وزير الدفاع الأميركي يضع الخيار العسكري ضد سورية على الطاولة تجاذبات في مجلس الأمن حول مشروعَيْن فرنسي وروسي للتحقيق جلسة السنيورة والموسوي... والحريري يَعِد بتولِّي الحكومة قانون الانتخاب

كتب المحرّر السياسي

طغت التهديدات الأميركية باللجوء لعمل عسكري ضد سورية على المشهد السياسي والإعلامي، خصوصاً مع تسريب معلومات عن إبلاغ الرئيس الأميركي لنواب من الكونغرس بخيار اللجوء لضربة عسكرية لسورية خلال الساعات المقبلة، ليهدأ الموقف نسبياً مع توضيح أصدره مكتب الرئيس دونالد ترامب ينفي الخبر ويقول إن الرئيس لم يناقش الأمر أصلاً مع النواب، لكن كلام وزير الدفاع الأميركي من جهة عن وضع الخيار العسكري فوق الطاولة والتشجيع الصادر عن تركيا ورئيسها رجب أردوغان وإعلان الاستعداد للشراكة في أي عمل عسكري في سورية مع واشنطن، ومثله التشجيع «الإسرائيلي» استدعيا اتصالات مباشرة من الرئيس الروسي بكل من أردوغان ونتنياهو محذراً من مغبة التشجيع على التصعيد والترويج لاتهامات مسبقة لتبريره، وما سيؤدي إليه ذلك من مخاطر لن ينجو منها أحد، إذا أخذت المنطقة لدائرة التصعيد الذي سرعان ما يخرج عن السيطرة، بينما بقي الموقف الروسي رداً على المشروع الفرنسي المدعوم أميركياً وبريطانياً في مجلس الأمن والقائم على استهداف سورية وفقاً للفصل السابع، يتقدّم بمشروع بديل يقوم على لجنة محايدة وغير مسيّسة تقوم بالتحقيق. وبقيت مشاورات المجلس مفتوحة لما بعد منتصف ليل أمس وساعات الصباح الأولى بتوقيت بيروت من دون أن يذهب المجلس للتصويت، أو يتمكّن من الوصول للتوافق على صيغة معينة.

السعي للوصول للتوافق بين واشنطن وموسكو لا تزال حظوظه أكبر مع المشاورات الجارية بين وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، والتمهيد لمشاورات ستجري بينهما في موسكو خلال أيام، خصوصاً مع كلام تيلرسون عن أن الأولوية لا تزال للحرب على داعش، رغم الكلام العالي السقوف الذي أطلقه بحق سورية ورئيسها وصولاً للقول إن المواقف الحاسمة تستدعي توافقاً دولياً.

لبنانياً، كان الأبرز ما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري عن نية الحكومة وضع يدها على ملف قانون الانتخاب يوم الإثنين المقبل والبدء بمناقشة الاقتراحات والمشاريع، وبالمقابل ما شهدته الجلسة النيابية المخصصة للمناقشة العامة من رسائل سياسية تتصل بالقانون والموازنة والفساد وسواها، وما سجلته من سجال بين الرئيس فؤاد السنيورة والنائب نواف الموسوي حول قطع حساب الأحد عشر مليار دولار التي لم تُحسم قيودها، والتي أنفقت في حكومات برئاسة السنيورة.

«القانون» إلى الحكومة

تحولت جلسة المجلس النيابي أمس، رغم رتابة وعقم النقاشات، مختبراً للنيات وساحة لتبادل الرسائل حول قانون الانتخاب الذي بات أسير المهل الدستورية، وفي وقت بدأت محركات القوى السياسية بالعمل على وضع قطار التمديد على سكة التوافق آخذة بعين الاعتبار خيار الفشل في إقرار قانون جديد، بانت ملامح إيجابية من ساحة النجمة عقب إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري في مستهل جلسة مساءلة الحكومة، أن مجلس الوزراء سيعقد جلسة الاثنين المقبل يقارب فيها للمرة الاولى ملف قانون الانتخاب، بينما رجّحت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن يبصر قانون الانتخاب النور خلال الأسبوعين المقبلين».

وإذا كانت اتصالات الأيام القليلة الماضية على خط بعبدا – بيت الوسط، قد أفضت إلى توافقٍ مبدئي على نقل ملف القانون إلى الحكومة ومناقشة الصيغ والاقتراحات المتداولة على الطاولة، فإن التفاهم على طرحه على التصويت لم يحصل بعد، فهل سيخوض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غمار اللجوء إلى خيار التصويت من دون توفير مظلة التوافق حوله؟ وهل سيؤدي ذلك إلى اهتزاز حكومي واعتكاف واستقالات وزراء بعض المكونات؟ سيما وأن جميع قرارات مجلس الوزراء حتى الآن أقرت بالإجماع ولم يطرح أي منها على التصويت.

رسالة رفض رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط خيار التصويت جاءت سريعة، على لسان النائب وائل أبو فاعور خلال مداخلته في الجلسة، فأكد أن «قانون الانتخاب يكون بالتوافق ومَن يعتقد أن هناك مَن يستطيع إقرار قانون انتخاب بالتصويت فهو مخطئ، والتهويل بالتصويت يعني التقسيم. أتمنى أن لا ندخل في أي محظور. التوافق هو الاساس».

ماذا يحمل حزب الله إلى بعبدا؟

وفي ظل الغموض الذي يعتري ملف القانون، يزور وفد من حزب الله بعبدا خلال اليومين المقبلين للقاء الرئيس عون كما علمت «البناء» لإبلاغه موقف الحزب حيال قانون رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والاحتمالات المطروحة ومنها التمديد والفراغ، قالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «وفد الحزب أرجأ زيارته إلى بعبدا التي كانت مقررة أمس بانتظار انتهاء جلسات مناقشة الحكومة في ساحة النجمة وما سيتمخض عنها من أجواء وإيحاءات حيال قانون الانتخاب، لافتة إلى أن «الزيارة قد تحصل اليوم أو غداً وستكون مفصلية وسيبلغ وفد الحزب رئيس الجمهورية موافقة الحزب على اقتراح باسيل إذا أخذ بالتعديلات الثلاثة التي تتعلّق بالصوت التفضيلي المقيّد بالقضاء، وتقسيمات بعض الدوائر والانتخاب الطائفي في الأكثري».

..وبرّي أعدّ العدّة للتمديد

وتضيف المصادر أن «الضبط الزمني للوقائع دقيق في هذه المرحلة، بمعنى أن زيارة وفد الضاحية إلى بعبدا سيستبق الجلسة الحكومية المقررة الاثنين المقبل ومناخ جلسات البرلمان، محذرة من أن «عقد جلسات خارج إطار التوافق، سيجر البلد إلى أزمة سياسية وأمنية لا أحد قادر على تحمل تبعاتها، فلا يمكن طرح مشاريع القوانين على التصويت من دون تنظيم المواقف بين القوى الكبرى على الأقل».

وتوقعت المصادر أن تكون الأيام القليلة المقبلة فاصلة وتتظهر المواقف والاتجاهات، وتشير إلى «أننا أمام حلين لا ثالث لهما، إما أن يسير الرئيس عون بما سبق ووعد به حزب الله لجهة قبوله بالنسبية الموسعة أو يتدخل مع باسيل للاخذ بالتعديلات الثلاثة التي طلبها حزب الله وأطراف أخرى». وتؤكد المصادر أن «الفراغ مرفوض لدى الثنائية الشيعية تحت أي ظرف، فلا يمكن تحمل أي دعسة ناقصة في المجهول تفجّر المؤسسات وتطيح العهد»، كاشفة عن أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري أعدّ العدة واتخذ كامل الاحتياطات الزمنية وسيتدخل في الوقت المناسب والعد العكسي لذلك يبدأ من 15 نيسان، وخلال مهلة الشهر سيتخذ قراره من وحي الدستور والسياقات القانونية بأن المجلس سيد نفسه وسيدعو إلى جلسة قبل انتهاء العقد العادي في أيار المقبل ويجري التمديد للمجلس النيابي لمدة سنة كحدٍ أقصى».

وفي حال رفضت بعبدا والتيار الوطني الحرّ التمديد، أوضحت المصادر أن «لا مصلحة لأي طرف بالفراغ النيابي»، لكنها لفتت إلى أن «أي تمديد مرتبط باتفاق بين جميع القوى على إقرار قانون انتخاب جديد، لأن صيغ التمديد المطروحة تتراوح بين تمديد خمسة أشهر أو سنة مع التوصل إلى قانون ضمن هذه المهلة».

وفي حين يرفض رئيس المجلس، وفق العارفين التصويت في مجلس الوزراء على قانون الانتخاب، بل يفضل التوافق عليه بالإجماع في الحكومة ثم إرساله إلى المجلس النيابي ليقره بالإجماع ايضاً، أما التصويت عليه بأكثرية الثلثين في الحكومة وإرساله ككرة نار ملتهبة إلى المجلس النيابي لإحراج البرلمان الذي سينقسم على نفسه حيال اللجوء إلى خيار التصويت، فهذا سيعرقل الحل وقد يطيح بالقانون وبالانتخابات معاً».

..وعون لن يعترف!

وتوقعت أوساط سياسية مقربة من بعبدا أن يطلب رئيس الجمهورية التصويت في مجلس الوزراء على قانون الانتخاب في حال وصلت مناقشات صيغ واقتراحات القوانين داخل الحكومة إلى طريق مسدود، موضحة لـ«البناء» أن «ما يسمى التوافق تحول تعطيلاً، فتخلّف المجلس النيابي والقوى السياسية عن إقرار قانون جديد خلال ثماني سنوات بحجة تعذر التوافق هذا يسمّى تعطيلاً». ورفضت المصادر اعتراض البعض على التصويت والتهديد بأنه يؤدي إلى التقسيم، معتبرة أن «الرئيس عون أشد الحريصين على وحدة البلاد ومن يأخذها إلى التقسيم هو مَن مدّد للمجلس النيابي مرتين ولم يُقرّ قانون انتخاب جديداً ولم يطبق الطائف».

وتؤكد المصادر أن «رئيس الجمهورية لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإجراء انتخابات على القانون النافذ، كما لن يقبل بالتمديد إلا ضمن قانون جديد، أما إذا أراد الآخرون التمديد، فليتحمّلوا مسؤولية ذلك وسيبقى غير قانوني وغير شرعي ولن يعترف الرئيس عون به»، كما نقلت عن عون رفضه التمديد لستة أشهر أو سنة مشروطاً بإقرار قانون جديد، فالتمديد التقني ثلاثة أشهر. فلماذا ستة أشهر أو سنة؟ وتساءلت: من تملّص من مسؤولياته طوال السنوات الماضية من إقرار قانون، ما هي الضمانة أن لا يعيد الكرّة في فترة التمديد الثالث وتمرّ من دون قانون وماذا نفعل حينها؟ هل سنواجه أزمة جديدة في منتصف العهد؟ ودعت المصادر وفد الحزب لـ«لقاء عاجل مع عون والاتفاق على صيغة مناسبة للقانون قبل فوات الأوان».

ويوضح مصدر مقرب من التيار الوطني الحر أن «اقتراح الوزير باسيل جاء نتيجة مفاوضات مع أطراف عدة، وحاول أن يراعي مصالح الجميع».

وعن الأسباب التي تحول دون تبني الرئيس عون والتيار الحر بشكلٍ علني ورسمي النسبية الكاملة ورمي الكرة إلى ملعب الطرف الآخر، لفت المصدر لـ«البناء» إلى أن «لا الرئيس ولا التيار يستطيعان إعلان ذلك بسبب رفض القوى الأخرى للنسبية، فتيار المستقبل وافق على النسبية الكاملة بشرط اعتماد الشوف وعاليه دائرة واحدة وبقية جبل لبنان محافظة والباقي ست محافظات، لكن بيان المستقبل واضح لرفض النسبية في ظل السلاح ولم يخرج بيان يناقضه، فضلاً عن رفض جنبلاط المطلق وتماهي المستقبل معه بأنه لن يسير بأي صيغة من دون موافقته، فكيف يطرح عون النسبية في هذه الواقع؟».

وأضاف أن «المسيحيين كانوا يرفضون النسبية بأي شكل من الأشكال وقبلوها في القانون الارثوذكسي على أساس أن تنتخب كل طائفة نوابها على النسبية مرة واحدة فقط ورفض، وبالتالي تنازلُ المسيحيين بالقبول بنصف نسبية في المختلط يجب ان يقدر لدى الآخرين، لكن النسبية يجب أن تكون هدفاً استراتيجياً وتشويهها يقتلها». ويوضح المصدر أن طرح المستقبل الموافقة على النسبية مع شروط هو من باب التكتيك السياسي لإيقاع الشرخ بين حزب الله والتيار الحر والرئيس عون».

مساءلة.. أسئلة نيابية كثيرة بأجوبة حكومية قليلة

وشكّل قانون الانتخاب مادة محورية في نقاشات النواب في الجلستين الصباحية والمسائية في المجلس النيابي، إضافة إلى ملفات إنمائية واجتماعية واقتصادية حملت الكثير من الأسئلة النيابية والقليل من الأجوبة الحكومية، وسبق الجلسة لقاء بين الرئيسين بري والحريري.

وفي ختام جلسة المساءلة أمس، التي رفعها الرئيس بري إلى عصر اليوم، شهدت اشتباكاً كلامياً حاداً بين الرئيس فؤاد السنيورة والنائب نواف الموسوي. وفي التفاصيل، بعد انتهاء كلمة السنيورة، قال الأخير «يكفي كذباً» ردّاً على كلمة النائب الموسوي. فما كان من الموسوي إلا أن ردّ: «واحد متلك بكذّب». ليدور اشتباك كلامي أكد في نهايته السنيورة أنه لم يقصد الموسوي بكلامه.

وادعى السنيورة بأن «كل قرش من الـ11 مليار دولار مثبت في وزارة المالية أين صُرِف»، وتساءل: «منذ 13 عاماً تركت وزارة المالية، فلماذا لم يجر الوزراء بعدي قطع حسابات؟».

وكانت الجلسة الصباحية افتتحت بكلمة ألقاها الحريري، أشار فيها إلى أن « الحكومة عند التزامها إجراء انتخابات نيابية ورفض الفراغ في السلطة التشريعية، فإن المدخل إلى هذا الامر هو إنجاز قانون جديد، وسنعرض مشروع قانون قريباً يوم الاثنين، وعندما نقرّه نرسله إلى المجلس النيابي».

وأشار الحريري إلى أن «هذه الحكومة انكبت على تعويض التأخير في قطاع النفط والغاز، فأقرت مرسوم البلوكات البحرية ومرسوم دفتر التراخيص، وأطلقت دورة تراخيص كما أقرت مشروع قانون الاحكام الضريبية للقطاع، وأعدّت الحكومة خطة طوارئ للكهرباء لمدة ثلاث سنوات تنتهي بتأمين تغذية التيار 24 على 24».

وتناوب النواب في مداخلاتهم على توجيه الاسئلة إلى الوزراء بشكلٍ منفرد وإلى الحكومة بشكل عام، وأشار عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله إلى أن «المال العام هو ملك اللبنانيين جميعاً ونسجّل للحكومة إنجاز الموازنة بانتظار مناقشتها في لجنة المال». وشدد على أن «هناك الكثير من الوظائف الوهمية في الدولة وأفراد يتقاضون رواتب من دون عمل، وهناك قرار استثنائي أُخذ من جهة رسمية «ربّح» المصارف»، مضيفاً «لا يهوّلنّ علينا أحد بفتح ملف المصارف وماذا قدّمت المصارف لدعم الجيش؟». وتابع: «هذه الدولة دولة منهوبة والوزير يدخل إلى الحكومة مديناً ويخرج مليونيراً».

من ناحيته النائب أبراهيم كنعان رأى أن «الهدف من قانون الانتخاب هو تصحيح تمثيل مختلّ دام لأكثر من 27 عاماً». واعتبر أن «التلطي وراء الحكومة والمجلس النيابي حول قانون الانتخاب لا يجوز».

أما النائب علي بزي، فوصف الفراغ بالانتحار، وقال: «نرفض بقوة السير في هذا المسار وايام معدودة امامنا يُكرَّم خلالها الوطن او يُهان». واعتبر النائب محمد قباني أن «انتخاب كل طائفة نوابها كاعتبار الداء هو الدواء ما يؤدي إلى وفاة المريض واعتماد القانون الارثوذكسي سيؤدي إلى تقسيم البلاد».

2017-04-07 | عدد القراءات 3087