ترامب يستنجد بالصين لحلّ مع كوريا... ولافروف: لقاء روسي أميركي حول أوكرانيا الجيش السوري على حدود الأردن... والمعارضات تلهث للتأقلم مع المتغيّرات أمر اليوم الأميركي يرهن العلاقة اللبنانية السورية...

كتب المحرّر السياسي

من دون غياب العنتريات والتهديدات، بدا الموقف الأميركي مرتبكاً تجاه الأزمة مع كوريا الشمالية، التي ردّت على التهديد بمثله، وأعلنت التمسّك بسلاحها النووي وخطط تطويره حتى يزول الخطر، ما اضطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير دفاعه للتخفيف من التهديدات وتأكيد عدم وجود نية ضربة استباقية والاكتفاء بربط الجهوزية لعمل عسكري بحال الدفاع، متوجّهين نحو الصين لتتولى المساعدة في حلّ تفاوضي مع كوريا الشمالية، بينما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن لقاء قريب لمسؤولين روس وأميركيين لرسم خريطة طريق للتعاون في ملف الأزمة الأوكرانية، رغم التوتر الذي تعيشه العلاقات الأميركية الروسية.

التعاون الأميركي الروسي في سورية يبدو حتى في مناخات التوتر مستمراً، والتحضيرات على ساحة المعارضة لترتيب بيتها بما يتناسب مع المتغيّرات، هو ملفّ على طاولة التعاون الروسي الأميركي ستترجمه مساعٍ لجمع الوفود المعارضة في وفد موحد، بينما تلهث المعارضات الأشدّ تطرفاً للتأقلم مع المتغيّرات، بشقيها السياسي الذي تمثله هيئة التفاوض المقيمة في الرياض وشقها العسكري الذي تمثله فصائل الجنوب السوري، وقد تلقت كلّ منهما صفعة أصابت أوهامها وخطابها، بعدما ظهرت الدعوة السعودية لرئيس هيئة التفاوض بالتنحّي والابتعاد عن الصورة من جهة، وخسرت الفصائل المسلّحة المنتشرة في الجنوب المعابر التي تربط الحدود السورية بالأردن، أمام تقدّم ساحق للجيش السوري.

لبنان حيث تتفاعل المحاور الدولية الإقليمية المتقابلة، وحيث لا يفشي الأميركي لجماعته بكلمة السرّ، ويبقيهم على خطّ التصعيد ليفاوض على تراجعاتهم، تحوّلت زيارة وزراء لبنانيين لسورية مادة سجالية تريد واشنطن عبر تضخيمها وتصعيد الجدل حولها الإمساك بملف العلاقات اللبنانية السورية، ورهنها لمشيئتها، حيث لم يكن مصادفة أن تتحدّث المندوبة الأميركية في نيويورك عن نشر «اليونيفيل» على الحدود اللبنانية السورية وتعديل للقرار 1701 وهي تعرف أنه مستحيل من دون موافقة سورية ومن دون شراكة روسيا والصين، والهدف هو تجميع أوراق تفاوضية بوجه سورية لربط العلاقة بين لبنان وسورية بضوء أخضر أميركي لا يزال بعض الأفرقاء اللبنانيين يربطون به مواقفهم.

في مسار لبناني آخر، يرتبط بمسار سلسلة الرتب والرواتب، أنهى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التكهّنات حول كيفية مقاربته للنقاش حول السلسلة وبعض الاعتراضات، بدعوته للقاء تشاوري سياسي اقتصادي في بعبدا للبتّ بالموضوع توافقياً، على أن تتولى المؤسسات الدستورية كلّ في مجال اختصاصها ترجمة التوافقات.

مَن يريد توريط الجيش بحرب استنزاف؟

في الوقت الذي يتحضّر الجيش اللبناني لخوض معركة قاسية وحاسمة لاقتلاع الإرهاب من جرود القاع ورأس بعلبك، بعد أن اقتلعته المقاومة من جرود عرسال، وفي حين يتطلّب ذلك تحصين وتحشيد الجبهة الوطنية حول المؤسسة العسكرية ومزيد من الوحدة والتضامن السياسي معها، يتمادى بعض السياسيين في الداخل بافتعال سجالات وتوترات تحت ذريعة سفر وزراء إلى سورية ويهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور، بهدف التشويش على الجيش وثنيه عن أداء مهمته على الحدود.

وقد تابع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع لليوم الثاني على التوالي حملته على بعض الوزراء الراغبين بزيارة سورية، مشيراً الى أن زيارة أي وزير إلى سورية ستهز الاستقرار السياسي والأمني والعسكري الداخلي. واعتبر أن الزيارة «تخالف سياسة الحكومة الحالية وسياسات كل الحكومات المتعاقبة والعهد الجديد وتعتدي على الشرعية اللبنانية».

ويبدو أن بعض القوى السياسية وعلى رأسهم قائد «القوات»، هالهم اجتثاث تنظيم «النصرة» من جرود عرسال وما سيكون عليه الوضع بعد القضاء على «داعش»، وسقوط مشروع الفصل بين الحدود، ويبدو أيضاً أن المخابرات الأميركية و«الإسرائيلية» قد جنّدت مجدداً عملاءها السابقين في الداخل اللبناني تحت مسمّيات شتى، إما رئيس حزب أو وزير أو خبير عسكري واستراتيجي من أجل توريط الجيش في حرب استنزاف وإحداث خللٍ أمني داخلي، ولذلك يرفضون إشراك المقاومة والجيش السوري في المعركة مع «داعش» ويسعون لإقحام الجيش وحيداً في معركة مفتوحة مع الإرهاب، وهم يعلمون أن إرباك الجيش على الحدود لفترة زمنية طويلة، يؤدي الى إرباكه في الداخل. وقد أطلت إحدى القنوات التلفزيونية المحلية المعروفة باتجاهاتها وولائها للسياسة الأميركية بالتنظير لحرب الاستنزاف هذه، وجاءت بشخصٍ يدّعي أنه خبير، وهو لم يدخل كلية قيادة وأركان ولم يقُد لواء، ولم يدخل دورة قائد كتيبة بحسب مصادر عسكرية معنية، ويحمل صفة خبير وينظّر لحرب مفتوحة يخوضها الجيش، بالتزامن مع تهديد قائد جعجع باهتزاز الوضع الحكومي لمنع الجيش من القضاء على «داعش»، ما يشير الى أن من راهن على الإرهاب منذ عام 2014 لا يزال يراهن عليه حتى الآن.

ولكن نسي هؤلاء أن المشهد السياسي والعسكري في لبنان والمنطقة خلال العام 2017 مختلف عن المشهد في العام 2005 و 2013 و 2014، وعهد الرئيس ميشال عون ليس كعهد الرئيس ميشال سليمان، ومحور المقاومة يسجل الانتصارات الميدانية التي أذهلت أعداء هذا المحور، فلن توقف مسيرته المظفرة أصوات بعض الساقطين وطنياً وأخلاقياً الذين قتلوا الجيش خلال الحرب الأهلية في الثمانينيات وغطوا الهجوم الإرهابي عليه خلال «غزوة عرسال» 2014 ويعملون لتوريطه الآن بحرب استنزاف طويلة.

وجدّد وزير الصناعة حسين الحاج حسن تأكيده أنه سيذهب الى سورية بصفته الوزارية كوزير صناعة لحضور معرض دمشق الدولي، وبغية معالجة بعض القضايا التجارية العالقة بين البلدين، معتبراً في تصريح أن «المعترض على الزيارة اعترض بسبب موقف سياسي خاطئ».

و«داعش» يستغل الانقسام

كما يبدو من الواضح أن قيادة «داعش» تستغل الخلاف السياسي والحكومي حول التنسيق مع الجيش السوري والمقاومة. الأمر الذي يترك له هامش التحرك الميداني والوقت الكافي للاستعداد للمعركة، وما إطلاقه الصواريخ على مواقع الجيش منذ أيام إلا محاولة استفزاز الجيش لاستدراجه الى المعركة منفرداً فيتكبّد فيها خسائر بشرية فادحة ما ينتج أمراً واقعاً أمنياً وعسكرياً جديداً تفرضه «داعش» على لبنان، قد يفرض بالتالي على الحكومة طلب تدخل عسكري خارجي لدعم الجيش يكون الذريعة للدخول إلى الحدود، ما يكشف التنسيق الواضح بين «داعش» والاستخبارات التي تشغّلها وأدواتها في الداخل.

وقد كشفت مصادر لقناة الـ «أن بي أن» في هذا السياق، عن طرح غربي لوضع اليد على الحدود الشمالية والشرقية تحت قبعة القوات الدولية وبشرعية القرار 1701»، لكن مصادر مطلعة استبعدت موافقة وزراء المقاومة والفريق الذي يدعمها في الحكومة على هذا الطرح»، مشيرة لـ «البناء» الى أن «الهدف منه هو حصار المقاومة عسكرياً والفصل بين لبنان وسورية ».

لماذا لا يستقيل وزراء «القوات»؟

وتساءلت مصادر مراقبة: «أين كان جعجع عندما زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم سورية مرات عدة وبقرارٍ رسمي وتغطية من رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري، كما كشف اللواء ابراهيم الذي تواصل مع المسؤولين السياسيين والعسكريين في سورية لإخراج إرهابيي «النصرة» وعائلاتهم والنازحين الى إدلب لنجاح صفقة التبادل التي كانت مصلحة لبنانية أكثر منها سورية؟ فهل خالف إبراهيم القرار الحكومي وخرق سياسة النأي بالنفس؟ إذا كان الجواب نعم، فيكون الحريري حليف جعجع قد خالف قرار الحكومة وانتهك الشرعية، فلماذا لا يوعز جعجع الى وزرائه الاستقالة من حكومة خالف رئيسها سياستها وبيانها الوزاري كما يدّعي جعجع؟

..والجيش ماضٍ في مهمته

في غضون ذلك، واصلت مدفعية الجيش قصف مواقع وتحرّكات إرهابيي «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع وبلدة الفاكهة. وقد أعلنت قيادة الجيش في بيان أن «وحداتها استهدفت بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطوافات، عدداً من مراكز الإرهابيين وتجمّعاتهم في جرود منطقة رأس بعلبك والقاع، وحققت إصابات مباشرة في صفوفهم».

وقالت مصادر عسكرية لـ «البناء» إن «الجيش ماضٍ في تنفيذ مهمته وحربه على الإرهاب لاستئصاله مهما كلف الثمن، ولا يلقي آذاناً للتشويش السياسي من هنا وهناك. وهو يتابع الإجراءات الميدانية وإنهاء الترتيبات اللازمة وفقاً للقواعد العسكرية للبدء بالهجوم البري».

وأكد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري أن «مسلحي سرايا أهل الشام جهّزوا أغراضهم وسيرحلون وخيارهم الذهاب الى سورية »، مشيراً في تصريح الى «أننا لم نضغط على أحد بمغادرة المدنيين، لكن لا نرضى ببقاء أي فصيل مسلح في أراضي عرسال». وأوضح الحجيري أن «ظاهرة المسلحين انتهت في جرود عرسال ».

إبراهيم: الوضع الأمني تحت السيطرة

وطمأن اللواء إبراهيم الى «اننا نشعر بالسيطرة على الوضع الأمني بنسبة مرتفعة، والدليل قائم في التوقيفات اليومية التي نقوم بها، وهو ما يدلّ الى ان الشبكات التخريبية موجودة، لكن ما ثبت أن قدرتها على القيام بالأعمال الإرهابية باتت شبه معطلة، لكونها تحت الرصد المباشر للأجهزة الأمنية».

وفي وقت شدّد على «ان وضعنا ممتاز مقارنةً بيننا والدول المشتعلة من حولنا»، أشار إبراهيم في حديث الى مجلة الأمن العام الى أن «ما حققه الأمن الاستباقي كان ثمرة حسن استخدام الصلاحيات ومضمون بنك المعلومات عدا عن التعاون مع الأجهزة الدولية الصديقة التي وجدت نفسها مضطرة لدعم لبنان باعتباره خط الدفاع الأول عنها في المواجهة مع الإرهاب». ولفت الى ان «ليس سراً القول إنني على تواصل مع السلطات السورية على المستوى الأمني. وهو أمر معلن، وان زياراتي الى سورية قائمة، والتنسيق مع السلطات السورية يتم تداوله في وسائل الإعلام»، مشدداً على «أهمية الحوار مع السلطات السورية».

لقاء حواري في بعبدا لبحث «السلسلة»

على صعيد آخر وبعد أن تفاقم الخلاف السياسي حول قانون سلسلة الرتب والرواتب، دعا الرئيس ميشال عون الى لقاء حواري في قصر بعبدا قبل ظهر الاثنين المقبل، «للبحث في مختلف أوجه الخلاف والتناقض واختلاف الآراء» حول قانونَي سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام، واستحداث بعض الضرائب لغايات تمويل السلسلة، وذلك في حضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والوزراء المختصين، وحاكم مصرف لبنان، وممثلين عن: الهيئات الاقتصادية والعمالية والمالية، ونقباء المهن الحرة، والمدارس الخاصة، والمعلمين في المدارس وأساتذة الجامعة اللبنانية.

وفي سياق ذلك، بحث الرئيس عون مع وزير المال علي حسن خليل الاوضاع المالية العامة في البلاد والتفاصيل المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب بشقيها الواردات والنفقات. وأوضح خليل أنه أطلع الرئيس عون على المراحل التي قطعتها وزارة المالية في إنجاز الموازنة ومشروع قطع الحساب.

ولفت رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان بعيد اجتماع للجنة إلى «أن قطع الحساب مسؤولية الحكومة ووزارة المال»، مطالباً إياهما «بوضع تصوّر لهذه المسألة وإعلامنا به من خلال القنوات الرسمية»، مشيراً إلى أن «على المجلس النيابي أن يُقرّ الحسابات قبل نشر الموازنة. وبالتالي نحن أمام مشكلة دستورية قانونية ولا نريدها أن تعرقل إقرار الموازنة».

2017-08-11 | عدد القراءات 2800