تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة سنتابع المحاور الثلاث السابقة العلاقة الأمريكية الروسية في مواكبة الأزمة السورية والحرب التي تدور حولها علاقة التجاذب وعلاقة التفاهم وفي قلبه الصراع والتنافس على الأدوار والخيارات وعلاقة المواجهة والبحث عن التسوية ، هذه الازدواجية في العلاقة التي يتوه البعض فيها فيذهب احد طرفيها ويظن انه هو السائد وتأتي الأحداث لتقول أن هنالك اشتباك ضاريا فهل يعقل أن تكون روسيا وأمريكا متفقتين إلى هذه الدرجة و بالمقابل يكون حلفائهما متقاتلين إلى هذه الدرجة ، وإذا اختار خط الاشتباك سيصعب عليه الحديث انه كيف يمكن خط الاشتباك أن ينتهي بتسوية وفي كل مرة ينتهي بتسوية ، لذلك سوف نخصص مرة ثانية عملية تدقيق إضافية لمعاني وأبعاد الحديث عن هذه العلاقة الثنائية القائمة على (الاشتباك والتسوية) ، الوضع في سورية الآن يدخل مع معارك حلب ويدخل مع اللقاء الذي سيجمع سيرغي لافروف وجون كيري وزيري الخارجية الروسية والأمريكية في زيارة كيري إلى موسكو وسنرى النتائج والأبعاد والمعاني ، إلى أين ستذهب المعركة في سورية فهل ستذهب إلى تسوية مرة أخرى أم إلى الانفجار الكبير الذي يتحدث عنه الكثيرون ويبنون له السيناريوهات والاحتمالات والفرضيات؟ .
بالنسبة إلى الموضوع الأمريكي والروسي لن نصل إلى الشعور أو الانطباع إلى أن هنالك مرجعية متوازنة تدير المصالح والتسويات على مستوى العالم اسمها مرجعية روسية أمريكية مشتركة وهذا لن يحصل لان المنطلقات والحسابات والمصالح والأساليب مختلفة ، فالأمريكي لا يتصرف على الشراكة أو بايجابية على الإدارة تحت سقف القانون الدولي والأمم المتحدة ، فالمصالح والهيمنة الأمريكية جميعها تتم خارج القانون وكلها مصدر للازمات ومورد للازمات ، منطق التسوية بالنسبة للأمريكي هو تكتيك وليس إستراتيجية فهو عاجز الآن عن خوض الحروب ، فما يقدمه من تنازلات هو عملية تفادي للمواجهة في الوقت الذي لا يكون مستعد فيه للمواجهة .
والعودة بالحديث عن الهدنة في سورية سيخرج الأمريكي من موسكو ويعاد التأكيد على أن التسوية الآن سيكون عنوانها أولا أن النصرة مستثناة من أحكام الهدنة ، ثانيا أن النصرة قوة تسيطر على أجزاء أساسية من المناطق التي يدور فيها القتال ، ثالثا أن تحييد المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة مشروط بان تكون خالية من النصرة ، رابعا على فصائل المعارضة المسلحة في المناطق التي تتشارك فيها مع النصرة فإما أن تخرج منها أو تخرجها وهذا يعني انه على المعارضة الآن أن تحدد مناطق سيطرتها الخالصة لأجل تشميلها بالهدنة .، فهذا يعني نصرا كبيرا للجيش العربي السوري ، فبعد لقاء كيري لافروف سيكون الغطاء لمعركة حلب وريفها تحت عنوان أن الكرة في مرمى المعارضة ومشغليها التركي والسعودي ، النصرة هي عنوان المعركة فمن يضع نفسه معها فهو خارج نطاق الهدنة ، فمعركة حلب سيكون لها غطاء سياسي دولي وسيفرض على السعودية وتركيا تعميم وتدعيم الهدنة وجعلها شاملة لكل المناطق ، فإما على المعارضة أن تحسم لصالحها وتشمل مناطقها بالهدنة أو أن تنسحب منها كي تكون المواجهة مع الإرهاب ليست جزءا من عملية تعطيل الهدنة .
شهر أيار سيكون شهر الفصل في حلب وستكون الأشهر القادمة حاسمة ، فنحن الآن ننهي معركة النصرة سياسيا و نبدأها عسكريا ، بيننا وبين المعركة الفاصلة بعض أيام وهي حاجة وضرورة من اجل الغطاء والنصر السياسي والذي وحده سيفتح الطريق ويؤسس للنصر العسكري .
في اليمن الجهود التي يقوم بها أمير الكويت مهمة ومفيدة ، ولكن لا يتوهم احد بأن المسألة هي مساعي كويتية لان الكويت لم يضع ثقله من اجل إنجاح المفاوضات بين الطرفين إلا لأنه يعرف جيدا أن إيران عامل مشجع للوصول إلى التسوية منذ البداية ، فالسعودية لم تكن تعطيه هذا الدور وأمريكا أيضا لم تقم بالتغطية ولكن الآن السعودية كسرت عسكريا . بالنسبة للجان هنالك آلية تقول أن صنعاء وعدن هما المدينتين الحاسمتين اللتين تشكلان صيغة اليمن السياسية وفي المدينتين يجب أن تكون قوى تدير عسكريا وسياسيا هي نواة التسوية ، هنالك صيغة يمكن أن تشتمل أن صنعاء وعدن تحت إدارة حكومة موحدة هي الحكومة الجديدة ومجلس عسكري يعيد دمج الوحدات العسكرية في المدينتين ويشكل لهما القوة التي يمكن أن تتسلمهما برضا الطرفين ، في نهاية شهر أيار سنكون على موعد لولادة نواة وهي تثبيت نهائي لوقف إطلاق النار وخصوصا فيما يتعلق بصنعاء وعدن ، وأن تبدأ قوة عسكرية موحدة في ظل مجلس عسكري موحد . الثبات والصمود الذي بذله الشعب اليمني بتضحياته اثبت أن لديه قوة لا تستطيع قوة أن تعاديها استطاعت أن تنتزع من مجلس الأمن قرارا لصالحها ، وتمكن الثوار من الصمود بوجهها ووصولا لاستنزافها حتى إضعافها وإجبارها على قبول التفاوض .
وفي العراق يجري التعامل عموما مع ظاهرة مقتدى الصدر التي تحمل من البساطة والعفوية وهو ما لا يبنى عليه في السياسة ،وان هذه الظاهرة خارج الحلف الكبير لحلف المقاومة ، فهذا ظلم لظاهرة مقتدى الصدر وفيه عدم الفهم للخصوصية العراقية ،هنالك مجموعة من ميزات خصوصية في العراق لا يمكن تجاهلها فالقوى الوافدة نحو المقاومة عراقية هي قوى ولدت في كنف العملية السياسية التي أنشاها الاحتلال الأمريكي وهذا الاحتلال كان ينشئ نظاما سياسيا على مقاس مصالحه ، فنحن أمام واقع هجين مركب ومعقد في العراق يوجد بيئة سنية مع السعودية وتركيا والقاعدة وبعض البعثيين ولكن هنالك جزء من البنية السنية كان يقاوم الاحتلال وينظر إلى البيئة الشيعية التي رحبت بالاحتلال بصفتها بيئة تتخلى عن وطنها وقضيتها وبهذا المعنى لا نستطيع أن نقيس على حالة السيد حسن نصر الله في لبنان حالة الحكومة العراقية فهذا ظلم أو على حالة سورية التي وقفت ضد الاحتلال الأمريكي للعراق ، والبنية المناوئة للحكم في العراق فمنشأها وطني وضد المولود في كنف الاحتلال . السيد مقتدى الصدر رفض أن يغطي المرحلة الأمريكية وقاد المقاومة المدنية في مواجهة الاحتلال وبعض من جيش المهدي الذي قرر الأمريكيون تجريده من السلاح فقد شارك في عمليات المقاومة، وعندما ولدت العملية السياسية في كنف الاحتلال رفض أن يشارك فيه وبعد خروج الاحتلال كانت مشاركته مشروطة برفض المحاصصة ورفض الفساد وعندما انتفضت مناطق الوسط ( السنية ) وتاجر بها السعودي وتركي ووقف الكثير من قادتها السياسيين في موقع خادم للأمريكي وعدائه لإيران وخيار المقاومة وقف مقتدى الصدر إلى تفهم الشارع وعزل القيادات ، فهو يملك رصيدا في البيئتين السنية والشيعية ، فلم يستطيعوا القادة المتواطئين السنة مع السعودي والتركي والقاعدة وداعش أن يشوهوا صورته أمام الجمهور السني ، ظاهرة مقتدى الصدر هي ظاهرة طلائعية وهي طريقة تتناسب مع الخطاب الذي يرغب البعض لسماعه ، ولكن الخطاب في جوهره بقيا نقيا ووفيا للخيارات ومقاومة الاحتلال الأمريكي وخيار وحدة عربية عراقية عابرة للطوائف ومعاند للمحاصصة والفساد ، وبتالي العراق يحتاج إلى شخص مقتدى الصدر وخصوصية العراق تحتاج لهذه الخصوصية ، فهذه الظاهرة تمكنت من الثبات والصمود بوجه الاحتلال والفتنة وفي منعها ، وتقديم نموذج راقي لمفهوم الوحدة الوطنية والعداء للاحتلال وراقي لمفهوم بناء دولة فوق المحاصصة وبعيدا عن الفساد .
2016-05-04 | عدد القراءات 4574