كتب المحرّر السياسي
رفضت الأمم المتحدة لوائح الإرهاب ضدّ قطر ولم يقبل باعتمادها الأميركيون والأوروبيون، وتعامل معها الأنتربول كلوائح مطلوبين تقليدية لأربع دول، بينما بهتت حملة قطع العلاقات وحلّ مكانها لدى المطالبين بها من السعودية، إعلان استعدادهم للعب دور الوسيط لحلّ دبلوماسي. وفي الرياض يعرفون أنّ الحلّ الدبلوماسي الذي تقبله قطر ولا يأتي تفادياً لانقلاب أو احتلال وما هو أعظم، هو تكريس لمكانتها وعصيانها على «ولي الأمر»، بل يصير مكافأة لها على صمودها وحضور حلفائها الذين انتصروا لها، سواء لأنها امتداد لهم كحال تركيا، أو لأنّ إسقاطها لصالح السعودية تغيير في توازنات الخليج ممنوع الحدوث، كحال موقف روسيا وإيران ومَن وقف مثلهما.
الارتباك السعودي يتزامن مع مواصلة الحملة على قطر والتفرّغ الإعلامي للتصعيد ضدّها ما شغل القطريين والسعوديين وإعلامهم عن التحريض ضدّ قوى محور المقاومة وتخديم الحروب في سورية.
سورية كانت محور حديث للرئيس الروسي فلاديمير بوتين كشف خلاله عن تقدّم قدرات الجيش السوري والثقة بإنجازاته والاستعداد لانسحابات روسية نحو قواعد طرطوس وحميميم بالتوازي مع منح الجيش السوري المزيد من المقدرات في السلاح والعتاد، وبقاء التدخل الداعم لحالات الضرورة.
كلام الرئيس بوتين جاء بينما كان الجيش السوري يثبت حضوره كقائد لمعارك تحرير سورية من داعش، وقد صار واضحاً أنّ ميدانها سيكون في مدينة دير الزور، حيث تتلاقى قوات الجيش السوري الصامدة هناك مع القوات الآتية من تدمر عبر البادية وقد صارت على مقربة من مدينة السخنة باتجاه دير الزور، وتلاقي القوات الآتية من الحدود السورية العراقية شمالاً، وتلاقيهم القوات الآتية من غرب الرقة على مجرى الفرات باتجاه دير الزور وقد دخلت الرصافة، بينما يخوض الجيش معارك طاحنة في درعا يقترب معها من خط الحدود مع الأردن.
المحاولات الأميركية للمشاغبة والتخريب لم تتوقف، فقد حرّك الأميركيون وحدات صواريخ هيمارس من الأردن إلى داخل الأراضي السورية للتأثير على مجرى المعارك في درعا، وهو ما حذّرت موسكو من التعامل معه كتغيير في قواعد التعاون في الحرب على الإرهاب.
لبنانياً، قبل تصديق المجلس النيابي على القانون الجديد دخلت القوى السياسية مرحلة الاستعداد للانتخابات، وأولى الخطوات أخذ الخيارات الكبرى في التحالفات. وبينما يطمئن ثنائي حزب الله وحركة أمل حلفاءه إلى أنّ اللوائح ستكون موحّدة والخروقات ستكون محدودة جداً، وموضع قبول ورضا، ينتظر النائب وليد جنبلاط ما ستفرزه مرحلة ما بعد القانون على جبهة الثلاثي العوني القواتي المستقبلي، ليقرّر تحالفاته. وتبدو ساحة الثنائي القوات والتيار الوطني الحر هي الساحة المقرّرة والساحة المعرّضة للتجاذبات، في ضوء ما تسرّب عن تفاهم تيارَي المستقبل والوطني الحر عن التحالف في دوائر عكار وبيروت وزحلة وعدم وضوح خيار التيار الوطني الحر لجهة التحالف مع القوات في دائرتي المتن وكسروان بينما يبدو أنّ الرصيد القواتي المطلوب لقبول التحالف يقوم على قاعدتين: الأولى تحالف في كلّ الداوئر أو لا تحالف والثانية عشرة مرشحين على الأقلّ منهم أربعة في جبل لبنان.
«قانون التسوية» يُقًرّ اليوم بأغلبية نيابية
مع إقرار قانون «التسوية» في مجلس الوزراء أمس الأول، هدأت العاصفة التي أثارها ملف قانون الانتخاب طيلة الشهرين الماضيين وأعلن المفاوضون انتهاء المنازلة السياسية بأقلّ الخسائر الممكنة وتوزيع أنصبة وأسهم الأرباح على الجميع فرئيس الجمهورية أوفى بالتزامه للبنانيين بإقرار قانون جديد كما ورد في خطاب القَسَم والبيان الوزاري لحكومة «استعادة الثقة» التي أمدّ «القانون» بعمرها الى ما بعد انتخاب المجلس النيابي الجديد الذي ضمن لنفسه أيضاً عاماً كاملاً برئاسة الرئيس نبيه بري بعد أن لامس الفراغ المؤسسة التشريعية للمرة الأولى، بينما تنفّس رئيس الحكومة سعد الحريري الصعداء لمنحه الوقت الكافي لإعادة لملمة شارعه المتصدّع قبل الانتخابات المقبلة واستعادة «البحبوحة» لإمبراطوريته المالية المفلسة.
ومع إقرار القانون الجديد في المجلس النيابي والتمديد للمجلس الحالي اليوم في المجلس النيابي، تدخل البلاد حالة من الاسترخاء السياسي لتفح مرحلة سياسية جديدة تبدأ بورشة إصلاحات سياسية ودستورية واقتصادية، يُعِدّ لها الرئيس ميشال عون من خلال دعوة رسمية للقاء رؤساء الكتل النيابية للتوافق على مسار سياسي للنهوض بالبلد، بينما تنصرف القوى السياسية للتحضير للمعركة الانتخابية العام المقبل.
واكتملت التحضيرات في المجلس النيابي، التي أوعز الرئيس بري القيام بها استعداداً للجلسة التشريعية العامة التي تعقد بعد ظهر اليوم لدرس وإقرار مشروع قانون الانتخابات الجديد الذي تسلّمت رئاسة المجلس النسخة المنقّحة منه أمس الأول، وطلب بري طباعتها على عدد أعضاء المجلس وتوزيعها على النواب ليتسنى لهم الاطلاع عليها قبل 48 ساعة بحسب المادة الدستورية ولو ناقصة بضع ساعات.
وتوقعت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير أن يُقرّ القانون بمادة وحيدة، إلا في حال طلب النواب النقاش في تفاصيل القانون، لكنها لفتت لـ»البناء» الى أن «الرئيس بري سيُعطي النواب حق إبداء الملاحظات وتسجيلها ولن يُسمح بطول النقاش، خصوصاً أن ما سجله الوزراء في جلسة إقرار الحكومة المشروع يعكس مواقف الهيئات والأحزاب والكتل النيابية على حد سواء، وبالتالي سيطلب من رؤساء الكتل ضبط النواب طالبي الكلام داخل كل كتلة».
واستبعدت المصادر إجراء تعديلات على القانون لا سيما تلك التي أبداها الوزراء في جلسة مجلس الوزراء، مشيرة الى أن «القانون حظي بإجماع وتوافق سياسي من جميع القوى السياسية، وبالتالي الصيغة نفسها التي خرجت من مجلس الوزراء سيتمّ إقرارها في المجلس النيابي».
ورجّحت المصادر أن ينال القانون الأغلبية المطلقة، «إذ إن جميع الكتل النيابية التي تمثّل مجلس الوزراء وحتى الذين اعترضوا سيصوّتون مع القانون»، وأوضحت أنه «لا يمكن التوصل الى قانون أفضل من الحالي في ظل الظروف الراهنة في البلد وضيق الوقت والمهل الدستورية، لكنه بالتأكيد يحتاج الى مزيدٍ من التطوير وإدخال الإصلاحات الجوهرية عليه كإعادة تقسيم الدوائر وعدد المقاعد ليحقق عدالة التمثيل أكثر وإخراجه كلياً من الاطار الطائفي وإشراك المرأة في الترشح والعمل السياسي النيابي والوزاري والمغتربين وتخفيض سن الاقتراع».
وعلمت «البناء» أن البطاقة الممغنطة ستعدّها وزارة الداخلية بمرسوم ليقر في مجلس الوزراء وبالتالي سيضم الى القانون الجديد».
«المستقبل»: نثق بقواعدنا وجاهزون للانتخابات
واستبعدت أوساط نيابية في المستقبل إضافة تغييرات جوهرية على القانون في المجلس النيابي، متوقعة أن يقتصر الأمر على بعض التعديلات التقنية التي تتعلّق بالشكل، وليس بالمضمون المتوافق عليه بين القوى السياسية جمعاء في مجلس الوزراء»، ونفت لـ»البناء» أن يكون القانون الجديد تسوية بين التيار الوطني الحر والمستقبل، «بل تسوية وطنية شارك بصياغتها وإخراجها الأطراف كلهم لتجنيب لبنان الفراغ الشامل في البلاد»، كما نفت أن يكون التمديد لمدة عام قد أتى بطلب الرئيس الحريري من الرئيس عون الذي أصرّ على أن لا تتجاوز مدة التمديد 4 أشهر، مشدّدة على أن «التمديد لأسباب تقنية وليست سياسية بعد أن طلبت وزارة الداخلية مهلة عام للتحضير للعملية الانتخابية بناءً على تفاصيل القانون الجديد الذي يتطلب هذا الوقت لا سيما البطاقة الممغنطة وهيئة الإشراف على الانتخابات وإعداد رؤساء الاقلام ولجان القيد وغيرها».
وأكدت الأوساط جهوزية المستقبل للانتخابات في أي وقتٍ ممكن، لثقة التيار بجمهوره وقواعده الشعبية التي لازالت ملتزمة بخيارات التيار ورئيسه، وبالتالي الشعب هو الذي يحكم»، ولفتت الى أن «المستقبل لم يجرِ إحصاءات لعدد المقاعد التي يحصدها والمعارك التي سيتعرّض لمنافسة قوية فيها بانتظار دراسة القانون وعقد التحالفات الانتخابية».
وأكد الحريري خلال حفل إفطار جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، أننا «سنصوّت غداً «اليوم» على قانون الانتخاب الذي أنجزناه بعد عناء طويل»، وأشار الى أننا «أ نجزنا قانون الانتخاب ولكن مع الجميع، فأنا لستُ ممن يدّعون العمل وحدهم، الجميع كلهم عملوا. ربما كانت هناك تحديات كبيرة ولكن الجميع كانوا إيجابيين. والأهم بالنسبة إليّ الآن هو الاقتصاد ولقمة العيش وفرص العمل، وهذا ما يحتاجه اللبناني في نهاية المطاف. لذلك علينا أن نعمل على الاقتصاد اللبناني».
وأكد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن «الإنجاز المتمثل بقانون الجديد ليس كاملاً، ويتطلّب استكمالاً، ونحن نعتمد مبدأ خُذْ وطالب. اليوم أخذنا في مجلس الوزراء. اليوم نريد مطالبة مجلس النواب، لأن هذا القانون فيه أخطاء بنيوية وتقنية، اذا كنا متفقين بالسياسة أن نقرّه بمادة وحيدة يوم غد الجمعة، لكن لا بد من أن يعود مجلس النواب الى مراجعة القانون وتصحيح الأخطاء فيه».
لقاء رؤساء الكتل في بعبدا
في غضون، ذلك تستعدّ بعبدا لاستقبال رؤساء الكتل النيابية بدعوة رسمية من رئيس الجمهورية للبدء بمسار سياسي جديد من خلال التعاون بين الرئيس عون والحكومة والمجلس النيابي. وفي ما أكدت مصادر المستقبل وحركة أمل لـ»البناء» أنه «لم تصلنا أي دعوة بهذا الخصوص حتى الآن»، أوضحت مصادر بعبدا لـ»البناء» أن «الفكرة لم تتبلور بعد، لكن الفكرة موجودة لدى رئيس الجمهورية غير أن قانون الانتخاب كان حجر العثرة أمام إطلاقها، أما وأن القانون سيُقرّ اليوم في المجلس النيابي، سيطرح الرئيس عون تصوّره ورؤيته لحل قضايا أخرى عدة أساسية تتعلق ببناء الدولة وسير انتظام العمل السياسي والدستوري في البلد تتضمّن ورقة العمل لهذا اللقاء»، موضحة أن «المرحلة الجديدة مقبلة على مشاريع إنمائية وخطط اقتصادية واستراتيجية للقطاعات الإنتاجية، إضافة الى استكمال تطبيق بنود اتفاق الطائف مثل اللامركزية الإدارية وضمان الشيخوخة».
وأضافت المصادر: «انطلاقاً من ذلك يرى الرئيس عون ضرورة تفعيل وإشراك المكوّنات السياسية في توجّهاته التي التزم بها في خطاب القَسَم وسيُبدي كل التعاون مع المجلس النيابي الحالي، رغم الملاحظات عليه، لكن لن ينتظر الانتخابات النيابية في أيار المقبل وتشكيل مجلس نيابي جديد وحكومة جديدة كي يبدأ ورشة العمل والإصلاح في قطاعات الدولة كلها، بل سيبدأ العمل منذ الآن لوضع الخطوط العريضة لذلك».
ولفتت المصادر الى أن «الدعوات لم توجّه بعد الى رؤساء الكتل، لكن الجميع مرحّب به في بعبدا ولا مشكلة مع أي مكوّن وسنوجّه دعوة إلى رئيس تيار المردة»، وأوضحت المصادر أنه لقاء وليس طاولة حوار، مرجحة أن يعقد «اللقاء الأول بعد عيد الفطر».
خلية إرهابية جديدة
أمنياً، وبعد أيام من الإعلان عن توقيف شبكات إرهابية ورؤوس «داعشية» كانت تخطّط لاستهداف مرافق حيوية كالمطار وتجمّعات مدنية ومطاعم في مناطق لبنانية عدة، سجلت استخبارات الجيش اللبناني أمس إنجازاً جديداً في إطار ملاحقة وتوقيف الخلايا الإرهابية، من خلال إلقاء القبض على خليّتين أمنيتين تابعتين لتنظيم داعش عدد عناصرها 9 أشخاص.
وأكد وزير الأشغال العامة يوسف فنيانوس أن «مطار رفيق الحريري الدولي غير مكشوف أمنياً»، لافتاً الى أن «الحكومة قرّرت أن نأتي بتجهيزات جديدة لتتماشى مع الشؤون الأمنية وازدياد عدد الركاب ليكون المطار بمصاف المطارات الأولى في العالم».
وقال فنيانوس: «أتبنى كلام كل من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لقوى الأمن الداخلي والأمنيين أن لا خوف على المطار».
وفي سياق ذلك، ومع تزايد نسبة الجريمة في لبنان ومطالبة وزير الداخلية نهاد المشنوق بتطبيق قانون الإعدام لردع المجرمين، كشف المشنوق أمس، أن «هناك موافقة من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على تفعيل قانون الإعدام ورئيس الجمهورية ميشال عون وعد بدراسة الموضوع».
ولفت المشنوق إلى «أننا لسنا بحاجة إلى قانون جديد بل إلى تفعيل القانون الحالي».
2017-06-16 | عدد القراءات 5447