كيري ولافروف يحاصران جنيف بإلزامية التفاهم تحت سقف القرار الأممي

كيري ولافروف يحاصران جنيف بإلزامية التفاهم تحت سقف القرار الأممي
دي ميستورا لمفاوضات متعددة الأطراف حول الحكومة والدستور والانتخابات
الجيش اللبناني يقتحم استباقياً مواقع داعش فاضحاً معنى حرمانه من السلاح 

كتب المحرّر السياسي:

أجرى وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف وأميركا جون كيري تشاوراً هاتفياً تقييمياً لمسار الهدنة والحوار السياسي في سوريا، ونقلت مصادر إعلامية روسية عن الاتصال الذي أجراه كيري بلافروف تأكيداً أميركياً لنفي الحديث عن خطة بديلة للهدنة والمسار السياسي، وإصراراً روسياً على أن تلبي المحادثات السياسية شروط ما تضمنه القرار الأممي من أن لا شروط مسبقة للحوار وأن مستقبل السلطة ومؤسساتها بيد السوريين، وما يتوصلون للتفاهم حوله، وأن الوفد المفاوض عن المعارضة وفقاً للقرار 2254 يجب أن يمثل كل أطياف المعارضة السياسية. وأضافت أن التفاهم كان تاماً على تمثيل المكوّن الكردي من جهة، وتشكيل فريق خبراء عسكري لمواجهة مخاطر المواجهة مع جبهة النصرة وتنظيم داعش في حال لجوئهما لاستخدام أسلحة كيميائية، كما تقول التقارير الاستخبارية مع تقدّم مساري الهدنة والحوار السياسي.

المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وفقاً لمصادر متابعة لما يجري تحضيره في جنيف، سيلجأ إلى مسارات متعدّدة للحوار، تحت عنوان الفصل بين الهدنة والشأن الإنساني من جهة، والعناوين السياسية من جهة أخرى، فمائدة جنيف للسياسة، ولجان المتابعة الخاصة مهمتها تلقّي المقترحات والشكاوى حول الهدنة والشأن الإنساني ومعالجتها وملاحقتها.

في الشأن السياسي سيكون وفقاً للمصادر دون إعلام وجود لوفدين معارضين، ينتظر الإعلان عنهما اختبار فرص التقدم، فالوفد الذي سيمثل الاتحاد الديمقراطي الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية ارتضى عدم ضمه رسمياً لوفد مشترك مع جماعة الرياض مقابل دعوته كوفد رسمي معارض للتفاوض دون إعلان ذلك بينما وفد الرياض سيكون وحده علنياً لاستكشاف فرص التوصل لتفاهمات معه، والمعيار سيكون مع وفد جماعة الرياض فهم المرحلة الانتقالية والاستعداد للدخول الجدي في مناقشة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وصرف النظر عن أكذوبة التفاوض مع وفد حكومي عيّنه الرئيس السوري على كيفية تشكيل هيئة يتنحّى لها الرئيس السوري الذي رفض مبدأ مناقشة الأمر يوم كانت الجماعات المسلحة في أفضل حال، ويعلم مفاوضو الرياض أن الأمر مسخرة وقد صارت حالها هي الأسوأ والجيش الذي يكون الرئيس بشار الأسد قائده الأعلى يحقق الانتصارات والإنجازات.

إن تصرفت جماعة الرياض بعقلانية وواقعية، وليس بخلفية تفاهمها مع جبهة النصرة على تعطيل المسار السياسي، لضمان عدم تصفية بقاياها المسلحة على يد النصرة، سيكون ثمة تقدم بشّر به دي ميستورا كفرصة سانحة للحل السياسي، وإلا ستنفجر المفاوضات ويخرج جماعة الرياض ليكشف الستار عن التقدم الحاصل سياسياً مع الوفد الرديف، الذي يملك قدرات عسكرية تشارك في الحرب على داعش وتنطبق عليه مواصفات المعارضة التي تضع الأولوية للحرب على الإرهاب وتدخل حلاً سياسياً مع الدولة لتوسيع جبهة الحرب وتزخيمها تحت سقف المجتمع الدولي.

المصادر المتابعة توقعت مجيء وفد الرياض ومشاركته وتوقعت أن تستمرّ هذه الجولة بتقطع لمدة تنتهي مع نهاية الشهر لتقييم مستقبل المسار السياسي الذي يفترض أن يحقق اختراقات نوعية في الشهر المقبل، لجهة الاقتراب من التفاهم على تشكيل حكومة وحدة وطنية وفقاً للقرار 2254، بينما يكون المشهد العسكري في مواجهة داعش وجبهة النصرة قد سجّل تحولات حاسمة.

لبنانياً نجح الجيش بتحقيق اختراق نوعي خلف خطوط تنظيم داعش في هجوم استباقي لمحاولات التسلل والتقرب، التي كان قد بدأها التنظيم نحو الممرات البقاعية التي تتصل بمنطقة عكار، واستولى الجيش على تلال استراتيجية وقتل العديد من عناصر التنظيم، ووصفت مصادر عسكرية العملية بالرسالة التي تفضح الذين يمنعون السلاح عن جيش يثبت كل يوم أنه قوة قادرة ومؤهلة لخوض الحرب على الإرهاب بإمكانات متواضعة فكيف لو توفر له السلاح النوعي المتطوّر والفعال. ومغزى العملية هو وضع الذين يتحدثون إقليمياً ودولياً عن الحرب على الإرهاب أمام مسؤولياتهم في توفير الدعم اللازم للجيش وتركه بعيداً عن السجالات السياسية وتصفية الحسابات.

سلام: لا أفهم ردة الفعل السعودية

تستكمل اليوم أعمال الدورة العادية الـ145 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في جلسة مغلقة لبحث تطورات الأوضاع في المنطقة، إضافة إلى البنود المدرجة على جدول الأعمال، ومن بينها بند التضامن مع لبنان. ومثّل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لبنان في الجلسة الافتتاحية التي انعقدت في مقر الجامعة في القاهرة برئاسة البحرين. وشارك إلى جانب وزراء الخارجية العرب في الاجتماعات التشاورية التي سبقت الاتفاق على تعيين وزير الخارجية المصري السابق أحمد ابو الغيط أميناً عاماً للجامعة العربية بدلاً من نبيل العربي الذي لم يعُد يرغب بتولي أمانة الجامعة لولاية ثانية.. وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» «أن تشاوراً حصل بين الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام أفضى إلى اتجاه دعم لبنان لوزير الخارجية المصري»، مشيرة إلى أن الرئيس سلام تمنّى على الوزير باسيل التعاطي بايجابية مع الدول الخليجية وعدم الدخول طرفاً في الصراع بين مصر وتركيا على خلفية الإخوان، وفي الوقت نفسه عدم مخالفة الإجماع العربي».

وأكدت مصادر وزارية مقربة من رئيس الحكومة لـ«البناء» أن السعوديين مستمرون في التصعيد عبر مقاطعة لبنان التي ستظهر تباعاً»، لافتة إلى «أن الحرب السجالية مستمرة، طالما أن حزب الله يصعّد ضد المملكة». ولفتت إلى أن الرئيس سلام جدّد التزام لبنان الإجماع العربي أمام السفراء العرب وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي، ومشيراً إلى جهوده المستمرة لدى حزب الله لوقف التصعيد ضد السعودية.

ورداً على سؤال حول اتخاذ السعودية إجراءات ضد اللبنانيين والجيش، بدلاً من أن تحصر خلافها مع حزب الله، أكد الرئيس سلام بحسب ما نقلت عنه مصادره «أنه لا بفهم ردة الفعل السعودية ولا يستطيع أن يجيب عن ذلك، وأن لا طريقة لتلافي خيارات الدول الخليجية، فهو لم يتلق أي إشارة إيجابية على رسالته التي بعث بها إلى الملك السعودي عن استعداده للقيام بجولة خليجية في طليعتها المملكة».

وجنبلاط اليوم في الأليزيه

في قصر الأليزيه يلتقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اليوم رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي يقوم بزيارة إلى فرنسا يطغى عليها الملف الرئاسي والأزمة بين لبنان ومجلس التعاون الخليجي وتأثير الإجراءات والتدابير المتخذة على وضع لبنان، لا سيما أن هولاند أجرى محادثات مع ولي العهد الأمير محمد بن نايف الأسبوع الماضي. وسيجتمع جنبلاط اليوم إلى وزير الخارجية جان مارك ايرولت بعد لقاء جمعه أمس، بوزير الخارجية الفرنسي السابق ورئيس المجلس الدستوري لوران فابيوس، ووزير الثقافة السابق ورئيس معهد العالم العربي جاك لانغ.

وأكد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري أنه «التزم بترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية قبل أن يرشح رئيس حزب القوات سمير جعجع العماد ميشال عون»، مشيراً إلى «أنه لا يمنع انتخاب عون وإن تم انتخابه، فغنه سيكون مع كتلته من أول المهنئين»، مضيفاً: نحن رشحنا شخصاً من فريق حزب الله ونريد أن نسيّر البلاد، لقد قمت بمبادرتي الرئاسية لأنني رأيت أن الأزمات مستفحلة وما يهمني هو عدم استمرار الفراغ، لأنه كارثة على لبنان، مشيراً إلى «أنه لا يقوم بما يقوم به للوصول إلى رئاسة الحكومة بل لإنقاذ البلد». وفي ملف النفايات جزم الحريري «أن الحلّ بات قريباً وخلال يومين أو ثلاثة تكون النفايات خارج الطرقات».

مصير الحكومة واجتماع لجنة النفايات

وفي ملف النفايات، لم يتصاعد الدخان الأبيض من اجتماع اللجنة المكلفة دراسة الملف التي لم تصل إلى أية حلول. هناك نقاط عالقة تحتاج إلى المزيد من البحث سيستكمل عند الخامسة من عصر اليوم، كما قالت مصادر وزارية لـ«البناء»، لافتة إلى «أن الأجواء كانت أكثر من سلبية في الاجتماع وأن الأمور عادت إلى نقطة الصفر. وأكدت المصادر «أن الرئيس سلام لن يستمرّ إلى ما لا نهاية في التغطية على من يعطل إيجاد الحل لأزمة النفايات»، مشيرة إلى «أن جلسة اليوم ستكون حاسمة إما أن ينتهي هذا الملف وإما استقالة الحكومة، فالرئيس سلام تحمّل مسؤوليته كاملة، لكن لم يعد بمقدوره تحمل الشتائم عن الوزراء المعطلين، فهو قدّم أكثر مما يستطيع أن يقدم، ومن يعطل عليه أن يتحمل ماذا سيحل بالبلد إذا لم تعالج أزمة النفايات». وسألت «كيف تتم الموافقة على مطامر في الكوستابرافا وبرج حمود وإقليم الخروب وسرار، وفي اليوم التالي يتم التراجع عن الموافقة بذريعة عدم تقديم الحكومة اقتراحات للمعنيين»؟ مضيفة هذه القوى السياسية فقدت هامش حريتها فهي باتت مكشوفة أمام الرأي العام والجميع يعلم ماذا يريدون من وراء النفايات».

عملية نوعيّة وخاطفة للجيش

أمنياً، نفّذت وحدات النخبة بإشراك الوحدة الخاصة الكومندوس في الجيش عملية نوعية في جرود رأس بعلبك، حيث مواقع داعش وأشهرها استراتيجياً تلّة 64 التي ووفق مصادر أمنية رفيعة خاصة لـ«البناء»، «يتواجد فيها نخبة مقاتلي داعش وغالبيتهم من الأجانب، يُقدّر عديدهم في هذه النقطة بين 38 و64 مقاتلاً، ولا تبعد أكثر من 3 كلم عن مواقع الجيش اللبناني الأمامية، مزوّدين بمدافع الهاون والرشاشات الثقيلة على محمولات، محصّنين في تلك النقطة بدشم اسمنتية ضخمة، وهي تشكل نقطة القوة لباقي نقاط ومواقع داعش في المنطقة، فضلاً عن أنها تشكل قوة الثقل العسكري الدفاعي والهجومي والقيادي الخلفي لداعش في المنطقة».

ففي تفاصيل العملية النوعية «أن الجيش اللبناني شنّ عملية نوعيّة وخاطفة خلف خطوط المجموعات الإرهابية في منطقة جرود رأس بعلبك، بعد عمليات رصد ومتابعة دقيقتين، حيث نفّذت وحدة من قوات النخبة عند الساعة الثالثة والنصف من فجر اليوم أمس ، إغارة ضدّ مجموعة إرهابية كبيرة تنتمي إلى تنظيم «داعش»، متمركزة على مسافة 3 كلم من مراكز الجيش الأمامية وعلى ممرّ حيويّ مقابل لهذه المراكز، حيث اشتبكت مع المجموعة. في الوقت نفسه كانت وحدات من النخبة تنفذ عملية اقتحام لتحصينات مواقع أخرى لـ«داعش»، موقعةً في صفوف الإرهابيين نحو عشرات القتلى والجرحى، بالإضافة إلى تدمير منشآت موقع داعش وتدمير عدد من الآليات الموجودة والمجهّزة برشاشات ثقيلة، فيما لاذ من تبقّى ولم يُصَب بالفرار، مسيطراً بذلك الجيش على موقع تلّة 64. وقد حاول إرهابيو داعش استقدام تعزيزات إلى المنطقة، لاستعادة الموقع فتصدّت لهم طائرات الجيش ومدفعيته الثقيلة والوحدة الصاروخية، موقعةً في صفوفهم المزيد من الخسائر بالأشخاص والعتاد وانكفأوا خائبين. وشاركت مروحيات الجيش اللبناني وطائرات من دون طيّار في العملية العسكرية، فيما استهدفت مدفعية الجيش المواقع القريبة لـ«داعش»، خصوصاً في منطقة الكسارات. وقد استُشهد للجيش في هذه العملية جندي واحد وأصيب أربعة عسكريين بجروح غير خطرة».

ولفتت مصادر عسكرية لـ«البناء» إلى «أن تنظيم داعش قام أمس، بعملية جس نبض بتمركزه في ثلاثة مراكز عسكرية ضمن الأراضي اللبنانية، كان يتوهم أن بإمكانه تطوير هذه المراكز المستحدثة وتحويلها إلى قاعدة انطلاق للتوسّع داخل لبنان في ظل الانقسام الحاصل ومحدودية القدرات التسليحية»، مشيرة إلى انه تلقى ضربة صاعقة من الجيش الذي ردّ بقوة ضمن عملية عسكرية نوعية وخاطفة اتخذت طابع الهجوم في معرض الدفاع.

وأكد مصدر أمني لـ«البناء» أنّ «العملية النوعية والاستباقية أثبتت جهوزية الجيش ووحداته المنتشرة التي تراقب عن كثب وبشكل دقيق ومتواصل تحرّكات المسلحين في جرود عرسال وحولها، والاستهداف شِبه اليومي لتحرّكات المسلحين الإرهابيين يأتي في سياق خطة وضعها الجيش لمنع أيّ مخطّط ينوي الإرهابيون تنفيذه».

واعتبرت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن تحركات داعش في رأس بعلبك، والحديث عن 14 سيارة مفخخة، والامتناع عن تسليح الجيش، مؤشر إلى أن الوضع الأمني يدرج تحت عنوان رئيسي هو انهيار الأمن في لبنان وفق الخطة السعودية المرسومة للبنان». وفي سياق متصل أكدت مصادر أمنية أن «هذه السيارات الـ14 ليس مفخّخة بل هي سيارات مسروقة»، مشيرة إلى «أن الأجهزة الأمنية تتعقبها لمنع تفخيخها وتفجيرها».

وأكد قائد الجيش العماد جان قهوجي أن الجيش يمتلك المبادرة، وسيضرب الإرهابيين بكل قوته وبحسب توقيته. وأضاف «نحن لن نتركهم يأتون إلينا، بل سنلاحقهم وسنضربهم أينما تواجدوا، هذا هو قرارنا الذي اتخذناه ولا رجعة عنه». وجدّد قهوجي تأكيد «أن الجيش لن يترك كرة النار الإقليمية تتدحرج إلى لبنان، وسيواجه أي محاولة تهدف إلى إحياء مشاريع الفوضى والتفرقة والتقسيم، أو الإطاحة بصيغة العيش المشترك والوحدة الوطنية».

2016-03-11 | عدد القراءات 2744