قنديل: الرئاسة السورية شأن السوريين تفاوضيا أو عبر صناديق الاقتراع والحكومة التي تدير المرحلة الفاصلة عن الانتخابات هي حكومة وحدة وطنية

تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل

في هذه الحلقة لا نزال في مواكبة الوضع في سورية ومع تطورات الوضع في اليمن ستدخل بصفتها عنصر حاسم وأساسيا في قراءة المشهد الإقليمي،  وفي خلفية هذين الحدثين سأدخل إلى موضوع قضية الانتخابات النيابية القادمة في سورية .

القسم الأول الوضع في سورية واليمن :

توقفنا كثيرا نحو معاني وأبعاد ما سمي بالقرار الروسي بالانسحاب والاجتهادات المحيطة به والتي توضحت أبعادها كثيرا ومن ثم تفسير الوظيفة التكتيكية للإعلان الروسي وموقعه في تحفيظ للوصول إلى تفاهم سياسي تحت عنوان رئاسة الرئيس الأسد وحكومة موحدة تنتزع اعتراف العالم بشرعيتها ليتأسس من هذا إمكانية الدخول لمفهوم قدمته روسيا في الأصل للحرب على الإرهاب ،  مفهوم يقوم على ضرورة اجتماع كل الدول الإقليمية والدولية في قلب هذه الحرب ، وهذا كان يستدعي من وجهة النظر الروسية اليأس لدى الدول المراهنة على سقوط سورية بإمكانية تحقق راهنها واليأس من إمكانية الاستثمار على جبهة النصرة لتكون لاعبا سياسيا أو عسكريا واليأس من التعايش مع ظاهرة الإرهاب وتحمل النزف بسبب وجودها وتجزرها والوصول إلى يقين انه لا بد من التعايش والاعتراف بان إسقاط الرئيس الأسد  بات مستحيلا وان بقاءه وانخراطه كجزء مكون وعضوي في جبهة عالمية للحرب على الإرهاب هو ضرورة وقيمة مضافة لهذه الحرب فهذه الوظائف كانت هي وراء التدخل الروسي الذي توضح الأحداث والتطورات قرار مجلس الأمن 2254، صيغة الهدنة واستثناءها لجبهة النصرة والنجاح بإغلاق الحدود السورية التركية وإجبار جماعات المعارضة على أن تفرز نفسها عن موقع جبهة النصرة وبدء جنيف تحت عنوان البحث عن حل سياسي ورسالة الانسحاب الروسية ، فالسؤال كيف ستتصرف جماعة الرياض ؟

نحن نسمع لغة واضحة تصعيديه وتهديديه فلا حلول وسط وانهيار للمفاوضات قائم والحديث مع الوفد الرسمي السوري يبدو مستحيلا واتهام هذا الوفد بأنه يماطل ويضيع الوقت وان القضايا المطروحة من قبله لا تصلح أساسا للنقاش فهذا الحديث يسمع من جماعة الرياض فماذا ستفعل جماعة الرياض ؟ هل ثمة إمكانية لتعديل التوجهات الحاكمة لمسار المفاوضات في جنيف بما يرضي هذه الجماعة وتجعلها جزءا من تسوية ترتضيها لنفسها أم أن قدرها الاختيار بين التسوية المذلة لها وبين الخروج والتحاق مرة أخرى بجبهة النصرة وداعش؟ .

هل نحن نتحدث عن أوراق مخفية لا يزال الأمريكي يراهن عليها في الجانب الميداني بعد كل الذي حصل ، الأمريكي الذي ذهب للتفاوض مع الإيراني وأنتج التفاهم حول الملف النووي ، والأمريكي الذي رأى التدخل والتموضع العسكري الروسي ونتائجه في الميدان وارتضى أن يسلم بالنتاج السياسي لهذا التدخل من خلال مسار فيينا الذي تحدث عن حكومة وحدة وطنية الى الوصول إلى قرار 2254 والذي تحدث عن نقطتين : الرئاسة شأن السوريين تفاوضيا أو عبر صناديق الاقتراع والحكومة التي تدير المرحلة الفاصلة عن الانتخابات هي حكومة وحدة وطنية أي تجاهل كل مفهوم الحكم الانتقالي ، فلا إمكانية لتشكيل هيئة حكم انتقالي في أي بلد من دون تعليق الدستور ، هيئة تصادر صلاحيات الرئاسة والحكومة ومجلس النواب وتعيد تأسيس القواعد الدستورية الجديدة وتنشئ هيئات رديفة ناتجة منها هيئة مجلس عسكري انتقالي أو حكومة انتقالية فهذا أمر مستحيل ، إلا بصفته تعليقا للعمل بالدستور ، وتعليق العمل بالدستور يتم بأحد شكلين إما بثورة مسلحة تسيطر على الدولة وليس لديها أرضية شرعية مضطرة أن تؤسس أرضية شرعية فتؤسس هيئة حكم انتقالي فتعلن تعليق العمل بالدستور وتبدأ بصياغة الأولويات البديهية التدريجية بالتتابع ، أو احتلال أجنبي يفرض الوصاية والانتداب فيشكل هيئة حكم انتقالي ويعلن العمل بتعليق الدستور ، فالطريق المقترح لسورية من اجل تشكيل هيئة حكم انتقالي بالتفاوض يتطلب التالي أن يقبل الوفد السوري الرسمي بالتنازل من قبل الرئيس الأسد عن سلطاته وتنازل الدولة عن مسؤولياتها والذهاب إلى مجلس الأمن بطلب طوعي توقع عليه الدولة السورية مع المعارضة بالقبول بإخضاع سورية للفصل السابع وسلب سيادتها واستقلالها وفرض الوصاية والانتداب عليها وتشكيل هيئة بقرار عن مجلس الأمن بأسمائها وأسماء أعضاءها وبالتالي تسلم سورية لغير السوريين .

 فهذه اللعبة العبثية التخريبية بمستقبل سورية  أولى بالنقاش والحديث عن  الفرق بين هيئة حكم انتقالي وحكومة وحدة وطنية ، بين الذهاب في ظل الدستور السوري والرئيس التي لا ترغبه المعارضة في حكومة موحدة تمهد للانتخابات و تأمل المعارضة في الانتخابات بأن تحوز الأغلبية وأن تستولي على الرئاسة طالما تثق بأن الشعب معها فهذا السلوك يدل على معارضة وطنية لا تسلم بلدها لللاجنبي ولا تتنازل عن مصيره وتضعه في عهدة مجلس الأمن والفصل السابع ، والذهاب من قبل أي معارضة إلى إصرار على هيئة حكم انتقالي يستحيل أن تولد إلا عبر مجلس الأمن والفصل السابع فهو دليل على الخيانة الوطنية وهو دليل أن هذه الجماعة مشبوهة فهذه المجموعة لا يليق بها حتى جنسيتها السورية . بالتالي النقاش الذي جرى بين الروس والأمريكيين الى التسليم الأمريكي بحكومة وحدة وطنية انطلق من هذه النقطة أن   روسيا التي قالت لو بقيت الحرب في سورية مئة عام فان روسيا لن تقبل بان تصوت في مجلس الأمن على إدخال سورية تحت الفصل السابع وتعليق العمل بدستورها وإصدار قرار بتشكيل هيئة بأسماء الأعضاء الذين سيتولون إدارة سورية لفترة معينة سنتين أو ثلاثة لكن إنهاء هذه الفترة يصبح رهنا بإجماع الأعضاء الخمس ويصبح تصويت عضو من هؤلاء على عدم إخراج سورية من الفصل السابع كافيا كي تبقى سورية تحت الفصل السابع .، بالتالي نحن ليس فقط بانحيازنا لخيارنا السياسي المؤيد للرئيس الأسد والدولة والجيش السوري فنحن من موقع تأييدنا لبقاء سورية في أيدي السوريين فقط ، ومن موقع رفضنا القاطع ألا تكون سورية ألعوبة بأيدي الدول الكبرى ، فإصرار الوفد الرسمي السوري على رفض مناقشة هيئة حكم انتقالي هو موقف وطني وشجاع ومدافع عن سورية المستقلة السيدة وهو رفض أن تكون سورية تحت الانتداب والوصاية وهو رفض أن تبقى سورية رهينة قبول الدول الأجنبية بإخراجها بعد عشر سنين من تحت الفصل السابع ، النقطة الثانية تقول أن هذا الأمر مستحيل فروسيا وسورية لا تقبل بواقعية هيئة حكم انتقالي .

لا تضيعوا وقتكم في متابعة تصريحات هذه المعارضة التصعيدية فهذا التصعيد بانتظار كلمة السر الذي سيقولها كيري للسعوديين فيأمرون بها هذه المجموعة  المفاوضة لتتراجع .

وبالنسبة لليمن هنالك ثلاثة مؤشرات ذات معنى بعد مرور سنة على الحرب السعودية على اليمن فالجيش السعودي بكامل طاقته النارية التي تعادل تقريبا الطاقة  النارية للجيش الإسرائيلي وعن تحالف بشري استعان بجيوش ترسل جنود وقوات (السوداني والبحريني والإماراتي) والاستعانة بجنود مرتزقة وبالرغم من ذلك كل يوم السعودي يبشر بالنصر فمن الواضح أنه إما دخل إلى مناطق وسيطر عليها وتبين ان السيطرة الميدانية ليست له  وليس لحليفه اليمني بل المسيطر هي للقاعدة وداعش فالمناطق التي يدعي السعودي السيطرة عليها هي مناطق سيطرة لداعش والقاعدة فالغرب بات يدرك خطر وسيطرة وامتداد الجماعات الإرهابية لهذه المناطق ، ثانيا ما يدعي السعودي من انجازات و انتصارات هي اقرب إلى الوهم .

 السعوديين في الجولة الأخيرة للتفاوض وسطوا أطراف عديدة من اجل أن يقدموا عرضا لأنصار الله أي التيار الحوثي  بان يقبلوا بدون الرئيس علي عبد الله صالح ممكن أن يؤدي هذا الأمر إلى تسوية وأنهم جاهزين إلى تفاهم منفصل عن علي عبد الله صالح وإخراجه عن الحل السياسي وجعله انه هو سبب المشكلة ، السعودي بدء الحديث عن التفاصيل بالتفاوض التي هي غير مقبولة ولكن تعبر عن  بدء نضج السعودي للبحث عن تسوية  ، ثالثا الحديث عن صنعاء من الصعوبة الدخول إليها ولكن هنالك طريقة لإخراجها من الحرب بإعلان الحوثيين تسليمها إلى فرقة من الجيش موثوق بها وتعلن السعودية بذلك وقف استهداف صنعاء وبالتالي إمكانية الحديث عن حل سياسي.

 الفشل والمراوحة بالمكان والحديث عن علي عبد الله صالح وصنعاء فمع  بلوغ  السنة الثانية من الحرب ندخل بشكل جدي بالشعور السعودي بالفشل وهو ما يفسر إطالة أمد التفاوض مع الحوثيين ثنائيا ، وبهذا يعلنون عن دخولهم  في إطار البحث عن مخارج فهذه العنجهية للعقل السعودي تريد مخرج يدعي فيه النصر والحوثيون معنيون بان يبحثوا عن صيغة ما في سياق التفاوض لا تمنح السعودية فرصة النصر ولكن لا تدعي البحث عن إخراجها مهزومة .

 في المشهد اليمني نحن ندخل مع نهاية السنة الأولى بداية المسار السياسي ،  فهنالك مسارين متوازيين يسيران في السياسة فلا تصغوا لأذانكم للسقوف العالية الكاذبة  التي يرفعها وفد جماعة الرياض للمفاوضات في جنيف فهم بانتظار زيارة كيري إلى موسكو وبانتظار رسائل وأوامر أمريكية سعودية لجماعة المفاوضين في جنيف ، ومن جهة أخرى فنحن أمام بدء التلمس السعودي للعجز عن الاستمرار واليقين بالفشل والسعي للبحث عن مخارج

الانتخابات النيابية في سورية

مناسبة الانتخابات في سورية  ليست بضمان الفوز ، فكثير من المرشحين تقدموا للترشيح وهم يعلموا أنهم لا يحلموا بفرصة الفوز ولكن هذا الترشيح هو فرصة للنقاش والحوار وهي فرصة لسورية انه من غير الجائز أن يمنح بريق الانتخابات لليوم التي تشارك فيه المعارضة المشبوهة وطنيا في الانتخابات فلا يحق لكم بأن تمنحوا هذه المعارضة هذا الشرف التنافسي الانتخابي ، فهذه الانتخابات صمامات أمان للمستقبل لا يجوز أن تفتقدها سورية .

 

2016-03-23 | عدد القراءات 2708