الجيش السوري والحلفاء لتدحرج الإنتصارات مع إنهيار بنية النصرة في حلب الحريري ينهي النصف المسلم من حكومته ويتجه للنصف المسيحي في بعبدا جعجع لتوزير معوض وفرعون ...والمهم إستبعاد المردة والقوميين والكت

كتب المحرر السياسي

 

ينصرف الأميركيون تدريجيا للتأقلم مع رحلة الإنتقال من عهد إلى عهد ، بكل ما في الإنتقال من صخب وضجيج وتظاهرات وفوضى وشغب ، ليست وفقا للمراقبين إلا عينه عما ستشهده أميركا مع صعود خطاب الإنكفاء نحو الداخل ، والتموضع وراء الهوية الأميركية المرتبكة بهويات متعددة ، بعد سقوط الهوية المعولمة أمام فوبيا الإرهاب والديمغرافيا المهاجرة ، وخيبات الحروب الفاشلة ، والإقتصاد العاجز عن النهوض والمتمادي في الضمور .

العالم المصاب بالذهول هو أيضا يتأقلم مع الجديد الوافد إلى البيت الأبيض ، والأوروبيون كما السعوديون والأتراك ، ينتقدون شيئا من خطاب الرئيس الأميركي الجديد لكنهم ، منزعجون من شيئ آخر ، فهم ليسوا اقل عنصرية في العمق ، وما يزعجهم أن أميركا القوية التي كانوا يستندون إليها في الملمات ويحتاجونها اليوم أكثر من اي  وقت مضى لم تعد موجودة .

وحدها "إسرائيل " تأقلمت سريعا فواصلت إحتفالاتها بفوز ترامب وهي تعلم أنها لن تنال منه أفضل  مما  نالت من عهد الرئيس باراك أوباما ، وتكتفي بالإلتزام الأميركي بتزويدها بالمال والسلاح ، وتمضي في مشاريعها الإستيطانية وفي خلق الوقائع في تهويد الأرض الفلسطينية ، فأميركا التي لا تخوض الحروب لا تملك مشروعية وقف الإستيطان سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية .

المشهد الإقليمي ، رغم ضرواة معارك العراق واليمن ، لا يزال سوريا ، حيث دخلت معارك حلب المرحلة التي يصفها العسكريون بتدحرج الإنتصارات ، بسقوط دراماتيكي للمواقع الحصينة في وقت قياسي ، ومع دخول الجيش السوري وحلفاؤه إلى بلدة منيان وتحريرها من جبهة النصرة في معركة لم تزد عن ثلاث ساعات ، والتقدم النوعي في ضاحية الأسد منذ أول أمس ، ومعهما التقدم في حي الراشدين وظهور البنية العسكرية لجبهة النصرة ، في حال إنهيار ، ما يعني مع القرار الروسي ببدء التغطية النارية النوعية بالصواريخ  المجنحة التي تطلقها السفن الحربية وتغير الخارطة العسكرية ، وقد بدأت وجبات أولى منها أمس ، أن الأيام المقبلة ستحمل مفاجآت عسكرية في الأحياء الشرقية لحلب وفي ريفها الشمالي والشرقي والغربي والجنوبي .

في لبنان يبدو المشهد الحكومي مفتوحا على الإنتخابات النيابية المقبلة ، بإرتباط عضوي ، بات محصورا بالنصف المسيحي من الحكومة ، بعدما أكدت مصادر متابعة لمساعي رئيس الحكومة إكتمال تركيب مشهد النصف المسلم منها ، بوضوح التفاهمات مع القوى الرئيسية المعنية ، وصيغ التمثيل ، ومنها حسم موضوع حقيبتي المالية والداخلية ، لكل من الوزيرين علي حسن خليل ونهاد المشنوق ، كما  حسم المقاعد الدرزية الثلاثة للكل من الوزيرين مروان حمادة وطلال إرسلان والنائب أيمن شقير ، ومقايضة تمثيل الوزير فيصل  كرامي من حصة رئيس الجمهورية مقابل توزير النائب السابق غطاس خوري ، لتبق الأسماء الأخرى في الحصتين الشيعية والسنية رهنا بالحقائب بصورتها النهائية ، التي لن تحسم إلا مع بدء التركيب المتوازي للنصفين المسلم والمسيحي للحكومة .

على الضفة المسيحية في تشكيل الحكومة ، حسمت وزارة الخارجية للوزير جبران باسيل ، وعلقت وزارة الدفاع بإنتظار أن يحسمها رئيس الجمهورية ، ومع وجود مقعدين أرمنيين سيتقاسمهما الرئيس الحريري وحزب الطاشناق ، ومقعد النائب السابق غطاس خوري المحسوب للرئيس الحريري ، لقاء مقعد الوزر السابق فيصل كرامي ، يبقى عشرة مقاعد  ، يفترض أن تضم تمثيل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ، إذا حسمت حصة رئيس الجمهورية بمقعدين مسلم ومسيحي ، ويدور البحث بكيفية تلبية تمثيل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ، في حكومة وحدة وطنية يفترض كي تضمن مشاركة الرئيس نبيه بري ، بتضامن حزب الله معه ، أن تضم تيار المردة ، والحزب السوري القومي الإجتماعي ، وهذا يعني تقاسم التيار والقوات وفقا للتفاهم القائم بينهما ، مناصفة لثمانية مقاعد ، أو إحتساب وزير الدفاع مناصفة ، وجعل حصة رئيس الجمهورية ثلاثة وزراء وكل من الطرفين ثلاثة وزراء ، وهذا يفترض نجاح القوات بإبعاد حزب الكتائب عن الحكومة ، ومدى تمسك رئيس الحكومة به ، خصوصا ان القوات تسعى بثقلها لخوض حربها الإنتخابية لإبعاد المردة والقوميين والكتائب من الحكومة تمهيدا لشطب تمثيلها النيابي بقوة التحالف مع التيار الوطني الحر ، وتشير المعلومات إلى نية القوات توزير كل من الوزير ميشال فرعون وميشال معوض من حصتها الوزارية إضافة لوزيرين بينهما المسؤول الإعلامي في القوات ، الشريك  في صناعة التفاهم مع التيار الوطني الحر ملحم رياشي .
يتوقع أن يتشاور رئيسا الجمهورية والحكومة عبر المسؤولين السياسيين الأبرز في تياريهما ، وزير الخارجية جبران باسيل ونادر الحريري ، لتقييم الوضع وبلورة الخيارات ، قبل أن يمضي الوقت سريعا ، خصوصا ان تخطي مهلة عيد الإستقلال صار يعني تخطي ما بعده والدخول في المجهول ، لأن لا شي غير واضح ويستدعي وقتا لعلاجة ، والأمر أمر قرارات ، والقرارات التي لا تتخذ اليوم يصير أصعب إتخاذها غدا ، والسؤال الأكبر ، هل قامت القوات بمفاضلة خيار تسهيل إقلاع العهد بحصة وازنة وحساباتها الإنتخابية الحالمة ، وإختارت ، لأن خيارها وحده سيقرر هل تبصر الحكومة النور قبل عيد الإستقلال أن تغيب في المجهول .

2016-11-12 | عدد القراءات 4670