غارة سورية  وإنذار برا للأتراك ...والمعلم في موسكو ..والحشد الشعبي إلى تلعفر حزب الله أحاط جلسة الإنتخاب بضمانات لعدم فرط النصاب بعد الدورة الأولى تصويت جنبلاط والأحزاب بما يمنح عون فوزا لائقا ...وي

كتب المحرر السياسي

إنتقلت المواجهة مع التوغل التركي في سوريا والعراق إلى الميدان مع الغارة التي  نفذها سلاح الجو السوري على مواقع لدرع الفرات شمال سوريا ، وهو الإسم الذي منحه الأتراك للجماعات السورية التي يتخذونها دروعا بشرية لقواتهم المتوغلة داخل الحدود السورية ، والغارة تزامنت مع موقف للقيادة العسكرية السورية يؤكد الجهوزية للتصدي لأي إستهداف لمن أسماها مواقع الحلفاء ، أو تهديد لها ، وبدا أن المقصود مواقع الجماعات الكردية التي يحاول الأتراك والجماعات التي يشغلونها معهم إستهدافها ، لكنه يبدو مرتبطا كثر بمعركة مدينة الباب القريبة من حلب التي يزمع الأتراك الإقتراب منها ودخولها تحت شعار تحريرها من داعش ، بينما شهد العراق تطورا مماثلا بقرار الحشد الشعبي التقدم تحو تلعفر التي رسم حولها الأتراك خطا أحمر ، وقال وزير خارجيتهم أنهم لن يقفوا متفرجين أمام ما قد يرتبكه الحشد الشعبي بحق التجمعات التركمانية هناك .

تقليم أظافر التوغل التركي في سوريا والعراق يبدو قرارا مشتركا يحظى بتغطية روسية إيرانية ، ويبدو الأميركيون يائسين من إقناع  أنقرة بالتعقل كما هم عاجزين عن توفير التغطية لمشاغباتها ، بعد فشل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على الحكومة العراقية لقبول ما وصفه بالتسوية .

الخطوط التي يرسمها السوريون والعراقيون امام الجيش التركي ، إن لم تفتح باب مواجهة خرقاء  خاسرة يرتبكها الرئيس التركي رجب أردوغان ، ستحجم الدور التري عسكريا عند نقاط حدودية في البلدين ، لكنها ستعني إخراج تركيا كلاعب سياسي فيهما ، وإن تطورت المواجهة إلى تصعيد ستجد تركيا أنها في موقع لا تحسد عليه ، فالتقرب نحو مدينة الباب لا تتوافر له تغطية المدفعية ، مثله مثل التوغل نحو تلعفر ، ويحتاجان لتغطية جوية ، ستكون في مرمى الصواريخ السورية في منطقة مدينة الباب ومحيط حلب ، كما ستكون القوات البرية التركية مكشوفة لكمائن الحشد الشعبي والجيش السوري بلا تغطية الكيران التركي الذي لا يملك صلاحيات التحليق في العراق وفقا لتفاهمات الحكومة العراقية مع واشنطن ، بينما سيتكفل الدفاع الجوي السوري بشل حركته في جوار حلب ، والغطاء الروسي حاسم مع الدولة السورية في هذه المواجهة إذا حدثت ، بينما وزير الخارجية السورية وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد في موسكو لمناقشة كل التطورات في سوريا والمنطقة ، وعلى جدول الأعمال ردع التوغل التركي والعدوان على السيادة السورية .

في ظل التشوش الإقليمي الذي تغلب عليه معارك الربع الأخير من ساعة المواجهة مع رجحان كفة قوى محور المقاومة في سوريا والعراق واليمن ، كما تتقدم فيه الأوراق السياسية على طاولات التفاوض مع مساعي البعوث الأممي في اليمن وورقته المعدلة ، ومواصلة لجان الخبراء عملها في جنيف تحت عنوان فصل جبهة النصرة عن الجماعات المسلحة ، وكيفية إخراج المسلحين من حلب .

يأمل اللبنانيون أن يوفقوا في هذا المناخ ، في إقتناص فرصتهم لملء الفراغ الرئاسي في ظل توافق داخلي على تأمين النصاب الدستوري الذي بقي عصيا على التوافر طيلة سنتين ونصف ، ويكتفون بعدم الممانعة الدولية والإقليمية أملا بتتويجها بتقديم نموذج لفرصة تفتح كوة في العلاقات السعودية الإيرانية من البوابة اللبنانية ، قابلة للتكرار في ساحات أخرى ، ولو تحت عنوان عدم الممانعة أيضا .

حزب الله الذي شكل الرافعة الرئيسية للحدث اللبناني ، متوجا إنتصاراته الإقليمية ، بفتح الباب للتسوية التي إرتضاها الرئيس سعد الحريري ، بمقايضة توصله لرئاسة الحكومة بعدم ممانعة حزب الله لهذا الوصول ، مقابل عدم ممانعته بالتصويت لإيصال العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية ، يتابع تحضيرات اليوم الرئاسي المرتقب بعد أربعة أيام ، ليكون يوم الإثنين موعدا لإعلان عون رئيسا للجمهورية ، فلا يمانع بالتفسير الذي يريد رئيس مجلس النواب إعتماده في تطبيق دورتي انتخاب الرئيس تأسيسا على إقفال الجلسة التي تمت فيها دورة إنتخابية أولى ، وينصرف لتعداد النواب اللازمين لتأمين النصاب ما بعد الدورة الأولى ، واثقا من أن النصاب سيبقى في القاعة ما لم يفز المرشح العماد عون بالأغلبية اللازمة في الدورة الأولى وهي ستة وثمانين نائبا تعادل ثلثي أعضاء المجلس النيابي دستوريا ، وهو العدد نفسه المطلوب لتوافر نصاب الجلسة في الورتين المتتاليتين .

مصادر مطلعة تقول ل"البناء" أن كل البحث التفصيلي والحكم على فرضية فرصة أخيرة لتفاهم ينتج شبه إجماع على العماد عون ، تبقى رغم ضآلة حظوظها بإنتظار عودة الرئيس بري ليل غد من جنيف ، لكن التحضيرات تجري وفقا للفرضية الأرجح وهي بقاء ترشيح النائب سليمان فرنجية مطروحا في التداول ، وبقاء الرئيس بري على قراره بعدم التصويت للعماد عون ، فيصير مهما التحقق مع هذه الفرضية من توافر النصاب اللازم لمواصلة العملية الإنتخابية في الدورة الثانية ، وهنا يبدو الحديث عن خطر إنفراط النصاب نوعا من التهويل بلا أساس ، فالكتل التي ستمنح العماد عون أصواتها ستبقى في القاعة ، والرئيس بري والنائب وليد جنبلاط ليسا بوارد فرط النصاب ، والحؤول دون إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ، وهذا يعني بقاء أكثر من مئة نائب في القاعة على الأقل .
على مستوى الإنتخاب والتصويت تقول المصادر نفسها أن النائب جنبلاط وكتل الأحزاب الحليفة لحزب الله وحركة أمل تسعى للبحث بمواقف من التصويت تمنح للعماد عون فرصة الفوز بما يحتاجه الفوز اللائق ، وبالمقابل منح النائب فرنجية بما يريح الرئيس بري والنائب فرنجية ، وأن تفاصيل هذا الموقف يتوقف على المشاورات التي ستجري بعد عودة الرئيس بري وإستكشاف ما يرغب إليه من الحلفاء خصوصا أن حزب الله ترك لهم الخيار مؤكدا تقبله برحابة صدر أي قرار يتخذونه بالتصويت ، مراعاة للعلاقات مع الرئيس بري والنائب فرنجية ، لكن المصادر ذاتها تؤكد أن مواقف الأحزاب كما موقف جنبلاط ، ستتقرر نهائيا مع إحتساب دقيق للتصويت يجري عشية جلسة الإنتخاب ، وتتبين عبره حدود الحاجة التي يفترض ان يوفرها التصويت من الحلفاء والأصدقاء ، لتزخيم الفوز برقم لائق ، دون تجريد التصويت المقابل من النسبة المريحة التي يحتاجها ، هذا عدا عن كون وقوف التصويت الثالث في منتصف الطريق بين الرئيس بري وحزب الله ، ينطلق من كون المرشحين ينتميان لخط سياسي واحد ، ولأحدهما فقط فرصة الفوز ، والحفاظ على مناخات هادئة بالعلاقة مع جمهور الفريقين الواقفين على ضفتي التصويت يعبر عن حرص على منطق التحالف ورفض إصطفاف يسهم في تقسيم الصفوف بين معسكرين بلا مبرر .

الفرصة الأخيرة تضعها المصادر لفرضية دعوة الرئيس بري لجسلة وادعية لهيئة الحوار الوطني يعقدها صبيحة الإثنين في مجلس النواب ، تسهم في تبديد مناخات التوتر ، ويعلن فيها نهاية عمل الهيئة ، بإنتظارأن يكون الحوار عهدة الرئيس المنتخب ، وفقا للصيغة التي يراها مناسبة .

 

 

 

 

2016-10-27 | عدد القراءات 9783