في هذه الحلقة سنقسم الحلقة إلى قسمين قسم عملية وقف إطلاق النار في سورية وأبعاده وتداعياته وخلفياته التي تحكمه ، أما القسم الثاني هو الحرب السعودية المستعرة ضد لبنان .
القسم الأول : سورية
قبل التحدث بعملية وقف إطلاق النار لا نستطيع القول أن هذا نهاية الحرب في سورية لان الطرفين الصانعين لوقف النار أي الأمريكي والروسي لديهم اتفاق ولكن لديهم رؤيتين و مقاربتين مختلفتين ، فنحن أمام قوى إقليمية فاعلة ، وأمام قوى سورية وإيرانية فاعلة و قوية ، وروسيا دولة فاعلة ولاعبة تحتفظ بصفتين بصفتها الدولية كقوى عظمى تملك الإقدام والإرادة على خوض الحروب فأصبحت قوة إقليمية دولية .أما أمريكا التي ترددت وامتنعت من أن تتحول إلى قوة إقليمية بمعنى أن تكون حاضرة في حركة الصراع فهي قوة دولية ولكن ليست حاضرة كقوة إقليمية، ثانيا عندما نتكلم عن وقف إطلاق النار يستثني ( داعش والنصرة) القوتين اللتين تملكان السيطرة على اغلب المناطق التي تقع خارج نطاق سيطرة الدولة السورية ، فالنقطة الأولى التي نتحدث عنها هنا هو إدارة الحرب وليس وقف إطلاق النار وعندما نقول إن القوتين الأساسيتين التي بيدها اغلب المناطق المسيطرة عليها سيطرة الدولة مستثنتين من وقف إطلاق النار فهذا يعني إننا لا نتحدث عن نهاية الحرب ولكن نتحدث عن شكل جديد من الحرب.
الأمريكي والسعودي والتركي والمعارضة السورية مجمعين بأغلبية وهي إسقاط النظام ، وكانت الدولة السورية وحدها تتحدث عن وجود إرهاب وتتحدث عن استعداد لحل سياسي تقوم على المبادرة التي طرحها السيد الرئيس بشار الأسد في نهاية عام 2011 وقاطعته كل أطياف المعارضة ، ومن ثم بمبادرته المكتوبة التي أعلنها في كانون الثاني في عام 2013التي تقوم على إقامة حكومة وحدة وطنية تضع موضوع دستور جديد ويتم الاستفتاء على الدستور لانتخابات على أساسه وتشكل حكومة دستورية وفقا لأغلبية التي تفرزها الانتخابات ومن ثم تجري مصالحة وطنية وعملية إعمار بقلب الحرب على الإرهاب. أما التطور الكبير الذي حدث في عام 2014 وهو بدء الحديث الأمريكي عن معارضة معتدلة تدرب وتقاتل داعش و النظام في آن واحد، وبإعتبار النصرة هي الحصان الذي لابد من تبنيه ودعمه وإدخاله في العملية السياسية التي تقوم على تنحي الرئيس الأسد وتشكيل حكومة وحدة انتقالية تتولى إدارة سورية ،و تقاتل داعش وكانت هذه المرحلة الثانية ، أما المرحلة الثالثة التي جاءت مع التفاهم على الملف النووي الإيراني والتموضع الروسي في قلب الحرب إلى جانب الدولة السورية بدأت تظهر صورة جديدة تقول انه لا يوجد مرحلة حكم انتقالي ، أو تنحي الرئيس الأسد كشرط مسبق لكن لا نرى لسورية مستقبلا مع الرئيس الأسد وكان هذا الخطاب الأمريكي . وبعد فشل جنيف بدء النقاش الروسي الأمريكي على كيفية إنعاش العملية السياسية فالأمريكي ليس لديه أوراق على خلاف الروسي الذي وقف إلى جانب الجيش السوري واشتعل في الميدان ، فوقف إطلاق النار جاء حصيلة التطورات في الميدان أي بإنهاء 80 إلى 70 % من الوجود التركي في شمال سورية كل الجماعات المحسوبة على الأتراك تلقت ضربات قاسمة ، والنتيجة الثانية هي المجيء بقوة للاتحاد الديمقراطي الكردستاني ( لجان الحماية الكردية )التي تعني بإبعاد البشمركة عن الجغرافية السورية الكردية والتي هي شوكة بالخاصرة التركية فالمعادلة الأولى هي تطورات في الميدان والسياسة وتقول أن تركيا لم يعد لها مكان في السياسة السورية باتفاق روسي أمريكي ، فأول مردود ايجابي هو سقوط القناع الكاذب لمجموعة من تشكيلات تحمل اسم الجيش الحر للخدعة السياسية واعتبارها معارضة معتدلة ولكنها في الواقع جزء من لعبة النصرة ، بالتالي منهجيا قيمة وقف النار بهذه التركيبة أو الصيغة تكون بثلاثة نتائج : الأولى فك المسارين التركي والسعودي ، والثانية حسم وضع الجماعات المسلحة التابعة للنصرة والمموهة باسم معارضة معتدلة ، أما الأمر الثالث وهو فتح مسار للجماعات التي ليست النصرة فلديها خيار إما أن تكون جزء من الحرب على الإرهاب أو تصبح على قائمة الارهاب أي ليس هنالك مجال للعبة الوسط ، وجوهر هذه اللعبة أن جبهة النصرة التي شكلت على مدار السنتين الماضيتين الحصان الرئيسي للحلف التي تقوده واشنطن بشراكة لبنانيين والسعودية وإسرائيل وتركيا والأردن فقد أصبحت عنوان للحرب التي ستركز أمريكا وروسيا على القضاء عليه خلال الأشهر القليلة القادمة.
القسم الثاني : الحرب السعودية المستعرة ضد لبنان
حملة الضغط السعودية التي تقوم بها في البعد السياسي فالوسط السعودي وصل إلى أن القبول بتسوية تضبط المعادلة اللبنانية بمكان ما يريح السعودية هو القبول سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ولم ننجح بأن نمرر ذلك ، لأننا نعرف سليمان فرنجية هو حليف للمقاومة والرئيس الأسد وهذا القبول السعودي لتثقف قدرة المقاومة وحلفاءها في لبنان بشكل اقل وبالتالي هذه أخر الصفقات التي تقبلها السعودية في لعبة التسوية ولم تنجح بذلك، فتقوم السعودية الآن على تضييق وارباك لحزب الله ، لأن هذا التضييق والضغط يمكن أن يفقد هذا الحلف الكبير القيمة المضافة التي شكلت أساس التحولات العسكرية الكبرى بحرب اليمن وسورية ، ففي كل الأسباب السعودية في حالة حرب بالإفلاس والمصلحة والحاجة وبكل الأبعاد ، فحلفاء السعودية هم أكثر المتضررين من خصومها ولم تعد تراهن على استثمار مجدي أو الإنفاق عليهم والشارع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في لبنان يقدم لها الجدوى وهذا سوف يؤثر على الوضع الاقتصادي في لبنان إلى جانب التصعيد السياسي وبالتالي نحن ذاهبون إلى مزيد من التوتر وتجاذب الذي سيأخذ طابع طائفي ...
لاوجود الآن في ظل المتغير الجوهري التي تشهده سورية وفي ظل النتائج المترتبة على صيغة وقف النار في سحق النصرة وداعش معا فلا إمكانية لإحداث اختراق امني في لبنان ، قد يحدث مشاكل قليلة ولكن عاجز عن حدوث حالة اشتباك أو انفجار فهذا لن يحدث لأنه يفرض على الذي لا يريد أن يستخدم سلاحه أن يستخدم الجراحة أي أن يحسم ويبتر ولديه القدرة لذلك ....
معادلة الطائف التي جاءت على لبنان قامت على مجموعة أركان لم يبقى منها غير ركن واحد هو تعهد السعودية بتعويم الاقتصاد اللبناني ، فالطائف هو التزام أمريكي بانسحاب إسرائيلي من لبنان للقرار 425وهذا لم يتم والدليل على بقاء المقاومة إلى الآن ، أما العماد عون كان خارج المعادلة مقابل تعاون الكنيسة وسمير جعجع بتغطية الوجود السوري ، والركن الرابع هو الوجود السوري ، ولم يبقى إلا التعويم السعودي لاقتصاد اللبناني وهذا إذا لم يعد موجود دليل على أن الطائف لم يعد موجود أي إعلان نهاية الطائف ، ومن هنا القول أن مسؤولية القوة الوطنية في لبنان أن تقول هذا الكلام وبوضوح أن رفع القوى السعودية عن الاقتصاد اللبناني لرمي كرة النار في وجه فريق المقاومة ، جماعة الحريري والمستقبل هم وكلاء للمال السعودي فإذا انسحب المال السعودي من لبنان لم يعد لهم وجود في لبنان وعندها نذهب إلى سقوط الطائف وعلى أساسه حكومة مؤقتة للقوى الوطنية الداعمة للمقاومة برئاسة العماد عون وعضوية القوى في الطائفة السنية المؤمنة بخيار المقاومة والطائفة الدرزية والطوائف المسيحية والطائفة الشيعية وتخيير الآخرين لإخضاع حكم هذه الحكومة .
2016-02-28 | عدد القراءات 2914