الجيش السوري يتقدّم في ريف حماة وجنيف ينتهي اليوم... وتفكّك جماعة الرياض واشنطن: إزاحة الأسد ليست أولويتنا... ومصير الرئاسة قرار للشعب السوري الفراغ دستورياً: انتخابات وفق الستين وإلا عودة المجلس الحا

كتب المحرّر السياسي

يواصل الميدان السوري أجوبته المتسارعة على رهانات مشغّلي جبهة النصرة وجماعة الرياض لفرض تعديلات جوهرية على جدول أعمال جنيف، يجهض ما فرضه الوفد السوري الرسمي من أولوية لبند الإرهاب في الجولة السابقة بتأثير انتصاراته في حلب، وجاءت غزوة النصرة تمهيداً لجنيف الجديد بلا جدوى مع نجاح الجيش السوري في صدّها وتحويلها هجوماً معاكساً للإمساك بزمام المبادرة في الميدان، الذي كان حصاده أمس استعادة الجيش السوري لثلاث بلدات في ريف حماة وإيقاع عشرات القتلى بين صفوف مسلحي الجماعات المسلحة وفي مقدمتهم جبهة النصرة.

سياسياً، صُفعت جماعة الرياض بخسارة رهاناتها في الميدان فبدأت التشققات في صفوفها، لتظهر في تصريحات متضاربة حول ما تسمّيه بالمرحلة الانتقالية، بعدما نقل الوفد الأممي عن مفاوضيها قبولهم بالتشارك مع الرئيس السوري لهذه المرحلة ومسارعتهم للنفي، ليأتي إعلان المكوّن الكردي للهيئة المفاوضة عن انسحابه صفعة ثانية، وتأتي الصفعة الأهم بالمواقف الأميركية المتلاحقة، بعدما أكثر ممثلو الجماعة كيلَ المديح للإدارة الأميركية الجديدة ومنحها صفات الحزم المرتقب أن يتبلور أكثر، وتعتبر أن المرحلة تعيش الوقت الضائع حتى هذا التبلور. وجاء التبلور المنتظر بمواقف حاسمة أطلقها من أنقرة وزير الخارجية الأميركية ريد تيلرسون ومن نيويورك ممثلة واشنطن في مجلس الأمن الدولي نيكي هيلي، فإزاحة الرئيس السوري لم تعد أولوية أميركية والرئاسة السورية أمر يخصّ السوريين وهم وحدهم يقررون مصيرها.

تلازمت هذه الصفعة السياسية الأميركية لجماعة الرياض ومشغّليها، مع السير قدماً من الجيش الأميركي برفض كل تعاون مع ميليشيات جماعة الرياض وحصر تعاونها بالأكراد الذين تصفهم جماعة الرياض بأنهم امتداد للدولة السورية، ويرفضون تمثيلهم في أي مفاوضات ضمن صفوف المعارضة.

لبنانياً، على وقع مواقف التأييد للخطاب الجامع والمسؤول لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قمّة عمان العربية، تواصل التنديد بالجريمة الدستورية والوطنية التي ارتكبها رئيسان سابقان للجمهورية وثلاثة رؤساء سابقون للحكومة بمحاولة تخطي رئاسة الجمهورية ومخاطبة القمة العربية شقاً لوحدة الصف ودعوة للتآمر على سلاح المقاومة ونيلاً من دوره في الحرب على الإرهاب في سورية.

الموازنة والسلسلة وتلازمهما مع قطع الحساب عقدة أمام الحكومة قبل بلوغ مجلس النواب، وقانون الانتخاب عقدة العقد، خصوصاً مع حصر اللاءات بإثنتين لا للتمديد ولا للستين، فالفراغ سقط كخيار ثالث يستدعي التحسب، بعدما كشف خبراء دستوريون عن استحالة وقوع الفراغ النيابي خلافاً للحال الرئاسية، حيث وضع الدستور عملياً، في حال العجز عن انتخاب رئيس جديد، صيغة تنقل صلاحياته للحكومة مجتمعة، بينما في حال العجز عن انتخاب مجلس نيابي جديد، وقد تصدّى الدستور لكيفية التصرف في هذه الحالة وفقاً للحال الشبيهة بالعجز عن الانتخاب بسبب عدم دعوة الهيئات الناخبة بعد حل المجلس النيابي. فالمادة الخامسة والعشرون تحدد مهلة ثلاثة شهور لانتخاب مجلس جديد وتنيط مهمة الدعوة بالحكومة، وفي حال الفراغ سيكون الشيء نفسه ملزماً للحكومة، وطالما لا وجود لآلية لوضع قانون جديد فعلى الحكومة الحالية أن تدعو للانتخابات وفقاً للقانون النافذ وهو قانون الستين، وهو ما لا يمكن لرئيس الجمهورية توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أساسه وإلا لما وقع الفراغ، فماذا يجري في هذه الحالة، عندما تنتهي مهلة الشهور الثلاثة التي تحددها المادة الخامسة والعشرين لولادة مجلس جديد؟

تقول المادة الخامسة والعشرون نفسها إن هيئة مكتب مجلس النواب تبقى تمارس تصريف الأعمال خلال مدة الشهور الثلاثة لحين ولادة المجلس الجديد. وفي حال تعثر ذلك ماذا يحدث؟

تنص المادة الخامسة والخمسون من الدستور صراحة على ما يلي: «وفي حال عدم إجراء الانتخابات ضمن المهلة المنصوص عنها في المادة الخامسة والعشرين من الدستور يعتبر مرسوم الحل باطلاً، وكأنه لم يكن ويستمر مجلس النواب في ممارسة سلطاته وفقاً لأحكام الدستور».

عودة المجلس المنحلّ هنا واضحة خلال ثلاثة شهور ما لم يتمّ انتخاب بديل له، لأن لا سلطة ترث صلاحيات المجلس النيابي في نظام برلماني خلافاً لرئاسة الجمهورية، وبالتالي ينحصر الفراغ بين خيارين مستبعَدَين أصلاً عملياً، هما الستين والتمديد فيصير السير نحو الفراغ سيراً لمنح دعاة الستين والتمديد أرباحاً مجانية، ما يعني أن التوصل لقانون جديد بات قدراً لا مفر منه لمن لا يريدون الستين ولا يريدون التمديد.

الملفات الخلافية إلى الواجهة

بقيت كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي ألقاها في مؤتمر القمة العربية الحدث الطاغي على المشهد الداخلي ولاقت ترحيباً وتأييداً شعبياً وسياسياً واسعاً، لا سيما لجهة تمكن الوفد اللبناني برئاسة عون من تثبيت حق لبنان في الدفاع عن أرضه وبره وبحره وثروته النفطية وتحرير كامل أرضه المحتلة وتكريس حق ودور المقاومة اللبنانية في الدفاع والتحرير، فضلاً عن توصيفه للواقع العربي ومواقفه المتقدمة حيال إيجاد حلول للأزمات.

وثمنت كتلة الوفاء للمقاومة في بيان عقب اجتماعها الدوري، مضمون الخطاب «الذي عبّر عن الموقف الوطني اللبناني، وانطوى على رؤيةٍ عميقةٍ عاقلةٍ ووازنةٍ، بعيدةٍ عن التملق والمحاباة».

ومع عودة الرئيس عون من الأردن ورئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض الى لبنان، تعود الملفات الداخلية الساخنة الى الواجهة لتطفو على سطح الخلافات السياسية، وعلى رأسها قانون الانتخاب والموازنة وسلسلة الرتب الرواتب.

فبعد وصول المفاوضات بين القوى السياسية حول صيغة موحّدة لقانون الانتخاب الى طريق مسدود حتى الساعة، هل تستعيد «حكومة الانتخابات والموازنة» دورها في إقرار مشروع قانون انتخاب وإرساله الى المجلس النيابي، حيث ينتظر رئيس المجلس النيابي نبيه بري وصوله كي يدعو الى جلسة نيابية لمناقشته ويضاف الى مشروعي الموازنة والسلسلة وتجري حينها المقاصة والمساومات على الملفات الثلاثة معاً؟

وفي ظل هذا الواقع السياسي وضيق المهل الزمنية والمواعيد الدستورية لإنجاز الاستحقاق النيابي في تموز المقبل، هل بات التمديد الحل المؤقت الوحيد المتوفر؟

القانون في الغيب والتمديد في الجيب

على صعيد قانون الانتخاب، لا تزال المراوحة سيدة الموقف، في ظل مناخات تشاؤمية بدأت بالخروج الى العلن لإقرار قانون جديد وترجيح خيار التمديد، حيث نعت مصادر قناة الـ»OTV» «إمكانية الاتفاق على قانون انتخابي جديد»، مشيرةً إلى أن «القانون في الغيب والتمديد في الجيب».

وقالت مصادر نيابية لـ«البناء» إن «حزب الله لا يزال يتمسك بالنسبية الكاملة في أي قانون انتخاب جديد، لكن في حال وافقت القوى السياسية على النسبية لا مانع من النقاش على عدد الدوائر وتقسيمات المقاعد»، موضحة أن «لا قانون في الأفق إذا بقيت القوى السياسية في دائرة البحث عن الحصص والأحجام التي لا يحددها عدد النواب بل الواقع الشعبي والممارسة السياسية».

ولفتت المصادر الى أن «التمديد للمجلس الحالي لا بد منه في هذه المرحلة بمعزل عن نوعه تقنياً ضمن القانون الجديد أو مؤقتاً تمهيداً للتوصل الى صياغة قانون جديد»، مشيرة الى أن «المفاوضات في حالة جمود مع انشغالات المعنيين في ملفات أخرى كالموازنة والسلسلة والكهرباء». ونفت المصادر أن يكون حزب الله قد أعطى موافقة نهائية على اقتراح رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بنسخته الحالية، مؤكدة أن «هناك شبه اتفاق على أن الفراغ النيابي هو الخطر الأكبر على المؤسسات، لكن لا يعني ذلك الذهاب الى التمديد للمجلس الحالي فترة طويلة». واستبعدت المصادر أن «تقرّ الحكومة قانون انتخاب جديد في الوقت الحاضر وحتى لو توفرت النية فلن تبدأ بذلك قبل النصف الأول من نيسان المقبل بسبب سفر رئيس الحكومة الى بروكسل والجلسات النيابية المخصصة لاستجواب الحكومة في المجلس النيابي».

وعن الموازنة قالت المصادر إن «الرئيس بري سيحدد جلسة للمجلس النيابي لمناقشة مشروع الموازنة بعد إحالته الى المجلس»، وأوضحت أنه «حتى لو صدقها المجلس فلن يوقعها رئيس الجمهورية إلا إذا أرفقت بقطع الحساب لموازنات السنوات الماضية، كما ينص الدستور».

ودعت كتلة الوفاء للمقاومة الحكومة بعد إقرار مشروع قانون الموازنة العامة، الى «الإسراع في احالته الى المجلس النيابي مرفقاً بقطع الحساب من أجل أن تباشر لجنة المال والموازنة مناقشتهما معاً ومن ثم إحالتهما مع تقريرها الى الهيئة العامة للمجلس».

وشددت على أن «النسبية الكاملة هي الصيغة التي تستجيب لمندرجات الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وتمنح فرصاً متساوية امام جميع المكونات، خصوصاً مع التزام المناصفة».

لا حلول في الأفق

وأشار مصدر قيادي في تيار المستقبل لـ«البناء» الى أن «الوضع الداخلي لن يتغيّر في القريب العاجل، بل سيمرّ بمرحلة طويلة من المراوحة قد تستمر أشهراً عدة في ظل الجدل القائم والمراوحة التي تتحكّم بقانون الانتخاب ولن يتم الحسم في أي من الملفات الخلافية». ويرى المصدر أن «بعض القوى تعرقل لأنها لا تريد إقرار قانون جديد وقوى أخرى تصرّ على تحصيل مقاعد نيابية، وبالتالي لا يمكن التوصل الى قانون يرضي الجميع»، ولفت الى أن «اقتراح باسيل لا أفق له ولن يتم التوافق عليه»، وشدد على أن «المستقبل أبلغ رفضه كل الشق في اقتراح باسيل الذي يشبه بالمضمون القانون الأرثوذكسي، حيث لا يمكن لتيار المستقبل أن ينحصر في طائفة واحدة أو مذهب واحد بل هو تيار معتدل منفتح متنوع على كامل الاراضي اللبنانية ولن يقبل حصر مقاعده بالطائفة السنية». ولفت الى أن «كل اقتراح يسقط تعود المفاوضات الى نقطة الصفر».

وفي الموازنة ربط المصدر ما بين الموازنة والسلسلة، وأوضح أن «ترحيل السلسلة الى المجلس يعني ربطها بالموازنة، أما قانون الانتخاب فليس مرتبطاً بالموازنة ولا بالسلسلة، فيمكن أن تتفق الحكومة على صيغة معينة وترسلها كمشروع قانون الى المجلس النيابي».

وأكد أن «التمديد للمجلس الحالي لثلاثة أشهر قد حسم بانتظار إقرار قانون جديد، وإذا تعذّر ذلك يُصار الى إجراء بعض التعديلات على القانون الحالي وإجراء الانتخابات».

خليل: ملتزمون قطع الحساب

وبُعيد إقرار مجلس الوزراء مشروع موازنة العام 2017، أكد وزير المال علي حسن خليل في مؤتمر صحافي أمس أن «سلسلة الرتب والرواتب بنفقاتها ووارداتها ستدخل ضمن الموازنة فور إقرارها وقد هيئنا أنفسنا على هذا الأساس»، وكشف عن «احتمال إعادة النظر في بعض الإجراءات الضريبية التي كانت نوقشت وأقرّت». وتعهّد بإنجاز «كل الحسابات عن المرحلة الماضية، ونحن ملتزمون إعداد مشروع قانون لقطع الحساب وإقراره، وهناك لجنة تعمل الآن وستجتمع لدرس الصيغة القانونية لهذا الأمر من دون المسّ بمنطق المحاسبة والتدقيق وأدوار الأجهزة الرقابية». وأوضح أن «الانتهاء من الحسابات لا يعني قطع الحساب، ويجب التمييز بين هذين الموضوعين المختلفين». وأعلن أن النمو المتوقع «يجب أن يقارب 2 في المئة». كذلك أعلن إعداد خطة مالية لغاية 2022 تستهدف خفض العجز المالي إلى ألفي مليار، في مقابل 7001 مليار حالياً، «وستُعرض الخطة خلال الشهرين المقبلين على مجلس الوزراء لمناقشتها وإقرارها».

مقتل ثلاثة سوريين بانفجار في عرسال

أمنياً، وبعد يومين على إحباط حزب الله هجوماً لجبهة النصرة في جرود عرسال، دوى انفجار في عرسال أمس بعد تفجير حزام ناسف كان يرتديه أحد السوريين، ما أدى الى مقتل ثلاثة سوريين وجرح ثلاثة آخرين.

وكشفت معلومات أمنية لـ«البناء» أن «الانفجار الذي وقع في حي الشفق في عرسال بالقرب من مخفر الدرك القديم ناتج عن «حزام ناسف» كان يرتديه سائق البيك آب نور الحسيكي، ويحمل البيك أب لوحة سورية تحمل الرقم 443668/حمص ويقوده السوري نور الحسيكي 25 عاماً . وتضيف المصادر أن «الانفجار حصل نتيجة خلل حدث ما أدّى الى انفجار الحزام عن طريق الخطأ في السائق السوري نور الحسيكي وشركائه حواء الزهوري 20 عاماً والثالث تمام حربا، والثلاثة هم من بلدة القصير السورية».

المصادر الأمنية جزمت «أن وجهة الاستهداف ليست عرسال، وإنما في مكان آخر من عرسال كرد على العملية الأخيرة لحزب الله».

2017-03-31 | عدد القراءات 2932