سورية دخلت وقف النار: فرار جماعي لـ«النصرة»... والجماعات المسلحة تنقسم

سورية دخلت وقف النار: فرار جماعي لـ«النصرة»... والجماعات المسلحة تنقسم
التصعيد السعودي مستمر�': الحريري: اسألوا حزب الله... ومراد لحوار زعماء الطائفة
حزب الله: على السعودية أن تعتذر... وحردان: فلسطين بوصلة العروبة 

 

كتب المحرر السياسي

مع الساعة الصفر من هذا الصباح دخل وقف النار في سورية حي'ز التنفيذ، بعدما تعم'د بقرار من مجلس الأمن الدولي، وتشكلت له لجنة ارتباط برئاسة ثلاثية روسية أميركية أممية، لمراقبة درجة التقي'د بأحكامه والتحقيق بالشكاوى الواردة من الأطراف المنضوية في مساره، وأعلن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن مع التصويت على الدعوة الروسية الأميركية المشتركة لقرار الهدنة، الدعوة إلى استئناف المفاوضات السياسية بين الحكومة السورية ووفد يمثل المعارضة في السابع من الشهر المقبل.

النتائج الفورية لبدء تطبيق وقف النار كانت، في المناطق السورية موز'عة بين أربع حالات يختلف بعضها عن البعض الآخر، فجبهة إدلب جسر الشغور، امتداداً إلى جبهة خناصر مروراً بمحاور الباب وأعزاز شهدت المزيد من التصعيد والمواجهات حيث التقد'م لحساب الجيش السوري، ولجان الحماية الكردية، ومواقع «داعش» كانت عرضة للمزيد من الهجمات المدروسة والمحكمة، تُصاب بخسائر جسيمة بأفرادها ومُعَد'اتها، بينما سُجلت حالات فرار جماعي من جسر الشغور ومحاور إدلب في جسم «جبهة النصرة».

في محاور إدلب كانت الحالة الثانية، حيث أعلنت الفصائل المسلحة التي كانت تعمل تحت لواء الائتلاف المعارض ويتبع أغلبها للمظلة التركية، وفي مقدمتها «أحرار الشام»، رفضها منح التفويض إلى رياض حجاب ومعاونيه لترتيبات وقف النار، مبايعة «جبهة النصرة» التي خي'رت هذه الجماعات بين المبايعة ورفض الهدنة أو مغادرة المناطق التي تسيطر عليها النصرة.

في محاور الوسط السوري بين ريفَي' حمص وحماة الشماليين كما في محاور جنوب سورية بين محافظتَي' درعا والقنيطرة، حيث تتشارك فصائل منضوية وراء الائتلاف ومحسوبة بصورة مباشرة على السعودية، مع وحدات لـ«جبهة النصرة» بصورة متوازنة نسبياً في القوى بين الفريقين، كان التشو'ش والارتباك والصورة رمادية حول كيفية سير وقف النار الذي ساد للساعات الأولى دون أن يتضح مسار الساعات والأيام المقبلة، في كيفية تصر'ف الجماعات المسلحة في ضوء مواصلة الحرب على «جبهة النصرة»، من قبل الجيش السوري وحلفائه بتغطية نارية من الطيران الروسي وفقاً لنص القرار، وحيث تتوقع مصادر متابعة أن تتحكم موازين القوى برسم الصورة، فحيث تتمكن «النصرة» من السيطرة سيتكر'ر مشهد الشمال السوري بالالتحاق بـ«النصرة» وسحب التفويض من حجاب وفريقه.

في دمشق وغوطة دمشق حالة رابعة، حيث كان الهدوء شاملاً، ولم تُسج'َل حتى الساعات الأولى من الصباح أي' أصوات للقذائف وإطلاق النار التي اعتادت العاصمة على أن تسيطر أصواتها على ليلها، وبدا أن' الجيش السوري قر'ر رغم وجود جيوب لـ«النصرة» و«داعش» تعميم وقف النار على دمشق وريفها، لتنعم بهدوء وسكون لم تعرفه منذ زمن طويل.

في لبنان لا زالت عاصفة الغضب السعودية وتداعياتها ترسم المشهد السياسي الداخلي، حيث الرئيس سعد الحريري يقود حملة إعلامية شعبية للتعبئة تحت شعار «إسألوا حزب الله»، وحيث في المقابل مساعٍ للتهدئة يقودها الوزير السابق عبد الرحيم مراد من بوابة الدعوة إلى حوار أركان الطائفة حملها إلى الحريري، كمدخل لوساطة تهد'ئ التوتر المذهبي وتفتح كوة في جدار العلاقة السعودية مع حزب الله، بعدما جرى تطبيع علاقة مراد بكل' من الرياض والحريري.

حزب الله المعني' الأول رد' على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم على مطالباته بالاعتذار من السعودية، بالقول إن' مَن عليه الاعتذار هو مَن يعتدي، وحزب الله ولبنان يتعر'ضان للعدوان وعلى السعودية الاعتذار، بينما كان رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، يطلق بحضور قيادات فلسطينية من تنظيم الصاعقة كانت في زيارة لمقر' الحزب، دعوته لعدم الزج' بمصطلح العروبة في السجال السياسي في غير مكانه بقوله، إن' بوصلة العروبة الوحيدة ستبقى فلسطين.

عاصفة الإجراءات السعودية مستمرة

بعد تبل�'غ 90 لبنانياً يعملون في السعودية من شركاتهم إيقافهم عن العمل، استمرت عاصفة الإجراءات السعودية العقابية بحق لبنان، وصنفت أمس، أسماء أفراد وكيانات لارتباطهم بأنشطة تابعة لحزب الله بحسب بيان وزارة الداخلية السعودية التي أوضحت أن «المملكة ستواصل مكافحتها للأنشطة الإرهابية لما يُسم�'ى حزب الله بكافة الأدوات المتاحة».

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «كل هذه الإجراءات والمواقف السعودية لن تؤثر ولن تغي�'ر المعادلات، لا في لبنان ولا في المنطقة. والدليل على ذلك أن الفريق المستهدف من هذه الحملات والإجراءات أي حزب الله مرتاح على وضعه، ولم يكترث بها كما لن يستدرج إلى أي مواقف أو ردود فعل في الوقت الحالي».

وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن «الرئيس سعد الحريري يبذل جهوداً كبيرة مع المملكة السعودية لإخراج البلد من هذه الأزمة، ولكن يداً واحدة لا تصفق وعلى حزب الله التعاون وإيقاف هذه المواقف التصعيدية والهجومية ضد السعودية وأن يتوقف عن رهن البلد لمصالحه وأهوائه».

وإذ رفضت المصادر التعليق على حدود الإجراءات السعودية التصعيدية بحق لبنان وحزب الله، اكتفت بالقول: «اسألوا حزب الله»، وذكرت بـ«الجهود التي بذلها الرئيس رفيق الحريري الدولية لمنع وضع حزب الله على لائحة الإرهاب الدولية».

عسيري: لا توجيهات رسمية بوقف الطيران

ونفى السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري في تصريح، وقف السعودية لرحلات الخطوط الجوية، وقال: «حتى الأمس كانت الطائرات موجودة في مطار بيروت، لكن هناك نظرة اقتصادية إلى الأمر، فإذا لم يكن هناك سعوديون يستقلون الطائرات السعودية بكثرة إلى بيروت فربما تقرر الشركة وقف الرحلات، لكن ليس لدينا توجيهات رسمية بوقف الطيران ونأمل الا يتوقف».

وأضاف عسيري: «أما بالنسبة لتوجيهات أو إجراءات في حق اللبنانيين، فليس لدي�' علم بذلك حتى هذه اللحظة واعتقد أن مصدر ترحيل 90 لبنانياً لم يعطوا إقامات هو لبناني، وربما صاحب العمل أعطى الموظفين إجازات بانتظار عمل مشروع جديد والسفارة اللبنانية في الرياض تعطي الجواب الصحيح».

وسلامة يُطمئن

وفي ظل حرب التهويل على اللبنانيين من التداعيات الاقتصادية الكارثية للإجراءات السعودية ضد لبنان، طمأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أن «لا السعودية ولا دول الخليج الأخرى أجرت اتصالات بشأن ودائع البنك المركزي». وقال: «لم أسمع بأي إجراء سعودي ضد المصالح الاقتصادية للبنانيين».

وأوضح أن «الأرقام التي تضم�'نتها تقارير إعلامية عن الودائع السعودية بالمصرف المركزي مبالغ فيها».

إجراءات أمنية وقائية في الضاحية

وإثر هذا المناخ التصعيدي في الداخل، تسود حالة من الحذر والترقب من احتمال انعكاس التوتر السياسي على الوضع الأمني واقتناص بعض الجهات الإرهابية الفرصة لتنفيذ عمليات تفجير، ولهذا السبب عززت الأجهزة الأمنية في الضاحية الجنوبية منذ أول من أمس إجراءاتها الأمنية الوقائية تحسباً لأي عمليات تفجير.

وترد�'د أمس، أن الأجهزة الأمنية رصدت سيارة مفخخة في الضاحية الجنوبية، إلا أن مصادر أمنية نفت لـ«البناء» هذا الأمر وأوضحت أن «الأجهزة الأمنية المولجة حماية الضاحية من جيش وأمن عام وقوى أمنية أخرى رفعت من درجة جهوزيتها ومن إجراءاتها الأمنية لا سيما على مداخل الضاحية وبعض أحيائها الداخلية في إطار إجراءات وقائية تحسباً لاستغلال بعض الخلايا الإرهابية في الداخل الوضع المتوتر والقيام بأعمال تفجير أو اغتيال».

وطمأنت المصادر إلى أن الأمن ممسوك في الداخل، إلا أنها لم تستبعد احتمال قيام الخلايا الإرهابية في الداخل ببعض الأعمال الأمنية في أي لحظة، لكنها استدركت بقولها «لكن خطر التنظيمات الإرهابية الاستراتيجي على لبنان قد تراجع إلى حدٍ كبير».

حردان: فلسطين معيار العروبة

واعتبر رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أن�' «كل�' ما يحدث في المنطقة، من إرهاب وفوضى، ومن تصعيد توتيري، يصب�' في مصلحة العدو الإسرائيلي ويسه�'ل له تحقيق أهدافه ومخططاته، لذلك فإن�' الدول العربية مطالبة بتحم�'ل مسؤولياتها تجاه فلسطين والفلسطينيين، لأن�' معيار الانتساب إلى العروبة، هو بالوقوف إلى جانب فلسطين ودعم مقاومتها وانتفاضتها في مواجهة الاحتلال».

وشد�'د حردان على أن�' «مَن يعقد لواء العزم من العرب وينحَز�' صادقاً إلى فلسطين، هو الذي يحفظ موقعه وكرامته وقوميته وعروبته، ومَن يتخل�'َ عن فلسطين، ويتغاضَ عن الممارسات الصهيونية العنصرية الاستيطانية العدوانية، فإنه يخسر العروبة والكرامة معاً».

حزب الله: على السعودية أن تعتذر

وأشار نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم إلى أننا «سنعب�'ر عن موقفنا مهما كان الثمن، لأننا نعبر عن الحق، ولأن مَن أراد الحرية والكرامة فلا يقبل بظلم ولا يخضع لظلم ولا يكون جزءاً من تسوية لمصلحة المستبدين»، مضيفاً: «ما حصل خلال الأسبوع الماضي من السعودية يتطلب أن تعتذر السعودية من لبنان، لأنها أساءت للبنانيين، أساءت لأولئك الذين عملوا طويلاً من أجل تحرير أرضهم واستقلالهم ومحاولة إدارة شؤونهم بتفاهم وتعاون الأطياف المختلفة. السعودية هي التي اعتدت، أما نحن فلم نعتدِ عليها، ولم نتصرف خلاف المنطق وخلاف حرية الرأي».

مراد لـ«البناء»: الدعوة لحوار سني' تو'ج بلقاء الحريري

وكان لافتة أمس، الزيارة التي قام بها رئيس حزب الاتحاد الوزير عبد الرحيم مراد إلى بيت الوسط حيث التقى الريس سعد الحريري، وأكد مراد لـ«البناء» أن «الدعوة إلى حوار سني – سني تُو�'ِج يوم أمس بلقاءٍ مع الحريري واتفقنا على متابعة اللقاءات والاتصالات لأهميتها في التخفيف من منسوب التوتر على الساحة السنية». ولفت مراد إلى أن «اللقاءات ستتواصل في كل المناطق اللبنانية بين حزب الاتحاد وتيار المستقبل».

وكان مراد قد عقد لقاءات مع عدد من المرجعيات والشخصيات السياسية السنية.

ورداً على سؤال حول احتمال عقد طاولة حوار سنية -سنية، أكد مراد أن هذا الأمر لم يطرح، لكنه أمل أن «تعقد هذه الطاولة لما لها من انعكاسات إيجابية على الساحة اللبنانية».

وفي إطار زياراته إلى المناطق لاستنهاض الشارع وإثارته مواكبة للتصعيد السعودي ضد لبنان، توجه الحريري إلى الطريق الجديدة وأدى صلاة الجمعة في مسجد الإمام علي، في حضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.

بري دعا لجلسة انتخاب في 2 آذار

على صعيد الاستحقاق الرئاسي، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية الأربعاء المقبل. وفي ظل استمرار المواقف على حالها لا سيما لدى حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة بعدم المشاركة في الجلسة، فإن مصيرها سيكون كسابقاتها إذا لم يطرأ أي جديد حتى الأربعاء.

وقالت مصادر تيار المردة لـ«البناء» إن «الوزير سليمان فرنجية لن يشارك وكتلته في الجلسة وما زال على موقفه من عدم المشاركة في أي جلسة لا يشارك فيها حزب الله». وأشارت إلى الجمود الحاصل على صعيد الملف الرئاسي في هذه الفترة بسبب انشغال الجميع بالتصعيد السعودي وبالتالي تحول ملف الرئاسة إلى أولوية ثانية.

وأوضحت أن نضوج الاستحقاق الرئاسي مرتبط بطبيعة العلاقة بين إيران والسعودية التي تشهد سخونة حالياً على صعيد كل المنطقة وفي الداخل اللبناني، وشددت على «أن الحريري ثابت على موقفه تجاه دعم ترشيح فرنجية ويجري اتصالات شبه يومية بفرنجية ولكن لا شيء جدي على صعيد الانتخاب».

ولفتت المصادر إلى أن «العلاقة مقطوعة مع الرابية، لكن هناك قرار من المردة بوقف السجالات الإعلامية كافة مع التيار الذي اتخذ هذا القرار أيضاً بناءً على نصائح من جهة ثالثة». وشددت على أن «اللقاءات التي تحصل بين المردة والتيار عبر وسطاء لم تغي�'ر شيئاً في الملف الرئاسي رغم أهميتها لجهة التواصل والحوار».

فرنجية يقف مع حزب الله

وأكدت المصادر أن «فرنجية لن يصدر أي موقف من التصعيد السعودي تجاه لبنان ولن يدخل في السجالات، وموقفه واضح لجهة وقوفه مع حزب الله في وجه الحملات عليه ولا يحتاج إلى الإدلاء بمجاملات أو مسايرة»، واعتبر أن ما تقوم به «السعودية يعب�'ر عن ضيق وغضب نتيجة أزمتها في ملفات المنطقة».

الحريري سيشارك في الجلسة

وأكد عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار لـ«البناء» مشاركة المستقبل والرئيس الحريري في الجلسة، ودعا الجميع للنزول إلى المجلس النيابي والمشاركة في انتخاب رئيس نظراً لدقة وحساسية الوضع الذي يمر به لبنان نتيجة غياب رئيس الجمهورية الذي وصل حد تهديد الاستقرار الداخلي وما حصل في الجامعة العربية ومنظمة العمل الإسلامي عينة من ذلك».

أهالي العسكريين المخطوفين إلى الشارع

على صعيد ملف العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش»، عاد أهالي العسكريين إلى الشارع بعد تجميد تحركهم منذ إنجاز صفقة التبادل مع «جبهة النصرة».

واعتصم الأهالي أمس، أمام كازينو لبنان في المعاملتين، بمشاركة عدد من المواطنين وموظفي الكازينو الذين شاركوا في الاعتصام تضامناً مع الأهالي.

وأكد حسين يوسف، والد الجندي المخطوف محمد يوسف أن اعتصامهم «هو رد�' على الإهمال الرسمي لقضية أبنائهم». وقال: «إنهم حتى اليوم قاموا بخطوات سلمية، لكن إذا استمر إهمال ملف أبنائهم فهم لن يكتفوا بالتحركات السلمية للمطالبة بالحل».

 

2016-02-27 | عدد القراءات 2769