بوغدانوف يسخّف علوش قبيل لقاء روسي مع وفد «الرياض» جنيف في حلقة مفرغة: عقدة أولوية الإرهاب ولا وفد موحّد ولا تفاوض مباشر أرسلان عند بري لتأكيد النسبية... وقانصو عند عباس يدعو لوحدة فلسطينية

كتب المحرّر السياسي

خيار الانفتاح على روسيا الذي كانت جماعة الرياض المعارضة ترفضه وفقاً لمعادلة اعتبار روسيا في سورية قوة احتلال تمشياً مع الموقف السعودي، تغيّر بتغيّر المعادلة السعودية التركية المشتركة، التي تقوم على حصر التناقض مع ثلاثي إيران وحزب الله والحشد الشعبي العراقي. وهذا ما ترجمته المواقف السعودية والتركية بالانفتاح على موسكو وبيروت وبغداد، لتقرر جماعة الرياض المعارضة اللقاء بالوفد الروسي في جنيف، مرفقة اللقاء بوصفه امتحاناً لجدية روسيا بالوقوف على الحياد بين الأطراف المتصارعة، وصدقيتها في وعودها المعلنة في أستانة، كما قال عضو وفد «الرياض» محمد علوش، ما استدعى رداً فورياً وقاسياً من نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف وصف فيه كلام علوش بالهراء والسخافة.

في جنيف يستمرّ الدوران في الحلقة المفرغة، أمام ثلاثة استعصاءات تحول دون تحقيق أي تقدم، أولها عجز فريق الرياض عن الالتزام باعتبار مضمون القرار 2254 لجهة اولوية الحرب على الإرهاب أساساً للتفاوض في كيفية ترجمة هذه الأولوية سواء بفصل المعارضة بوجودها وخطابها عن جبهة النصرة، أو لجهة أولوية المصالحة الوطنية لحشد القدرات في الحرب على ألإرهاب بمعايير تحفظ السيادة السورية وعنوانها الدستور ومندرجاته السيادية وجعل العملية السياسية تجري من داخله، والثاني عجز الفريق نفسه عن تقبل شراكة قوى المعارضة الأخرى في وفد موحّد، خصوصاً منصتي القاهرة وموسكو المعارضتين، وبصورة أخص الجماعات الكردية التي تضع تركيا الفيتو على مشاركتها، وترتّب على هاتين العقدين العقدة الثالثة التي تتمثل باستحالة بدء مفاوضات مباشرة بين الحكومة والمعارضة.

الانتقال للمفاوضات المباشرة وفقاً لمصادر أممية هو المؤشر على التقدم في جنيف وبسبب موانعه الكبرى يبدو مستبعداً هذه الجولة وتبدو المحادثات تشاوراً يجريه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا مع الفريقين وليست محادثات بينهما، بانتظار متغيرات جديدة وجولة جديدة.

لبنانياً، تتواصل التجاذبات حول قانون الانتخابات النيابية، وتتعطل جلسة الحكومة الخاصة بالموازنة بداعي السهو، ويتفكك المناخ الإيجابي الذي منح اللبنانيين أملاً كبيراً بنضج السياسة وقدرتها على أخذهم نحو رؤية واضحة لمسار بلدهم في منطقة يغشاها الضباب.

النائب طلال أرسلان بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري، أعاد التذكير المفصل بأهمية السير بصيغة المجلسين التي نص عليها الطائف والدستور معاً، كمخرج يحقق للجميع الاطمئنان ويبدد الهواجس، فتوضع النسبية ضمن إطارها، وتحفظ للطوائف خصوصياتها وهواجسها، بينما دعا رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو بعد زيارته رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لفعل ما يمكن لتوحيد القوى والفصائل الفلسطينية في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة.

قانصو: الإصلاح يبدأ بقانون الانتخاب

أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو حرص الحزب القومي على تحصين البيت الفلسطيني من خلال وحدة القوى والفصائل الفلسطينية كافة، وإعادة الاعتبار لخيار الكفاح المسلح الذي اعتمدته الثورة الفلسطينية ثابتاً أساسياً في مواجهة الاحتلال والعدوان. وشدّد قانصو خلال زيارته على رأس وفد من الحزب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مقرّ إقامته خلال زيارته بيروت، على أنّ المسألة الفلسطينية بالنسبة للحزب القومي هي جوهر القضية القومية.

من ناحية أخرى أكد قانصو خلال استقبالاته موقف «القومي» المتمسّك بقانون انتخابات عصريّ يؤمّن صحة التمثيل، لافتاً إلى أنّ كلّ الصيغ الانتخابية جرّبت في لبنان، وهذه الصيغ لم ترتقِ بالحياة السياسيّة بل عزّزت الطائفيّة والمذهبيّة والانقسام، وألغت المواطنيّة، ونحن اليوم بحاجة الى صيغة انتخابيّة تستعيد المواطنة وتحقق صحة التمثيل، ولا نرى بديلاً عن مشروع القانون الذي تقدّمنا به منذ العام 1997 والذي ينصّ على الدائرة الواحدة والنسبية وخارج القيد الطائفي.

وقال قانصو: إنّ الإصلاح الحقيقيّ في لبنان يبدأ بقانون الانتخاب، ويبدأ بإيلاء الشأن الاجتماعي والاقتصادي كل اهتمام، ونحن في ظل مناقشة الموازنة العامة، نؤكد الموقف الذي أعلناه، وهو رفض كل أشكال الضرائب التي تطال الفقراء وذوي الدخل المحدود.

النصاب ألغى جلسة الحكومة

ولم تمرّ جلسة الحكومة التي كانت مقررة أمس ومخصصة لاستكمال بحث مشروع الموازنة، من دون رسائل سياسية تمثلت بفقدان الجلسة النصاب القانوني للانعقاد، أدّى الى تطييرها من خلال تغيب 11 وزيراً عن الحضور، ثلاثة منهم من حزب القوات التي هدّد رئيسها سمير جعجع منذ يومين بعدم تمرير مشروع الموازنة من دون إصلاح قطاع الكهرباء، في تباين واضح مع وزراء التيار الوطني الحرّ ورئيس الجمهورية، ما يعيد آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء الى الواجهة، هل هي التوافق أم التصويت وهل باستطاعة مكوّن واحد تعطيل اتخاذ القرار؟

وإذ أشارت المصادر الى أنّ سبب تغيّب الوزراء هو المرض والسفر، إلا أن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة سعد حريري لفت الى أنّ «الحريري ألغى الجلسة بسبب تأخر عدد من الوزراء عن الحضور في الوقت المحدّد على أن تعقد الجلسة الأربعاء المقبل».

ومن المتوقع أن تقرّ الحكومة مشروع الموازنة في جلسة الجمعة المقبل مع بعض التعديلات على الإجراءات الضريبية، على أن تتضمّن سلسلة الرتب والرواتب، وفي موازاة ذلك، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري اللجان النيابية المشتركة لمتابعة درس «السلسلة» الاثنين المقبل.

.. وتموضع على ضفة القانون

وعلى ضفة أخرى، استمرّ تبادل الرسائل بين القوى السياسية بشأن قانون الانتخاب، ومع تلويح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس، بالعودة الى القانون «الارثوذكسي» الذي رأت فيه مصادر تيار المستقبل مخالفة لاتفاق الطائف، تكون دورة إعادة تموضع القوى السياسية خلف طروحاتها الانتخابية قد اكتملت. فحزب الله انكفأ عن الصيغ المختلطة نحو النسبية الكاملة بينما تمسك المستقبل والحزب الاشتراكي و«القوات» بصيغتهم المختلطة، وأصرّ رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان أمس، من عين التينة على النسبية الكاملة.

ومع عودة الأطراف الى قواعدها الرئيسية، انخفض منسوب التفاؤل بولادة قريبة لقانون جديد مع غياب معطيات أو انفراجات في مشهد ضبابيّ ولم يستطع أيّ طرف أن يقدّم مشروع قانون يقنع الآخرين ويؤمن ثلثي المجلس النيابي لإقراره.

وأمام استمرار الخلاف حول الصيغ الانتخابية بين مَن يريد الستين أو ما يقاربه ويرى فيه الحل، وبين مَن يطرح المختلط بين النسبي والأكثري كقانون الوزير باسيل التأهيل والنسبية، قالت مصادر مقرّبة من بعبدا لـ«البناء» إن «رئيس الجمهورية لم يقترح أي صيغ ولم يتدخّل بشكلٍ مباشر في النقاشات الدائرة بين المكوّنات السياسية ولم يستعمل صلاحياته بعد، بل يترك المجال والوقت الكافي للاتفاق وسيوقع على أي قانون متفق عليه شرط أن لا يخالف الدستور». وتوضح المصادر بأن «الرئيس عون لن يعارض أية صيغة توافقية، فهو مطمئن لتحالفه مع حزب الله ولوحدة الساحة المسيحية من خلال التحالف بين التيار الوطني والقوات والتسوية مع الرئيس سعد الحريري وبالتالي أي قانون سيؤدي الى تمثيل مسيحي ووطني مقبول، وهو يرى بأن إحدى صيغ المختلط إذا تمّ التوافق عليها هي أفضل ما يمكن التوصل إليه في الوقت الراهن».

أما في حال لم يتمّ التوافق بين القوى على صيغة مشتركة ودخلنا في مرحلة الفراغ النيابي الذي وصفه الرئيس بري أمس، بالانتحار الدستوري، تضيف المصادر: «رئيس الجمهورية حينها سيوجّه رسالة الى المجلس النيابي يدعوه فيها لطرح قانون النسبية الكاملة على النقاش ثم على التصويت. وفي هذه الحالة سنذهب الى مرحلة شدّ حبال في المجلس»، وتشير الى أن «الحل الثاني في جعبة الرئيس عون هو دعوة الحكومة الى عقد جلسات متتالية يكون إعداد مشروع قانون الانتخاب البند الوحيد فيها للنقاش، كما حصل في بحث مشروع الموازنة».

واستبعدت المصادر دعوة العماد عون القوى السياسية الى طاولة حوار يرأسها في بعبدا، إذ إن «الحكومة تمثل كافة القوى وطاولة حوار موسّعة وفيها رئيسا الجمهورية والحكومة وممثل عن رئيس المجلس النيابي ويمكنها الاتفاق على قانون جديد».

هل يوافق عون على التمديد التقني؟

وأشارت أوساط نيابية لـ«البناء» الى أن «التباعد واضح بين مختلف القوى حيال مشاريع القوانين، وهذا ظهر خلال اللقاءات الرباعية والثنائية والثلاثية التي حصلت في الاسابيع الماضية، حيث كل طرف يريد القانون الذي يحصد من خلاله أكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية»، متوقعة أن يأخذ النقاش وقتاً طويلاً قد يتجاوز مهلة 21 آذار وفي هذه الحالة سينعقد المجلس النيابي ويمدّد لنفسه تقنياً من 3 الى 4 أشهر ريثما يتم التوافق في المجلس على قانون جديد».

وعن معارضة رئيس الجمهورية للتمديد من دون قانون جديد، رجّحت المصادر أن يوافق الرئيس عون على التمديد التقني ربطاً بإقرار قانون جديد، ولفتت الى أن الحكومة يمكنها أن تتفق على مشروع قانون انتخاب وترسله الى المجلس النيابي لإقراره، لأن من الصعوبة على المجلس النيابي إقرار مشروع أو اقتراح قانون من بين المشاريع والاقتراحات السبعة عشر الموجودة لا سيما وأنها لم تناقش في اللجان النيابية المشتركة، من جهة ثانية يمكن أن يؤدي طرحها على التصويت الى مقاطعة أحد الأطراف للجلسة، وبالتالي يفقدها النصاب القانوني والميثاقية».

فوتيل في بيروت

على صعيد آخر، وبعد أسبوع على زيارة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي السيناتور روبرت كوركر، وصل الى بيروت أمس، قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزف فوتيل في زيارة رسمية يلتقي خلالها المسؤولين.

وخلال لقائه الرئيس عون أكد فوتيل أن بلاده «ماضية في تعزيز برنامج التعاون مع الجيش اللبناني»، والتقى فوتيل قائد الجيش العماد جان قهوجي، مؤكداً «العزم على مواصلة التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات».

وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «السبب الرئيسي لزيارة المسؤول العسكري الأميركي هو متابعة البرنامج الأميركي لدعم الجيش بالقدرات العسكرية في إطار مواجهة الإرهاب وتمركز قواته في النقاط والمواقع على الحدود الشرقية والشمالية مع سورية ودراسة الوضع اللبناني بمسألة التعامل مع المخاطر التي يشكلها تسلل مقاتلي داعش من سورية إلى لبنان»، كما تمّ التطرق الى موضوع المخيمات الفلسطينية واستعداد لبنان لبسط سيطرته عليها والحؤول دون تحوّلها بؤراً للإرهابيين».

هدوء حذر في عين الحلوة

وفي السياق، يسود الهدوء الحذر مخيم عين الحلوة بعد اشتباكات استمرّت يومي السبت والاحد الماضيين، وفي حين أمهل نائب قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء منير المقدح «اللجنة الأمنية من الفصائل كافة 48 ساعة لحسم الوضع الأمني في المخيم، قبل أن تبادر حركة «فتح» ومنظمة التحرير الفلسطينية الى اتخاذ قرار بالحسم»، لفت إلى أن «التنسيق مع مخابرات الجيش اللبناني يكمل الوضع الأمني في المخيم».

وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» أن لا دور عسكري للجيش اللبناني في المخيمات حتى الآن، ولا يحضّر لعملية عسكرية في المخيم وأن الأمر يقتصر على دور استخباري بالتعاون مع القوات الامنية الفلسطينية داخل المخيم، موضحة أن «غموضاً يلف موقف فتح في القضاء على الإرهابيين لاسيما وأنهم معروفون بالاسماء ومحصورون في عدد من أحياء المخيم»، مضيفة أن «حركة فتح إذا حزمت أمرها باستطاعتها حسم الوضع أمنياً»، لكن المصادر شككت بـ»اتخاذ فتح هذا القرار لأسباب غير مفهومة ومعروفة».

.. والتعيينات على نارٍ هادئة

وعلى صعيد آخر، علمت «البناء» أن «سلة التعيينات الأمنية تطبخ على نار هادئة على أن تعرض على مجلس الوزراء بعد أن يفرغ من إقرار الموازنة، متوقعة أن يطرح ملف التعيينات على المجلس في آذار المقبل، وقد انحصر التعيين في موقع قيادة الجيش بين العميدين جوزيف عون وكلودين حايك»،

وأشارت مصادر لـ«البناء» الى أن «تعيين قائد جديد للجيش، لن يكون بشكل منفرد، بل ضمن سلة»، وأوضحت أن «تغيير قائد الجيش لن يؤثر سلباً على الوضع الأمني لا سيما بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وانتظام مؤسسات الدولة».

واعتبرت أن «رئيس الجمهورية له الدور الأبرز في موقع قيادة الجيش، ومن الطبيعي أن يشعر رئيس الجمهورية بارتياح الى القائد الجديد وينسّق معه كقائد أعلى للقوات المسلحة»، ولفتت إلى «وجود تنسيق بين حزب الله وعون في هذا الموقع الأمني، بينما لن يكون لحزب القوات أي دور في هذا الموقع»، كما وأشارت الى أن الرئيس الحريري حسم أمره باختيار العميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي.

2017-02-28 | عدد القراءات 3406