انهيارات المسلّحين تسابق مفاوضات كيري ولافروف المستمرة اليوم حلب في حماية الجيش السوري... وأكثر من 1000 مسلح سلّموا أنفسهم

كتب المحرّر السياسي

الأميركيون مرتبكون في خطواتهم السورية، خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف، يسعون ليكون لهم يد في التطورات ولا يملكون القدرة على الالتزام بالتعهّدات، فيحفظون خطوط الاتصال مع روسيا، ومفاوضات مكوكية يتراجعون عن نتائجها، كلما دنت استحقاقات التنفيذ، ويأملون في سرّهم أن يحسمها الميدان، وينهي الجيش السوري وحلفاؤه ما بدأه منذ تمرّد على التفاهم الذي أبرم في جنيف بين موسكو واشنطن، جمعُ حلفاء واشنطن من الرياض وأنقرة ومَن معهم من المسلحين، واتهموا واشنطن بالتخاذل وأبلغوها أنهم سيقاتلون ويغيّرون وجهة الحرب، وهي تردّ أنها تريد تجنيبهم الجحيم، ويصير الجحيم الذي هدّدت به واشنطن كبديل لما صاغته من تفاهمات هو بأيدي الجيش السوري والحلفاء، رداً لاعتبار الدولة العظمى التي تطاول عليها مَن تحميهم، وادّعوا أنهم سيصنعون أفضل مما جاءت لهم به، وهو ما سيكون موضوع مراجعة لاحقة عندما ينتهي الأمر في حلب، وتسأل واشنطن هؤلاء، ألم يكن الأفضل السير بفصل أحياء حلب الشرقية عن جبهة النصرة، انخراط سائر الفصائل في أحكام الهدنة والمسار السياسي بدلاً من الانتحار الذي يكاد ينتهي وتتسابق مشاهده الأخيرة مع جولات التفاوض التي يُجريها في روما وزيرا الخارجية الروسي والأميركي سيرغي لافروف وجون كيري؟ بينما أنباء تساقط الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون بيد الجيش السوري والحلفاء تسابق مئات المسلحين على تسليم أنفسهم للجيش السوري وقد بلغ عدد هؤلاء مع منتصف ليل أمس أكثر من ألف مسلح، عجّت بهم الطرقات والساحات، وهم يخرجون رافعي الأيدي مطأطئي الرؤوس، يتوجّهون نحو أقرب نقطة للجيش السوري، الذي بسط عملياً سيطرته على أكثر من 90 من الأحياء الشرقية للمدينة.

لا تفاؤل بقرب التوصل لحلّ سياسي في مفاوضات كيري لافروف، وفقاً لمصادر معنية ومتابعة، بينما تطورات حلب ستسبق وتفرض نفسها قبل أن يبقى ما يصلح للتفاوض، لتكون وظيفة جولات المحادثات ما بعد حلب واستكشاف ما إذا كانت واشنطن لا تزال ملتزمة بالتفاهم الروسي الأميركي الذي يقوم على التشارك في الحرب على النصرة وداعش؟

لبنانياً، تواصل منسوب التفاؤل بحلحلة العقد الحكومية مع اللقاءين اللذين شهدهما قصر بعبدا وبيت الوسط، حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بينما التقى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري برئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، ومحور المحادثات واحد وهو تبادل وإعادة ترتيب في الحقائب، يتيح عدم إحراج القوات من جهة وإرضاء المردة من جهة أخرى، بصيغ توضع فيها على الطاولة أربع حقائب هي الأشغال والاتصالات والتربية والطاقة، أملاً بالوصول إلى تسوية مع الطرفين تحاصر العقدة الرئيسية التي يعني حلها عملياً إقلاع التشكيل الحكومي، حيث يصير المطلوب مراجعة نهائية للتوازنات السياسية والأسماء والحقائب في التركيبة الحكومية، ويمهّد لزيارة مرتقبة لفرنجية إلى قصر بعبدا ولقاء مصارحة ومصالحة مع الرئيس ميشال عون.

لقاء بيت الوسط بحث عقدة المردة

في ضوء الغزل السياسي بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الذي بعث برسائل التطمين لكافة القوى السياسية بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح أمس الأول، تكثفت الإتصالات على خطوط القوى المعنية بتشكيل الحكومة. وأكد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية «أننا والرئيس المكلف سعد الحريري متفاهمان»، مشيراً إلى أن «الأمور يمكن أن تذهب نحو خواتيم سعيدة قبل الأعياد».

وشدّد فرنجية على «أننا نريد حقيبة أساسية، والحريري متفهم لموقفنا ونشكره على ذلك، وأنا متفاهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري»، لافتاً الى «أن الموضوع موضوع مبدأ ولا يتعلق بالحقائب والتفاصيل الصغيرة».

كلام رئيس تيار المردة جاء بعد لقائه الرئيس الحريري عند الثامنة والنصف من مساء أمس في «بيت الوسط» يرافقه وزير الثقافة روني عريجي، في حضور مستشار الرئيس الحريري الدكتور غطاس خوري والسيد نادر الحريري. وتناول اللقاء آخر المستجدات السياسية في البلاد. وتخللت اللقاء، مأدبة عشاء استكملت خلالها مواضيع البحث، ولا سيما ما يتعلق بالمشاورات والمساعي المبذولة لتشكيل الحكومة.

ولفت فرنجية إلى أنه «تبادل الآراء مع الرئيس المكلف الذي يعرف أننا نتمنى له الخير وأن تشكل الحكومة قريباً».

وشدد فرنجية على أن «الحريري يتفهم موقفنا ولا يقبل أن يتم الانتقاص من حقنا أو من حق أي فريق في البلد»، موضحاً أن «البعض يضعنا في موضع أننا مَن نعطل، ولكننا ولا يوم أردنا التعطيل، والتعطيل يتحمل مسؤوليته الفريقان».

وأشار الى «أننا وقفنا مع حلفائنا ضد أنفسنا وحلفائنا اليوم يقفون معنا بمطلب محق»، معتبراً «أن البعض يرفض مطالبنا من منطلق التحجيم، ولكن لا أحد يستطيع أن يحجمنا».

وعلمت «البناء» أن «الاجتماع بحث عقدة تمثيل المردة بحقيبة أساسية في ظلّ تمسكها بواحدة من حقائب الاتصالات والطاقة والأشغال»، موضحة أن تولّي فرنجية حقيبة التربية وبقاء الأشغال من حصة كتلة التنمية والتحرير أحد الخيارات لحل العقدة، لكن يصطدم بإشكالية تمسك التيار الوطني الحر بالتربية»، مشددة على أن «تأليف الحكومة يتوقف على مدى وصول النقاش بين الحريري وفرنجية الى نتيجة».

وسجّل أمس تواجد حشد واسع من المسؤولين السياسيين والروحيين والإعلاميين خلال تقبّل الوزير محمد فنيش التعازي بوفاة زوجته في مجمع الإمام المجتبى في الضاحية الجنوبية، حيث جلس الوزير باسيل الى جانبه لأكثر من ساعة ونصف في ظل وجود وزير المال علي حسن خليل. وجرت محادثات على هامش التعازي لا سيما بين باسيل وفنيش.

نصرالله يتحدّث عن الحكومة وحلب

وفي غضون ذلك تترقب الأوساط السياسية كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم غدٍ لما ستعكسه من إيجابيات وتسهيل تشكيل الحكومة ودعم للعهد الجديد والعلاقة بين حزب الله وحلفائه بعد سيل من الإشاعات والاتهامات التي طاولت الحزب.

وبحسب ما علمت «البناء» فإن السيد نصرالله سيخصص الجزء الأول من كلمته للوضع الحكومي بكل تفاصيله على أن يتطرّق في الجزء الثاني الى الوضع الإقليمي لا سيما الانتصار التاريخي والاستراتيجي الذي حققه الجيش السوري والمقاومة في مدينة حلب واستعادتها الى حضن الدولة وانعكاس ذلك على مسار الحرب في سورية. وربما يدعو السيد نصرالله المسلحين ليس فقط للانسحاب من آخر معاقلهم في حلب، بل من كل سورية كما دعاهم سابقاً في جبهات أخرى الى إيقاف القتال والانخراط في الحل السياسي.

أبعد من الحقائب…

وقالت أوساط قيادية مستقبلية لـ«البناء» «إنه رغم ارتفاع وتيرة الاتصالات ولقاء الحريري فرنجية غير أن لا معطيات جديدة توحي بقرب تشكيل الحكومة، ولم تحلّ العقد بشكلٍ كامل، لكن يمكن أن يطرأ خرق في جدار التأليف في أي لحظة»، موضحة أن «حقيبة الأشغال لا تزال تشكل إحدى العقد الظاهرية، حيث تم الاتفاق منذ بداية التأليف على مبدأ المداورة في الحقائب. وعلى هذا الأساس وخلال التوزيع تم اعتبار حقيبة الأشغال من حصة حزب القوات، لكن الرئيس الحريري اضطر الى السير بمبدأ القديم على قدمه بعد تمسّك جميع القوى بالحقائب التي تتولاها في الحكومة الحالية».

وأشارت الأوساط نفسها الى أن «موضوع تشكيل الحكومة لا يتوقف على توزيع الحقائب بل على محاولات البعض إرساء قواعد جديدة ووضع قيود على رئيس الجمهورية في بداية حكمه، كي لا يخرج من الاتفاقات السابقة». مشددة على أن الحريري هو المعني دستورياً بتشكيل الحكومة إلا أن وضع حلحلة العقد عند رئيس الجمهورية لأن أي عرقلة هي في وجه العهد، مضيفة أن «عقدة القوات عند الرئيس عون الذي عقد تفاهماً مع القوات على الشراكة في العهد، ما أعطى القوات حصة أكبر من حجمها الأمر الذي يتطلب من الرئيس عون معالجة هذه المعضلة»، موضحة أن «ما عقّد مشكلة التأليف هي وعود ما قبل الانتخابات الرئاسية فضلاً عن التحالفات المتناقضة بين حزب الله والتيار الوطني الحر من جهة وبين التيار والقوات اللبنانية من جهة ثانية، ما أدى الى اصطدام هذه التحالفات وصعوبة في توزيع الحقائب بين قوى هذه التحالفات». وجزمت المصادر بأن الحريري لن يتنازل عن حقيبة الاتصالات، لأن هذا الأمر سيؤدي الى خروج أصوات من داخل الطائفة السنية لترمي سهامها على الحريري لتنازله عن حقوق السنة بعد أن قدّم تنازلات عدة لحزب الله».

يصلّون لـ«الستين» سراً ويرجمونه علناً

واستبعدت الأوساط «التوصل الى قانون توافقي»، وأضافت: «غالبية القوى يصلون للستين سراً ويرجمونه علناً، حيث يضمنون حصصهم فيه أما في أي القوانين المختلطة، فالنتائج غير معروفة وقد يفقدون مقاعد عدة». وعن موقف المستقبل من التمديد التقني للمجلس النيابي الحال أشهراً عدة ريثما يتم إقرار قانون جديد، رجحت المصادر «إجراء الانتخابات على الستين لصعوبة إقرار قانون انتخاب آخر».

..وبري: لدفنه إلى «غير رجعة»

ونقل النواب عن الرئيس بري بعد لقاء الأربعاء النيابي قوله إن الاتصالات متواصلة في شأن موضوع تأليف الحكومة، وإنها تجري بوتيرة ناشطة، ونأمل أن تصل الى النتائج الإيجابية المرجوة لتأليف الحكومة في أسرع وقتٍ ممكن. وجدّد تأكيد أهمية العمل الجادّ من أجل إقرار قانون جديد للانتخابات ودفن قانون الستين الحالي الى غير رجعة، داعياً الى تضافر الجهود في هذا المجال، ومشدداً في الوقت نفسه على أن التمديد للمجلس مرفوض حتماً وغير وارد على الاطلاق.

ونقل زوار رئيس المجلس عنه لـ«البناء» تفاؤله بـ «ولادة الحكومة قبل الأعياد وأنه كان يفضل أن تسبق الانتخابات الرئاسية سلة متكاملة للتفاهم على الحكومة وقانون الانتخاب، لكنا وفرنا كل الجهد والوقت الذي نشهده في تأليف الحكومة والخلاف على قانون الانتخاب الذي ربما يأخذ إقراره وقتاً طويلاً». وذكر بري بإصرار رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي على تمثيل الطائفة الشيعية في حكومته بحقيبة خدمية وأخرى سيادية وكانت الحكومة آنذاك أقلّ من 24 وزيراً».

وأشارت مصادر في كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» إلى أن «رئيس المجلس لمس إيجابية كبيرة في كلام باسيل يُبنى عليها لجهة التعاون في الحكومة وفي التفاهم على قانون الانتخاب»، موضحة أن كلام باسيل عن تمثيل كل القوى في الحكومة ربما يعيد صيغة الثلاثين إلى الواجهة إلا إذا أمكن تمثيلها في الـ24 وزيراً»، مشيرة الى أنه «إذا صدقت النيات السياسية سيوضع قطار الحكومة على السكة الصحيحة»، لافتة إلى أن «بري لا يربط بين تشكيل الحكومة وقانون الانتخاب لكن في النهاية الحكومة هي التي ستقر القانون أما الحديث عن إقراره في المجلس النيابي هرطقة لعدم وجود قانون مدروس محال من اللجان المشتركة الى الهيئة العامة».

.. وجعجع في بعبدا

وفيما تستمر «القوات» برفع «الفيتوات» على الحقائب أمام الأطراف الأخرى وفي توقيت لافت، زار رئيس «القوات» سمير جعجع بعبدا ورفض بعد لقائه رئيس الجمهورية الحكومة الثلاثينية، وموضحاً «أننا لا زلنا نتكلم عن حكومة من 24 وزيراً وليس هناك من تغيير في التركيبة»، معرباً عن «تفاؤله بتشكيل الحكومة قبل الأعياد»، مؤكداً «أننا لسنا عائقاً امام التشكيل، والمشكلة حجم العهد الجديد لا الحقائب»، مشدداً على «أن تفاهمنا مع «التيار الوطني الحر» تفاهم ضمن خطة وطنية حول القضية ككل، ورأينا اليوم كيف تمدّد ووصل إلى «تيار المستقبل» ونتمنى أن يصل إلى عين التينة ويكمل إلى الضاحية، لأن لا فيتو ضد أي شخص».

كما استقبل الرئيس عون مفتي الجمهورية السورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون، يرافقه السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي. وبعد اللقاء، أكد حسون أن «الرئيس عون انتخب من الشعب قبل القيادات، ولم ولن نخاصم أحداً أبداً وندعو كل مَن خاصمنا الى المصافحة والمصالحة والمسامحة».

2016-12-08 | عدد القراءات 6763