أحياء بستان الباشا والشيخ سعيد ودوار الجندول محاور تقدّم نوعي للجيش السوري، رافقها قرار تخفيف الضغط الناري على الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون، بعدما بدأ الأهالي في هذه الأحياء يرفعون الأعلام السورية، إعلاناً لتمسكهم بالهوية التي تمثلها الدولة السورية وجيشها، بينما تراجع الأميركيون عن لغة التصعيد وأعادوا التواصل مع موسكو عبر اتصال مباشر بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري. أعلنت الوزارتان أنه استئناف للمساعي المشتركة من أجل وقف النار في سورية، بينما تتحرك فرنسا لاستصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي يفرض دخول القوافل الإغاثية إلى شرق حلب، دون المرور بموافقة الدولة السورية، قالت مصادر أممية إنه لن يبصر النور بوجود موقف روسي ثابت يتمسك بالسيادة السورية، إضافة لما تملكه روسيا من أوراق تأثير كرئيس لمجلس الأمن هذا الشهر.
لبنانياً بدا المسار نحو الاستحقاق الرئاسي أكثر سلاسة مع تلقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري لرسائل بكركي والرابية، والردّ عليها بإيجابية بعدما خلا بيان بكركي من تعبير السلة وحصر الاعتراض بالشروط التي تقيّد ممارسة رئيس الجمهورية لصلاحياته الدستورية، وبعدما أبدى العماد ميشال عون ترحيبه بالتوافق على قانون الانتخابات النيابية والسير به قبل انتخاب رئيس الجمهورية، إذا تمّ التوافق بين الكتل النيابية على ماهية القانون، الذي ليس موضوعاً خلافياً بين التيار الوطني الحر والرئيس بري.
تلقُّف بري للرسائل، أزال فرص الرهان على جعل موقفه متراساً لتبرير أيّ انتكاسة في المسار الرئاسي، وأعاد الكرة إلى ملعب الرئيس سعد الحريري الذي يتوقف على إعلانه ترشيح العماد عون، ظهور خطوتين تطلقان صفارة الاستحقاق، الأولى هي زيارة العماد عون للرئيس بري، والثانية هي مبادرة حزب الله للتواصل مع الحلفاء لتسويق خيار عون الرئاسي.
الحريري يترأس اليوم اجتماع كتلته، ويتوقف على ما سيصدر في بيان الكتلة من موقف من الترشيحات الرئاسية، الحكم على درجة التماسك في الكتلة وراء مواقف الحريري من جهة، ومدى ثقته بالمواقف التي يفترض أنها تعبير عن دعم دولي وإقليمي لمبادرته وفقاً لمصادر المستقبل.
اليوم أيضاً وتسهيلاً لمهمة الحريري يستجيب حزب الله للمشاركة في اجتماع حكومي هو الأول بعد انقطاع قارب الشهر، وينتظر التيار الوطني الحر اللقاء الثاني للحريري مع عون للعودة عن مقاطعته اجتماعات الحكومة، في ضوء النتائج.
بيان هادئ للمطارنة…
خلا بيان المطارنة الموارنة أمس، من ذكر عبارة السلة وجاء تعبيره عن تفاهمات منسجمة مع الدستور أشبه بصياغة لكلام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد، بما يتناسب مع مساعي التهدئة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي سارع الى تأييد البيان بكل مندرجاته «الذي لا يتعارض مطلقاً مع بنود الحوار الوطني ما سُمّي بالسلة ». واحتفاءً بذلك وزع بري على السادة النواب في لقاء الأربعاء سلة مليئة بكعك العباس، وبالتالي أزيلت غيمة سوء التفاهم بين بكركي وعين التينة.
وكان المطارنة الموارنة قد أكدوا في البيان تمسّكهم بالمواقف التي أطلقها البطريرك الراعي في عظة الأحد «في شأن التقيد بالدستور الذي تُصاغ حول مبادئه، نصاً وروحاً، جميع التفاهمات الرامية الى الالتزام بهذه المبادئ الدستورية في انتخاب رئيس للجمهورية، من دون أن توضع عليه أي شروط مسبقة». مضيفاً: «فهو بكونه، حسب المادة 49 من الدستور، رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور، والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور ولكي يقوم بمهمته الوطنية العليا هذه، ينبغي أن يكون حراً من كل قيد، وعندئذ يكون «الرئيس الحَكَم»، لا «الرئيس الطَّرف»، ولا «الرئيس الصُّوري». ورحبوا بالجهود والمشاورات المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية.
اجتماع «المستقبل» برئاسة الحريري
يترأس الرئيس سعد الحريري العائد إلى بيروت اجتماعاً لكتلة المستقبل غداً لوضعها في أجواء زيارته الخارجية. ويرتقب أن تكون له مشاورات محلية مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، على أن يلتقي رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون مجدداً لاستكمال المشاورات في الشأن الرئاسي.
وفي حين لم يدل الحريري عقب عودته الى بيروت بأي تصريحات عن جولته ولم ترشح أي معلومات عن لقاءاته في الرياض وموسكو، أكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ «البناء» أن «الكتلة ستعقد اجتماعاً غداً وقد يترأسه الرئيس الحريري لوضع الكتلة في أجواء لقاءاته الخارجية ويناقش معها المعطيات في الملف الرئاسي». وأوضحت المصادر أن «رئيس المستقبل لم يحسم بعد خياره السير بالعماد عون لرئاسة الجمهورية، ولا يزال رئيس تيار المرده سليمان فرنجية مرشحه حتى الساعة»، نافية ما يُقال بأن الطريق لوصول الحريري الى رئاسة الحكومة هو انتخاب عون للجمهورية، مضيفة: «لقد كان الحريري رئيساً للحكومة ولم يكن عون في سدة رئاسة الجمهورية»، لافتة الى أننا عندما ننتخب الرئيس نبحث في موضوع رئاسة الحكومة كما يقول الدستور»، مشيرة الى أن لا مانع لدينا من إقرار قانون للانتخابات قبل انتخاب الرئيس، نحن والقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي طرحنا القانون المختلط على التصويت في المجلس النيابي، فإذا تم التوافق حوله لا مانع من إقراره قبل الرئاسة».
وحول السلة المتكاملة للحل التي يتحدث عنها الرئيس بري، أوضحت المصادر بأن «رئيس المجلس أوضح موقفه منها بأن بنود السلة هي نفسها بنود جدول الحوار الوطني وبالتالي أسيء فهم بري في هذه المسألة». وإذ جددت المصادر «رفض المستقبل أي شروط مسبقة على رئيس الجمهورية، لفتت في الوقت نفسه إلى أنه في حال التوافق على بعض القضايا قبل انتخاب الرئيس فلا مانع من ذلك، لكن يجب ألا نلزم الرئيس بها»، وتنفي المصادر أن تكون السعودية هي من يعرقل التسوية، هي لم ولن تتدخل ولم تعمد في السابق الى تعطيل أي تسوية بين اللبنانيين».
وعلمت «البناء» أن «اجتماع كتلة المستقبل أرجئ من موعده العادي الثلاثاء الى الخميس بانتظار عودة الحريري كي لا يترأسه الرئيس فؤاد السنيورة ويصدر موقفاً يعكر صفو الأجواء الإيجابية بين قريطم والرابية»، كما أن الحريري سيعمل على إقناع النواب داخل كتلته الذين عبروا عن معارضتهم لانتخاب عون وعلى ضوء ذلك سيحدّد في أي اتجاه سيقود السفينة».
.. و«الجنرال» بانتظار «الشيخ»…
ونقلت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح عن العماد عون لـ «البناء» تفاؤله حيال التفاهم مع الحريري حول الرئاسة إن كان في العلن أم في مجالسه وهو لم يظهر الإيجابية في مقابلته الأخيرة لغايات سياسية معينة بل يرى بأن الملف الرئاسي يتقدّم خطوات الى الأمام وخرج من دائرة الجمود، لكن الجنرال ينتظر ما لدى الحريري ليقوله كي يبنى على الشيء مقتضاه. وتحدثت المصادر عن «لقاءٍ قريب بين عون والحريري لبحث آخر التطورات». موضحة أنه «في حال لم يعلن الحريري عون مرشحاً قبل المهلة التي حددها التيار، فسيعود الوضع الى المربع الأول ونقطة الصفر وسنكون أمام تسريع خطوات التصعيد في الشارع».
وتحدثت المصادر عن أجواءٍ دولية مؤاتية لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان ظهرت في موقف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أعلن دعم موسكو لحراك الحريري، موضحة أن «موقف روسيا واضح بدعم انتخاب الرئيس، كما موقف السعودية التي تدعم ما يتفق عليه اللبنانييون من تفاهمات، كما تعلن، أما الموقف الأميركي فنتيجة الأزمة بين موسكو وواشنطن حيال سورية لم تعد أميركا تولي الشأن اللبناني الاهتمام».
جلسة للحكومة اليوم
على الصعيد الحكومي يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية اليوم، في ظل مقاطعة وزراء تكتل التغيير والإصلاح، وحضور وزير المرده روني عريجي، وسط ترجيح حضور وزراء حزب الله شرط عدم اتخاذ المجلس أي قرارات هامة.
وقالت مصادر رئيس الحكومة لـ «البناء» إنه «نتيجة الاتصالات التي استمرت حتى منتصف ليل أمس مع حزب الله أفضت الى حضور وزراء الحزب الجلسة في حين بقي وزراء التغير والاصلاح على موقفهم بالمقاطعة، ولم يحسم وزير السياحة ميشال فرعون مشاركته، لكن النصاب القانوني متوفر».
وأشارت الى أن «الوضع الحكومي سيبقى على حاله ريثما يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبالتالي تصبح حكومة تصريف أعمال حتى تشكيل حكومة جديدة». واعتبرت المصادر أن «الحكومة ليست مشلولة بالكامل اليوم، لكنها تزحف ولا تسير بشكل طبيعي».
درباس: إذا أرادوا فرط الحكومة فليفعلوا
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ «البناء» أن «الجلسة ستعقد اليوم ولا تغيير في موعدها وستبحث جدول الأعمال العادي ولن تبحث ملفات سياسية. فهي بالأصل لم تبحث ملفات سياسية خلافية في الجلسات السابقة حفاظاً على استقرارها وعدم استفزاز أي فريق، بل هي تعمل لتسيير أمور المواطنين الأساسية والروتينية وسنستمر بذلك ولن نكون رهينة بيد أحد أما إذا أرادوا فرط عقد الحكومة فليفعلوا ونستقيل جميعنا». وأوضح درباس أن ملف النازحين السوريين يسير بطريقة سليمة ولا داعي لنقاشه في مجلس الوزراء ولا يجوز تحويله كأحد وسائل الصراع السياسي الداخلي».
وكان رئيس الحكومة تمام سلام أكد خلال رعايته حفل إطلاق مشروع «نهوض لبنان نحو دولة الإنماء»، الذي أقيم في السراي الحكومي، أن «لبنان يمر بواحدة من أصعب المراحل في تاريخه، إن لم يكن أصعبها على الإطلاق، وأن الأزمة باتت تتطلب معالجات فورية تفادياً للأسوأ»، معتبراً أن «المدخل إلى التحصين الوطني المرتجى هو أن نذهب اليوم قبل الغد، الى انتخاب رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، والقائد الأعلى للقوات المسلحة».
http://www.al-binaa.com/?article=142366
2016-10-06 | عدد القراءات 2358