دعوة ترامب للمنطقة الآمنة تثير تساؤلات... وتتحوّل للدراسة فصائل «أستانة» تلجأ للجيش والأكراد... والنصرة وأحرار الشام للحرب

كتب المحرّر السياسي

بعد الغبار الذي أثارته دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإقامة منطقة آمنة في سورية، والترحيب التركي القطري بها، والاحتجاج الروسي من ضمن عدم التنسيق والتشارو مع موسكو حولها، قال البيت الأبيض إن الأمر الإداري الذي وقّعه ترامب لإقامة المنطقة العازلة هو توجيهي لوزارتي الخارجية والدفاع لإعداد دراسة حول المنطقة الآمنة وسبل إقامتها، والاحتمالات المتعددة لذلك وكلفة كل منها وعائداته المالية والسياسية والعسكرية، ليتخذ الرئيس القرار المناسب.

مع زوبعة ترامب في فنجان المنطقة الآمنة، تستقبل المنطقة عواصف وأمطاراً وثلوجاً بوصول منخفض جوي، لم تنخفض معه لا حرارة المعارك شمال سورية، بين جبهة النصرة والفصائل المشاركة في عملية أستانة، ولا في المحادثات الهادفة لبلورة صيغة لقانون انتخاب جديد تحظى بالتوافق، يعمل عليها رباعي بعبدا الذي يضم وزيري المالية والخارجية علي حسن خليل وجبران باسيل والنائب علي فياض ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري.

في شمال سورية، قالت المعلومات الواردة من هناك إن جبهة النصرة أنهت عملياً تصفية فصائل ما يُسمّى بالجيش الحر، التابعة لتركيا، وإن عشرات مسلحي هذه الفصائل قد لجات إلى مواقع الجيش السوري ومناطق سيطرة الجماعات الكردية المسلحة هرباً من ملاحقة جبهة النصرة، وإن ما بقي من هذه الفصائل ومسلحيها قد انضم إلى أحرار الشام التي رفضت المشاركة في أستانة، والتي أعلنت رفضها لحرب التصفية التي تخوضها النصرة، وتبدو علاقتها المتوترة أصلاً بالنصرة متجهة نحو حرب كسر عظم.

في مشاورات بعبدا تدور المشاورات على أربعة مشاريع تقوم ثلاثة منها على دمج النظامين النسبي والأكثري، لخّصها الوزير جبران باسيل، بالمختلط بالعدد، والمعني هنا مشروعا رئيس مجلس النواب نبيه بري و«ثلاثي» القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، والمختلط بالمراحل، والمقصود هو التأهيل على النظام الأكثري في دوائر بحجم الأقضية والانتخاب على أساس النظام النسبي على أساس المحافظات الخمس، والمختلط بالتصويت، والمقصود مشروع تقدّم به التيار الوطني الحر لاعتماد دوائر متوسطة على أساس سبع او تسع محافظات يختار الناخب فيها الانتخاب على أساس أكثري أو نسبي، ويفوز فيها المرشحون الذين يحظون بنسبة من التصويت تفوق نصف الأصوات وتصل للثلثين من المقترعين، ويستكمل الباقون بالفوز وفقاً للحاصل الذي يأتي به التصويت على اساس النظام النسبي للوائح مقفلة وصوت ترجيحي. وفي كل هذه المشاريع توزع المقاعد وفقاً للمعايير المناطقية والطائفية المعتمدة. ومع ورود معلومات عن ترجيح النائب وليد جنبلاط لكفة مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كان جنبلاط ممثلاً فيها، والقائم على تقسيم لبنان إلى ثلاث عشرة دائرة يعتمد فيها التنظيم النسبي، صار المشروع متقدماً على سواه مع أرجحية خضوعه لتعديل الدوائر، إذا ثبتت صحة الترجيح الجنبلاطي، أو ثبت على الترجيح أصحابه.

القانون أسير «الفيتوات»

بينما فرضت مواقف رئيس الجمهورية الحاسمة في مجلس الوزراء حيال قانون الانتخاب نفسها على تموضع القوى السياسية كافة، أتى اجتماع بعبدا الرباعي أمس الأول، والذي يُستكمل اليوم بلقاء ثانٍ، ليرفع منسوب التفاؤل بقرب التوصل الى صيغة توافقية للقانون الموعود، مع إعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس، عن تقدم واضح في المشاورات القائمة للتوافق على قانون جديد، لكنه لا يدري إلى أي مدى هذا التقدّم كما قال، في حين نفت مصادر سياسية لـ«البناء» «توصل الأطراف الى تفاهم في لقاء بعبدا حول صيغة موحّدة وأن التباعد لا يزال كبيراً. وفي حين أصرّ حزب الله في اللقاء على النسبية الكاملة على أساس دائرة واحدة أو محافظات، رفض تيار المستقبل النسبية بحجة استحالة إجراء انتخابات على النسبية في ظل وجود سلاح حزب الله وأصرّ على القانون المختلط الذي قدّمه مع القوات والاشتراكي أو ما بينهما، أما الوزير علي حسن خليل فطرح قانون رئيس المجلس النيابي نبيه بري المختلط كحل وسط وصيغة توافقية». وأشارت المصادر الى أنه «رغم تمسك التيار الوطني الحر والرئيس ميشال عون بالنسبية الكاملة، لكن التيار كان أكثر مرونة حيال جميع الاقتراحات وما يتفق عليه اللبنانيون». ولفتت الى أن «ما يحصل خلال الاجتماعات والمشاورات هو درس بعض الأطراف لعدد المقاعد التي ستنالها والتسويق للقانون الذي يتلاءم مع حجمها الانتخابي وتحالفاتها».

ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يعود قانون الرئيس نجيب ميقاتي إلى الواجهة، بعدما قبله رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، خصوصاً أنه يلبي طلب دعاة النسبية الكاملة ويقوم على تقسيم لبنان إلى ثلاث عشرة دائرة وتنحصر تحفظات البعض عليه في كونه يحمل اسم الرئيس ميقاتي والبعض الآخر في عدد الداوئر الذي يقترح توسيعها لتصبح خمس عشرة دائرة.

وفيما علمت «البناء» أن وفد اللقاء الديمقراطي نقل للقوى السياسية التي التقاها استعداد جنبلاط للحوار على أي قانون لا يهمّش طائفة أو طرفاً معيناً وأنه يقبل بقانون الستين معدلاً ولا يعارض مشروع الرئيس ميقاتي النسبية على أساس 13 دائرة ، رجحت مصادر مؤيدة لقانون الستين في ظل بقاء القانون أسير الفيتوات المتقابلة التي يرفعها كل طرف في وجه الآخر، «التوافق على قانون الستين معدلاً في نهاية المطاف»، مستبعدة الوقوع في الفراغ في ظل الاتفاق على إعادة تفعيل عمل المؤسسات مع انطلاقة العهد الجديد لا سيما أن الفراغ النيابي سيصيب الحكومة بالشلل».

وأوضحت أنه «باستثناء قانون النسبية الكاملة على أساس المحافظات أو الدائرة الواحدة، فإن الستين هو الأفضل بين كل مشاريع القوانين الانتخابية المطروحة للتداول»، مضيفة: أنه في ظل تعذّر الوصول الى القانون الأمثل وهو النسبية الكاملة، فإن درس الستين وتحديد الثغرات التي تشوبه والعمل على سدها، يبقى أفضل الحلول كتخفيض سن الاقتراع واعتماد البطاقة الانتخابية وضبط سقف الإنفاق الانتخابي وغيرها».

عون: سأكون أميناً على القَسَم

وأعاد الرئيس ميشال عون موقفه بأن «الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها وفق قانون يتجاوب وتطلعات اللبنانيين في تمثيل يحقق التوازن بين مختلف مكوّنات المجتمع اللبناني ولا يُقصي أحداً»، لافتاً الى أنه «سيكون أميناً ووفياً لما التزم به في خطاب القَسَم أمام اللبنانيين والعالم».

وأكد خلال استقباله الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغريني أن «لبنان بدأ عملية نهوض في مختلف القطاعات تواكب الاستقرار الأمني الذي ينعم به منذ انتظام عمل المؤسسات الدستورية». وشدّد على أن «الحل السياسي والسلمي للأزمة في سورية، هو المدخل الصحيح لأي تسوية تنهي الحرب، وتضع حداً لمعاناة النازحين السوريين التي تركت تداعيات سلبية كثيرة على لبنان».

غير أن وقع المواقف الرئاسية كان قاسياً على المختارة التي رفضت وضعها بين خيارين اثنين، النسبية أو الفراغ، وقال النائب جنبلاط عبر «تويتر»: «غير منطقي القول إما النسبية أو الفراغ، هناك احتمالات عدة غير هذه النظرة الأحادية، الحوار هو الحل بدلاً من الإقصاء».

وكان وفد «اللقاء» قد واصل جولاته على القوى السياسية شارحاً هواجسه ووجهة نظره من قانون الانتخاب العتيد، والتقى أمس، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب.

لقاء «التيار» و«القوات»

وعقب خلوة بعبدا التشاورية، أطلع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل والنائب ابراهيم كنعان رئيس «القوات» على أجواء اللقاء خلال زيارتهما معراب.

وقالت مصادر مطلعة على اللقاء لـ«البناء» «إننا انتقلنا من مرحلة المراوحة الى إمكان الخروج بقرار موحد حيال القانون الجديد، لذلك كان اجتماع معراب مفيداً ومهمّاً، استعرض خلاله الطرفان مشاريع واقتراحات القوانين المطروحة كلها، وخلص الجانبان الى ضرورة أن تقوم القوى السياسية بعملية غربلة للمشاريع كلها من أجل الخروج بالمشروع الذي يحظى بالتوافق الممكن».

وأشارت المصادر الى «وجود توافق بين التيار والقوات على ضرورة إيجاد صيغة تحظى بأقل معارضة كالقانون المختلط»، مضيفة: «هناك مشاريع مرفوضة بالمطلق مثل النسبية الكاملة وأخرى تحظى بموافقة عند البعض، لكنها غير مقبولة عند الآخر كمشروع التأهيل، أما المختلط فيشكل مساحة مشتركة وهناك جهد سيبذل من أجل الوصول الى صيغة جديدة خارج الصيغتين المطروحتين اقتراح رئيس المجلس النيابي نبيه بري واقتراح القوات والاشتراكي والمستقبل ويجري العمل على صيغة مختلطة جديدة تجمع بين المقترحين تبدّد هواجس البعض لكي تحظى بالتوافق المطلوب».

وكشفت المصادر أن «البحث التفصيلي يدور الآن حول تقسيم المقاعد بين الأكثري والنسبي وتوزيع عدد النواب على الدوائر»، وشدّدت على «أننا ذاهبون الى قانون جديد وخطوة الرئيس عون، رغم الهجوم عليه من الباب الدستوري، خطوة ضرورية لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، لأنه لو لم يتخذ عون هذا الموقف، لكنا حتماً ذاهبون إما الى الستين وإما الى التمديد، وقد رفع عون عنواناً جديداً لا تمديد ولا ستين وأصبحت المعادلة الجديدة، إما قانون جديد وإما الفراغ وبالتالي على القوى السياسية أن تتحمل مسؤولياتها وأن لا تقرأ كلام رئيس الجمهورية من الجانب السلبي بل من منطلق حثّ الأطراف على إقرار قانون جديد».

وأوضحت مصادر مؤيدة لقانون المختلط أن «كل القوى السياسية متجاوبة ومنفتحة على ما يجري من نقاش حول القانون»، مشدّدة على أن «حزب الله كان دائماً يقول إنه مع النسبية، لكنه مستعد للنقاش في أي قانون آخر»، وأشارت لـ«البناء» الى أن «تيار المستقبل لن يوافق بأي شكل على النسبية الكاملة، ومَن يريد أن يصل الى قانون عليه أن يذهب الى منطقة وسطى بين القوانين»، مشدّدة على أن «طرح ميقاتي ذهب مع حكومته وإعادة طرحه من جديد هدفه رفع السقف للمساعدة على الوصول الى قواسم مشتركة».

.. والمجلس استكمل التشريع

وعلى وقع احتدام الصراع حول قانون الانتخاب، واصل المجلس النيابي جلساته التشريعية التي كان بدأها الأربعاء الماضي، وأعاد النائب ابراهيم كنعان طرح موضوع المتعاقدين الذي سبق أن أرجئ من الجلسة الماضية، إلا أن رئيس الحكومة سعد الحريري أكد أنه يحتاج الى أسبوعين لدرس كلفة المشروع على أن يستكمل البحث بشأنه.

ثم طرح القانون المعجل المكرّر الرامي الى إعطاء زيادة غلاء معيشة للعاملين كافة من مدنيين وعسكريين من القطاع العام، المقدّم من النائب فريد مكاري الذي شرح الاقتراح، لكن تم تأجيله لارتباطه بموضوع إقرار سلسلة الرتب والرواتب.

وأقر المجلس اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى إعفاء شاحنات النقل الخارجي من رسوم الميكانيك، كما صدق اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى الموافقة على قرض بقيمة مئة مليون دولار أميركي بين الجمهورية اللبنانية والمؤسسة الدولية للتنمية.

ورفع بري الجلسة، على أن تعقد الثلاثاء في السابع من شباط المقبل جلسة لاستجواب الحكومة.

النفط على سكة التنفيذ

وبعد أن أقرّ مجلس الوزراء المراسيم النفطية جميعها التي كانت عالقة في أدراج الحكومة الماضية، تم وضع قطار التنقيب على سكة التنفيذ أمس، مع إعلان وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل فتح البلوكات 1 و4 و8 و9 و10 للمزايدة من ضمن دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن النفط في المياه البحرية اللبنانية.

.. واستنفار أمني في الشمال

وبعد أقل من أسبوع على إحباط الجيش اللبناني عملية انتحارية في مقهى الكوستا في منطقة الحمرا، و24 ساعة على توقيف أحد أخطر الإرهابيين عبد الحكيم أمّون الذي ينتمي الى تنظيم داعش، شهدت منطقة الشمال مساء أمس، استنفاراً أمنياً عاماً وحواجز ودوريات ومداهمات، بعد ورود معلومات عن «بيك آب» محمل بالمواد المتفجرة متجه لتنفيذ عمل إرهابي في المنطقة.

وكان الجيش اللبناني قد داهم مخيمين للاجئين السوريين في محافظة عكار، وأوقف 24 شخصاً لعدم حيازتهم أوراقاً قانونية، كما صادر 7 دراجات نارية.

وفي سياق ذلك، أحالت مديريّة المخابرات على القضاء المختص الانتحاري عمر حسن العاصي الذي اعترف بتفاصيل العملية الإرهابية كافة، منذ مبايعته تنظيم «داعش» الإرهابي حتى تلقّيه الأمر من التنظيم المذكور في الرقة وحتى وصوله للهدف لتنفيذ العملية الانتحارية في الكوستا في شارع الحمرا.

2017-01-27 | عدد القراءات 2968