موقع تركيا في الحرب السورية يُشعل الحسكة... والبنتاغون يسعى للتنسيق مع سورية! نصرالله يدعو أنقرة للتموضع... وواثق من النصر... ويمدّ يده لبنانياً تيار المستقبل ينقسم حول معادلة عون ـ الحريري... والمستر

تتحدث المعارك الضارية التي تشهدها منطقة الحسكة شرق سورية عن حجم التحوّلات التي أدخلها مشروع التموضع التركي في الحرب السورية، حيث بدأت الميليشيات الكردية محاولة بناء منطقة سيطرة موثوقة، خشية التحوّلات المقبلة فهاجمت مواقع الجيش السوري في أطراف مدينة الحسكة، مستقوية بدعم التحالف الذي تقوده واشنطن، وبتورّط أميركي بنشر وحدات عسكرية في مناطق سيطرة الميليشيات الكردية، يلزم واشنطن بالتحول إلى طرف في المواجهات، سياسياً ودبلوماسياً لاحتواء تداعياته، لكن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر، فقد صدر بيان عسكري سوري شديد اللهجة، يؤكد خوض المعركة دفاعاً عن وحدة سورية ومنعاً لعبث ميليشياوي يعرّض حياة الناس واستقرارهم للخطر. وجاءت الطلعات الجوية السورية، لتليها طلعات جوية أميركية قال البنتاغون إنها سعت للتواصل مع الطائرات السورية، لكنها لم تلق الاستجابة.

ليس خافياً وفقاً لمصادر متابعة أن أصل الأمر يكمن في التسابق على الموقع التركي في الحرب السورية، وهو ما تسعى واشنطن لإحباط محاولات التطمين الروسية الإيرانية له بالتوافق على منع نشوء شريط أمني حدودي كردي يشكل نقطة انطلاق نحو الداخل التركي، لتتحرّك الميليشيات الكردية باتجاه إثبات العكس مدعومة باحتضان أميركي علني، ويأتي التصدي السوري ليقول إن ما تبلّغته أنقرة من موسكو وطهران هو موقف سورية ايضاً، وتوقعت المصادر أن يستمرّ هذا التجاذب حتى يحسم نهائياً بموافقة أميركية سقوط وهم الكيان الكردي وحلمه الذي بدأ رئيس إقليم كردستان العراق يبشر به، ككيان جامع لأكراد سورية والعراق. ولم تستبعد المصادر أن يؤدي استمرار المعارك إلى مزيد من التصعيد السوري الأميركي وبروز وساطة روسية لتسوية الخلاف، بينما قالت إن الأهم هو أن هذه المواجهة ستُجبر الأميركيين على سحب قواتهم الخاصة نحو قاعدة أنجرليك، وستدفع بالأتراك لتنسيق أمني عسكري مع سورية كان وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف قد اقترحه ضمن إطار خماسي يضمّ روسيا وإيران وتركيا والعراق وسورية. وهو ما يفترض أن وزير الخارجية التركي بحثه في زيارته أمس إلى طهران.

في سائر محاور الحرب سجل الجيش السوري وحلفاؤه مزيداً من التقدم، خصوصاً في محاور ريف دمشق على جبهة داريا، بينما كانت جبهات الشمال السوري من حلب إلى إدلب، على موعد مع صواريخ كاليبر وآراغون الروسية الآتية من المدمرات الروسية في البحر الأسود بينما صارت الهدنة التي أعلن الروس الاستعداد لتطبيقها في حلب لمدة ثمانٍ واربعين ساعة، موضع بحث في شروط روسية تتيح إصدارها بقرار عن مجلس الأمن، وما يجب أن يتضمّنه من شموله دخول مواد إغاثية كافية لبلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من جماعات النصرة وحلفائها، وأن ينصّ على ضمّ جيش فتح الشام، الاسم الجديد لجبهة النصرة، إلى لوائح الإرهاب المعتمدة أممياً. هذا إلى انفتاح البحث على ما سبق وقاله وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن بحث جدي مع تركيا بنشر نقاط مراقبة على حدودها مع سوريا لضمان وقف تدفق السلاح والمسلحين لحساب التنظيمات الإرهابية وخصوصاً جبهة النصرة.

في هذا السياق، جاء كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في حواره مع قناة المنار، عن دعوة تركيا للخروج من الحرب في سورية والانضمام إلى مساعي الحل السياسي، وجاء تأكيده على الاتجاه الحاكم للحرب نحو النصر، وتجديد دعواته للداخل اللبناني للغة التسويات، خصوصاً في ضوء المبادرة التي أطلقها السيد نصرالله في خطابه الأخير، حول الاستعداد لمناقشة تولي الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة في حال قبول تيار المستقبل بالسير بالعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. وهو ما قالت مصادر مطلعة إنه جاء جواباً طلبه الحريري على سؤال نقله مستشاره نادر الحريري إلى المعاون السياسي لنصرالله الحاج حسين خليل، لتظهر داخل تيار المستقبل ردود فعل متباينة على كلام نصرالله، أوحت بانقسامات ظهرت للعلن، فقد انبرى المرشحون لرئاسة الحكومة من داخل التيار بدعم سعودي متفاوت المصادر، للردّ على كلام السيد نصرالله، بدلاً من تلقفه أو التعامل معه بقدر من اللياقات، فكان ما صدر عن وزير الداخلية نهاد المشنوق بلغة تصعيدية وطابع التحدّي لإقفال الأخذ والرد في هذا الشأن، ومثله ردود نيابية تعبر عن موقف الرئيس فؤاد السنيورة، ليظهر كما قالت المصادر نفسها إن مشكلة الحريري في رئاسة الحكومة ليست عند حزب الله، بل في داخل تياره، وربما داخل الرياض أصلاً.

نصر الله: لا مستقبل للمشروع التكفيري في المنطقة

رأى الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله «أن المطلوب في حرب تموز كان القضاء على المقاومة في لبنان وسورية وفلسطين وصولاً إلى عزل إيران»، معتبراً أن «ما يحدث في سورية هو انتقام من حرب تموز واستكمال لها». ومضيفاً في مقابلة مع قناة المنار، أن «من أهم ما قاله «الإسرائيلي» إنه اذا أردنا ان نلحق الهزيمة بحزب الله فلن تفيد المواجهة المباشرة ولن تفيد الحرب مع ايران، لذا كان الخيار هو إخراج سورية من محور المقاومة».

وفيما أوضح أن حزب الله «لم يطالب بعد انتصار عام 2006 بالسلطة في لبنان، لأن ذلك كان سيؤدي إلى حرب داخلية». قال «كنا نريد في حرب تموز أن لا تكبر الاحقاد الداخلية ونحافظ على الوحدة الوطنية وعدم فتح باب للكراهية، لكن للأسف فإن الطرف الآخر يعمل العكس منذ عام 2005». وأضاف «خطابنا دائماً أن لا خيار أمامنا إلاّ بوحدة اللبنانيين والدليل على ذلك أنه لا مشكلة لدي بأن أكون في حكومة واحدة مع تيار المستقبل». وفيما أشار الى أن «المشكلة في مواجهة الجيش اللبناني للتكفيريين ليست روحه الوطنية وإرادته وقدراته انما القرار السياسي»، أكد أن «هناك من يرفض إعطاء الجيش اللبناني القرار لحسم المعركة مع التكفيريين في جرود عرسال».

وشدد السيد نصرالله على أن «السعودية أتت بالمسلحين من كل العالم للقتال في سورية والذي يقاتل في المعارك الضخمة هم من الشيشان وغيرها ويتزعمهم السعودي»، وقال «إذا اقتنع التركي بأن المشروع في سورية قد انتهى نكون قد أحرزنا تقدماً، لأنه سيتوقف وصول المسلحين من الحدود». واضاف «التركي يجب أن يقبل أن مشروع الحرب في سورية انتهى وأنه لا يمكن الدخول الى المسجد الأموي وعليه أن يمشي في الحل السياسي».

وإذ نوّه الى أن «القتال مع «إسرائيل» هو قتال الأصيل والقتال مع التكفيريين هو قتال الوكيل»، قال «المشروع التكفيري ليس لديه مستقبل في المنطقة». وأضاف «الجماعات التكفيرية بما فيها «داعش» و«النصرة» هي من صناعة واحدة وأميركا التي صنعت «داعش» هي مَن تقتلهم اليوم».

وأكد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان محمد فتحعلي ضرورة توحيد الجهود وكلّ الجبهة المقاومة، خصوصاً الأحزاب التي تعمل في مواجهة ومكافحة الإرهاب التكفيري والإرهاب الصهيوني. وهما في الواقع وجهان لعملة واحدة، مثمِّناً خلال زيارته رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصو دور الحزب القومي في هذه المواجهة، خصوصاً في سورية. وقال: بصفتي سفيراً للجمهورية الإسلامية الإيرانية أكدتُ للأستاذ قانصو أننا على أتمّ الاستعداد لتعزيز علاقاتنا مع الحزب السوري القومي الاجتماعي».

ورأى الوزير قانصو، من جهته، أنّ خطر هذا الإرهاب لا يقتصر على سورية وحدها أو على العراق وحده، بل هو يهدّد الاستقرار والسلام في كلّ هذه المنطقة وفي العالم، مشدّداً على أنّ مواجهته أولوية الأولويات.

المشنوق: الحريري يستحقّ رئاسة الحكومة

في غضون ذلك، ينتظر لبنان تبلورعودة الرئيس سعد الحريري من إجازته السياحية في المغرب، ليرسم من خلال تعاطيه مع طرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الموقف السعودي حيال المبادرة التي أطلقها السيد نصر الله. وألمح الرئيس نبيه بري منذ يومين أمام زواره إلى موقف «النبع»، قاصداً بذلك، حقيقة الموقف السعودي من الموافقة على انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.

وتشير مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى «أن الامور لم تتقدّم دعسة واحدة في الملف الرئاسي، مشيرة إلى «أن هذا المناخ الإيجابي السائد بانتخاب رئيس قريباً ليس دقيقاً، ولو الأمور على نار حامية لكان الحريري في لبنان»، ودعت المصادر الى التروي في قراءة الموقف الأميركي، فالموقف الأميركي التقليدي لم يضع يوماً فيتو على العماد عون، والمطلوب التأكد من الأجواء التي تطرح ومدى رسميتها».

وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن التسوية المطلوبة لا تتعلّق بانتخاب رئيس الجمهورية ولا بهيبة رئيس الحكومة، لأنّ الرئيس الحريري يستحقّها بأصوات الناس ودماء الشهداء وليس منّة من أحد، وشنّ وزير الداخلية في حفل تكريم لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، هجوماً جديداً على سرايا المقاومة واصفاً إياها بسرايا الفتنة وسرايا احتلال. وقال: «لم ولن نقبل بها تحت أي ظرف من الظروف». وأكد ضرورة مقاومة هذا الاحتلال بكل الطرق والوسائل السلمية والسياسية».

لماذا زار نادر الحريري مستشار نصرالله؟

وعلّقت مصادر متابعة في حديث لـ «البناء» على كلام الوزير المشنوق، بالقول: «إذا كانت رئاسة الحكومة للرئيس سعد الحريري دون منة من أحد لماذا زار مستشاره نادر الحريري معاون الأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، وسأله «هل تقبلون بالحريري رئيساً للحكومة إذا انتخبنا العماد ميشال عون». ولفتت المصادر إلى «أن بيان كتلة المستقبل الأخير جاء خارج السياق الذي يعمل عليه الرئيس الحريري، فقنواته الخاصة تتواصل مع حزب الله في ملف رئاسة الحكومة، وكانت واضحة جداً ونقلت له رسالة رسمية من الرئيس الحريري». ولفتت المصادر إلى أن هذا الكلام للاستهلاك الإعلامي. فالخطاب الذي يستعمل من قبل فريق الرئيس سعد الحريري لمخاطبة الإعلام والجمهور علانية ليس الخطاب نفسه في الغرف المغلقة وعلى مساحات بحث بعيدة عن الضوضاء يبدو أن ما يطرح فيها هو عكس ما يُقال في العلن».

واعتبرت المصادر «أن هجوم المشنوق على سرايا المقاومة، يحاول أن يظهر نفسه أنه من الصقور، في إطار المنافسة مع الرئيس فؤاد السنيورة والوزير أشرف ريفي لا أكثر ولا أقل. فما يدور في أروقة الحوار الثنائي يختلف تماماً عن تصريحات قيادات المستقبل الإعلامية، وكلام المشنوق يأتي في سياق نظرة تيار المستقبل الى هذه الـ «سرايا» على أنها من الطائفة السنية».

حوري لـ «البناء»: ما طرحة نصرالله ليس جديداً

وأكدت مصادر مقرّبة من الرئيس سعد الحريري لـ «البناء» أن التسريبات التي تحدثت عن أن طرحه القائل بانتخاب الجنرال عون حصل على تأييد ثلاثة نواب، محاولة خبيثة لتصويره أنه بات قائداً ضعيفاً لا يمسك بالكتلة، وإظهار الرئيس فؤاد السنيورة بأنه الأقوى والآمر والناهي.

في المقابل، أكد النائب عمار حوري لـ «البناء» أن «ما طرحه السيد حسن نصر الله ليس جدياً، فهو يريد أن يعطينا من «كيسنا»، فالأغلبية النيابية تأتي بالرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة اياً يكن رئيس الجمهورية من دون منة من أحد». مشيراً إلى «أن اتفاق الدوحة لم يسمّ رئيس الحكومة، بل اكتفى بالاشارة الى شكل الحكومة، والرئيس نجيب ميقاتي لم يأتِ باتفاق سياسي فنحن اكبر كتلة نيابية كنا خارج الاتفاق، ولذلك الاغلبية النيابية سيدة القرار، ولو كان لدى حزب الله مبادرة حقيقية لإنهاء الفراغ لدعا الامين العام لحزب الله الأفرقاء الى التفاهم على رئيس، بدلاً من إصراره على دعم ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية والرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس».

ضمانات «داعش» لـ 14 آذار

إلى ذلك، سارعت أوساط سياسية في 14 آذار الى تبرئة داعش الإرهابي من المعلومات التي تحدثت عن مخطط استهداف مناطق تقطنها غالبية مسيحية، إضافة إلى مناطق يسكنها أبناء الطائفة الدرزية واغتيال سياسيين على رأسهم النائب وليد جنبلاط، ووصفتها بمناورات حزب الله الإعلامية.

ووضعت مصادر مطلعة في 8 آذار في لـ «البناء» كلام فريق 14 آذار في خانة أن «هذا الفريق على تواصل مع المجموعات الإرهابية، التي أبلغته أنه خارج دائرة الاستهداف، ويبدو أن هذا الفريق على علاقة جيدة مع تنظيم داعش ومطلع على مخططاتها من الداخل ومن الذين يديرون تحركاتها». وتساءلت المصادر هل الجميع يعمل ضمن غرفة عمليات واحدة؟ أم أن مَن يعطي الأوامر لداعش أعطاهم ضمانات خارج الاستهداف، وهل هذا التنظيم لديه تكليف شرعي سعودي أن يحمي المسيحيين؟.

المخطط «الإسرائيلي» مستمر

من ناحية أخرى، يبدو أن «إسرائيل» تريد أن توثق احتلالها لمزارع شبعا بقضم أراضٍ جديدة ومن أجل ذلك، تتخطّى الخط الأزرق القائم الذي يتحفّظ لبنان عليه أصلاً، وتريد أن تنقله الى داخل الأراضي اللبنانية بمسافة تتراوح بين 250 و350 متراً من أجل أن يضم مرتفعات جديدة تعطي إسرائيل مزايا دفاعية عسكرية لمراقبة المحيط. وأنجزت حتى الآن شق طرق في محيط جبل السدانة بطول 350 متراً. ويبدو أن المخطط «الإسرائيلي» سيستمر على طول الخط الأزرق، تستفيد «إسرائيل» من حالة الشلل الداخلي اللبناني ووضع لبنان امام أمر واقع جديد، تنسيه مزارع شبعا المحتلة ويكتفي بالمطالبة بالامتناع عن توسيع الاحتلال. ولفتت مصادر عسكرية لـ «البناء» إلى أن ما يجري ليس دخولاً «إسرائيلياً» الى الأرض المحتلة فحسب، انما توسيع احتلال قائم». ورأت المصادر أن ما يجري يتطلّب من الدولة اللبنانية التحرك على كل الصعد الرسمية والسياسية والديبلوماسية ومراجعة مجلس الأمن بالانتهاكات، والتوقف عن المشاركة العسكرية الثلاثية التي تتخذها «إسرائيل» غطاء لعدوانها، علماً أن لا مسوّغ شرعي او قانوني لهذه اللجنة».

وفي سياق متصل، تحدّى الشعب اللبناني مرة جديدة الانتهاكات والخروق «الإسرائيلية»، واجتاز أهالي بلدة شبعا وقرى العرقوب الخط الحدودي وصولاً الى الطريق العسكرية التي يعمل جيش العدو «الإسرائيلي» على شقها أخيراً، ورفعوا العلم اللبناني على السياج الشائك وذلك رفضاً لأعمال الجرف «الإسرائيلية».

وأرسل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل كتاباً الى بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك، عن الاعتداءات «الإسرائيلية» التي طالت أخيراً بلدة الغجر ومزارع شبعا المحتلتين، «الأمر الذي يشكل خرقاً فاضحاً للقرار 1701، وانتهاكاً لحقوق السكان والسيادة اللبنانية»، مطالباً برفع شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن.

النفايات إلى الشارع مجدداً؟

على صعيد آخر، وفي ظل العجز السياسي، يبدو أن الحكومة ستواجه أزمة عودة النفايات الى الشوارع وسط اعتراضات شعبية وسياسية على طريقة الطمر في مكب برج حمود وعلى رأسها حزب الكتائب. وفي إطار ذلك، قالت مصادر مطلعة على الملف لـ «البناء» إن «عودة النفايات الى الشوارع قرار سياسي وسيصبح بعد وقت قصير نتيجة أسباب تقنية، موضحة أن «هناك تخزيناً مؤقتاً للنفايات، والفرز ليس الأهم بل المعالجة هي الأهم، والآن لا توجد معالجة ضمن الخطة التي وضعتها الحكومة لمعالجة النفايات، ولا جدوى للفرز من دون معالجة». ولفتت الى أنه «عندما اتخذ القرار في مجلس الوزراء لمعالجة النفايات كان من المفترض أن يبنى معامل معالجة ولم يتم ذلك. وهذا هو سبب المشكلة في مكب برج حمود وباقي المطامر».

وأوضحت المصادر أن «85 في المئة من النفايات تذهب للطمر بمعزل عما إذا كانت مفروزة أم لا، الفرز مقدمة للمعالجة»، متسائلة: «النفايات التي تفرز هل تتم معالجتها بعد الفرز؟». مضيفة: «تتم معالجة نسبة صغيرة منها والباقي الى الطمر»، ولفتت الى أن «مصير أزمة النفايات تنتظر مجلس الوزراء إذا كان سيطرح مناقصة لإنشاء معامل معالجة أم سيكمل خلال السنوات الأربع على هذه الطريقة، أي طمر 85 في المئة من النفايات دون معالجة»، واعتبرت أن «التوجه الحكومي كان الاستمرار بالطمر المؤقت خلال السنوات الأربع المقبلة، لكن الآن هناك معارضة لذلك، وخصوصاً غياب مواقع الطمر ما يشكل أزمة لدى الحكومة بمعزل عن أزمة برج حمود، وبالتالي إذا لم يتم إنشاء مواقع معالجة للفرز والطمر واستحداث الدولة مطمراً ثالثاً ستكون أمام مشكلة».

وأضافت المصادر: «أنه حتى نسبة الطمر الحالية إذا اكتفت الدولة بالمطمرين الحاليين وبطمر 85 في المئة من النفايات فلا تستطيع الاستمرار حتى أربع سنوات مقبلة، بل ستمتلئ المطامر خلال سنة الى سنة ونصف بالنفايات، وأوضحت أن «الاساس في الموضوع هو نسبة الطمر والفرز، لأن الفرز يجب أن يعقبه تدوير ومعالجة للنفايات العضوية». وأوضحت أن «المشكلة في العقود الموقعة مع شركتي سوكلين وسوكومي هي أنها لم تلحظ نسبة الطمر ولا نسبة المعالجة، بل لحظت نسبة الفرز وهذه هي الكذبة التاريخية». وقالت المصادر إن «الكتائب يريد معالجة قبل الطمر ورفع السقف لرفض الطمر بشكلٍ كامل. وهو يصوب على الطمر لتحسين المعالجة ليقول إنه حققنا مكسباً سياسياً وشعبياً».

وتوقعت المصادر أن «تذهب الأمور الى تسوية في برج حمود لأن الكتائب وافق في العام 2015 على مطمر برج حمود عندما طرحت خطة أيلول ووافق أيضاً في 2016 على خطة آذار ولو كان لدى الحكومة بدائل للموقعين في برج حمود والناعمة لطرحتها». ووضعت المصادر سجال الكتائب ووزير الزراعة أكرم شهيب في إطار المزايدات السياسة، محذرة من أنه «إذا استمر التخزين المؤقت ولم ينشأ مطمر بأسرع وقت ممكن ستعود النفايات الى الشارع وحينها لو كانت هناك رغبة سياسية لدى الأطراف بالمعالجة أم لا ستعود الأزمة من الناحية التقنية لانه لا مكان لوضع النفايات ولا خيار أمام الجميع».

وحضر ملف النفايات وتحديداً مطمر برج حمود في الرابية في لقاء العماد ميشال عون ووزير الزراعة أكرم شهيب، الذي أكد أن المشكلة واضحة في ملف النفايات، قائلاً «فإما أن تعود النفايات الى الشوارع وإما نستمر في الحل المؤقت لأربع سنوات». وشدّد على أنه لن يدخل بأي نقاش في هذا الموضوع في السياسة، مشدداً على أن ليس بينهم وبين حزب «الكتائب» أي مشكلة.

2016-08-20 | عدد القراءات 5513