تحدث الأستاذ ناصر قنديل رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية ورئيس شبكة توب نيوز في حلقة جديدة من برنامج ستون دقيقة مع ناصر قنديل في هذه الحلقة من المفترض أن ينعقد غدا لقاء فيينا المخصص للملف السوري الذي سيعرض عليه التفاهم الأمريكي الروسي الذي يسعى إلى تجديد بأحكام الهدنة وفتح الطريق من جديد أمام مسار جنيف للمحادثات السياسية وفي نفس الوقت نحن أمام الحدث الكبير المتمثل باستشهاد القائد في المقاومة مصطفى بدر الدين ، تداخل هذين الحدثين يفرض نفسه ، في لبنان الانتخابات في بُعدها المتصل بالمسألتين الأساسيتين قياس درجة تنامي قوة التيار الداعم للمقاومة وقياس درجة تنامي التيار المناوئ للمقاومة ، فهل الانتخابات تؤشر أن التيار الذي يجري إعداده وتنظيمه ليكون قاعدة الفتنة في وجه المقاومة مستقويا بالعقوبات والحملة الإعلامية وبالتضييق فهل نجحت الجملة الدولية الإقليمية بشيطنة المقاومة وتشويها وبأن تستنهض قوة شعبية جاهزة للقتال بوجهها ؟ وبالمقابل هل نجحت هذه الحملة في إضعاف درجة تماسك البيئة المحيطة بالمقاومة وتمسكها بها كخيار ؟
في المسألة السورية المسعى الذي قامت به روسيا مع الولايات المتحدة الأمريكية لتجديد العمل بأحكام الهدنة فكان ينطلق من المعادلة التالية الربح الذي يترتب على كسب الولايات المتحدة الأمريكية في ضفة التغطية اللازمة للحرب على المكونين الرئيسيين الذين يمثلان امتداد للقاعدة ويشكلان مصدر خطر حقيقي على تماسك ووحدة سورية هما داعش والنصرة فان الحصول على تغطية أمريكا هو عامل هام في تبديد الحملة الإعلامية والسياسية والدبلوماسية المعادية للدولة السورية وحلفاءها وفي اختصار الزمن اللازم لتحقيق الانتصار وفي توفير المقدرات التي يجب وضعها وتكبد خسائرها من اجل تحقيق الهدف ، وبالنسبة لروسيا فمنذ البداية كانت تقوم على خوض الحرب على مراحل وإقناع أمريكا وحلفاءها باليأس من إمكانية إسقاط سورية واستنزاف جيشها والى إيصالها إلى لحظة لتقديم التنازلات وتسليمها بالمطالب الأمريكية وكان هذا يستدعي أن تقف روسيا في الميدان وتضع ثقلها العسكري وقرارها السياسي الاستراتيجي الذي ترجمة جزء منه عندما جاءت الأساطيل الأمريكية وتولت موسكو إسقاط الصاروخين الاختبارين ، بالتالي روسيا تمكنت من انجازها وفرضية أن تتورط أمريكا برهان مرة أخرى على إمكانية إسقاط الرئيس السوري وإضعاف جيشه واستنزافه وصولا إلى إخضاعه والتهديد إلى تقسيم سورية وذهابها إلى الفوضى فإن مثل هذا الوهم الذي ركب الرأس الأمريكي لفترة طويلة قد أصبح خارج البحث والتداول ، المرحلة الثانية من الحرب كانت وفق للمفهوم الروسي تقوم على تهيئة المناخ الذي يسمح بان يسترد الجيش السوري المبادرة من خلال الدعم الروسي وحشد الحلفاء ومن خلال وقوف إيران وإمكانياتها وحزب الله وسائر فصائل المقاومة في لبنان وغيرها وهذه المرحلة أيضا نجحت بيقين أمريكي إلى استحالة خلو الميدان يقول الكلمة الفاصلة في سورية ، لأنه إذا ترك الأمر للميدان ولم تجري أي مداخلة سياسية فإن النتيجة الحتمية ستكون هي سير الأمور نحو نصر حاسم مكلف لكنه مؤكد لحساب سورية وحلفاءها وهذا لن يكون لصالح أمريكا وحلفاءها لان أمريكا لن تستطيع حفظ موقع ودور لها في المعادلة الإقليمية التي تشكل سورية مصدر صناعتها الأساسي ، وسيكون خيار التفاهمات التي دفعت أمريكا كلفته عاليا في الانخراط مع روسيا نحو الأزمة الاوكرانيا وأيضا دفعت عاليا في الانخراط مع إيران في إنهاء ملفها النووي سلميا سوف يكون بلا جدوى لان قيمة هذين الخيارين التي اتخذتهما أمريكا بان يصرفا في المعادلة السورية باتجاه إنقاذ تركيا والسعودية من الخروج بخسارات كاملة ، بالتالي أن تصل أمريكا إلى يقين بأنه ليس من المصلحة ترك الأمور للميدان يعني الانتقال إلى السياسية ، ليس لإنهاء الميدان ولكن لإدارة الميدان وهذا ما نجحت روسيا في انجازه من خلال صيغة ميونخ بإحكام الهدنة التي ترجمة باستثناء داعش والنصرة من هذه الأحكام .
الانتخابات البلدية في لبنان : أثبتت بيئة المقاومة بأنها بيئة صلبة وقوية وأنها مع خياراتها وغير قابلة للتفكك والتفتت . إذا كان التفاهم بين المقاومة والتيار الوطني الحر عنصر إضعاف للتيار يجب أن يظهر بالحدث وإذا التفاهم بين التيار والقوات عنصر تعزيز لمعنويات التيار فالقوات وقفت ضده وبقوة في الحدث ، فالذي حدث في انتخابات الحدث قال أن جمهور التيار غير آبه أين تقف القوات وان التفاهم مع حزب الله هو مصدر شعور بالفخر والاعتزاز وهذا أمر عظيم . تجربة الانتخابات البلدية تقول أن المجتمع اللبناني مسيس ، السياسية فيه تنتصر على التقليد وبالتالي إذا كان من فرصة لارتقاء بمستوى العمل السياسي في لبنان فهي تتوقف الآن على الانتقال إلى النظام النسبي في العمليات الانتخابية كلها وبدون استثناء. نحن من الزاوية الدولية الإقليمية في فهم معركة الانتخابات البلدية أن النتيجة التي يمكن أن نقولها في جبل لبنان فانه إذا كانت نتيجة بيروت هي أن البنية التي يراهن عليها الحلف الأمريكي السعودي الإسرائيلي لتكون أساس الحرب الداخلية القادمة على المقاومة أي بيئة تيار المستقبل فقد أثبتت انتخابات بيروت أن الحملة المعادية للمقاومة لن تفعل شيء في استنهاض هذه البيئة وأنها بيئة غير جاهزة للقتال ، وبالمقابل إذا كان هدف هذه الحملة هو الفت في عضض المقاومة وإضعافه وتفكيكه فان النتيجة في انتخابات البقاع تقول العكس تماما بأنه متماسك وصلب وموحد وذاهب إلى النهاية في خياراته ، انتخابات جبل لبنان الاختبار الأهم فيها هو الاختبار المسيحي وهي تقول انه إذا كانت هدف الحملة هو إبعاد الجمهور المسيحي المناصر للتيار الوطني الحر عن خيار التحالف مع المقاومة وجعله أكثر خضوعا لابتزاز التحالف الجديد الذي عرض عليه من التفاهم مع القوات فان تجربة الانتخابات البلدية في جبل لبنان تقول أن جمهور التيار الوطني الحر غير آبه بالتفاهم مع القوات ، وبالمقابل هو جمهور متمسك بخيار التفاهم مع المقاومة ، بالتالي نتائج الانتخابات البلدية خير على خير وهي تؤدي إلى قراءة تجعل قوى الحلف الذي يستهدف المقاومة يعيد النظر في حساباته إذا كانت مبنية على قراءة اتجاهات الرأي العام اللبنانية ورهاناته على أين يمكن أن تذهب .
2016-05-17 | عدد القراءات 4347