كتب المحرّر السياسي
لم يعد مسار أستانة إطاراً لتعاون إقليمي في مواجهة تحديات التهدئة في سورية، بعدما تفاقمت الأزمة التركية الأميركية على خلفية ملف الأكراد من جهة، وتداعيات الأزمة القطرية من جهة مقابلة، وصار التموضع في أحلاف دولية وإقليمية بحسابات الأمن القومي والمصلحة العليا لكلّ دولة على المحك، منعاً للتحوّل إلى مكبّ نفايات لأزمات المنطقة، التي لا يبدو أنها ستنتهي بصيغة رابح رابح، ولا بدّ من خاسر فيها، فيتفادى الجميع الوقوف على ضفة الخسارة بتحصين الأوضاع وتحسين الأوراق، لذلك جاءت هذه الجولة من أستانة فرصة لتوجيه الرسائل التركية بأكثر من اتجاه والسعي لإنجاح خطوات الشمال السوري ولو تعقّد المشهد جنوباً، حيث السطوة على المسلحين أميركية «إسرائيلية» سعودية، لكن التقدّم بقي طفيفاً لأنّ سورية لا تقبل شرعنة الوجود التركي غير الشرعي على أراضيها، وتشترط نشر مراقبين على الحدود السورية التركية، ويدعم الروس مطلبها، بينما تتقدّم تركيا بعرض نشر مراقبين أتراك وروس في مناطق سيطرة المسلحين الذين تستطيع ضبط تحركاتهم في محافظتي إدلب وحلب، أما ملف المصالحات فلا يزال موضع نقاش لقبول سورية بمبدأ مساهمة الغير بالتشجيع والتسريع والدعم، لكن ببقاء المصالحات سورية سورية في نهاية المطاف.
لا ينفصل ما يجري في أستانة عما يجري في الرياض وسيجري في القاهرة، بصدد تطورات الأزمة القطرية السعودية وفشل الوساطة الكويتية، وذهاب أطراف الأزمة نحو المواجهة، بعدما اختبر السعوديون سلاح المقاطعة ووجدوا محدودية تأثيرة وراهنوا على معادلة تخيير العالم بينهم وبين قطر ووُجِهوا بصعوبات أدّت إلى مقاطعة الملك سلمان لقمة العشرين في هامبورغ خشية التصادم مع مناخ أوروبي يدعو لحلّ الأزمة بالتفاوض ويرفض صيغ التخيير التي تسوّق لها السعودية لمزيد من الضغوط على قطر، ويُنتظر أن يخرج اجتماع وزراء خارجية دول المقاطعة في القاهرة اليوم بالمزيد من الخطوات التصعيدية للمزيد من الضغوط، ربما يكون أولها إيقاف بث قناة «الجزيرة» على القمرين عربسات ونايلسات، حسبما قالت مصادر متابعة في القاهرة.
على هامش قمة العشرين حُسم أمر اللقاء بين الرئيسين الأميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، بعد تساؤلات طغت خلال الأيام الماضية حول مبدأ عقد اللقاء وربطه بتوصّل المعاونين والمستشارين لخطوط عريضة لتوافقات، قالت مصادر روسية إنّ محورها التزام أميركي بالخروج من عجرفة لغة العقوبات والسعي لتركيع روسيا اقتصادياً وحصار اقتصاديات النفط والغاز الروسيين في أوروبا، وتجميد أنشطة الاستفزاز العسكرية في المناطق القريبة من روسيا، كنشر القوات والصواريخ وتحليق الطائرات ونقل المدمّرات، وبعدها تسهل الأبحاث للتعاون في ملفات سورية وكوريا وأوكرانيا والحرب على الإرهاب، لأنه يسهل القبول بفكرة أنّ التعاون يتمّ بين شريكين، وليس تعاوناً قائماً على الخداع والمكر والتصيّد للطعن في أول فرصة متاحة كما ثبت من القراءة الروسية لتاريخ التعاون في السنوات الماضية، ولذلك يقرأ معنيون بالعلاقات الروسية الأميركية بالإعلان عن موعد اللقاء يوم الجمعة عشية انعقاد قمة العشرين وليس خلال انعقادها علامة تقدّم في التوافقات ورغبة بتقديم اللقاء كحدث منفصل قائم بحدّ ذاته، وليس كتشاور روتيني يُجريه كلّ القادة المشاركين في قمة العشرين ثنائياً مع نظرائهم.
لبنان الذي ينشغل قادته العسكريون والأمنيون، كما قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بالجمع بين مهامهم في إسقاط خطط التنظيمات الإرهابية وتفادي الفتن سواء مع المخيمات الفلسطينية أو النازحين السوريين، ينقسم وسطه السياسي حول كيفية مقاربة ملف النازحين السوريين الذي يُجمعون أنه دخل مرحلة التحوّل قنبلة موقوتة، اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، ويتوقف على تبلور رؤية حكومية لفتح قنوات التعاون مع الحكومة السورية لسيناريو يضمن عودة طوعية للراغبين الذين تحقَّق الهدوء في مناطقهم وعادت لسيطرة الدولة السورية، لكنهم موجودون في لبنان بصورة غير شرعية وخرجوا من سورية بصورة غير شرعية ولا يعرفون حال مساكنهم وحاجاتها لتصلح للسكن، وإن عرفوا واقعها لا يملكون مقدرات تهيئتها لعودتهم، ما يجعل عودة مئات الآلاف منهم، الذين لا تشملهم التصنيفات السياسية التي يتمسّك بها تيار المستقبل في موقعه العدائي للدولة السورية. وقد أظهر الاستفتاء الرئاسي الذي شارك فيه النازحون في لبنان بطوفان شعبي لصالح الرئيس السوري بشار الأسد. أكاذيب ربط النازحين بملفات المعارضة التي يريد المستقبل عدم حرمانها من بيئة حاضنة تتاجر بها وتتغطى من خلالها وستخسرها، إذا عادت الأغلبية العظمى من النازحين الذين ينتظرون آلية لبنانية سورية للتقدّم بأسمائهم وتحديد مناطقهم واحتياجاتهم القانونية والمادية لتتمّ تسويتها وتهيئة ترتيبات منسّقة بين الحكومتين لقوافل العودة بصورة متدرّجة ومنتظمة، ووسط الانقسام الحكومي وتبلور موقف معلن لوزير العدل سليم جريصاتي المقرّب من رئيس الجمهورية يدعو للتنسيق مع الحكومة السورية وطي صفحة النقاش حول ملف النازحين، تساءلت مصادر متابعة عن مدى إمكانية وجود توافق رئاسي على حسم الخلاف بالتصويت في مجلس الوزراء بصورة تمنح رئيس الحكومة سعد الحريري عذراً أمام الضغوط السعودية، وتضع الأزمة على سكة الحلّ، مشيرة إلى أنه إذا قرّر رئيس الجمهورية ذلك فسيكون بالتوافق مع رئيس الحكومة ولو من موقع مختلف، ولن يتحوّل الأمر أزمة حكومية وستكون الأغلبية اللازمة متوفرة بقوة لاتخاذ القرار بتشكيل لجنة وزارية وتكليف المدير العام للأمن العام البدء بالاتصالات اللازمة مع دمشق لوضع ترتيبات التنسيق وآليات التعاون.
مخطط إرهابي لتوريط المخيمات
في ضوء التطوّرات الميدانية على الساحة الإقليمية والحصار الذي يتعرّض له تنظيم «داعش» في كلٍ من العراق وسورية ومع الانتصارات التي يحقّقها الجيشان السوري والعراقي في مختلف الجبهات واقتراب النهاية العسكرية لهذا التنظيم، بعد خمسة أعوام من انتشاره في دول المنطقة بدعمٍ خليجي وإقليمي ودولي، عاد الهاجس الأمني ليلقي بثقله على الساحة المحلية في ظل تنامي خطر تسرّب عناصر «داعش» من سورية غلى لبنان وتنفيذ مخططاتهم الإرهابية وتوريط المخيمات الفلسطينية خدمة لمشاريع خارجية، الأمر الذي حذّر منه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أمس.
وأكدت مصادر أمنية مطّلعة داخل المخيم لـ«البناء» ما كشفه اللواء ابراهيم، مشيرة الى أن معلومات دقيقة وخطيرة وحسّاسة توافرت لدى الأمن العام والأجهزة الأمنية الأخرى عن مخطط إرهابي داخل المخيمات مستفيدين من اعترافات الموقوفين الإرهابيين في الآونة الأخيرة لا سيما الموقوفين خلال عملية الجيش الأخيرة في عرسال»، وتحدّثت المصادر عن خطرين يهدّدان أمن واستقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان وهما التكفير والتطرّف وانتشار المخدرات بشكل كبير، وأكدت المصادر أن المخطط الإرهابي الذي يُعدّه الإرهابييون يخدم المشروع الصهيوني والأميركي لتهجير الشعب الفلسطيني من عواصم الشتات لضرب حق العودة»، ولفتت إلى وجود مجموعات تابعة لتنظيمَي داعش والنصرة في معظم المخيمات الفلسطينية وتنسّق مع قيادة التنظيمين الإرهابيين في سورية والعراق وتتلقى الأوامر منها، مرجّحة تصاعد العمليات الإرهابية في لبنان في المخيمات وخارجها بسبب الحصار الذي تتعرّض له تلك التنظيمات والهزائم التي مُنيت بها في سورية والعراق، وبالتالي تحاول نقل المعركة إلى لبنان والمخيّمات تحديداً لوجود بعض البيئات الحاضنة فيه».
لكن المصادر جزمت بأن «المنظمات والقوى الفلسطينية في المخيم قرارها موحّد، ولن تسمح لأي كان العبث بأمن المخيمات وتحويلها الى نهر بارد جديد ولا بأمن الجوار». ولفتت الى أن «تسليم الإرهابي المطلوب خالد السيد للأجهزة الامنية اللبنانية أثبت وحدة القرار الفلسطيني ورفض القوى جميعها تحويل المخيمات الى مأوى للإرهابيين الفارين من وجه العدالة». ولفتت المصادر الى أنه لو كان الموقف الفلسطيني موحّداً منذ بداية الأحداث السورية لما وصلت الأمور الى ما وصلت اليه».
وعن تهديدات القوى المتطرّفة في المخيم بالردّ على تسليم خالد السيد، وضعتها المصادر في إطار التهويل والتهديدات الجوفاء، مؤكدة أنهم لا يملكون القدرة على تنفيذها وكما أجهض الشعب الفلسطيني المشاريع الصهيونية سيُسقط المخططات الإرهابية». وأكدت أن «القوى الأمنية الفلسطينية ستعتقل أي إرهابي يهدّد أمن المخيم والجوار وستسلّمه إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية».
وإذ لفتت إلى أن «ظاهرة التكفير والتطرّف موجودة في المخيم، غير أن لا تحرّكات ظاهرة للجماعات الإرهابية تؤشر الى مخطط تفجيري قريب، لكن الخطر قائم»، بحسب المصادر، «إذاً تعمل هذه المجموعات بشكل خلايا سرية ومنظمة ومنفصلة عن بعضها وتتنقل بين المخيم والداخل السوري وبعض المناطق اللبنانية كعرسال وطرابلس وبعض مناطق البقاع وبيروت»، لكنها لفتت الى أن «التواصل مستمر وفعّال مع الأجهزة الأمنية لاعتقال الإرهابيين بشكل سريع وعلى صعيد إنهاء ملفات المطلوبين لتحجيم ظاهرة الإرهاب، الأمر الذي سيُحبط أي مخطط إرهابي فضلاً عن حملات التوعية في المخيم للتخلّص من الأفكار الإرهابية المتطرفة بين أهل المخيم».
ونبّه اللواء إبراهيم من مكمن أمني ـ عسكري يُنصب لمخيمات اللجوء الفلسطيني، ويُراد منه استدراج لبنان واللاجئين الفلسطينيين وتوريطهم في ما لا يريدونه من مواجهة يحرصون على تجنّبها على الدوام لأسباب سياسية وعسكرية وأمنية تتصل اتصالاً وثيقاً وشديداً بملفات إقليمية ودولية». وأشار الى أن «ثمة مؤشرات خطيرة كمنت في أهداف هذه العمليات. للمرة الأولى ننجح في توقيف شبكة كانت في صدد ضرب سلسلة أهداف في آن. كان مقرّراً على سبيل المثال الضرب في مدينتي طرابلس والنبطية. وإذا كان ذلك يؤكد ما كرّرناه على الدوام بأن الإرهاب لا يميّز بين فريق وآخر أو منطقة وأخرى، إلا أنه يُنبئ بمرحلة جديدة متميّزة ستكون طبيعتها من العمليات العشوائية لزعزعة الدولة ككل. وهذا يستدعي حساسية أمنية أرفع وأدق وأعلى أولاً لحماية لبنان، وثانياً لأن الجميع يعرف أن الجيش والقوى الأمنية يعملان بطاقتهما القصوى وفي ظل نقص في العديد والعدة».
ورأى إبراهيم أن «عملية تفكيك الشبكة الإرهابية الشهر الفائت حملت مؤشرات إلى أخطار تستدعي معالجات سياسية، وإلا فإننا سنُضطرّ إلى اللجوء إلى عمليات أمنية وعسكرية دقيقة».
وأكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن «تصرّف الجيش اللبناني خلال العملية العسكرية التي قام بها في منطقة عرسال كان «تصرّفاً أمنياً بحتاً».
وقال رداً على انتقادات رافقت العملية العسكرية «أنا حريص على كرامة النازحين وأمنهم وعلى وجودهم ولي جولات واسعة في هذا المجال. أما اليوم فنحن نتحدّث عن منطقة عمليات عسكرية وليس عن اعتقال طبيعي، وخلال المداهمة التي تمّت وفق متطلبات الضرورة أقدم خمسة من الإرهابيين التكفيريين على تفجير أنفسهم، وتصرّف الجيش عندئذ يتحوّل إلى تصرف أمني بحت»، ونفى أن يكون لحزب الله «أي تدخل في هذه العملية»، وقال: «المنطقة في مسؤولية الجيش اللبناني، وحزب الله ليس موجوداً في عرسال وما يُقال مبالغات».
بيان «المستقبل» يصل حدّ الخيانة الوطنية
على صعيد آخر، برز الردّ التصعيدي المستقبلي على الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ورأت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «موقف كتلة المستقبل رداً على كلام السيد نصرالله هو مؤشر لأحد أمرين: إما إمعان في الارتهان للخارج وتقديم الدعم لإسرائيل اقتداءً بأربابهم في دول الخليج الذين يعملون جاهدين لحماية كيان العدو وعدم إغضابه، وإما أنه جهل بمضمون كلام السيد نصرالله، فالخبراء يعلمون بأن قائد المقاومة كان فذاً في إطلاق ما أطلقه من تهديد، لأنه أشعر كيان العدو بأن أي اعتداء على لبنان سيفجّر في وجهها المنطقة برمّتها التي اعتادت على منطق الحرب الشاملة وتُعدّ للحرب الشاملة».
وهذا يعني أن على «اسرائيل» أن «تختار، إما الصمت والسكينة وإما الانزلاق الى حرب تعرف كيف تبدأها ولا تعرف كيف تُنهيها، لكن المقاومة تعرف كيف تنهيها وبالتالي موقف سيد المقاومة بحد ذاته يعزز معادلة الردع الاستراتيجي المتبادل مع العدو وقطع الطريق على الكيان الصهيوني للاستثمار في الحرب النفسية».
أما ما يدعو للاستهجان في بيان كتلة المستقبل، فهو «اتخاذ موقف يحابي الموقف «الإسرائيلي» ويدافع عنه ويصبّ في خدمته، وإذا كانت الكتلة تعلم بأن موقفها هذا يوضع في خانة الخيانة الوطنية وتقدم عليه فهو كارثة، وإن كانت لا تعلم، فعليها أن تستعين بمن لديه الخبرة والعلم الاستراتيجي ليشرحوا لها مخرجات ومدلولات كلام السيد نصرالله فلا تتورّط بكلام أكبر منها ولا شأن لها فيه». وفي الأحوال كافة يرى الخبراء والمتابعون أن «اسرائيل تستفيد وتراهن على هذه المواقف كبيان المستقبل وسواه، لأنها تعيش على النزاعات الداخلية والتفرقة وتغيظها وحدة الكلمة والصف».
خلاف بين عون والحريري حول «النازحين»
وعلى صعيد ملف النازحين تواصلت الدعوات والمطالبات من وزراء رئيس الجمهورية للتواصل مع الحكومة السورية لمعالجة أزمة النازحين، فقد أشار وزير العدل سليم جريصاتي بعد اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح»، أن «المصلحة اللبنانية تعلو فوق كل اعتبار، والمصلحة تقضي أن يعود النازحون الى بلدهم، وهي مصلحة للسوريين ايضاً، لا محرّمات ولا عقد مع الدولة السورية التي نتبادل معها التمثيل الدبلوماسي»، مشيراً الى أن «هناك مناطق آمنة واسعة في سورية ولا أسباب تعيق العودة، وخطر النزوح كياني»، غير أن الوزير المشنوق خالف توجّه العهد، ما يؤشر الى خلاف بين رئيسَيْ الجمهورية والحكومة حيال معالجة الملف، حيث أكد المشنوق «لبنان لن يعيد أي سوري إلا وفق ضمانات دولية والأمم المتحدة هي وحدها التي تحدّد المناطق الآمنة التي يمكن للنازحين العودة إليها، وفق ورقة أعدت في عهد الحكومة السابقة ووافقت عليها كل القوى السياسية».
بينما طالبت كتلة المستقبل الحكومة التعاطي مع قضية عودة النازحين حصرياً مع الأمم المتحدة، ورفضت التواصل مع الحكومة السورية، فيما أبدت أوساط مراقبة استغرابها لموقف وزراء المستقبل من سورية الذين يتجاوزون رئيس الجمهورية وموقف مجلس الوزراء ويخالفون الدستور ويُسيئون الى الدولة التي ترسم سياستها الداخلية والخارجية الحكومة مجتمعة، وليس بعض الوزراء الذين يسيئون الى العلاقات مع دول الجوار، فضلاً عن تبعيتهم الى الخارج الذي يضغط للإبقاء على النازحين في لبنان للحؤول دون عودتهم التي تصبّ في خدمة إعادة تكوين الدولة السورية.
وقالت أوساط 8 آذار لـ «البناء» إن ما ورد عن ملف النازحين في بيان كتلة «التيار الأزرق»، أقل ما يُقال فيه إنه متناقض مع ذاته، فقبل أيام وصف رئيس الحكومة سعد الحريري ملف النازحين بالقنبلة الموقوتة والخطر الاستراتيجي على لبنان واليوم يرفض وزراؤه الحديث مع الحكومة السورية لإعادة النازحين الى بلدهم. ألا يوجد لدى هؤلاء مَن يُفهمهم بأن حلّ الملف لا يتم إلا عن طريق واحد هو العلاقة الثنائية بين لبنان وسورية، وإن رفض الحديث مع سورية يعني إبقاء النازحين في لبنان؟».
أما الحديث عن رفض منح الشرعية للنظام في سورية الذي لا يزال يحتلّ مقعده في الامم المتحدة ويتقاطر العالم إليه، ترى الأوساط بأنه «لا يضير الحكومة السورية ولا الرئيس السوري ولا يرى النظام في سورية بأن فئة لبنانية مرهونة بقراراتها للسعودية يقدّم أو يؤخّر أو لديه وزن أو اعتبار، فهؤلاء يطلقون المواقف الكبيرة حتى يتذكّرهم الناس».
مجلس الوزراء
وعلى وقع الأخطار الأمنية والانقسام السياسي حول ملف النازحين، يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يتناول في مستهلها القضايا الأساسية في البلاد، وسيجدد تأكيد الموقف الرسمي من ملف النازحين السوريين. وهو موقف مثبت في المفاوضات وأوراق العمل الرسمية التي خاطب من خلالها لبنان المجتمع الدولي في العديد من المؤتمرات العربية والإقليمية والأممية، كما سيتطرق إلى الوضع الأمني والعملية النوعية الذي نفّذها الجيش في مخيم عرسال الأسبوع الماضي.
وإذ علمت «البناء» أن ملف النازحين سيُطرح من خارج جدول الأعمال، أكد وزير العمل محمد كبارة لـ«البناء» أن «موقف وزراء المستقبل يعبّر عن فريقهم السياسي ولا يلزم الحكومة ورئيس الجمهورية، بل هو موقف مبدئي من النظام في سورية. وبالتالي نحن متمسكون بموقفنا بأن التفاوض يتمّ مع الأمم المتحدة التي حددت المناطق الآمنة في سورية ولن نقبل التفاوض مع النظام السوري». وأوضح كبارة أنه في حال طرح الملف في مجلس الوزراء ووافق رئيس الجمهورية والأطراف الأخرى على التواصل مع النظام، فإن المستقبل سيعترض ولن يسمح بتمرير القرار، لكن مصادر وزارية أكدت لـ«البناء» أن «الخلاف السياسي والحكومي حيال الملف لن يهدّد الاستقرار الحكومي الذي يعتبر خطاً أحمر في هذه المرحلة».
كما يبحث مجلس الوزراء خطة الكهرباء وتحديداً توليد الطاقة الكهربائية من الرياح. وبحسب المصادر الوزارية، فإن المجلس سيكلف لجنة وزارية للتفاوض مع الشركات التي ستأخذ التلزيمات لتنفيذ خطة الكهرباء واستجرار البواخر»، مشدّدة على أن مجلس الوزراء سيتوصّل الى حلّ في النهاية لتأمين الكهرباء للمواطنين».
2017-07-05 | عدد القراءات 2817