تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة سوف نتوقف حكما أمام معادلتين سوريتين حاضرتين بقوة ، المعادلة الأولى هي ما أنتجته الحرب في تدمر من أبعاده ومعانيه ونتائجه والآفاق التي يفتحها والمعاني الإستراتيجية المختزنة ابعد من مجرد القول بأن مساحة المنطقة التي حررت وموقعها الجغرافي يعنيان الكثير في سياق تراكمات الانتصارات وتدحرجها في سورية ، أما المعادلة الثانية وهي ما أعلنه السيد الرئيس بشار الأسد سواء في خطابه الموجه إلى الأمين العام لأمم المتحدة "بان كي مون " عن أن حرب تدمر تشكل قاعدة أساس من اجل إنشاء جبهة عالمية لمحاربة الإرهاب أو ما قاله بصورة خاصة في حواراته الصحفية عن الحكومة ولكن بصورة خاصة عن الاستعداد للذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة هذا في سورية . أما في العراق سنتوقف على النتائج التي ترتبت على الحركة الاحتجاجية التي قادها السيد مقتدى الصدر وكيف يمكن أن نقرأ انعكاسات هذا التحول على المسار العراقي المستقبلي.
في سورية معركة تدمر من الزاوية السياسية أشار الأستاذ ناصر قنديل أننا نشهد على المستوى العالمي منذ مدة قصيرة نوع من الإجماع تحت عنوان أن الخطر على الإرهاب بات يهدد العالم كله، سورية كانت من أولى الدول التي نوهت لهذا الخطر السيد الرئيس بشار الأسد قال أن الإرهاب هو الذي يقاتلنا و أن الاستخدام الغير أخلاقي والغير مشروع للمجموعات الإرهابية وتصويرها امتداد لما يسمونه بثورة سورية سوف لن يطول الزمن وينعكس هذا على الذين استخدموه ودعموه وسيشعرون أن الخطر بات اكبر وان العبث بدماء السوريين لن يقف عند سورية ولن يكون احد بمنأى عن نتائج وتداعيات هذا الإرهاب .
عند سؤال " هيلاري كلينتون" عن تدفق مئات الإرهابيين من القاعدة باتجاه سورية فتجيب إن هذا الأمر يحدث ( عامل جانبي ) في الأزمة السورية وهو نتاج بطش النظام وهو نتاج القتل والتطرف وينشئ حالة من التعاطف على مستوى إسلامي ولكن هذا التطرف سيزول برحيل الأسد وهذه كانت إحدى تعابيرها، وعندما كان كوفي عنان في عام 2011 يطبق خطته والتي تتضمن وقفا لإطلاق النار وتسليم السلاح توجهت "كلنتون" إلى مسلحي حمص برسالة علنية بقولها "لا تسلموا أسلحتكم" ، أما "لوران فابيوس" الذي كان يصافح "محمد الحاراتي" زعيم داعش في ليبيا حاليا ، وعلى الحدود التركية مع سورية وعلى رأس مجموعة من الارهابين من القاعدة الذي يسميهم بأبطال الحرية ، هذا في البداية ولكن منذ عام 2014 أصبح هنالك إجماع عالمي لمحاربة الإرهاب ، أمريكا شكلت حلف لمحاربة داعش والسعودية شكلت الحلف الإسلامي، وبالتالي بات الجميع يدرك أن ما يجري في سورية خطرا على الأمن والسلم الدوليين وان تجزر داعش في سورية سوف يعني تعرض امن العالم كله للخطر. والإجماع الثاني أن بوابة التخلص من هذا الخطر هو باجتثاثه من سورية ، والإجماع الثالث وهو أن ما يجب تقديمه من المجتمع الدولي والإقليمي محدد ومتفق عليه ولكن لا يستطيع ذلك لأنه خارجي من جهة و من جهة أخرى لأنه عاجز وهو القدرة البشرية وذلك بوقف التمويل ووقف تدفق المسلحين ولكن هذا لم ينفذ ......
معركة تدمر تقول إذا كان لدى داعش مشروع في هذا العالم فهذا المشروع لا يستقيم دون السيطرة على سورية والسيطرة على سورية لا تستقيم دون السيطرة على دمشق وخطة السيطرة على دمشق مفتاحها تدمر فداعش قاتل بكل ما لديه من قوة لان خسارة تدمر يعني خسارة المشروع فالسيطرة على تدمر تعني قطع حمص عن دمشق وقطع دمشق عن الساحل وبذلك يتم تامين الاتصال من القلمون إلى دير الوزر إلى الانبار ومن القلمون إلى لبنان ومن القلمون الى الزبداني وبالتالي تطويق الشام ، فمن يريد حربا على داعش أمامه أول معادلة وهي إمكانية لتحقيق النصر لان النصر تم ، وثانيا الجيش السوري هو العصب الذي يمكن البناء عليه ، وثالثا البيئة السنية الحاضنة في سورية التي تزيد عن الثلثي هي بيئة حاضنة للجيش والدولة السورية والجيش والدولة السورية تملك الإرادة والعزيمة والقدرة على تحقيق النصر على داعش من دون التنازل عن الحل السياسي والذي يمد اليد للمعارضة بالرغم من ارتباطاتها ومرجعياتها فالدولة السورية تريد بذلك تخفيض كلفة الدم .
نحن أمام تحول كبير في مسار الحرب على سورية فبعد تدمر ليس قبل تدمر فمعركة تدمر هي نموذج وقاعدة يمكن البناء عليها ، ورسالة الرئيس الأسد إلى الأمين العام لأمم المتحدة هي منعطف ، فسورية مستعدة لإنشاء جبهة عالمية لمحاربة الإرهاب ووضع يدها مع الذين يريدون ذلك .
الرئيس الأسد مستعد لانتخابات رئاسية مبكرة وهو ليس بحاجة إلى أن يثبت شرعيته الشعبية ففي انتخابات 2014 تجسد مشهد بيروت الذي شهدنا من السوريين النازحين للإدلاء بأصواتهم لصالح الرئيس الأسد التي أدهشت العالم .
شرط الذهاب إلى انتخابات رئاسية هو أن تولد الحكومة والدستور الجديدين فالحديث في جنيف عن الحكومة وليس الانتخابات رئاسية مبكرة والحكومة تناقش دستور وفي الدستور تطرح العملية المتصلة بالانتخابات الرئاسية المبكرة فشرط البحث في الرئاسة الانتخابية المبكرة هو سحب التداول في بموضوع الرئاسة في المفاوضات وحصر التداول بالحكومة والحكومة تبحث بالدستور بلجنة خبراء وعبر الدستور انتخابات رئاسية مبكرة ويصوت السوريين على الدستور الجديد فذا صوتت الأغلبية مع هذا الدستور وصوتت على الفقرة الخاصة بالانتخابات المبكرة فالرئيس الأسد قال ما أراد وفعل ما فعل انه إذا طلب شعبي ذلك فأنا مستعد ، نحن الآن أمام وصفة متكاملة قدمتها سورية رئيسا وجيشا وشعبا هذه الوصفة تقول تريدون حربا منتصرة على الإرهاب هذه تدمر نموذجا ، تريدون مخرجا لائقا للاعتراف للدولة السورية والرئيس والجيش كشريك لا غنى عنه في أي مشروع حرب منتصرة على الإرهاب فلا مانع من الانتخابات مبكرة ، تريدون الذهاب إلى تدمر جديدة وانتخابات رئاسية مبكرة من اجل رفع العقوبات وفتح السفارات والاقتصاد فالمدخل هو حل سياسي يقوم على تشكيل حكومة موحدة بين المعارضة والموالاة والمستقلين ولا مانع من أن تكون مثالثة بين هذه المكونات الثلاث . بالتالي نحن أمام محطة فاصلة تشبه الحرب العالميتين وتشبه بنت جبيل في حرب تموز الذي انتهت بها الحرب وهزم الجيش الإسرائيلي ، فسورية رسمت المسار في الميدان وسورية ترسم المسار في السياسة .
في العراق
أشار الأستاذ ناصر قنديل أن السيد مقتدى الصدر يمثل حالة مهمة في العراق فهو خاض مظاهرات واعتصامات ضد الاحتلال وخاض بمواقفه السياسية الجريئة في الدفاع عن الوحدة الوطنية وحافظ على العلاقة مع الأكراد ، هذه الحالة قادت الاحتجاج بتوقيت ، شيعيا وسنيا وكرديا غير راضي عن الحكومة ولكن الجميع يشترك بطرح ذات العناوين فالقيادة الكردية غير راضية لأنها تريد الانفصال ، والقيادة السنية غير راضية لأنها تريد ربط مصير سنة العراق بالسعودي والتركي ، والقيادة الشيعية اغلبها غير راضية لأنها تريد حصة في المغانم والمكاسب ، ولكن الجميع غير راضي عن الفساد ، وان الدولة غير مفعلة ولا يوجد انتصارات سريعة في الحرب على الإرهاب ، فجاء السيد مقتدى الصدر لطرح هذه العناوين التي لا يستطيع احد رفضها وجاءت تشكيلة حكومية جديدة ومن الواضح أنها محاولة نوعية لرفع مستوى الأداء ولاختيار شخصيات ابعد عن العصبية الحزبية المرتبطة بشبكات المصالح فهنالك فرصة أمام العراق لتنشيط الجو السياسي ولردم الهوى المذهبية ولتخفيض منسوب التوتر بين الأكراد والدولة المركزية .
ولفت قنديل إلى أن هنالك شحنة ايجابية لصالح تنشيط الحياة السياسية الوطنية ولصالح خلق مناخ من الحوار والتآزر والتضامن يحمي الجيش ويوحد حركة الجيش والحشد الشعبي وهذا بالتالي يساعد على إنجاح هذه المهمة وتسريعها .
2016-04-02 | عدد القراءات 2812