تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة لدينا تقييم جنيف 3 ، ما هي الحصيلة التي يمكن أن نرصد من خلالها نتائج هذه العملية التفاوضية والآفاق التي يمكن أن تنتج عنها خصوصا في ضوء النتائج المترتبة على زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى موسكو ولقاءه بوزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف "والرئيس " فلاديمير بوتين" فهذا لا يمكن أن ينفصل في التقييم الإجمالي عن المشهد الميداني المتمثل بالانجاز الهائل في التأثير والأبعاد والنتائج في حجمه وهو نجاح الجيش العربي السوري وبمساندة حلفائه ولكن بصورة أساسية بجهد الجيش العربي السوري بشكل مباشر بتضحياته وشهداءه الذين بلغوا 75 شهيد في هذه العملية مقابل 400 قتيل في صفوف داعش من قياديه وكوادره وعناصره ، أبعاد العملية العسكرية لا تنفصل عن تقييم السياق الإجمالي لعملية جنيف فهذا التزاوج بين البعدين السياسي والعسكري يفرض نفسه بقوة على كل الذين حاولوا أن يقولوا ثمة تغيير أو تعديل في التوجهات وتوقف العمل العسكري وما أنجز عسكريا وما قدمته روسيا عسكريا هو السقف الذي سيجبر الرئيس السوري على أخذه في الاعتبار والتفاوض على أساسه وهذه هي نهاية المطاف ، الذي جرى في تدمر يغير كل شيء ويرد المحللين إلى المعطيات والوقائع التي كنا على الأقل نؤمن ونقول أنها هي التي سوف تحكم وان معادلة جنيف سوف تكون محكومة في الميدان ، ففي جنيف الثاني كانت عملية فك الحصار عن نبل والزهراء وما تلاها من انتصارات في ريف حلب واللاذقية والآن عملية تدمر وبعدها ادلب ودير الزور ...الخ وبالتالي هذا تلازم بين السياسي والميداني
ندخل بالمحور السوري أشار الأستاذ ناصر قنديل أن المشاركون في العملية السياسية من عنوان المعارضة هم ليسوا أطراف ذات وزن عسكري وسياسي ، على الصعيد العسكري أصبح هنالك إجماع أن المناطق التي لا تخضع لسيطرة الجيش العربي السوري والتي تشكل 85% من الأراضي هي بيد المسلحين تنظيم جبهة النصرة وداعش التي تقاتل الدولة السورية ، و15% المتبقية هي 5% للجماعات التي تمثلها جماعة الرياض المفاوضة و10% للمجموعات الكردية فهذا التقسيم المعترف به للجميع ، وبالتالي للجماعة التي تملك 5% من الجغرافية لا يمكن الوصول معهم إلى إنهاء الحرب فالحرب تنتهي مع الجماعات المسلحة التي تمتلك 85% بالسحق العسكري لهذه الجماعات أي (جبهة النصرة وداعش)
المفاوضات في جنيف تهدف إلى إلغاء الذريعة والتي باسمها قوطعت سورية وحرمت مقعدها في الجامعة العربية واقتحام لسفاراتها وإغلاقها ومنعت من التمثيل الدبلوماسي فيها في الغرب ومنعت من المتاجرة والسوق الدولي ومنعت من نفطها وذلك بقوة ما تمثل أمريكا وجماعتها في العالم ، فسورية وقعت تحت حصار مرعب اقتصادي وسياسي ودبلوماسي ، فالذريعة التي احتمىت وراءها أمريكا وجماعتها هي دعم المعارضة التي تقود ثورة ضد النظام فهذه الدول من مصلحتها أن تستثمر وتستغل من جهة ورقة الحصار والعقوبات مقابل دخول المعارضة والمشاركة في السلطة ، فقبول الدولة السورية بصيغة هيئة حكم انتقالي أي صيغة يقررها مجلس الأمن فهذا يعني خيانة وطنية ، فالدولة عندما تدافع عن صلاحيات الرئيس وتمتنع عن السماح بما هو أكثر من الشراكة في الحكومة فهي لا تفعل هذا لحماية الرئاسة أو بقاء في الحكم أو مصالح في الحكم ولكن هي تفعل هذا لحفاظها على السيادة ومنع تسليم سورية لمجلس الأمن.
نحن أمام معادلة وهي لا وجود لتمثيل شعبي ولا قدرة عسكرية لهؤلاء الذين يفاوضون في جنيف هم يفاوضون فقط اليافطة التي من خلالها تتم عملية تحديد آلية الحجم التي ستمنحه الدولة السورية لمن تعلم أنهم من يمثلون في الخارج ولفترة محددة وهي فترة الحرب على الإرهاب ولتعطي الخارج الحجة التي يحتاجها من اجل الخروج من التورط في الحرب على سورية والانسحاب من الحرب ومن اجل الانفتاح على الدولة السورية وان تسترد وضع القانون الدولي وقدرة المتاجرة والسوق الدولي وبهذا الوصول إلى شراكة توصل إلى الاحتكام لصناديق الاقتراع .
العملية السياسية هي ذريعة ومبرر من اجل تسهيل التراجع للذين تورطوا بخيارات عكس الخيار الرئيسي المتفق عليه دوليا لسورية كدولة موحدة علمانية وجيشها هو عماد القتال ضد الإرهاب ورئيسها عنوان من عناوين مستقبل الشرق الأوسط ، وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ذهب إلى موسكو لطرح مشروع جديد باعتماد النموذج الفرنسي الذي فيه أن رئيس الجمهورية منتخب من الشعب وله سلطة الإشراف على السياسات الدفاعية والخارجية وله شراكة في كل السياسات الأخرى مع الحكومة بحق الفيتو ....
الدولة السورية وضعت في المفاوضات ثوابت دفاعية لا يمكن الرجوع عنها لا هيئة حكم انتقالي والدستور هو الأساس في صيغة الحكم والحرب على الإرهاب هي عنوان للمرحلة القادمة ، قيمة جنيف السياسية انه أنجز الهدنة وأنجز الفرز بين جبهة النصرة وداعش وبين الجماعات المسلحة الأخرى .
المحور الثاني المشهد العراقي بما فيه من التطورات والمتغيرات لا يمكن تجاهلها نحنا الآن عسكريا أمام معركة الفلوجة والموصل وسياسيا نشهد حراك شعبي واسع تحت عنوان خلط أوراق في المعادلة السياسية الداخلية ومعركة مقتدى الصدر التي تتصدر واجهة الضغط من اجل التغيير الحكومي ومن اجل العملية الإصلاحية.
أشار الأستاذ ناصر قنديل انه لا وجود للحياة السياسية في العراق فالحياة السياسية تقف على خطوط التماس الطائفية ولا يزال التسليم بالدور الأمريكي بصفته مرجع فعندما تكون السياسية رخيصة هذا بالتالي يخلق الشعور بالفراغ فالعراق يعاني فراغ على مستوى الجهة السياسية الشعبية العسكرية الحاملة لمشروع المقاومة والعروبة المنفتحة خارج قيود اللعبة الطائفية والقادرة على استقطاب ومكونات الشعب العراقي في مشروع وحدوي يضع حدا للهيمنة الأمريكية وللتدخل التركي والتجاذبات التي تفرضها السعودية ويكون جزء عضوي من منظومة وبنية محور المقاومة ، فالقلق والغياب والفراغ يخلق فراغ نفسي وعاطفي لدى كل مواطن عراقي شريف ، بالإضافة إلى غياب قيادة تشعر بالأمان ، ومن هنا تأتي أهمية الرجوع للمرجعية ، نموذج السيد مقتدى الصدر المتمثل بصفته الوطنية والمترفع عن الفساد ويحمل صفة الشجاعة فنجح الصدر أن يثبت الأهلية لتقديم نفسه ، ومن هنا أهمية الدعوة من الشباب الناشئ إلى إدارة المنتديات والحوارات فيها حياة سياسية وطنية تستحق التشجيع والاستثمار والمشاركة من كل نخب العراق لإنتاج جسم ثقافي ملتزم بخيار المقاومة والوحدة والدولة المدنية ليكون للعراق تشكيل يعبر عما يحتاجه عراق الغد .
2016-03-29 | عدد القراءات 2933