تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة أمامنا على المستوى السياسي مجموعة من التطورات التي سنتوقف أمامها لكن الجزء الأساسي هو لموضوع جدير بالاهتمام والعناية والذي سيحتل مركزا هاما في مستقبل المتابعة لتطورات الأوضاع في المنطقة وتطور صياغة النظامين الإقليمي والعالمي الجديد وأشكال المواجهة والتداخل بينهما وذلك من بوابة لحدث معين هو قناة المنار وحجبها عن نايل سات ، والإطار الذي يحيط بكل ملف الإعلام بالنسبة لمحور المقاومة ومستقبل هذا الملف والتحديات التي يواجها . قادة محور المقاومة الذين يقومون بحسن التخطيط وإدارة الحرب وينجحون وينتصرون في ساحات وميادين القتال ويمسكون بزمام المبادرة في مجالات التفاوض ويصيغون المعادلات السياسية كما يصيغون المعادلات العسكرية لا يزالون على مستوى التعاطي مع المعركة في مجال صناعة الرأي العام التي تشكل الآن نصف المعركة وستشكل لاحقا أكثر من نصفها وربما في نهاية المشهد هي ستكون كل المعركة ، فاللأسف نحن أمام محور المقاومة لا يزال إلى هذه اللحظة في مستوى إدارته في ملف إدارة صناعة الرأي العام ضعيف وعاجز ولا يحسن فهم وعمق أهمية هذا الملف وكيفية إدارة التعامل معه ، فإن لم نحسن التعامل معها ستحدد بتضييع الكثير من التضحيات والانتصارات التي حققت في الميادين الأخرى والتي سجلت في ساحات القتال والمواجهة .
أمامنا على الصعيد السياسي ثلاثة أحداث هي التي تتصدر الآن : الأولى زيارة الرئيس الأمريكي "باراك اوباما" إلى الخليج ولقاءاته مع قادة دول الخليج وبصورة خاصة لقائه مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز فماذا يجري ؟ وهل جاء اوباما ضاغطا من اجل إقلاع التسويات لتغيير تموضع السعودية تجاه المسارات العامة للملفات المفتوحة على مستوى المنطقة ، فهل نجح أم فشل ؟ فالمؤشرات تتحدث عن هذا الإطار.
المسألة الثانية هي الإرباكات والإرهاصات التي سبقت بدء انعقاد جلسات الكويت الخاصة بالتفاوض بين الفريقين اليمنيين وبالتالي فهل المسار اليمني قد اقلع وكل ما نشهده من تعثرات لن ينسف إمكانية الاستمرار بل سوف يعدل ببعض عناصرها ويعبر عن الضيق الذي يعاني منه الفريق السعودي وأتباعه في اليمن بالتحديد ، وذلك بالتأقلم مع المعطيات الجديدة وتقبل حقيقة فشل الحرب التي خاضها وقدرهم التعامل مع التيار الذي يقوده الحوثيون وبات لهم انه مكون أساسي يستحيل تجاهله في صناعة السياسية وتكوين السلطة على مستوى اليمن .
المسألة الثالثة سورية وما شهده جنيف من تطور في مجال المحادثات التي أدى إلى انسحاب الوفد الذي يمثل جماعة الرياض وإعلان المبعوث الاممي "ستيفان دي مستورا" عن مواصلة المحادثات مع الوفد السوري الرسمي إلى أن تبدأ جولة المفاوضات الجديدة كما حددها في الأسبوع المقبل في ظل غموض ماإذا كانت جماعة الرياض تريد العودة أم لا ؟ وماذا يعني "دي مستورا" في حديثه عن استئناف المفاوضات في الأسبوع القادم .وعلى خلفية ما قاله وزير الخارجية الروسية "سيرغي لافروف " من أن الخاسرون من الغياب هم جماعة الرياض ،فالتفاوض مستمر .
الرئيس "اوباما" لم يأتي بأجندة التسويات في زيارته للسعودية ولم يطرح الانخراط العاجل في التفاوض مع إيران كضرورة ملحة ، أو لتسريع المسار السياسي في سورية والضغط على جماعة الرياض لتعديل موقفهم الذي لا يزال متمسك بنظرية هيئة الحكم الانتقالي بديلا عن القبول بالانخراط في الحكومة ، فموضوع هيئة الحكم الانتقالي هي عملية مستحيلة لأنها تستدعي الذهاب إلى مجلس الأمن ووضع سورية تحت الفصل السابع وتعليق العمل بالدستور بالتالي تم انسحاب جماعة الرياض ، وعلى الصعيد الميداني شاهدنا المعركة في تدمر مع داعش والتي أثبتت للعالم على مكانة ومقدرة وعظمة الدولة السورية والجيش السوري فهو الجهة التي يمكن الرهان عليها في خوض الحرب على الإرهاب ،
السعودية وتركيا وإسرائيل استنفرت لمعركة النصرة وبالتالي نستطيع القول أن الذي جرى من هدف إعلان إسرائيل ضم الجولان للقول لروسيا أنها لا تستطيع تفشيل الحزام الأمني مع جبهة النصرة من دون العودة إلى فك الاشتباك ل74 ومع صيغة معدلة لتأمين الحدود فلديها ثلاثة حلول : حل التواجد عسكريا بالقوة والحرب ، والحل الثاني انه يوجد أمم متحدة بصيغة معززة تشبه 1701 في جنوب لبنان ،و الحل الثالث هو جبهة النصرة ، وبهذا المعنى الذي أدى إلى تفجير التفاوض يرتبط بأن كل أوراق القوة التي يرمى بها بما فيها الانسحاب من المفاوضات التي هي ورقة ضغط وذلك تجنب إنهاء معركة النصرة لأنها قضية الثلاثي التركي الإسرائيلي السعودي وذلك من خلال واجهة تسمى جماعة الرياض مع مجموعة من التحركات السياسية التي تقوم بها الأطراف الثلاثة ، بإعلان اسرائيل ضم الجولان ، والتركي بتسليم النصرة عدد من مواقع داعش على الحدود ، والسعودي في لغته المتشددة التي يهاجم بها حزب الله ، أما حلف المقاومة فهو لن يصغي لطلبهم بتحييد جبهة النصرة فهم مستعدون للميدان وإدارته بشكل جيد بالإضافة لنجاح الإدارة التفاوضية التي يبدع فيها السفير السوري بشار الجعفري . أما في اليمن فهو الجرح الأخير وبالتالي هو الخياطة الأولى فجرح اليمن يجب أن يخاط ويختم قبل أن نشهد تبلور للمشهد السوري نحو التسوية ، تجربة اليمن أنتج معادلة جديدة في المنطقة فالسعودي خسر في اليمن ووصل إلى طريق مسدود فارتد إلى التسوية .
الإدارة الأمريكية أدركت أن السعودي سحب 180ملياردولار من احتياطا ته من البنوك الأوربية وبقيى لديه 750مليار دولار في البنوك الأمريكية واغلبها 90% موظف في سندات الخزينة ، السعودية مفلسة مع سعر النفط المنخفض ومع عجز موازنتها المبالغ به لم يعد لديها سوى السحب من الاحتياط ، لكي لا يحدث هذا تم فتح للسعودية ملف الحادي عشر من أيلول والمحاكم والحجز على الأرصدة السعودية ، بالتالي السعودية أمام مآزق مالي وسياسي وعسكري ، فإغلاق ملف الحادي عشر من أيلول مقابل عدم سحب الأرصدة السعودية ، فالأمريكي جاء إلى السعودية لكي يضمن هذه الصفقة التبادلية .
بالنسبة لما يدور في ملف الإعلام نحن أمام صراع سياسي دائر حول أزمات المنطقة وهذا الصراع ينتقل إلى بعدين قانونين بعد يتعلق بالملاحقات المالية وملاحقة إعلامية وبالتالي هنالك حرب قانونية تدار تشبه حرب العقوبات التي صدرت بحق إيران وسورية بالمصارف ، هنالك وجه من وجوه الصراع الدائر حول هوية النظام العالمي الجديد فهو صراع بين كتلتين كتلة تمثل الملكيات الحقيقة كالنفط والغاز و الزارعة والمصانع تنتج مثل إيران وروسيا والصين وكتلة مقابلة تعتمد على القدرات الافتراضية ( البورصة ) كأمريكية .
هنالك ثلاث نقاط ضعف أظهرتها قناة المنار : النقطة الأولى هي الرهان على استثمار هامش شرعية قانونية في قلب لعبة العدو تحت شعار قوة الإحراج الذي يمثلها المنع سقط ، بحكم امتلاك السعودية ومصر الأقمار الاصطناعية والانترنيت ، أما النقطة الثانية بالرغم من وجود قضية حق وقادة استثنائيين كالسيد حسن نصرالله والسيد الرئيس بشار الأسد فإن لم يكن هنالك أدوات قوية توازن قدرات كالتي يمتلكها العدو لا نستطيع خوض حرب إعلامية لتشكيل الرأي العام ، فنقطة الخلل الثانية هو انه لدينا نسبة محدودة بتوزيع الموارد ولا تعكس درجة اليقين بأهمية أدوات التواصل ، لذلك يجب أن يحتل مفهوم صناعة الرأي العام في تخصيص الموارد البشرية والمادية والتخطيطية حيز يناسب أهمية المتعاظمة أكثر لمرحلة ما بعد الحرب فهو الآن جزء أساسي من الحرب الراهنة وبالتالي سيصبح الحرب كلها لاحقا ، النقطة الثالثة التي تتعلق بلبنان فيجب تحويل التحدي في الصراع الإعلامي إلى فرصة ليكون النصر هو حليفكم كما حولتم التحدي إلى فرصة في ميادين القتال فانتصرتم في تموز 2006 وانتصرتم في سورية واليمن .
2016-04-23 | عدد القراءات 3162