واشنطن تحشد حلفاءها عشية زيارة تيلرسون لموسكو... وبوتين يُلغي الموعد التمديد للمجلس لـ«عدم صدور دعوة الحكومة للانتخابات وينتهي بصدورها» عين الحلوة إلى الحسم... والبحث الحكومي بلا تقدُّم... واللعب على

كتب المحرّر السياسي

تهيّأت واشنطن لقطاف ثمار ضربتها في سورية عبر الحشد السياسي لحلفائها في العالم والمنطقة بتأييد العدوان على سورية والمطالبة بالمزيد، ورتبت الأمور لزيارة وزير خارجيتها ريكس تيلرسون إلى موسكو لتكون مفاوضاته، كما في صفقات النفط والغاز التي اعتاد إجراءها في موسكو التي يعرفها وتعرفه جيداً، والتي توقّع مثلما ظنّ رئيسه دونالد ترامب، أن زيارته ستكسر الجليد مع موسكو وتتيح التفاوض المرن بعدما تكون الضربة قد رسمت قواعد القوة. وعلاقة تيلرسون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصية وممتدّة لعشر سنوات خلت، فكانت الصدمة لتيلرسون ولترامب بإعلان الكرملين أن لا موعد مع بوتين، علماً أن وسائل الإعلام الأميركية نقلت عن تيلرسون أنه سبق أن تبلّغ بأن اللقاء مع الرئيس الروسي سيكون تحصيل حاصل، وفقاً لما درجت عليه العادة مع وزراء الدول الكبرى والمهمة من جهة، وللعلاقة الشخصية من جهة أخرى.

ونقلت وكالة رويترز من موسكو ليلاً «قال الكرملين إن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لن يلتقي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما يزور موسكو، وكثيراً ما التقى وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري ببوتين خلال زياراته لموسكو، كما اجتمع الرئيس الروسي مرات متعددة مع تيرلسون خلال إدارته شركة إكسون موبيل قبل تولّيه منصبه الجديد. وفي عام 2013 قدّم بوتين بنفسه وسام الصداقة الروسي لتيلرسون، وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يجتمعا في أول زيارة لتيلرسون إلى روسيا كوزير للخارجية»، لكن ديمتري بيسكوف المتحدّث باسم بوتين أبلغ الصحافيين أمس الإثنين أن الاجتماع غير مقرّر، مضيفاً أن تيلرسون سيتبع بروتوكولاً دبلوماسياً صارماً وسيلتقي فقط بنظيره الروسي سيرجي لافروف، وقال بيسكوف «لم نعلن عن اجتماعات كهذه، والآن لا اجتماع لتيلرسون في جدول مواعيد الرئيس.»

رسمت واشنطن معادلتها بالتوماهوك ورسمت موسكو معادلتها ببيان الحلفاء الذي انهمكت وسائل الإعلام التابعة لواشنطن ودول الخليج التشكيك في وجوده، لوضعه معادلات لمواجهة لم تتوقّعها واشنطن ولا تحسّب لها حلفاؤها.

ستنتهي زيارة تيلرسون وتذهب سورية لمواصلة حربها مدعومة من حلفائها في حسم متدحرج على جبهة النصرة ومَن يقاتل معها. وهي في كل يوم تحقق انتصاراً جديداً، ولن تترك وحدات الجيش السوري فرصة لواشنطن لتعلب لعبة القط والفأر مع داعش فتدمر ودير الزور لمزيد من التعزيز، منعاً للخطة الأميركية بإضعاف دفاعاتهما تسهيلاً لفتحهما أمام داعش كمناطق بديلة عن الرقة، وسيكون على واشنطن حرب وجود مع داعش في الرقة بلا منافذ أرادتها للانسحاب أمامها، وهدفت غاراتها لجعلها سهلة المنال على داعش.

سيكون من الصعب ترميم ما انكسر في العدوان على سورية، وفقاً لمصادر متابعة في موسكو، وستنصرف روسيا لتعزيز جبهة الحلفاء وتزويد سورية بما يلزم فتكون أجواؤها منيعة بوجه اي انتهاك بعيداً عن حسابات التوازن الإقليمي، وما تقوله واشنطن وتل أبيب، وسيكون صعباً إقلاع مسارات أستانة وجنيف، وفقاً لمصادر مطلعة في دمشق، طالما أن القوى المرشّحة للمشاركة لا تزال هي ذاتها. وهي قوى تشارك في القتال مع جبهة النصرة أو تقدّم لها التغطية.

هي شهور المواجهة الفاصلة عن موعد قمة العشرين في هامبورغ ربما تكون فيها أكثر من معركة فاصلة على طريقة حلب تُرسي موازين جديدة للتفاوض، ربما يصير بعدها ممكناً انعقاد القمة بين الرئيسين ترامب وبوتين لبدء البحث الجدي المؤجّل.

لبنانياً، خيّم القتال الدائر في مخيم عين الحلوة على الجو السياسي والإعلامي، بعدما حسم أمر المواجهة المفتوحة مع جماعة بلال بدر بعد رفضها الاستسلام، ورفض الفصائل الفلسطينية صيغة تقدّمت بها الأطراف الإسلامية، خصوصاً عصبة الأنصار والشيخ جمال خطاب قبلتها حركة حماس بإيواء مؤقت لبدر وعدد من كوادره بصيغة إقامة جبرية، ورفضتها فتح بقوة.

على مسار قانون الانتخاب، قالت مصادر متابعة لـ«البناء» إن الإخراج الحكومي للمأزق بوضع اليد على الملف والسعي لتدوير الزوايا لا يعبّر عن وجود تقدّم في السعي للتوافق، وإن جميع الأطراف الفاعلة لا تزال تلعب على حافة الهاوية، وتحاول تصدير الأزمة إلى ملعب سواها، وليس في الأفق مشاريع حلول، بينما كشفت مصادر نيابية عن قيام عدد من النواب بتحضير مسودة اقتراح قانون لعرضه على المجلس النيابي يدعو لتمديد ولاية المجلس النيابي بمبرر دستوري مختلف عن المرات السابقة وبلا تحديد مهلة، فينطلق التمديد من عدم قيام الحكومة بتوجيه الدعوة للهيئات الناخبة ضمن المهل القانونية، واستحالة ولادة مجلس جديد في موعد نهاية ولاية المجلس المنتهية ولايته، ما يستدعي تمديد ولايته من دون تحديد مدة على أن تنتهي الولاية الممدّدة بعد ثلاثة شهور من صدور الدعوة عن الحكومة لإجراء الانتخابات.

عين الحلوة: فشل الحلول والمعارك مستمرة

حتى منتصف ليل أمس، لم تصل مفاوضات وقف إطلاق النار التي خاضتها القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة مع حركة فتح لخواتيمها، ولا صوت يعلو على صوت المعركة بالنسبة الى فتح التي شنّت هجوماً واسعاً من محاور عدة للقضاء على بلال بدر ومجموعته في حي الطيرة.

وتصاعدت حدّة الاشتباكات المستمرة في المخيم منذ أربعة أيام بين القوة المشتركة وفتح من جهة وجماعة بدر من جهة ثانية، وتركزت في حي الطيرة – جبل الحليب – سوق الخضار، وطاولت القذائف الصاروخية منطقة الفيلات والرصاص الطائش مستشفى صيدا الحكومي في صيدا.

إشتباكات الأمس تخللها هدوء نسبي خلال ساعات النهار، ولم تلبث أن احتدمت مساءً، مع تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار بعد رفض قيادة فتح مبادرة القوى الإسلامية التي تتضمّن انتشار القوى المشتركة في حي الطيرة وتواري بدر ومجموعته عن الأنظار بدلاً من تسليم أنفسهم، وتمسكت الحركة بتسليم جميع المطلوبين المتورّطين بالأحداث أنفسهم إلى القوة المشتركة.

وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللوء صبحي أبو عرب لـ«البناء» إن «الوضع الأمني في المخيم يتجه نحو الأسوأ ولم نتبلغ أي حل سياسي يُنهي القتال حتى الآن والقوة المشتركة لن توقف المعركة إلا بعد تحقيق هدفها، بأن يسلّم بدر ومجموعته المجرمون أنفسهم للقوة المشتركة وتستكمل القوة انتشارها في أنحاء المخيم كاملة.

وأضاف أبو عرب «أننا كقوة مشتركة لم نتبلّغ أي مبادرة ولم نوافق على شروط بدر أو غيره ويجب تسليم نفسه. ولدينا الغطاء السياسي من القيادة السياسية العليا لحسم الوضع في أقرب وقت».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن جماعة بدر شنّت هجوماً على ثلاثة محاور لفك الطوق عنها والتقدّم باتجاه بناية الأسدي في المخيّم لكنها لم تنجح، بينما رفعت وحدات الجيش المحيطة بالمخيم والمرتفعات المطلّة عليه جهوزيتها تحسّباً لأيّ ردود فعل خارج المخيم، وأشارت معلومات الى دخول قوة عسكرية تابعة للجبهة الشعبية القيادة العامة على رأسها العميد أبو راتب إلى مخيم عين الحلوة للمشاركة في الاشتباكات القائمة.

وقالت مصادر الفصائل لـ«البناء» إن «اللقاءات تكثّفت يوم أمس، للجم التوتر ومحاصرة الاشتباكات ووقف إطلاق النار وفقاً لمبادرة لا تتعارض والسقف السياسي الذي رسمته الفصائل»، ووفق معلومات «البناء» فإن فتح تريثت في إبلاغ قرارها النهائي للجنة الفصائل، وطلبت مزيداً من الوقت لاطلاع المعنيين في قيادتها السياسية لاتخاذ القرار، لكن الأجواء تشير الى رفض فتح المبادرة والتمسك بقرارها بحسم حالة بدر وتفكيك مربعه الأمني وتواريه عن الأنظار لا يشكّل ضمانة لعدم تكرار إشعال المخيم».

وتساءلت المصادر عن أسباب التأخير في الحسم الميداني لمربع بدر، رغم منح فتح والقوة المشتركة كامل الغطاء السياسي من معظم الفصائل في المخيم كالجهاد الإسلامي وحركة حماس والحركة الإسلامية المجاهدة؟ مضيفة أن «القتال محصور في محور الطيرة جبل الحليب سوق الخضار ولم يتعدّ الى جبهات أخرى في المخيم التي ستندلع في حال طال أمد القتال من دون حسم».

وفي ما عُلم من داخل المخيم أن «بدر لا يزال مع مجموعته في حي الطيرة»، أفادت مصادر أمنية مطلعة لـ«البناء» أن بدر فرّ الى جهة مجهولة داخل المخيم، بينما بقيت مجموعته في الطيرة. لكن مصدر أمني أكد لـ«البناء» أن «الجيش اللبناني يُحكم السيطرة على كل مداخل عين الحلوة ولم يسمح لأي خارج عن القانون من مغادرته».

وإذ دعت مصادر فلسطينية الى التنبه للمخطط الخارجي الذي يرسم للمخيم لضرب حق العودة والقضية الفلسطينية وإحداث شرخ بين الفصائل الفلسطينية المقاومة، حذّرت فاعليات صيداوية من أن «تؤدي الاشتباكات الى سيناريو نهر بارد جديد وإدخال الجيش في المعارك بحجة عجز فتح عن الحسم»، داعية الى «أن تحسم القوة الأمنية المشتركة الوضع بأسرع وقت».

ويبدو أن هناك تناقضاً في حسابات الفصائل تجاه حسم الوضع، منها مَن يعتبر أن حسم فتح المعركة سيؤدي الى واقع عسكري جديد في المخيم وتقطف الحركة الإنجاز السياسي بمفردها وتتفرّد في القرار الأمني، وتعمل فصائل إسلامية على استعمال مجموعة بدر كفزاعة وتقف خلفه وتقدّم له الدعم لتوسّع نفوذها في المخيم، وفي المقابل ترى بعض القوى أن إنهاء حالة بدر عسكرياً بات ضرورة لاستقرار المخيم، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن وجود جهات داخل المخيم وخارجه تؤمن له الحماية والتغطية النارية والسياسية؟

وقد ارتفعت حصيلة الاشتباكات الى 9 قتلى و40 جريحاً، كما وشهد المدخل الغربي للمخيم نزوحاً كثيفاً للأهالي. وتأثرت الحركة في مدينة صيدا نتيجة تدهور الوضع وأقفلت المدارس والجامعات أبوابها.

جلسات حكومية مفتوحة لبحث «القانون»

وحضرت التطورات الأمنية في المخيم على طاولة مجلس الوزراء في جلسته أمس، التي عقدت في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري.

وقرّر المجلس تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة لمتابعة قانون الانتخابات على أن تبقى جلساته مفتوحة.

وبحسب ما علمــت «البناء» من مصادر وزارية أن كل وزيــر قدّم رؤيته وموقفــه السياســي حيال القانون ولا يزال كل طرف على موقفه من الصيغ والاقتراحات المطروحة، كما لم يتم البحث بأي اقتراح محدد لعرضه على مجلس الوزراء، بل ترك الأممر للجنة التي سيعمل رئيس الحكومة على تشكيلها لتبدأ اجتماعها الأول اليوم».

وأكد وزير الإعلام ملحم رياشي بعد الجلسة، أنه خلال 24 ساعة، ستكون اللجنة قد اجتمعت ووضعت الأمور في خواتيمها أمام جميع الوزراء ليتابعوا البحث في هذا الإطار والعملية سريعة جداً. وهي ليست مسألة أسابيع».

وأعرب رئيس الجمهورية خلال الجلسة عن أمله أن تكون اجتماعات مجلس الوزراء مثمرة، مطمئناً الى أنه لن يحصل أي فراغ وأن العودة الى مواد الدستور وقرارات المجلس الدستوري تشير إلى ذلك»، لافتاً الى أنه يمكن عقد جلسة مناقشة في مجلس الوزراء عندما ترغب الكتل الممثلة في الحكومة بذلك، ولو مرة في الشهر يتمّ خلالها التطرق الى المواضيع العالقة.

من جهته، أكد الحريري ضرورة التوصل لـ«قانون نرضي فيه الكثير من رغبات اللبنانيين»، مشيراً الى «استكمال الاتصالات وتوسيع إطار البحث ليشمل الجميع بهدف الوصول لصيغة مشتركة لقانون الانتخابات».

وكان مجلس الوزراء ناقش، إضافة الى قانون الانتخابات، الأحداث الأمنية التي يشهدها مخيم عين الحلوة، فأكد في هذا السياق وجوب العمل لاستتباب الامن ضمن المخيم وتسليم جميع المخلّين به، ومنع تطور الاشتباكات والمساس بالأمن والحياة الاقتصادية لمدينة صيدا، وإبقاء الطريق الدولية في الجنوب مفتوحة، مثمّناً الجهود التي يبذلها الجيش والقوى الأمنية في هذا الاتجاه.

وقد سبق الجلسة لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة دام نصف ساعة، جرى فيه عرض لآخر التطورات على الساحة المحلية، إضافة الى الاتصالات الجارية للتوصل لقانون انتخابي جديد.

وفي سياق ذلك علم أن اجتماعاً عُقد في قصر بعبدا بين وزير المالية علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل ومستشار رئيس الحكومة نادر الحريري فور انتهاء جلسة مجلس الوزراء للبحث في قانون الانتخاب. وقد استمرّ الاجتماع لساعتين من الوقت.

واعتبر باسيل بعد اجتماع المجلس السياسي للتيار الوطني الحرّ أنه «عندما قلنا بالمختلط كان هدفنا التحضير للانتقال من الواقع الطائفي والمذهبي الى الوضع المدني». وأكد باسيل «استعدادنا للذهاب الى مجلس شيوخ على أساس الأرثوذكسي ومجلس نواب على أساس النسبي». وشدّد على رفض التمديد ورفض الستين أو الفراغ، واعتبر أن قانون الانتخاب باب الإصلاح الرئيسي».

وقالت مصادر في التيار الحر لـ«البناء» إنه «لم يتم التوصل لصيغة نهائية لقانون الانتخاب حتى الآن، لذلك نقل الملف الى مجلس الوزراء لبحث صيغ القوانين التي حصرت بثلاث صيغ، هي صيغة باسيل ومختلط رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومشروع وزير الداخلية مروان شربل النسبية الكاملة على 13 دائرة».

2017-04-11 | عدد القراءات 4449