يوم انطلق الشهيد سمير القنطار وأصدقاؤه الثلاثة عام 79 في زورقٍ مطاطي من جنوب لبنان إلى شاطئ نهاريا في الأراضي الفلسطينية لأسر رهائن ومبادلتهم بمقاومين معتقلين في السجون الاسرائيلية كان يدرك ابن السادسة عشرة ربيعاً أن رحلته ليست نزهة بحرية فمن يخوض غمار المقاومة يعلم أنه مشروع شهادة ويترك لخياره المقاوم اختيار الزمان والمكان المناسبين.
هزت عملية نهاريا كيان الاحتلال وانتهت بمقتل عالم الذرة العبري داني هاران واثنا عشر جريحًا خلال اشتباك جيش العدو والمقاومين الأربعة استشهد خلالها صديقي القنطار ونجا هو وزميله من الموت بأعجوبة بعد إصابته بخمس رصاصاتٍ كما أصيب خلالها قائد قطاع الساحل والجبهة الداخلية الشمالية في جيش العدو الجنرال يوسف تساحور الذي كشف بعد عشر سنوات أنه لن ينسى وجه القنطار الذي أطلق النار عليه ودفع الثمن ثلاثين عاماً من الأسر خمسٌ منها في سجن هداريم حيث اعترف الاحتلال بأنه أذاقه خلالها الموت في قبو بلغت درجة حرارته في الصيف 45 درجة.
أراد العدو الإسرائيلي باستهداف القنطار عميد الأسرى اللبنانيين المحررين بغارة جوية استهدفت منزله بمدينة جرمانا بريف دمشق لتغلق معها حساب عمره 36 عام وذلك حسبما عنونت صحيفة يديعوت أحرونوت "أُغلق الحساب" في سورية .
ليست المرة الأولى التي يستهدف طيران العدو قيادات في محور المقاومة وربما لن تكون الأخيرة والحساب الذي فتحه القنطار لن يقفل فلو رضيت المقاومة بإغلاق المواجهة لما تمكنت من إطلاق سراح القنطار بعد حرب شعواء شنها العدو الإسرائيلي على جنوب لبنان عام 2006 لنزع سلاح حزب الله وتجريده من مكامن قوته.
أثار استهداف القنطار موجه تساؤلات عن فعالية السلاح الروسي في منع الاستهداف والدور الذي ستلعبه صواريخ S300 و S400 في قلب موازين المواجهة على الأرض السورية والتي تدرك دمشق وموسكو الدور المناط بها بشكل دقيق في حماية سورية من غارات تستهدف كيان الدولة دون أن تتورط في البدء بحرب مفتوحة مع العدو الإسرائيلي و تفتح أبواباً واسعة لتأويل أهداف وأبعاد التواجد الروسي في سورية الذي يتمثل بحماية الدولة السورية من الاعتداءات فيما للمقاومة حساباتها الخاصة التي تدرسها جيداً مع الحلفاء في سورية وإيران دون تعويل على دعم روسي مباشر قد يدخل موسكو في حسابات تضر بدورها الفعلي على الأرض السورية
تخوض المقاومة حربها ضد العدو الاسرائيلي بقدراتها التي يعلم العدو حجمها وستستمر بالمواجهة المفتوحة حتى النصر وكما ردت على عملية استهداف القادة في القنيطرة في عمق الأراضي المحتلة من الجنوب اللبناني في مزارع شبعا دون أن تستحضر حرباً مفتوحة قد تكون مدمرة فإن دم القنطار سيستدعي الرد بسلاح المقاومة الذي أوجع العدو مرات عدة وآلمه ربما أضعاف ما قد يؤلمه صاروخ S300 سلاح أعاده من الأسر إلى بيته المقاوم حيث استشهد.
لن تغلق المقاومة حساباً افتتحته بدم مقاوميها والطريق الذي بدأ القنطار في شبابه مقاوماً سلكه طوال حياته وأوصله إلى مبتغاه ونال إكليل الشهادة ويبقى فخره بأنه جمع المجد من أطرافه فانطلق من لبنان مقاوماً إلى أرض فلسطين حلم كل المقاومين وأنهى في دمشق دربه ... راعية المقاومة والمقاومين.
2015-12-20 | عدد القراءات 2379