بالرغم من التكتم في دوائر صنع القرار عن الاعتراف بعملية اغتيال عميد الأسرى الشهيد سمير القنطار ورفاقه , إلا أن الدوائر المقربة منها لا تخفي حجم القلق الذي يلف تلك المؤسسات حيال رد المقاومة على العملية في رسالة واضحة لتحضير الشارع الصهيوني لعملية الرد التي تضعها القيادة العبرية في الحسبان ولم تجد صحيفة "يديعوت أحرونوت" حرجاً بالقول "إذا لعب حزب الله وفق قواعد السنتين الماضيتين فإن الانتقام لسمير القنطار وفرحان الشعلان ليس إلا مسألة وقت وعلى الأرجح سيتمثل بعملية برية"، فيما اعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أنه إذا اتضح أن الطائرة أطلقت صواريخها على جرمانا من الأجواء "الإسرائيلية" فسيعني ذلك أن تل أبيب قررت ألا تخاطر بالدخول في اشتباك محتمل مع القوة الروسية في سوريا لا سيما بعد قرار موسكو نشر منظومات الدفاع الجوي المتطورة ، وبهذا الوضوح تقف أمام حقيقة مرة يتغاضى عنها قسم كبير من العرب سواء من جمهور المقاومة أو أعدائها الذي انقسموا بين صديق مستغرب وقاحة العدو باتخاذ الخطوة , أو ناقم على صواريخ لم تمنع العدو من استباحة الأرض السورية , وبين عدو شامت أشبعت الغارات شيئاً من حقده الدفين على محور المقاومة طارحاً تساؤلات خبيثة عن التنسيق الروسي الإسرائيلي في المنطقة ، وحدهم الواثقون بمقاومتهم سلموا بأن معركتهم لا يمكن اختصارها بجولة وبأن المقاومة لم تنتظر يوماً مظلة دولية لحمايتها في عز فترات الحرب عليها وفي أشد لحظات استهدافها ولن تفكر في لحظات قطاف نتائج الصمود بأن الصواريخ الروسية ستوفر لها حديقة أمان خليفة لجبهتها مع العدو الإسرائيلي.
أمام الوضوح الإسرائيلي بالتعاطي مع مستجدات المنطقة والتي فرضت العودة لإظهار التحالف التركي الإسرائيلي فإن حليفتها العتيقة أنقرة في حرج فرضته جملة المعطيات المستجدة على المشهد السوري من جهة , وتوقيت تسريب التفاهم التركي الإسرائيلي من جهة أخرى , وبدلاً من تبريد الأجواء السياسية تعود أنقرة لهوايتها المفضلة بالهروب إلى الأمام عبر التصريحات النارية التي لا طعم لها ولا لون ولا رائحة ففي الشأن السوري وبعد سير واشنطن في خيارات الحل السياسي والتسليم بالانتخابات كخيار ديموقراطي يخرجها من المولد السوري بأقل الخيبات وبهدوء عبر الاختباء وراء احترام رغبات الشعب السوري , وعاد رئيس وزرائها أحمد داود أوغلو لاستحضار بقايا ما سمي يوماً جيشاً حر كممثل وحيد للشعب السوري بدعم تركي دون أن يقدم ما يدلل على ثقة السوريين بمن وصفهم الرئيس الأميركي باراك أوباما بالفنتازيا قبل عام أو أن يشير لإنجازاتهم خلال السنوات الخمس في التخفيف من معاناة السوريين.
حجم النفاق في كلام أوغلوا حول الملف السوري لا يقل عن نفاقه بالدفاع عن فلسطين مستحضراً أسلوب سيده أردوغان في شراء الذمم باسم فلسطين فتجاوز ثعلب الحرية والعدالة معلمه بمراحل , ففلسطين التي لا تغادر أحلامه لا خوف عليها من مفاوضات مع تل أبيب فبمجرد قبض التعويضات التركية سينال الشعب الفلسطيني حقوقه وستنتصر القضية دون أدنى شك.
قلق إسرائيلي ومراوغة تركية في مراحل التسويات الحاسمة تمضي بحلفاء اليوم إلى خيارات ربما تكون مؤلمة في الغد القريب.
2015-12-23 | عدد القراءات 2462