تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل

في هذه الحلقة نحن مع الإعلان عن سريان وقف إطلاق النار في سورية من قبل وزارتي الخارجية الأمريكية والروسية فجر يوم السبت المقبل ، وستكون حلقة الجمعة القادمة  مخصصة لمواكبة التطورات والتداعيات المتصلة في هذا الأمر  لأنه تحول كبير في مسار الحرب والأزمة في سورية ، والإعلان الروسي الأمريكي  الذي قد يكون بالنسبة للبعض اقل من اعلان السبعة عشر دولة  المشاركة في مسار فيينا أو اقل من إعلان عن مجلس الأمن لكن في الحقيقة هو اكبر من إعلان عن مجلس الأمن عندما تغامر الدولتان الأعظم في العالم ( أمريكا وروسيا ) وتقولان نحن فقط نتعهد أو نعلن أو نلتزم أن مصداقيتنا مرتبطة بالإعلان لوقف إطلاق النار يعني كما قلناه سابقا منذ بدء التموضع الروسي في سورية اتفاقا روسيا أمريكا كبيرا على المسار الإقليمي العام الحاكمين لمجرى الحرب في سورية يتأكد ويتثبت  وعندما نقول أن الحديث التركي السعودي والقدرة على قلب الأوضاع وقلب الطاولة والتدخل البري وتغيير المعادلات العسكرية هو حديث فارغ لا أساس له وهو عبارة عن اختبار وجس النبض ، أولا كان هنالك إمكانية لاستدراج أمريكا والحصول كمية من التغطية أما للتدخل أم لتمرير أسلحة نوعية للجماعات المسلحة التابعة للسعودية والأتراك ، أو لاختبار ثاني بان هذا التهويل والحرب النفسية لفرض تنازلات على سورية وحلفائها وروسيا لوقف هذا التقدم  على الحدود السورية التركية ، ومن الواضح وزير الخارجية التركية يعلن بصورة لا لبس فيها أن التدخل البري السعودي التركي في سورية غير وارد على الإطلاق ، ونحن أمام تحولات تؤكد أن هنالك إطار كبير للمعادلة السورية اتفق عليه وحددت مساراته ، والسؤال الأساسي اليوم أين نحن الآن من المسار الدولي الكبير الذي رسم وما هي أبعاده ؟ وهل نحن أمام أمريكا بتقديم تنازلات على حساب حلفائها وروسيا قدمت تنازلات على أساس حليفها الأساسي أي الدولة السورية والتقيا في منتصف  الطريق فما هي التنازلات التي قدمتها روسيا على حساب سورية وهل سيؤدي هذا إلى اشتباك أي إلى تأزم في العلاقة الروسية السورية  والى خسارة مع روسيا واضطرارها إلى قبول تنازلات .

عندما تم الاتفاق الروسي السوري حول الحل السياسي للسلاح الكيميائي كانت هنالك اتفاقا بين الرئيس بشار الأسد والرئيس "فلاديمير بوتين" قبل أن تطلع عليه الإدارتين الروسية والسورية . روسيا لم تتحول إلى الدولة العظمى بفضل تضحياتها فقط بل أيضا بفضل صمود سورية بشعبها وجيشها وقائدها ، وجاءت روسيا لتدعم دولة  تقف بمفردها أمام العالم اجمع .

التفاهم الأمريكي الروسي يجري بين قوتين مختلفتين بطبيعة تكوينهما ودورهما ونظرتهما لمصالحهم في المنطقة ومختلفين بطبيعة العلاقات ضد كل منهما بمعسكر الحلفاء . فالمصلحة الأمريكية انه طالما أننا حاولنا مشروعنا الأصلي الذي يشبه مشروعنا في العراق بأنها قادرة على تنفيذ مشروعها ، ولكن هذا المشروع انكسر . فالدولة السورية التي استهدفت بكل هذا الثقل صمدت والإرادة التي توافرت والإمكانية التي رصدت استثنائية ، فعندما تتفق السعودية وتركيا وإسرائيل التي لها مصالح مباشرة  وتلتقي نظرة الجميع على أن تغير وضع سورية بات ملحاُ لمصلحة الحاكم في كل بلد وان كلفة الحرب لتغير الوضع في سورية مهما ارتفعت مستعدون لدفعها ، بهذا الحلف المشكل المدعم ماليا وعسكريا .  معيار الصمود هو التالي انتزاع حق توقيع من رئيس الجمهورية فبقى الرئيس بشار الأسد مالكا لحق التوقيع ولم يتمكنوا من الوصول إليه وبات نزع حق التوقيع مستحيلا بالرغم مجيء الأساطيل والتهديد بالقصف ولم يقدروا أن ينتزعوا منه هذا الحق .

فالتموضع الروسي هو استجابة لمصلحة روسية ليست استعمارية مبنية على خطوط الدفاع بالاستثمار على بنية سورية صامدة ومقاتلة فهو شراكة والإيراني أيضا شراكة ، فالتفاهم الروسي السوري هو المسودة التي تأسس عليها ، وحزمة من العناوين اتفق عليها بين سورية وروسية وبناءا عليها جاءت روسية لضرب الإرهاب، وتغطية الجيش السوري .

فالروسي جاء ليعرض على الأمريكي الورقة المتفق عليها مع الرئيس الأسد  ومنها وقف إطلاق النار وحزمة واسعة للقضايا الإنسانية و تسوية  أوضاع المسلحين والمعتقلين ولائحة من القضايا الإنسانية والى جانبها القضايا السياسة إقامة حكومة عن طريق انتخابات رئاسية مبكرة في الآخر . فهنالك صفقة رابحة بقوة الدم السوري وصمود وثبات الرئيس والشعب السوري وانتصارات الجيش السوري التي بين أيدينا الآن ، وبالنسبة إلى آليات التسوية فالتسوية التي تضمن لك الحقوق والثوابت وهوية النصر كلفتها تصبح زائلة فنحن لسنا أمام هذه التسوية لأنها لم تنضج ، فالتركي والسعودي لم ينضجان وان مقتضيات الحرب على داعش والنصرة سوف تكون مستحيلة دون أن تكون المناطق التي ليس فيها داعش والنصرة جميعها قد أصبحت كتلة متماسكة وذلك أما بتحرير الجيش السوري وحلفائه أو تسوية نظيفة مخلصة تقبل عليها الناس بحماس ، فمن المتوقع الآن أن الروسي والأمريكي اتفقوا لكي نذهب إلى وقف إطلاق النار يجب أن نصنف التنظيمات الإرهابية أولا ، فهنالك ثلاثة لوائح : اللائحة البيضاء اسمها معارضة سياسية ليس لديها تشكيلات مسلحة أو معارضة مسلحة تقاتل داعش والنصرة وتنطبق فقط على لجان الحماية الكردية لا يمكن أن تصنف بالإرهاب ، ولدينا ارهاب داعش والنصرة ، واللائحة الثالثة فيها جيش الحر وجيش الإسلام وأحرار الشام وغيرها وهذه اللائحة عبر الاختبار سوف يتم فرزها أي الذي يلتزم بوقف إطلاق النار وهم أمام خيارين إما الوقوف إلى جانب النصرة أو ضدها ، فهذه المحطة اختبار ما قبل مؤتمر جنيف , وبالنسبة لإطار وقف إطلاق النار فأن الغارات الجوية والتقدم البري في المناطق التي تسيطر عليها داعش والنصرة غير مشمول ، فالجيش السوري سيستفيد من المناطق التي تلحقها التهدئة والهدنة ليتفرغ بحربه على النصرة المشروع لدى الأمريكي،  فروسيا وسورية وإيران نجحت في معركة تصنيف النصرة بالإرهاب وباتت تحظى بالقضاء عليه.

نحن الآن كنا في حرب عنوانها النصرة وأخواتها وداعش والحرب الأصلية  هو استئصال النصرة وأخواتها واليوم الفرز بين النصرة وأخواتها على قاعدة من أخواتها يشطب معها ومن أخواتها يميز نفسه عنها يفتح له الباب السياسي،  فهذا الشهر للفرز هو الشهر الفاصل عن قمة (سلمان بوتين ) الذي تنعقد في موسكو والتي تترصد الأوراق السياسية والأمنية تمهيدا لتسوية كبرى ، وفي قلب هذه المعركة الكبرى يستعمل لبنان  لاستخدام وتحضير هذه الأوراق  ، عندما أعلن التحالف الإسلامي على الإرهاب في قلب هذا التحالف ، فوقف الهبات السعودية  له علاقة بالجيش والقوى الأمنية لأنهما بالعقل السعودي الحاقد رفضوا تنفيذ الأوامر ، وهذا كله في سياق أن السعودية تريد أن تقول أن بيدها ورقة في لبنان وورقة في سورية أي بتعطيل الحل وأيضا في اليمن وكيف ستنصرف هذه الأوراق إلى الخامس عشر من آذار لرصدها في قلب اللعبة وخصوصا أن السعودية التي أعلنت حرب النفط لتفلس روسيا وإيران هي التي أفلست وهي الآن صاحبة مصلحة لتفاهم وإنقاذ السوق النفطية .

نحن الآن أمام شهر عاصف مليء بالتطورات والأحداث ولكن لدينا رؤية تقول أن ساعة النصر تقترب والجيش السوري يتقدم وان سورية تحقق المنجز السياسي المراكب للمنجز العسكري وان الحلف المكون من روسيا وسورية وإيران حلف صلب متكامل حدود الهوامش المنفصلة هي حدود مشروعة وطبيعية وان ما يجري في لبنان هو جزء من لعبة الأوراق التي تريد أن تثيرها السعودية كعاصفة غبار تمهيدا للتفاوض الكبير الذي سيجمع الملك السعودي بالرئيس الروسي وبالتالي حتى  هذا الربيع سنكون أمام مستجدات جديدة في السياسية تؤكد أن قطار الانتصار قد انطلق ولن يتوقف . 

2016-02-23 | عدد القراءات 2924