قطار التسويات يتقدم في المنطقة

تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة سنتوقف أمام المشهد الإقليمي الذي يعاد تشكيله على إيقاع حركة التسويات المتسارعة رغم كل الضجيج عن التعقيدات وكل ما يمكن أن يقال عن إشكاليات التفاهم بين الأطراف الإقليمية والدولية ، يبدو قطار التسوية في سورية يتقدم رغم العثرات ويبدو جنيف في موعده في الثالث عشر من هذا الشهر ، ويبدو جنيف اليمني في موعده ومعه الهدنة التي ستدخل حيز التنفيذ خلال الساعات القادمة ، قطار التسويات في المنطقة يتقدم وفي وقت تقدم هذا القطار انفجار الوضع الأمني في حلب وأريافها هل هو إطاحة بالهدنة أم هو مسار مواز لمسار الهدنة منسجما مع معانيها وأبعادها ومع القواعد والقيود التي وضعت لها ؟ هل يمكن أن نتوقع  في جنيف الدخول في البحث مباشر في القضايا الخلافية بين هيئة حكم انتقالي أم حكومة موحدة في ظل الرئيس أم أن الأمر مؤجل إلى جولة أخرى ؟ ، هل سينضم الأكراد إلى الجولة القادمة في الوفود المفاوضة وكان هذا هو البديل لسقوط القرار في مجلس الأمن بعد أن اقترحته موسكو لتثبيت حضورهم كشرط من شروط إقلاع جنيف أم أن انضمام الأكراد ينتظر جولة قادمة ؟ هل زيارة الملك السعودي إلى القاهرة هي علامة على تشكيل حلف ممانع لمسيرة الحلول أم هي علامة على بدء الانضواء في هذه المسيرة وإيجاد قواعد تحفظ التوازن في قلبها ؟

 في القراءة الميدانية للهدنة ، كان واضحا منذ البدايات أن للهدنة وظيفة والوظيفة السياسية للهدنة بمعزل عن وقف إطلاق النار هي تعويض عن عجز الفريقين الرئيسين أي (الأمريكي والروسي) عن تصنيف التنظيمات الصغيرة المنضوية تحت أكذوبة الجيش الحر بين من يكون جزء من العملية السياسية ومن يجب تصنيفه إرهابا ، كانت صيغة الهدنة هي آلية فرز طوعي والتي منحت للجماعات المسلحة لتختار من يدخل الهدنة فهو يقرر انه جزء من العملية السياسية انطلاقا من أن الهدنة لها عنوان هو استثناء (داعش والنصرة) من أحكامها وبنودها ، فكانت الخطوة و الانجاز الرئيسي التي نجحت موسكو في فرضه هو جعل الهدنة على قاعدة استثناء النصرة لان داعش تحصيل حاصل .

نحن أمام انجاز تدمر الذي كان متسق مع الهدنة ومنسجما معها من الزاوية القانونية والسياسية والدولية وأحكامها ، لكن الأهم في الانجاز في تدمر كان الاستثمار الذي حققه الجيش السوري من وراء الهدنة ، الحلقة الثانية  بعد تدمر هو حسم معركة حلب ، جنيف هو مجال للتوظيف العسكري أكثر من مجال التوظيف السياسي ففي التوظيف العسكري هو تأكيد لانخراط بالتوظيف السياسي وبالتالي يؤمن الحصانة والحماية للدولة والجيش في سورية لعمليات عسكرية تنطبق عليها معايير الهدنة باعتبارها ضد النصرة وداعش .

 لا إمكانية أن يبلغ المسار السياسي في سورية نقاط حاسمة قبل أن يقلع المسار اليمني ويبلغ نقاط حاسمة قبله، فالسعودي غير ناضج إجرائيا ولكن يتحرك باتجاه النضوج وهذا التحرك عبر عنه باستقبال الحوثيين في الرياض وتغيير لجهة الحديث السعودي مع الحوثيين ، فالسعودي عجز وأفلس عسكريا في اليمن وبهذا الإفلاس جاء إلى الضفة السياسية في اليمن لذلك نرى الهجمة الشرسة على حزب الله ، فكلما اقتربت وتنامت مسارات التسويات في اليمن وسورية كلما ستتصاعد أكثر فأكثر الإجراءات واللهجة في إظهار السعودية وإسرائيل القدرة على مزيد من التقييد والتضييق وصولا إلى فرضية الحرب التي تبقى قائمة إذا تمكن الإسرائيلي من أن يملك رؤية أو خارطة الطريق التي تقول انه قادر أن يذهب إلى الحرب ، سماحة السيد نصر الله  رسم معادلة توازن الرعب التي تقول أن امن إسرائيل ككيان ضعيف جغرافيا يمنع إمكانية أن يخوض حروب طويلة فهو يحتاج إلى تخزين كل شيء حتى يبقى على قيد الحياة في ظروف الحرب وهذا التخزين يستحيل أن يكون في مناطق لا تطال النيران ، وعلى هذه المعادلة إسرائيل أصبحت خارج الحرب لذلك أصبحت اللهجة أكثر شراسة في الإجراءات الإعلامية والقانونية والسياسية والاقتصادية والتي يمكن أن توهم السعودي والإسرائيلي بتحقيق النصر ، بالتالي نحن أمام معادلة التضييق والابتزاز واستفزاز وصولا إلى اخذ لبنان إلى الاشتباك الأمني المفتوح أي بدخول داعش والنصرة فهذا يفرض تسوية إجبارية تخفض من السقوف في العملية الرئاسية ، فالمعادلة هي أن نجاح الحملة التي تستهدف حزب الله له وظيفة في السياسة ، فالتصعيد والضغط يمكن أن يصرف بتفجير الوضع الأمني واستمرار التضييق على حزب الله وإيصاله إلى نقطة يضطر فيها للقبول بالتراجع ولكن هذه الخطة لن تنجح لان رد حزب الله تجاه هذه الضغوط هادئة وهذا لن يغير في موازين القوى.

زيارة الملك السعودي إلى مصر .....السعودي يتصرف في اليمن على قاعدة أن الإخوان في اليمن  حلفاء و تركيا أيضا حليف والإخوان في سورية عصب ، فالنظرية هي أن التقاء السعودية ومصر وتركيا سينشئ مرجعية إسلامية موازية لمكانة إيران قادر على إقامة توازن في وجه إيران في قلب منظومة النظام الإقليمي الجديد الذي سينتج عن التسويات والمفاوضات وموازين القوى الجديدة.

مصر قدمت أثمان ترضي السعودية ومنها إقفال قناة  المنار ليقينهم أن السعودية حاجة مالية بالنسبة إلى مصر ،  الإعلام السعودي المصري يتحدث عن أن الاقتصاد المصري على حافة الانهيار ، فالسعودية هي البوابة المالية لمصر فثمن الدعم المالي يدفع بتراجع عن الثوابت السياسية ويدفع عن الافتراء على القوى المظلومة كالمقاومة في لبنان للنيل من محطتها وقناتها التلفزيونية  وقد يدفع بتراجع تقدمه في المسألة السورية ، والتصعيد على إيران أيضا ، زيارة الملك السعودي إلى مصر هي دفع مال بلا فائدة ولكن الموقف المصري بهذا الإجراء الغير مبرر والغير أخلاقي بحق قناة المنار لا يمكن أن يغفر بمقابل ثباتهم برفض المصالحة والتطبيع مع الأتراك ، المشهد بات واضحا أن السعودية وتركيا وإسرائيل على الضفة الخاسرة وفي الاتجاه المقابل في المنطقة لن يكون حزب الله محاطا بخطر أو عمل امني أو سياسي . 

2016-04-09 | عدد القراءات 3183