السيد يحاصركم فأين المفر ؟ نقاط على الحروف ناصر قنديل
من باب تحصيل الحاصل أن ملخص كلام السيد حسن نصرالله لقادة داعش وعناصرها هو سلموا تسلموا فلا مفر لكم ، فما قالته الحرب على النصرة وما قاله التنسيق بين المقاومة والجيش السوري من جهة والمقاومة والجيش اللبناني من جهة مقابلة ، ومن سرعة الأداء العسكري ومهارة وتفوق المقاتلين وخططهم النارية والقتالية وإنجازهم المبهر كاف لمعرفة ماذا سينتظر داعش ، وكاف لعدم تكرار العناد والمكابرة اللتين تسببتا للنصرة بالخسائر حتى بلوغ الإذعان المبكر ، لكن أين المفر من الحصار ليس لداعش بل للذين يناصبون حزب الله العداء في الداخل ، وينصبون له الأفخاخ والكمائن .
الحصار هنا فكري وأخلاقي عنوانه اين المفر ، فقد تحدث وصال وجال الخصوم ، وهم الآن بين الخسران والخسران لأفكارهم ، وبين الخسران والربح لأخلاقهم إذا إختاروا التراجع المشرف ورفضوا المضي في لعبة الذل والهوان .
لقد بنوا خطتهم وخطابهم على معادلات كثيرة ولأيام طويلة ، فأسقطها السيد بالضربة القاضية في خطاب واحد ودقائق معدودة .
قال احدهم قبل أن يتراجع ان المشكلة هي بأننا لا نعرف ما إذا كانت الأرض التي يحررها حزب الله سورية أم لبنانية متناسيا الفرق بين مفهوم الأرض المتنازع عليها وبين الإجراء الروتيني لترسيم الحدود ، والحال في الجرود ليس لأراض متنازع عليها ، بالحدود واضحة ومعلومة ومتفق عليها ، ويعرف اللبناني والسوري أين هي الحدود ، ولا ينقصها إلا ظرف أمني مناسب وإرادة سياسية غير مناكفة لتحميل الإحداثيات الواقعية على الخرائط ورسمها قانونيا وتوقيع نهائي لمحاضر الترسيم وتصديقها أصولا ، سقطت حجة أولى وسقط أصحابها .
قال آخر كيف يقول السيد أنه يشكر إيران ويأخذ علينا إن قلنا بتنسيق بين الجيش اللبناني والأميركيين ، فهذا أجنبي وذاك أجنبي ، ولماذا الحلال عليه حرام علينا ، ووقع القائل بين فكي الحصار فالسيد شكر إيران لدعم قوة لبنانية بالعتاد والسلاح والمال والسياسة لقيامها بمهمة لحساب لبنان ، ولم يمانع اي لبناني يوما وخصوصا حزب الله بأن يتلقى الجيش اللبناني والدولة اللبنانية مالا سعوديا وسلاحا اميركيا ويتمنى أن يحوزا الدعم السياسي الإقليمي والدولي لمعركة الغد مع داعش ، دون شروط كما هو الحال مع إيران ، ولم يكن يوما الحديث عن شراكة الجيش الإيراني في الحرب على النصرة حتى يتحدث المتذاكون عن موازاته بشراكة أميركية في الحرب على داعش ، وهي شراكة مستحيلة مقابل شراكة إيرانية ممكنة لو أرداها حزب الله ، فإيران لا مشكلة لديها لو طلب منها بالمساعدة من الجهة السوري للحرب على الأقل طالما هي موجودة جنبا إلى جنب مع المقاومة والجيش السوري في جبهات عديدة من الحرب في سوريا ، لكن لا حزب الله فعل ولا إيران طلبت ، أما الشراكة الاميركية التي ينشدها مدعو الحرص على الجيش فهي متسحيلة لأن ما تستيطعه واشنطن هو الدعم الجوي وهو مستحيل في منطقة عمليات محسوبة دوليا وإقليميا خارج نطاق علمياتها ، وإستدعاء المستحيل هو فقط لتسويق شروط من نوع لا تنسيق مع الجيش السوري وحزب الله لأن هذا يبعد الشراكة الأميركية التي لن تأتي أصلا .
قال آخر هذا الإنجاز من قبل حزب الله هو إمساك بالجغرافيا لحساب التحالف السوري الإيراني في زمن رسم الخرائط الكبرى ، وإستحضروا تحرير الموصل والتفاهم الروسي الأميركي ليقولوا ، أن هناك إنزعاجا إيرانيا منه دفع بحزب الله للإسراع بإمساك هذه الجغرافيا المهمة كورقة قوة بوجه التفاهم ، فقال لهم السيد جاهزون من أمس واليوم وغدا لتسليمها للجيش اللبناني ونتمنى قرب حدوث ذلك كي يتسنى لأهالي عرسال قطاف مواسمهم ، فماذا يبقى من نظريات إمساك الجغرافيا والخرائط والتفاهمات والإنزعاج والإسراع ، إلا ان قلبهم على النصرة وقلب السيد على أهالي عرسال وأرزاقهم ؟
قال واحد ذكي بينهم الجيش سيتولى الحرب على داعش واراد تجاهل أنه وجماعته كانوا من منع الجيش ، الذي لم تتبدل قدرته وجهوزيته طوال أعوام ، من خوض الحرب التي يقولون أنهم يدعمونه في خوضها اليوم ، فسألهم السيد لماذا تحمستم بعدما حسم حزب الله حربه مع النصرة وبدلتم ، ألا يعني هذا انه لولا هذه الحرب التي خاضها حزب الله لبقيتم تمنعون الجيش من حرب الغد على داعش ؟
واحد يتشبه بالذكاء قال الجيش سيخوض الحرب وحده وفي ظنه ان حزب الله سيقول نحن شركاء الجيش في حربه ، فقال السيد نحن مع الجيش كما يشاء حربه ، فحيث كانت النصرة جبهة في الحرب على داعش ، فإن كان الجيش يريد الإنتشار فيها جاهزون وإن ارادنا أن نتخذ خط الدفاع والصد جاهزون وإن ارادنا شركاءه في الهجوم منها جاهزون ، فسقط قناع الذكاء .
واحد يظن نفسه ذكيا قال لكن الحرب من الجهة السورية على داعش لا حاجة إليها وهي ذريعة لتدخل حزب الله ، وهو يعلم ان نصف الجغرافيا التي تحت سيطرة داعش سورية ونصفها لبنانية ، وأن شأن سوريا لا يمكن لأحد غير سوريا ان يقرره ، وان حزب الله كتفا إلى كتف مع الجيش السوري حيث يقاتل ، وسقف ما يطلب في هذه الحالة هو التنسيق بين الحربين في نصفي الجغرافيا الواحدة تخفيفا للأعباء ، وتنسيقا للنيران ، وتسريعا للإنجاز ، فقال له السيد طالما تركتم الأمر للجيش اللبناني فلا تتدخلوا في قراره ودعوه يحسبها عسكريا وعمليا ، أين تكمن مصلحته ، في جعل كل ثقل داعش على كتفه ، أم بتقاسم هذا الثقل ومحاصرته من الجهات الأربع ، فعرف من يظن في نفسه ذكاءا ان بعض الظن إثم .
السيد يحاصركم بالوطن والأخلاق ، عودوا إليهما وفكوا حصاركم ، أين المفر ؟