بسرعة البرق وعلى طريقة الماكدونالز ومطاعم "التك أوي" وخلال 72 ساعة أعلنت الرياض عن تشكيل حلفها الإسلامي لمحاربة الإرهاب والمكون من 32 دولة إسلامية فالمملكة خططت وقررت وطرحت الفكرة وأقنعت وحصلت على موافقة الدول المشاركة بما يعادل ساعتين لكل دولة وهو ما يحسب لمملكة الحزم والأمل كإنجاز غير مسبوق بالنظر لإنجازاتها الباهرة في قيادة التحالفات وشن الحروب والأرض اليمنية تشهد لرؤية المملكة الثاقبة بالمواجهة , فبعد ستة أشهر من الغارات الجوية على الشعب اليمني لم تتمكن من تحقيق أي من أهداف عاصفتي الحزم والأمل فلا قهرت حركة أنصار الله ولا أعادت الأمل للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي بأن تطأ قدميه الأراضي اليمنية , وحده الشعب من ذاق مرارة قنابل الشقيق الأكبر في مواجهة المنقلبين على الشرعية بحسب الزعم السعودي , غارات أجبرت المملكة على وقفها بعد استنفاذ الفرص الممنوحة من راعيها الأميركي قبل الذهاب إلى التسويات السياسية من بوابة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لتطوي الرياض صفحة هزيمة مرّة في الملف اليمني . بعيداً عن الشعارات الرنانة التي أطلقتها الرياض في توصيف التحالف الذي يضم في جنباته دولاً متورطة في دعم الإرهاب كالمملكة ذاتها وتركيا وقطر بالإضافة إلى دول تواجه حركات إرهابية بتمويل سعودي فاضح وتعجز عن التصدي لها كباكستان والسودان والصومال ومالي ومصر واليمن أما ما تبقى من دول التحالف فلا حول ولا قوة فأي جهد يمكن أن تقدمه دول جيبوتي والسنغال وغينيا وجزر القمر وكوت دي فوار في محاربة تنظيمات تفوق ميزانيتها ميزانية تلك الدول وتملك من المقاتلين أضعاف جيوشها مجتمعة في الوقت الذي تدور الشكوك حول ظروف المشاركة اللبنانية في التحالف وامتلاك رئيس حكومته التفويض بصلاحيات الانضمام إلى هكذا حلف يضع لبنان في متاهات سياسية داخلية وخارجية هو في غنى عنها ليبدو التحالف السعودي منصة للتغطية على مسارات اضطرت المملكة للدخول فيها بدأً من التسليم عشية مقتل كبار قادتها بالحل السلمي في اليمن إلى إعادة افتتاح سفارتها في العراق بعد خمس وعشرين عاماً من الإغلاق والفشل في التعويل على العشائر العراقية لتنفيذ المشاريع السعودية في مواجهة إيران ضمن ما تعتبره الصراع السعودي - الإيراني على النفوذ في الهلال الخصيب ، فالشهية السعودية المنفتحة و المفاجئة على مكافحة الإرهاب تزامنت مع شهية دبلوماسية ذهبت إلى ما هو أبعد من بلاد النهرين وتخطت الحدود العراقية في مغازلتها لبلاد فارس لتنسج علاقات دبلوماسية مع إيران بإعلان الرياض إرسال سفيرها السابق في روسيا علي حسن جعفر إلى طهران كسفير للمملكة خلفا للسفير السابق عبد الرحمن غرمان الشهري الذي غادر طهران دون أن يعود إليها بسبب تصاعد الخلافات بين البلدين. بعيداً عن المباركة الأميركية الشكلية للتحالف الذي تدرك الرياض أن الأجواء الأميركية ليست في وارد منحها المزيد من الوقت في إدارة حروبها العبثية من اليمن إلى سورية مروراً بالعراق وأن الإعلان الروسي الأميركي عن إطلاق اللقاءات حول الملف السوري في نيويورك انطلاقا من تفاهمات فيينا والسعي لإصدار قرار في مجلس الأمن حولها ، يضع مقررات مؤتمر الرياض بالعودة لبيان جنيف 1 والإصرار على تكرار أسطوانة تنحي الرئيس بشار الأسد في مهب الريح السياسية وينهي جهود السعودية في الاستحواذ على المشهد المعارض السوري. على مبدأ كتب تعليم اللغات دون معلم والتي تهدف لإيهام مشتريها بقدرتهم على التعلم يطلق آل سعود جديدهم في محاربة الإرهاب ب 72 ساعة من دون تدخل المعلم الأميركي دون أدنى شك بأن مصير التحالف لن يكون أفضل حال من تحالفها في اليمن أو مشاركتها الشكلية في التحالف الأميركي في ضرب تنظيم داعش في سورية , فهل يقود التحالف الجديد والتطورات في المنطقة لتكرار مشهد فتح السفارات في طهران بالأمس وبغداد اليوم وغداً ربما في دمشق.

2015-12-16 | عدد القراءات 2087