قطيعة بوتين تكشف دور انقرة الوظيفي ... مقدمة نشرة أخبار توب نيوز بقلم روزانا رمّال

 

من دون ان يأبه كثيرا لتداعيات قراره حول الحكومة التركية تحدث بوتين عن استحالة العلاقة معها من الان فصاعدا بعد كل الذي جرى فقد افسدت تركيا العلاقات الروسية التركية  عندما هاجمت الطائرة العسكرية الروسية فوق أراضي سوريا من دون ان تعتبر ان هذا سيؤثر بين البلدين و الاهم ان تركيا لم تكن تتوقع  ان السلطات الروسية ستقف عند الحادثة لتقول انه  من الصعب بل من المستحيل التوصل إلى اتفاق معها و لم تكن تتوقع ايضا انها ستواجه  قيودا  روسية على التعامل معها في المجال الاقتصادي.

لم تكن تتوقع تركيا انها ستلجأ الى البحث عن اسواق غاز او نفط بعيدا عن روسيا و لم تكن تتوقع ان الخطوة الارتجالية ستضعها و توقظها من سباتها فتعرف حدّها و تقف عنده .

تركيا اليوم تدرك حجمها الحقيقي لا بل هذا ما تريد روسيا ايصاله  فانقرة ليست سيدة هذه الساحة ولا يمكنها اثبات وجودها من دون الوقوف عند المصالح الروسية و عند اكثر من مفرتق طرق , و تركيا التي ارادت موسكو ان تتلقّف و تحتضن موقفها و تحفظ مصالحها اجبرت الاخيرة على التبدل و التغير جذريا و قلب الحسابات .

نعم , لقد اخطأت روسيا و اخفت الحقائق منذ بداية الازمة السورية .. نعم لقد اخفت روسيا عن العالم انها تراقب و ترى الفساد في صفوف القوات التركية و النفط الذي يباع و يشترى بينها و بين داعش و تورط الحكومة التركية بحماية المهربين , لقد اخفت روسيا كل هذا لكنه كان تحت عينها و هي العين التي كانت تدرك موسكو انها لن تفضح المشهد من باب الثقة بان موسكو تحتاج لافضل العلاقات مع انقرة من اجل حل الملف السوري حتى ثبت العكس .

اكدت موسكو اليوم لتركيا انها لن تخضع لهكذا ابتزاز بعد الان و ان على انقرة معرفة و ادراك حجمها الحقيقي و انها لم تعد بالنسبة لروسيا الا صاحبة وظيفة او مهمة تنفذها لصالح الاميريكيين و اذا كانت روسيا تجلس مع الولايات المتحدة مباشرة من اجل التفاوض حول ملفات المنطقة و ليس فقط سوريا مثل النووي الايراني او الملف العراقي , "و سوريا اليوم" فلا حاجة اذا للحديث مع تركيا  فالاصيل يحاور الاصيل .

وضع بوتين بكلامه الكبير حدا سياسيا فاصلا لكنه رسم حقيقة اكبر و هي ان الهالة التركية في الصراع يمكن تجاهلها بتحجيمها و وضعها امام حقيقة واقعها التي لا تعدو في الازمة السورية  سوى عامل سلبي و ارهابي في المنطقة , لقد نجح بوتين بتقديم تركيا بصورة شريك الارهاب الاخطر في العالم حتى وجدت تركيا نفسها امام وابل من التهم التي طالت الحكومة و افراد عائلة الرئيس التركي ايضا .

يقول بوتين في مؤتمره الكبير و هو المؤتمر الصحفي السنوي ان قطع العلاقات مع تركيا يعني شيئا واحدا اننا نستغني عن اي مكسب سياسي او امني معها و اننا قادرون على البحث في الملف السوري مباشرة مع الاميريكيين فلا يقلقن احد و يعول على دور تركي ستخسره المفاوضات و بالتالي سيؤثر سلبا على حل الازمة لان تركيا ليست الآمر و الناهي في اللعبة الكبرى .

يكشف بوتين بقطيعته للحكومة التركية الاستغناء الروسي التام عنها و الحاجة التركية السياسية و الاقتصادية لروسيا و يؤكد بتجاهله اياها الدور الوظيفي الذي تلعبه انقرة في  الصراع لا اكثر ولا اقل  مهما حاولت المكابرة.

القطيعة الروسية لتركيا ليست الا عزلا سياسيا لانقرة عن حديث الكبار و عن طاولة الحلول .

2015-12-18 | عدد القراءات 2456