأمة وعلى القوى المقاومة وعلى القوى التي تحمل مواجهات مشروع الهيمنة والتفتيت والتقسيم وتحلم بدولة عادلة ودولة قائمة على مفهوم الجمع المبدع بين الحرية والديمقراطية والهوية الملتزمة بخيار المقاومة .
تحدث الأستاذ ناصر قنديل عن المشهد العربي ففي كل المقاييس من الواضح أن درجة التراجع مرعبة وقد تسبب الذعر لأي باحث وبناء عليه الوضع المنطقي والطبيعي للمحلل أن يرى أن الوضع ذاهب إلى الاسؤ فهل هذه الرؤية صحيحة ، فهل نحن أمام متغيرات نمر بها بصفتها أقدار بمعنى أنها تطورات تصنعها عناصر حاكمة بنيوية وهي مستمرة قابلة للحياة فهل هذا هو المشهد أم نحن أمام حركية دينامكية وتطور عاصف ناتج عن عناصر صياغة للمستقبل .
تحدث الأستاذ ناصر قنديل عن الحقبة التي ابتعدت واقتربت عن الأمريكي بالموضوع الإسرائيلي وهو الذي أسس للافتراق ، أمريكا أثناء العدوان الثلاثي موقفها كان اقرب إلى الموقف المصري وبالتالي تحاول أن تستوعب أمريكا هذا المتغير وتتلقاه ولكن فشلت في هذا لان هذه النخب التي قادت عملية التغيير كانت نخب وطنية عريقة واستقلالية بامتياز وعلى رأسها جمال عبد الناصر ونموذج الرئيس الراحل حافظ الأسد ، وبالتالي لم تستطيع أمريكا احتواء هذه الظاهرة لذلك أمريكا وقفت وراء حرب 1967التي أدت إلى تدمير وإسقاط هذه الحقبة فسقطت هذه الحقبة وكان عام 1967 التي كانت بداية الأفول للحقبة الناصرية وبدء الانكسار العربي يخيم على منذ عام 1967. إسرائيل التي أحدثت هذا التحول بتوجيه ضربة مدمرة للنظم الوطنية التي حكمت العالم العربي وشكلت بديل للنخب الإقطاعية والرأسمالية التي خلفت ما بعد الانتداب والاستعمار .
وأشار قنديل انه من عام 1970 إلى 2000 نلاحظ أن العالم العربي مر بحقبة ملتبسة هذه الحقبة فيها ومضات ايجابية لكن العنوان السياسي العام الطاغي عليها سلبي عنوان تربيطها مع المشروع الأمريكي بصورة أو بأخرى ، لافتا أن هذه السنوات شهدت سطوت الرمح الإسرائيلي والتوظيف السعودي لهذه السطوة وهذه الحقبة السعودية بقوة العصا الغليظة الإسرائيلية التي دمرت مرحلة عبد الناصر ، وان إسرائيل اهتزت عام 2000 على يد المقاومة والتي كان لسورية وإيران باع طويل فيها فهذا التحول أنتج معه مناخ إقليمي ودولي جديد ، المناخ الإقليمي الجديد أن بهذا الانتصار تحول الثنائي السوري الإيراني إلى قوة صاعدة في الوقت نفسه دول الاعتدال العربي (السعودي والمصري) في حالة ضمور وعجز ، وخيار المقاومة بدء يتحول إلى خيار إقليمي وشعبي ، والحقبة السعودية سقطت سقوط مدوي وسقوط العصا الإسرائيلية الغليظة فقد لان الحجة التي قامت عليها السعودية للعالم تحت عنوان تأدية فروض الطاعة الأمريكي
انهيار المنظومة الأخلاقية والثقافية والسياسية الإستراتيجية لمبرر جوهر السياسات العربية الخارجية هو عامل حاسم في سقوط الحقبة وبدء الفراغ الإقليمي الذي تملؤه خيار المقاومة المتمثل بالخيار السوري الإيراني ، فهذا الوضع استحضر الوجود الأمريكي في المنطقة لأنه أمام الفشل الإسرائيلي
فمنذ عام 2000 شهدنا مجيء مكثف أمريكي للمنطقة لكسر للقوى الإقليمية الصاعدة سورية وإيران وكسر المقاومة وقطع شرايينها لكي تسترد إسرائيل قوة الردع وحيوية عصاها الغليظة في المنطقة وتسترد معها السعودية حيوية قيادتها السياسية أي إعادتنا إلى الحظيرة السعودية كانت تستدعي هذا الحضور الأمريكي العسكري في حربي أفغانستان والعراق والاستعداد الإسرائيلي لإعادة إنتاج قوة الردع .
هذه المنظومة الثقافية التي أريد إنتاجها من الاندفاعة الأمريكية العسكرية لم تتحقق إيران لم تخنع وسورية لم تستسلم ، فبعد النخب الإقطاعية الرأسمالية وبعد الحقبة الناصرية وبعد الحقبة السعودية الإسرائيلية جاءت الحقبة الرابعة التي هي الحقبة الرابعة التركية العثمانية المسماة الربيع العربي وجاء من وظف هذا المشروع التي يقوم على تسليم الإخوان المسلمون المنطقة ويضمنون امن إسرائيل وتركية هي النموذج الذي يرى فيه الغرب حالة ثالثة ومفهومها الاستقرار والتحرر ، فهذا النموذج الديني العلماني أعطي فرصته في السنوات الخمس ، فأخونه المنطقة والحقبة العثمانية الاخوانية أخذت فرصتها ، ولكن في قلب هذا الاشتباك شكل صمود سورية كصمود المقاومة فبدء فضاء دولي إقليمي جديد .
ولفت قنديل أن الرئيس بشار الأسد طرح نظرية البحار الخمسة بحر قزوين روسيا وإيران وبحر الخليج والبحر الأحمر ( مصر )والبحر المتوسط ( سورية ) هذه الدول قادرة على إقامة نموذج امن إقليمي يضمن الاستقرار و يأخذ البلاد العربية والإسلامية نحو بناء عملية إصلاحية هادئة تشبه هويتها وقادرة على تحمل نتائجها وقادرة على حماية الثوابت ومفهوم الأمن القومي ، ولكن السعودي والتركي رفضا المشروع بقوة وانحازا إلى مشروع إعادة رسم الجغرافية السياسية في المنطقة تحت مظلة العثمانية الجديدة ولكن هذا المشروع العثماني انهار ومعه إعادة التعويم السعودي الإسرائيلي فصمود سورية أنتج هذا التحول كما صمود المقاومة .
وتحدث قنديل أن من ويحل مكان الفراغ العسكري الاستراتيجي الأمريكي والفراغ الردعي الإسرائيلي والفراغ السياسي بالمشروع التلفيقي السعودي فيحل مكانه بالسياسية والإستراتيجية الثلاثي وهو سورية وروسية وإيران والمقاومة اللبنانية هي القيمة المضافة العسكرية لهذا المشروع لتغيير وجه معارك عندما تدخلها والقمة المضافة السياسية التي تربط كل تغيير بقضية محورية مركزية عنوانها القتال مع إسرائيل وإعادة إنتاج ميزان قوى جديد في وجه إسرائيل ، فصمود سورية والعراق بوجه التآمر التركي السعودي الإسرائيلي بمساندة وحماية ومؤازرة الثنائي الروسي والإيراني والقيمة المضافة التي يمثلها حزب الله ، فنحن نشهد لأفول العهد الأمريكي الإمبراطوري . عسكريا واستراتيجيا وسياسيا ، عسكريا بفشل الغزوات ، واستراتيجيا بسقوط المشروع العثماني التي أرادت أن تحله مكان السعودي الإسرائيلي ، وسياسيا بفشل إقامة منظومة نظام إقليمي قام على التزاوج والجمع بين القديم والجديد فهذا الفراغ يملؤه الآن عامل صاعد وعامل استراتيجي جديد هو الحامل الروسي الإيراني
فالمنطقة تدخل حقبة جديدة على المستوى الدولي وتدخل معها حقبة جديدة على المستوى الإقليمي .
ولفت قنديل أن العرب الآن يتجه إلى مرحلة عنوانها حامل استراتيجي جديد في المنطقة وهو الصعود الروسي الإيراني والأفول الأمريكي وعنوانها ثنائي سوري عراقي يقود المدى العام في بلاد الشام لبنان والكويت جزء منه ، وسياسيا نحن ذاهبون إلى سياسيي كياني .
الوضع العربي في أسؤ أحواله في مشهد القتل والذبح والتفتت والعصبيات والغرائز والبطالة واللجوء وتراجع في السيادة والاستقلال .
العرب إلى نهضة جديدة تشبه مع فارق قدرة الانجاز لان الزمن الاستراتيجي التي تولد فيه مختلف وتشبه مرحلة عبد الناصر الجاذبة للصمود والبناء والقوة ، وهذه المرحلة بثنائية سورية عراقية التي تعيد هيكلة بناء عهد عربي جديد هذه المرحلة القادمة بخلفية ثنائي إقليمي صاعد هو روسية وإيران .
واختتم قنديل باستقراء الوضع العربي أننا ذاهبون إلى نهضة عربية جديدة على خلفية نهضة دولية جديدة وحامل دولي جديد يمثله الصعود الروسي الصيني الإيراني وهو حامل دولي إقليمي لأنه حاضر في المنطقة بقوة بسبب قرب الجغرافيا وحيوية المياه الدافئة للمتوسط التي تقع عليها بلادنا والتي تشكل عامل حاسم في نهوض قوة روسيا والصين وإيران وبالتالي على خلفية هذا النصر السوري العراقي على المشروع العثماني الذي يشكل النسخة الجديدة من مشروع الإمبراطورية الأمريكية بعد فشل غزوتها العسكرية في تعويم القوة الإسرائيلية الردعية والسطوة السعودية ، هذه النهضة الجديدة تستدعي مشروعا على الجمع بين العلمنة والديمقراطية والحرية وبين القدرة على حل مشاكل الاثنيات والأعراق وفي طليعتها مشكلة الأكراد .
2015-12-13 | عدد القراءات 2835