روزانا رمّال
لم يكن الخلاف التركي السعودي اوائل الازمات بالمنطقة عابرا او قابلا للالتقاء عبر تخطي ملفات استراتيجية تهم كلا البلدان مثل ملف دعم موجة تصاعد الاخوان المسلمين بالمنطقة لحساب تصاعد الحركة السياسية النابعة من المفهوم الذي يصب في دائرة حزب العدالة و التنمية التركي الذي كشف منذ خمسة سنوات رغبة غير متناهية بالتوسع رغبة بمقارعة دول كبرى بالمنطقة للمنافسة على دور استراتيجي سياسي و عقائدي يؤسس للمرحلة المقبلة .
سعت تركيا للفوز بمكانة تضعها بوجه ايران قوة سنية كبرى لكنها بالمنطقة و مرجعية اساسية و لذلك كانت تحتاج الى تمدد نفوذها لتصبح قادرة على ادراة اكثر من ملف في دول الجوار تماما مثل قدرة ايران على تغيير مصائر بعضها و المساهمة في ضبط ايقاعها بوجه الاميريكيين فيها مثل دول اساسية كالعراق و افغانستان و سوريا و لبنان و البحرين و اليمن و هو نفوذ سياسي بامتياز عبر حلفاء نسجتهم طهران و قدمت لهم مساعدة خصوصا في ما يتعلق باي ازمة تضعهم وجها لوججه مع اسرائيل. قدرة تركيا على لعب دور مثل ذلك الذي تلعبه ايران لم تكن ممكنة من دون حلفاء داخل الدول المعنية التي تعضرت لرياح الاحتجاجات و التغيير بالمنطقة و حركة الاخوان الملسمين وحدها القادر على تنفيذ المهمة.
المفارقة ان الهدف التركي هو نفسه الهدف السعودي في التوسع بوجه ايران فالرياض التي تخشى منذ سنوات لحظة وقوع الاتفاق مع الغربي مع طهران حاولت عرقلته بشتى الطرق و انتهزت رياح الانتفاضات الشعبية العربية لتصب في هذا الاتجاه فكسر ايران عبر حلفائها سيجعل الغرب غير مستعدين للتنازل و هو الغرب الغير مستعد اصلا للدخول بحرب مباشرة مع ايران فكان ان عرضت السعودية نفسها خدمة لهذا المشروع و هي حتى اليوم لا تزال غير قادرة على الحسم رغم التكاليف الباهظة .
بدخول روسيا ارض الميدان السوري صار للتنسيف السعودي التركي ضرورة بوجه الخطوة الروسية التي اعادت كل شيء الى الخلف , لم يعد ممكنا التممدد السعودي بوجه ايران و تركيا معا بل بات على الحليفان التابعان لواشنطن لملمة ما تبقى من قدرات بوجه الهدف سويا. اليوم زيارات متبادلة بين الطرفان و الجانب السعودي يعترف بحق تركيا الدفاع عن نفسها امام روسيا بشتى الطرق المناسبة و بهذا الوقت تمضي محاولات جنيف
السياسية قدما , تركيا التي ترفض مشاركة الاكراد في لحل السياسي تواجه رغبة روسية بمشاركتهم فيها اما السعودية التي تريد لجيش الاسلام و فريق علوش المشاكرة في جنيف لقيت تعنت روسي كبير بهذا الاطار الى ان جاء الرد اليوم بالموافقة , فهل تقبل تركيا اذا مشاركة الاكراد في جنيف ؟ تنسيق تركيا و السعودية يكشف المزيد من محاولات التعويل على امكانية حفظ نقاط ضد الحلفة الروسي المتقدم في سوريا و اذا كانت انقرة و الرياض تراهنان على المزيد من التورط فان هذه المحاولات لن تجدي نفعا مع تقدم الوقت لصالح روسيا التي عزلت التعاون التركي عن المشهد و كشفت انها قادرة على المضي قدما من دون مشاركة تركية باي تعاون ميداني. لقد نجحت روسيا بعزل الدور التركي بعدما ظن الاميريكون استحالة تخطيها دون تركيا و ها هي تنجح في استرداد ابرز النقاط الحدودية الشمالية مع الحلفاء. تركيا التي استفاقت على الكارثة تريد استعادة دورا يحفظ وجودها فتوحدت مع الهم السعودي فبل فوات الاوان فهل سيفتعل الحليفان المزيد من الازمات؟ ام انهما مقبلان على الانكفاء و التموضع السياسي؟
2016-02-02 | عدد القراءات 43481