بعد خروجه من الملف السوري خالي الوفاض سياسياً وعسكريا ومع انطلاقة ملتقى جنيف 3 على صراخ سلطان الأستانة الجديد رجب طيب أردوغان ليقول أنا هنا من بوابة اللعب على حبال العلاقة مع روسيا من أوسع أبوابها المتمثل بتواجد طيرانها في الأجواء السورية وبالرغم من النفي الروسي لاختراق طائرة "سو - 34" الحدود السورية واصل أردوغان التهديد والوعيد لموسكو بدفع الثمن غالياً وليعد سيناريو اسقاط الطائرة الروسية فبعد فشله بجر حلف الناتو لمواجهة مع روسيا في المرة الأولى سارع لاعتبار انتهاك المقاتلة الروسية المجال الجوي التركي، انتهاك لمجال حلف الناتو مؤكداً أن الحلف يتابع هذا الموضوع.
لم يثبت اختراق الطائرة الروسية الأجواء التركية إلا الثابت أن أردوغان يعيش أسوء أيامه السياسية بعد اسقاطه الطائرة الروسية حيث زادت موسكو من سبل دعمها للأكراد السوريين من بوابة تسليح وحدات الحماية الذاتية وقوات سورية الديموقراطية التي تعد تحالفاً كرديا عربياً وأمنت المنطقة الكردية بحكم الواقع من سلاح الطيران التركي عبر تفعيل بطاريات اس-400 في قاعدة حميميم عدا عن التهديد المباشر الذي وجهه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للطيران التركي من مغبة اختراق الأجواء السورية وعلى الأرض لم يكن الواقع التركي بأفضل حال بعد الضربات المتتالية لمجموعات التركمان والترتستان والإيغور في جبل التركمان وما تلاها من سحق للمجموعات التركية في ريف اللاذقية الذي بات بانتظار إعلان اللاذقية أول محافظة خالية من التواجد المسلح .
لم يكتف أردوغان بالصفعة الروسية فالحقيقة الثابتة بأن أكبر حلفاء تركيا بدأً من أميركا وألمانيا يقيمان علاقات قوية مع الكرد وفي ضوء التطورات السورية فإن التخوف التركي من النفوذ الكردي في المنطقة الممتدة من عين العرب إلى عفرين كمنطقة متواصلة على محاذاة الحدود التركية يدفع بأنقرة لرمي كامل ثقلها لمنع تثبيت هذا النفوذ الذي يعني الخروج النهائي لأردوغان من المعادلة السورية بعد تطورات الريف الشرقي والغربي ووصول الجيش السوري على مشارف مدينة الباب المحاذية للحدود التركية.
بعد التهديد والوعيد باح أردوغان عن ما في خاطره وجدد دعوته للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهو الموعد الذي ألغاه بوتين عقب إسقاط الطائرة وتوتر العلاقات بين البلدين ودخولها مرحلة العقوبات ولم ييأس أردوغان من تكرار طلبه مقابلة قيصر الكرملين في الوقت الذي أعلنت موسكو أكثر من مرة بأن أردوغان لم يعد بالإمكان اعتباره رجل سياسة وسلام بل وضعته على قائمة الخصوم.
على حبال السياسة لعب السلطان دور المهرج لسنوات عدة وبفعل ألاعيبه المكشوفة يقطع الحبل تلو الأخر ويسقط على الأرض ليتسنى للجمهور فرصة للضحك والاستمتاع بما هو أجمل من حركاته البهلوانية التي لا تخلو من السذاجة وسوء الإخراج.
في الأرض السورية سقطت أسطورة الإسلام المعتدل منذ سنوات وسقط معها نموذجها الأفضل وما عاد ينفع قياداتها التباكي والتذاكي وتصوير أنفسهم حمائم سلام وتدين مظلومين يدفعون ثمن رفع راية الإسلام .
أردوغان يتذاكى ويتباكى للقاء بوتين ويصرخ أنا هنا دعنا نلتقى دون أن يلقى لدى القيصر أذاناً صاغية.
2016-01-31 | عدد القراءات 29463