تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل
نحن على أبواب نهاية شهر آذار وبداية شهر نيسان أي نحن في قلب الربيع عام 2016 نتذكر ما قلناه منذ سنوات ، ربيع 2016 وضع أحجار الأساس للتسويات النهائية في المنطقة ، بعد أن كان عام 2015 هو عام التفاهم على الملف النووي مع إيران ، عام 2016 هو عام إقفال ملفي سورية واليمن ، في العاشر من نيسان تبدأ الهدنة في اليمن بعد أسبوع من ثبات الهدنة يتم انعقاد الجلسة الأولى للحوار في الكويت ، لماذا قبل السعوديون وهم منذ أربع شهور يبشرون بأن الحسم العسكري قاب قوسين أو أدنى وأن تعز وصنعاء ستسقط و سوف ينهار الحوثيون و سيستسلمون وسوف تبسط السعودية وجماعتها يدهم فوق كل التراب اليمني ، لماذا يقبلون وقف للنار وهم لن يحققوا شي من هذا القبيل سيتحدثون كثيرا عن الانتصارات وهزيمة خصومهم ولكن هل من عاقل سيصدق أنهم قبلوا وهم قادرون على دخول صنعاء وتعز هذا في اليمن ، أما في سورية يجب أن ننزع من أذهاننا كل الأكاذيب التي تبثها كل القنوات الفضائية التابعة لحكام الخليج بالمطلق روسيا الآن تعرف أنها تعملقت ، و باتوا يتحدثون معها كقوة عظمى ويقيمون الحساب لموقفها ومستعدون أن يؤدوا لها التحية فهي وقفت مع سورية واستثمرت على نصر سورية وأسهمت في منسوب النصر في سورية ، فروسيا وإيران وحزب الله هذا الحلف لم ولن يغير من موقفه تجاه سورية ، فالأمريكي يزداد ضعفا ، والأوروبي يزداد نزفا تحت ضربات الإرهاب ، ويزداد ثبات الرؤية التي تقول أن الأولوية هي للحرب على الإرهاب فأولوية الأمن القومي الروسي هي أولوية الأمن القومي الأوروبي و الأمريكي ومضمون هذه الحرب على الإرهاب يتوقف على نقطة جوهرية أدركها الروس منذ البداية بدون الدولة المعنية بمؤسساتها وجيشها وبحكومتها لا يمكن الفوز على الإرهاب لذلك كانت القيمة المضافة لدور روسيا في سورية أنها تعاطت مع الدولة .
الحلف الروسي الإيراني وحزب الله متماسك ليس له مكان للبيع والشراء ، الرئيس "فلاديمير بوتين" عام 2013 في اجتماع السفراء والسلك الدبلوماسي قال لهم " اسألوا أنفسكم في سركم هل تعتقدون بان بلدكم روسيا تملك مساحة وثروات وقدرات وعدد سكان واقتصاديات وسلاح وجيش يؤهلها لتكون دولة عظمى محترمة تعامل من الند إلى الند من قبل أمريكا فإذا كان جوابكم نعم أن تاريخنا كان هكذا وان مستقبلنا يجب أن يعود هكذا فإذا كانت هي قناعتكم فإذن الخائن منكم من يساوم على مكانة الدولة العظمى في روسيا .. كيف تفرضونها انتم سفراءها لتفرض يجب أن تضعف أمريكا ولتضعف أمريكا ليست معركة روسيا وحدها فهي معركة كل دعاة الاستقلال ورفض الهيمنة إذا كانت هنالك معركة عنوانها رفض الهيمنة يخوضها الشعب والجيش والدولة " . .... فلا وجود للحديث عن خيانات أو مقايضات أو تراجعات أو على مساومات أو صفقات بين الحلفاء بل الحديث عن تسويات كنموذج الملف النووي الإيراني أي تخرج الدولة الإيرانية قوية وتحصل على ما تريد وبالمقابل تقدم مخرجا إعلاميا سياسيا مناسبا لخصومها ليحفظ ماء وجههم ، اما التسوية في سورية فإذا كانت قضية الغرب أن يغير موقع سورية في الجغرافية السياسية فهو أما أن يقف إلى جانب الإرهاب أو بجانب الدولة السورية وبما انه مقتنع انه يجب أن يقف مع الدولة السورية أمام الخطر المتعاظم والمتنامي للإرهاب فالمخرج هو ديكور حل سياسي بصياغة حكومة سورية تمثل جميع الأطراف تزيل أسباب المقاطعة والعقوبات وإغلاق السفارات وبهذه الحكومة الموحدة سنتعاون في الحرب على الإرهاب ، فالغرب ما لم يقتنع أن الأولوية هي الحرب على الإرهاب وان خطره أصبح كبير وانه لن يهزم إلا بقوة برية هي قوة الجيش العربي السوري وحلفائه وعصبه الرئيس السوري بقيادته وشجاعته وشعبيته لن نصل مع الغرب إلى التسوية ، فالروسي قدم للأمريكي معطيات تقول انه ليس بإمكانك أن تسقط الرئيس الأسد وسورية فروسيا في الميدان والميدان يتقدم ويحسم .
طريقة عمل روسيا ليست كطريقة العمل الأمريكية فطريقة العمل الأمريكية في المنهجية هي دائما تضع هدف عالي بالعنجهية والغطرسة ، أما روسيا تتعامل بالطرق الدولية بالتعاون والشراكة مع أصدقاءها من اجل أن تكون معها في الحرب على الإرهاب ولتشترك جميع الدول في العالم ، وتقول انها في سورية نحن ليست متمسكة برئيس معين ولا تتدخل بالنيابة عن الشعب السوري في تقرير مصيره وشؤونه ...فالروسي يدفع الأمريكي بالحديث عن الأولوية الحرب على الإرهاب وبهذا يحتاج إلى تفاهم سوري من اجل حكومة موحدة يجتمع حولها العالم يساندها ويؤيدها ولكي تنشئ هذه الحكومة يجب أن تقوم على ثلاثة أشياء : أن نفصل الإرهاب عن الجماعات التي يمكن أن تشارك بالحكومة ، والرئاسة شأن السوريين وحدهم ، فإلى أن تأتي حكومة بظل الرئاسة تتولى إدارة الحرب المشتركة مع العالم على الإرهاب وبعدها يوضع دستور جديد وتوضع الانتخابات على أساسه ...
الروسي نجح بمعركة النصرة بإخراجها من موضوع الهدنة ، و نجح بإخراج تركيا من سورية ، ونجح بالقول أن الرئاسة ليست موضوعا دوليا أو إقليميا ولا يمكن مناقشتها إلا بين السوريين وحدهم ، الحلقة الراهنة التي يقوم عليها الروسي هي كسر احتكار جماعة الرياض لتمثيل المعارضة وأيضا إدخال الأكراد والجماعات الأخرى وبالإضافة أنهم كرسوا ثنائية معينة في بنية المعارضة . في حزيران سيكون هنالك حكومة بمفهوم رئاسي يصدره الرئيس الأسد ...
بالتالي المشهد الذي نراه بهذا المسار السياسي مفتوح وفق هذه القواعد كما المسار السياسي في اليمن فمشكلة السعودية في اليمن وفي سورية متناظرين (شرعية شرعية ، حكومة حكومة ، وهدنة هدنة ، و انتخابات انتخابات و دستور دستور ) وبالتالي كل ما سيطلبه للمعارضة في سورية عليه أن يقبل أن تناله المعارضة في اليمن .
المعادلة التي تنتج سواء في التسوية على الجبهة اليمنية أو في التسوية على الجبهة السورية هي معادلة مستقرة وتملك عناصر القوة بمفهوم القدرة العسكرية وبمفهوم القدرة السياسية ، وبالتالي منعكسها اللبناني ليس مختلفا ، منطق الأغلبية الشعبية و منطق القدرة العسكرية لهم أمرين بمعنى المنطقة إما أن تحتكم للديمقراطية أو لمعيار الحرب على الإرهاب فالغرب إذا طبق المعيارين الديمقراطية والحرب على الإرهاب فستكون قوى محور المقاومة هي القوى ذات الأغلبية وبالتالي هذا سبب قلق السعودي والتركي والإسرائيلي.
التسويات تفرضها إرادة وقدرة وإمكانية صناعة هذا النصر بهذه المعركة والغرب سيجد نفسه مجبرا على التعامل مع نتائجها في رسم إستراتيجية جديدة في كل المنطقة بما فيها إعادة النظر بمكانة إسرائيل في العقيدة الغربية الأمنية .
2016-03-26 | عدد القراءات 2980