مانشينت البناء ـ ناصر قنديل

بوتين يدافع عن الانتخابات السورية رداً على هولاند... ولا يراها عقبة
قمة روسية أوروبية تمهّد لمشاركة الأكراد في جنيف... وجماعة الرياض ترتبك
بين الحريري «الانتخابي» وجنبلاط «العقاري»... فرنجية وإرسلان لأبعد من الرئاسة

كتب المحرر السياسي

حسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام زعماء أوروبا، حجم التحالف الذي يربطه بالرئيس السوري بشار الأسد، عندما حاول الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن يستغلّ الانتقادات الروسية العلنية لإصرار الدولة السورية على إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها، وعدم انتظار نتائج العملية السياسية، فوصف الموقف السوري بالاستفزازي والمعرقل مسار الحلّ السياسي، ليأتي ردّ الرئيس بوتين سريعاً ومفاجئاً، بأنّ هذه الانتخابات لا تشكل عقبة أمام مواصلة العملية السياسية، ولا تعرقل مساعي وفرص الحلّ السياسي، وهي التعابير الحرفية التي استخدمتها سورية في الدفاع عن خطوتها الدستورية.

 

حسم الرئيس بوتين للأوروبيين أنّ التباين في الاجتهادات بين روسيا وسورية، هو من قواعد التحالف القائم على الاحترام المتبادل للخصوصية، وللبعد السيادي لكلّ من الفريقين، وأنّ هذا التباين لن يشكل ثغرة يمكن النفاذ منها لمن يتربّص بأحدهما للنيل منه بحضور الآخر ونيل تغاضيه.

بالتزامن كان الرئيس الروسي يضع أمام شركائه الأوروبيين الفرنسي والبريطاني والألماني والإيطالي خارطة طريق للحلّ في سورية، تتمثل بمتابعة تطبيق وقف النار لشهور، وسدّ الثغرات التي تظهر فيه خلالها، وتأمين معالجات أوسع للشأن الإنساني بمعزل عن المسار السياسي، الذي يجب أن لا يرتبط بمسار الهدنة أيضاً، بل أن يتكامل كلّ إنجاز على أيّ من المسارين ويستقوي بإنجازات على المسار الآخر، معتبراً أنّ المسار العسكري الذي يجب أن يُحصر تدريجاً بالمواجهة مع الإرهاب ومقابله قوى التحالف الغربي ضدّ «داعش» والتحالف الذي يضمّ روسيا وسورية وإيران ومع التحالفين العراق ومن يرغب لتشكيل جبهة عالمية موحدة ضدّ الإرهاب، الذي يضمّ «داعش» و«النصرة» والقوى التي تضع نفسها من الجماعات المسلحة خارج مسارَي الهدنة والحلّ السياسي، مشيراً إلى أنّ تركيا اختارت أن تضع نفسها عملياً ومَن معها من الجماعات السورية خارج المسارين، وأن تستعمل قضية اللاجئين لابتزاز أوروبا والعالم لضمان مصالح غير مشروعة تنتهك سيادة كلّ من سورية والعراق، وتهدّد وحدتهما بالخطر، وتستهدف تهميش الأكراد الذين يقاتلون الإرهاب بالتعاون مع التحالفين الدوليين اللذين يضمّان روسيا وأميركا.

خارطة الطريق التي رسمها بوتين للأوروبيين تقوم على انطلاق جنيف بشراكة الأكراد ووفد معارض يشمل جميع المكونات التي تشترك في الهدنة وتقاتل الإرهاب، منوّهاً بما تفعله اللجان الكردية وقوات سورية الديمقراطية في هذا المجال، خلافاً لجماعة الرياض التي تتفرّغ للتشكيك في الهدنة والمسار السياسي ولا تطلق طلقة واحدة على «داعش» وتتداخل في تموضعها مع «جبهة النصرة» ولا تزال تسعى لإخراجها من تصنيفات الإرهاب.

وفقاً لخارطة الطريق التي عرضها الرئيس الروسي يجب أن تشهد سورية هذا الصيف كأبعد احتمال ولادة حكومة تضمّ شخصيات وممثلين للمعارضة التي تثبت وجودها في الحرب على الإرهاب، على أن يصير الملف السوري الداخلي بعد ذلك ملكاً للحكومة وحدها، لتضع روزنامة لدستور جديد وانتخابات جديدة، ويكون العالم معنياً بمساعدة هذه الحكومة على إعادة الإعمار واستعادة اللاجئين، وإلغاء العقوبات التي فرضها البعض على الدولة السورية، وتكون الحرب على الإرهاب تحقق نتائجها تباعاً.

جماعة الرياض التي تلقت من عواصم أوروبية ملخصاً عن لقاءات موسكو سارعت إلى التحذير من أن يضمّ جنيف المقبل ممثلين للأكراد، وهدّدت بالمقاطعة، فيما انصرف ممثل «جيش الإسلام» محمد علوش إلى نفي الشكوك التي أثارتها التساؤلات الأوروبية عن حوار منفصل يجريه مع موسكو بمعزل عن شراكته في مؤتمر الرياض، وما لمسه الأوروبيون من موسكو من اهتمام بهذا الحوار.

في لبنان بينما كان رئيس الحكومة تمام سلام يجدّد تلويحه بالاستقالة إذا فشلت الحكومة في بلورة حلّ نهائي للنفايات الخميس المقبل، كانت هموم الرئيس سعد الحريري الانتخابية في قلب البقاع تتنافس مع هموم النائب وليد جنبلاط العقارية على تخوم مرفأ بيروت، بينما يلتقي النائب سليمان فرنجية بالنائب طلال إرسلان، بما وصفته مصادرهما بالأبعد من الرئاسة.

تحالف المستقبل ـ الكتائب ـ الكتلة الشعبية!

في غضون ذلك، كان البقاع الأوسط أمس، على موعد مع زيارة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في محاولة منه لإعادة التواصل مع قاعدته الشعبية، وللبحث في الانتخابات البلدية. وعلى غرار أدائه الصلاة في مسجدَي الصديق في طرابلس والإمام علي في الطريق الجديدة خلال جولاته على المناطق التي حدّدها كل يوم جمعة. أدى الحريري الصلاة في مسجد الإمام علي في سعدنايل وتناول الغداء في أوتيل قادري بدعوة من رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، والتقى النائب إيلي ماروني لنصف ساعة، في زيارة وصفتها مصادر نيابية في كتلة نواب زحلة بتكريس التحالف المستقبلي ـ الكتائبي ـ الكتلة الشعبية.

وأكدت المصادر نفسها «أن التوافق الانتخابي من شأنه أن ينعكس على الانتخابات النيابية وفق أسس ومرتكزات وضعتها سكاف وتقوم على تشكيل لائحة برئاستها وتسمية المرشحين الكاثوليكي الثاني والأرثوذكسي، وتكون حصة المستقبل مرشح المقعد الأرمني والسني والشيعي أما المرشح الماروني فيكون من حصة الكتائب، إذا تمّت المصالحة بين سكاف والنائب ماروني، وهي مصالحة يعمل عليها منذ وفاة الراحل إيلي سكاف، مشروطة من قبل النائب الكتائبي أن تبادر سكاف إلى زيارته وتقديم واجب العزاء وينتهي كل شيء قضائياً وعائلياً وحزبياً».

الحريري لـ«البناء» الاستحقاق البلدي سينسحب على النيابي

وأبدت مصادر سياسية استغرابها تهميش الحريري في زيارته مطرانية زحلة وما تمثله من موقعية ورمزية وعدم لقائه مطران الفرزل وزحلة عصام درويش، وكذلك أبدت عتبها من عدم زيارة «أزهر البقاع».

وأكد الحريري لـ«البناء» على هامش الزيارة «أن إجراء الاستحقاق البلدي هو مقدمة لاستحقاقات أخرى»، مشيراً إلى «أن التفاهم في الاستحقاق البلدي سينسحب على الاستحقاق النيابي. وفي الشأن الرئاسي بعد جلسة الثاني من آذار التي لم يكتمل فيها النصاب اكتفى بالقول «انشالله بيكون عنا رئيس للجمهورية». وعلمت «البناء» أن «الحريري سيزور مدينة صيدا يوم الجمعة المقبل».

فرنجية في خلدة.. وأبعد من الرئاسة

في هذا الوقت زار رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية رئيس اللقاء الديمقراطي النائب طلال ارسلان في خلدة وعرض معه آخر المستجدات إقليمياً ومحلياً، بحضور الوزير السابق يوسف سعادة، الأمين العام لـ«اللقاء الأرثوذكسي» النائب السابق مروان أبو فاضل ومستشار ارسلان حسن حمادة. وأكدت مصادر ارسلان لـ«البناء» «أن اللقاء كان ذا طابع عائلي، فالصداقة بين الوزير فرنجية والمير طلال قديمة وعمرها أكثر من 30 عاماً».

ولفتت إلى أن اللقاء أجرى جولة أفق تناولت الأوضاع المحلية والإقليمية لا سيما بعد التطورات الميدانية في سورية والموقف الخليجي من المقاومة، حيث كان هناك تأكيد على ضرورة التهدئة أكثر من أي وقت مضى في كل الملفات الداخلية، بما فيها الملف الرئاسي، مشدّدة على «أن هذا الاستحقاق الرئاسي لم يأخذ الحيز الأكبر فالجميع يعلم أن الانتخابات لا تزال بعيدة المدى، لذلك ذهب اللقاء أبعد من الرئاسة».

جنبلاط وجهاد العرب

وسرق اهتمام رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط المفاجئ بالجيش وحديثه عن استملاك شركة عقارية معروفة القاعدة البحرية للجيش بموافقة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل الأضواء .ويهدف جنبلاط الذي يصوّب منذ فترة على جهاد العرب أن يحفظ حصته وأن لا يكون خارج المقايضات المعروفة التي تجري تحت الطاولة على حساب الجيش في العاصمة، أو كما قال رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب يجب على «وليد بك» عدم الضرب في «سوليدير» كي يصيب في سبلين، وإذا كان هناك مشكلة مع شركة عقارية فليحلّها بطرقه المعهودة مع الشركة، فهو يدرك أن الأملاك البحرية طارت نتيجة سياسة بعض الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الأشغال، وعلى ما أعتقد كان هو أحدهم».

ويأتي السجال الجنبلاطي مع الوزير مقبل بعد الأعمال التي بدأت منذ نحو شهر لفتح مدخل جديد إلى الحوض الأول بدلاً من البوابة المقابلة للقاعدة البحرية التي تنوي شركة سوليدير إقفالها وتعتبرها من أملاكها الخاصة. ورغم ذلك يحاول المعنيون التهرّب من الإجابة حول ملكيتها. لكن مصادر وزارية أكدت لـ«البناء» أن سوليدير تستملك هذه القاعدة الملاصقة لمرفأ بيروت، فيما أشارت مصادر وزارية أخرى لـ«البناء» إلى «أن شركةَ جهاد العرب التي تدور في فلك سوليدير اشترت العقار».

ولفتت مصادر عسكرية لـ«البناء» إلى أنه إذا كانت ملكية هذه القاعدة تعود إلى وزارة الدفاع، فإنها تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء لبيعها كما حصل مع موقف السيارات التابع لمصرف لبنان حالياً والذي تمّ بيعه إلى البنك المركزي بمرسوم من الحكومة، بعدما كان أرضاً تعود ملكيتها للجيش، أما إذا كانت مصادرة من سوليدير عندئذ يمكن لوزير الدفاع أن يصدر قراراً برفع المصادرة. وشدّدت المصادر على «أن قيادة الجيش لا يمكنها أن تتخلى عن قاعدة بيروت العسكرية لأسباب عسكرية وأمنية، وعن قاعدة جونية التي جرت محاولات من قبل الرئيس الراحل رفيق الحريري للاستيلاء عليها، لم تنجح بسبب الرفض المطلق من الرئيس اميل لحود».

وعلى نقيض الموقف السعودي من وزير الخارجية جبران باسيل والحملة التي يتعرّض لها من المملكة وحلفائها في لبنان، تلقى باسيل أمس، دعماً أممياً في ملف النازحين، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن تأييده موقف وزير الخارجية أن مساهمة النازحين في عملية السلام وإعادة إعمار بلدهم هو أمر لا بد منه في مرحلة ما بعد النزاع. وشدّد على أن «مسألة توطين اللاجئين في البلد المضيف تعود حصراً إلى قرار البلد نفسه. ورغم نجاح باسيل في إلغاء عبارة العودة الطوعية في اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا إلا أن بان كي مون أكد في المقابل أن «الطابع الطوعي للعودة ضروري، فوضع النازحين يستلزم حماية دولية، ما دام لا يمكنهم أن يحظوا بحماية بلدهم، لذا فإن عودتهم منوطة بتغيير جذري للظروف في سورية، ووقتئذ سوف تبذل الأمم المتحدة قصارى جهدها لدعم العائدين».

سلام جادّ في الاستقالة

وعلى الصعيد الحكومي، أكدت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«البناء» أن الرئيس سلام جادّ أكثر من أي وقت مضى في قرار الاستقالة، إذا لم يحل ملف النفايات جذرياً». وأشارت المصادر إلى «أن لا حل إلا بتنفيذ خطة المطامر، وهذا يتطلب موافقة القوى السياسية على أماكن إقامتها»، مشددة على «أن معارضة المواطنين سيتم التصدي لها، حيث ستتم الاستعانة بالجيش لتنفيذ الخطة». وإذ أشارت إلى «أن رئيس الحكومة لن يدعو إلى أي جلسة قبل التوصل إلى اتفاق»، لفتت المصادر إلى «أن أي حل يجب أن يكون مقروناً أولاً بالاتفاق السياسي وتأمين الحوافز للمناطق وتنفيذ القرار بشتى الوسائل».

 

2016-03-05 | عدد القراءات 2259