ترقب دولي وإقليمي لحصيلة المحادثات الروسية الأميركية عشية قمة بكين الجيش السوري يحصّن مواقعه ويتقدّم شمال حماة وجنوب غرب حلب المستقبل والعونيون: لسنا المعنيين بكلام بري الانتقادي... والحكومة مجمّدة

كتب المحرّر السياسي

التقدّم الذي يحققه الخبراء الروس والأميركيون في جنيف لصياغة تفاهم يوضع أمام الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين يوم السبت، دفع بالمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا للحديث عن آمال بإنجاز العودة لمحادثات جنيف وفق مبادرة للحلّ السياسي، يمكن تبلورها قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة السنوية التي يحضرها رؤساء وقادة الدول.

خلال أيام ستكون قمة العشرين في بكين مناسبة لمشاورات متعدّدة الأطراف، ثنائية وربما ثلاثية أو رباعية أو حتى خماسية، فقد تحدثت مصادر روسية إعلامية لـ «البناء» عن فرضية عقد قمتين ثلاثيتين إذا تقدّمت تفاهمات جنيف بصورة تؤسّس للعمل المشترك بين واشنطن وموسكو. وفي هذه الحالة قد يلتقي الرئيسان بوتين وأوباما معاً بكلّ من الرئيس الصيني والرئيس التركي، وربما تكون الفرص متاحة لإنضاج الفرص لتفاهمات تسمح بلقاء يضمّ الرؤساء الروسي والأميركي والصيني والتركي، وربما ينضمّ إليهم ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يمثل حكومة بلاده في القمة.

بين السبت والاثنين ستكون لسورية مكانة المحور في محادثات القادة المشاركين في قمة العشرين، وسيكون لبنان الذي يتابع كما العالم كله وقائع القمة وكواليسها، على موعد مع جلسة الحوار التي ترتسم أسئلة حول فرص حضور التيار الوطني الحر فيها أم ذهابه لترجمة المقاطعة التي لوّح بها انطلاقاً من جلسة الحوار بينما بقي الغموض محيطاً بمصير جلسة الحكومة بانتظار اتصالات سيجريها رئيس الحكومة تمام سلام بعد عودته من السفر، فيما أكدت مصادر التيار الوطني الحر مقاطعة الجلسة ما لم يصلها ما يستدعي إعادة النظر بالقرار، مشيرة لاطمئنانها إلى أنّ الغياب عن جلسات الحكومة سيتكفل بسبب تضامن حزب الله بعدم التصويت على القرارات وعدم قبول مناقشة ايّ قضية رئيسية، بتحقيق أهداف المقاطعة.

في ضفة موازية، لا تزال تردّدات خطاب رئيس المجلس النيابي نبيه بري في صور، وتحذيره من مغبة الإمعان في الدلع والعبث السياسي والرهانات على الخارج، تشغل الوسط السياسي، الذي تبارى فيه طرف بتأكيد أنه لم يكن المعني بكلام بري، هذا على الأقلّ ما قاله ممثلون للتيار الوطني الحر وتيار المستقبل.

شانون في بيروت والهدف مالي

خرقت زيارة وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية توماس شانون لبيروت المستمرة على مدى يومين الجمود الطاغي على المشهد السياسي الداخلي. وأشار المسؤول الاميركي بعد زيارة لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن الهدف من زيارته «تعزيز الشراكة الأميركية – اللبنانية الى حدودها القصوى من خلال البناء على دعمنا الطويل الأمد لمؤسسات هذا البلد وشعبه… وستكون رسالتي واضحة في كل حواراتي: الولايات المتحدة، ستستمر في الوقوف جنباً إلى جنب مع لبنان وستواصل والمجتمع الدولي تقديم الدعم الثابت له، لكن لا يمكنها أن تقدم حلولا للقضايا الداخلية، مثل الفراغ الرئاسي، لأن هذه الحلول يجب أن تأتي من المؤسسات اللبنانية والشعب اللبناني. لكن، اطمئنّوا، فإنه فيما يستمر لبنان في وضع هذه الحلول ورسم مسارها المستقبلي، ستستمر أميركا في دعمكم في كل خطوة».

وقالت مصادر مطلعة على الزيارة لـ «البناء» إن «الهدف الرئيسي للزيارة مالي، فالولايات المتحدة مستمرة بالضغوط المالية على حزب الله وعلى حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، ولو نجحت الضغوط في المرحلة السابقة لما استمرت الآن، ويبدو أيضاً أن الاتفاق التي تم التوصل اليه بين الحاكم وحزب الله لم يرقَ للأميركيين فأتى شانون مرة أخرى لتشديد هذه الضغوط». وأوضحت المصادر أن التفاهم بين الحاكم والحزب يقضي بعدم استهداف الحسابات المالية التي تعود الى جمعيات خيرية وانسانية وطبية واجتماعية لبيئة حزب الله، والتي تمادت بعض البنوك في استهدافها، وفي المقابل موافقة حزب الله على إقفال أي حساب يعود لقيادييه أو عناصره، علماً أن الحزب أبلغ الحاكم بأنه لا يملك حسابات باسمه في المصارف التي تدرك ذلك أيضاً». واستبعدت المصادر أن «يتراجع الحاكم عن اتفاقه مع الحزب، لذلك تحاول اميركا تكثيف وسائل الضغط لتعطيل هذا الاتفاق».

وكان شانون قد اجتمع ايضاً مع مستشار رئيس الحكومة شادي كرم على مدى ساعة وربع الساعة، على ان يلتقي ايضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدداً من المسؤولين.

قانصوه: الحل بالتفاهم على السلة الكاملة

على صعيد الأزمة الداخلية، بقيت الرسائل التي وجّهها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في خطابه أول أمس محط جدل ونقاش بين القوى السياسية، وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو أهمية استمرار طاولة الحوار والرهان على دورها في إنتاج تفاهمات وطنية، وقال: إنّ مسؤولية الجميع إيجاد مخارج للأزمة القائمة، بالتفاهم على السلة الكاملة التي تتضمّن في أساسياتها انتخاب رئيس للجمهورية وقانون انتخابات نيابية على أساس الدائرة الواحدة والنسبية ومن خارج القيد الطائفي، والحكومة. وحذّر قانصو خلال اجتماع في قاعة الشهيد خالد علوان لهيئات المنفذيات في لبنان من أنّ تداعيات استمرار الأزمة السياسية ستكون كارثية على لبنان واللبنانيين. ودعا الحكومة اللبنانية إلى تحمّل مسؤولياتها، وإعطاء الأولوية للاهتمام بقضايا الناس وحلّ المشكلات القائمة على أكثر من صعيد، بما يخفف من الأعباء والمعاناة، في هذه الظروف الصعبة.

وحدّد قانصوه ثلاث أولويات: «تعزيز مشاركتنا ضدّ الارهاب.. مواجهة التفتيت بثقافة الوحدة… السعي لتحقيق التكامل بين كيانات الأمة، مؤكداً أنّ الشام هي نقطة الارتكاز للوضع القومي العام، وكلّ مصيرنا القومي اليوم مرتبط بما ستؤول إليه الأوضاع في الشام، فلسطين مشدودة إلى هذه الأوضاع والعراق

أيضاً، ولبنان لا يقدر أن يخرج من أزمته قبل استقرار أوضاع الشام، والأردن ينجو بمصيره، بنجاة الشام»، مشيراً الى أن «الحلّ السياسي في الشام يحدّده الميدان الذي أسقط أحلام القوى المنخرطة في مشروع التقسيم والفدرلة والانفصال برعاية الولايات المتحدة الأميركية».

لبنان أمام مفترق خطير

وقالت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لــ «البناء» إن «كلام رئيس المجلس لم يوجّه الى طرف سياسي بعينه بل الى جميع الأطراف المعنيين بالازمة التي تواجه لبنان الذي يقف أمام مفترق خطير جداً. ومن هذا المنطق يرى بري أن اللجوء الى الشارع لن يأتي بأي نتائج بل أنهك البلد في الحقبات السابقة وأحدث خطوط تماس واحتكاك بين المواطنين وبين المناطق اللبنانية». وأوضحت المصادر أن «المستقبل لا يمكن أن يبرئ نفسه من كلام بري الذي قصد التيار بحديثه عن وضع عقبات في طاولة الحوار وتغيير المواقف بين جلسة وأخرى واستهداف السلة المتكاملة للحل ووضع العراقيل أمام طرح مجلسي الشيوخ والنواب وإلغاء الطائفية السياسية ورفع فزاعة المؤتمر التأسيسي ووضع ألغام سياسية في سكة الحل».

العلاقة مرنة مع «التيار»

وعن العلاقة بين بري والعماد ميشال عون أوضحت المصادر أنها تتقدّم في ملفات وتعيش بعض التوتر أحياناً لكثرة الملفات المطروحة، لكن العلاقة تحافظ دائماً على مرونتها لدى الطرفين والتواصل مستمر من خلال قنوات عدة، «فالحكومة عند بري من الخطوط الحمراء، كما يشدد على أنه لن يسمح للفراغ أن يتسلل الى المؤسسة العسكرية دقيقة واحدة وفي ظل عجز الحكومة عن التعيين يصبح التمديد للقائد الحالي أمر واقع لا سيما في هذه الظروف الامنية التي يعيشها لبنان والمنطقة وهي المؤسسة الوحيدة التي تضمن الاستقرار والامن في ظل الانقسام السياسي كما أن بري يرفض التصويب عليها وربطها بالاستحقاق الرئاسي».

فنيش: المستقبل فوّت الفرصة

واتهم وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش «المستقبل» في تصريح بأنه فوّت عليه فرصة قدّمها له الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة من بنت جبيل لإنتاج تفاهم لإخراج البلد من أزمته، بقوله إن «لا حل رئاسياً الا بتبنّي ترشيح العماد ميشال عون، وإن «حزب الله» ايجابي ومُنفتح على مسألة رئاسة الحكومة». أضاف «يا ليت «تيار المستقبل» استكمل حتى النهاية مبادراته التي قدّمها لحلّ ازمة رئاسة الجمهورية، ولم يخضع للضغوط والفيتوات الخارجية، تحديداً من قبل السعودية»، معتبراً ان «مشكلة «المستقبل» هذه الايام انه يتحدّث بلغتين، بحيث «تتجاذبه» اتّجاهات عدة ويُعاني من مشكلة اتّخاذ القرار».

و«المستقبل»: خطاب بري ليس موجّهاً لنا

وقالت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ «البناء» إن «خطاب الرئيس بري في مهرجان الامام موسى الصدر ليس موجهاً للمستقبل لا من قريب ولا من بعيد، لأنه أكثر قوة سياسية قدمت مبادرات لحل الازمة السياسية في لبنان، إن كان على صعيد قانون الانتخاب أو الحوارين الوطني والثنائي أو على صعيد رئاسة الجمهورية، مضيفة: للأسف حزب الله دأب في المرحلة الأخيرة أخذ دور الواعظ وهو المشكلة، وهو أمام مرشحين للرئاسة قال السيد نصرالله عن كل منهما إنه عين وبالتالي عليه هو وفريقه السياسي أن يختار التصويت لأحدهما في المجلس النيابي». وجددت المصادر القول إن «موضوع رئاسة الحكومة غير خاضع للمساومة أو التفاوض المسبق قبل انتخاب رئيس الجمهورية، فحزب الله أحد المكوّنات وله رأيه لكن لا يجوز تجاوز الاستشارات النيابية بعد انتخاب الرئيس واستقالة الحكومة». ورفضت المصادر «طرح بري الاتفاق على قانون الانتخاب ورئاسة الحكومة قبل انتخاب الرئيس»، موضحة أن «التجارب السابقة مع حزب الله لم تكن مشجعة لا سيما اتفاق الدوحة حيث تجاوزنا الدستور حينها لإنجاز التسوية التي ضربها حزب الله وحلفاؤه بعرض الحائط وأسقطوا حكومة الرئيس سعد الحريري بضربة الثلث المعطل ونكثوا الاتفاق القاضي بعدم إسقاط الحكومة ولاحقاً تنصلوا من إعلان بعبدا».

ولفتت المصادر نفسها إلى أن «لا مانع لدينا أن نناقش قانون الانتخاب، لكن لا يمكن إقراره قبل انتخاب الرئيس كما لا يمكن الاتفاق على رئيس الحكومة وعلى صيغة البيان الوزاري وتوزيع الحقائب قبل انتخاب الرئيس، فهذا اختصار وتجاوز لدور رئيسَي الجمهورية والحكومة والدستور».

وعن لجوء المستقبل الى الشارع مقابل نزول التيار الوطني الحر الى الشارع أوضحت المصادر أن «الرئيس بري والعماد ميشال عون يدركان جيداً عواقب اللجوء الى الشارع، نافية إنزلاق المستقبل الى لعبة الشارع والشارع المقابل».

وعلمت «البناء» أن الحريري في «إجازة عائلية في الخارج ولم يحدد موعد عودته الى لبنان وبعد عودته لن يقدم مبادرات أو طروحات جديدة بما خص حل الازمة بل قدم ما يكفي ورفضت وعلى الآخرين تقديم خطوات».

لا تعديل في موعد جلسة الحكومة

أما على المقلب الحكومي فلم يتضح مصير جلسة مجلس الوزراء في 8 أيلول في ظل مقاطعة وزراء تكتل التغيير والإصلاح للجلسات، وإذا انقعدت جلسة الحوار الوطني في 5 أيلول فستتمكن من إعادة المياه الى مجاريها، ومن المتوقع أن يعود رئيس الحكومة تمام سلام من إجازته الخاصة الأحد المقبل. وأكدت مصادر سلام لـ «لبناء» أن الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء في 8 أيلول مستمرة حتى الآن ولم يطرأ أي تعديل عليها الى أن يعود سلام ويجري اتصالات بشأن مقاطعة وزراء تكتل التغيير والإصلاح للجلسات، ونفت المصادر إرجاء الجلسة الى موعد آخر، وأشارت الى أن لا علاقة لجلسة الحوار الوطني بانعقاد جلسة الحكومة، ولفتت الى أن لا اتصالات بين الرابية والسراي الحكومي، وعن ملف النفايات قالت المصادر إن الموضوع بيد الوزير أكرم شهيب.

.. و«التيار» على موقفه

وقالت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ «البناء» إن «التيار الوطني الحر سيبقى على موقفه من مقاطعة جلسات الحكومة واستبعدت لجوءه الى الشارع في ظل رفض حزب الله لعبة الشارع»، مؤكدة ان «الحكومة ستستمر في عقد اجتماعاتها لكن لن تتخذ قرارات ووزراء حزب الله سيحضرون لكن لن يصوتوا على أي قرار، وبذلك يدعمون عون وفي الوقت نفسه لا يقاطعون الجلسات كما تصرفوا في الجلسة الاخيرة».

السعودية وافقت على مشروع التوطين

وأوضحت المصادر أن «استمرار عمل الحكومة ضرورة، وهي التي تواجه العديد من الملفات وعلى رأسها مشروع التوطين الخطير الذي تخطط له القوى الغربية مع طلب الامم المتحدة من لبنان وضع خطط لمواجهة أزمة النازحين السوريين على عشر سنوات ما يعني توطيناً مقنعاً وغير مباشر. وبالتالي على الحكومة التنسيق والتواصل مع الحكومة السورية بأسرع وقت لتأمين مناطق آمنة على الأراضي السورية لنقل النازحين اليها»، محذرة من أن «السعودية وافقت على توطين النازحين بهدف تغيير الديمغرافيا اللبنانية لتسهيل إحكام قبضتها عليه من دون أي مواجهة عسكرية مع حزب الله تؤدي بها الى دفع الأثمان الباهظة
».http://www.al-binaa.com/?article=136523

2016-09-02 | عدد القراءات 2789