روكز: لو واصلنا الحرب عام 2014 لحرّرناهم إبراهيم: لو واصلنا الحرب اليوم لضاع مصيرهم نصرالله: للتحقيق في مَن تسبّب بمقتل العسكريين... سنحتفل الخميس بالتحرير الثاني فورد: الأسد انتصر ولن يَسمح بالفدرالي

كتب المحرّر السياسي

في مناخ إقليمي متسارع نحو أستانة وتعزيز مناطق التهدئة، وزيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب أردوغان إلى إيران، وزيارات للمبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا كان آخرها طهران، تمهيداً لجولة جديدة في جنيف في تشرين الأول المقبل، وتوقعات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالسير على طريق نهاية الأزمة في سورية، قال السفير الأميركي السابق في سورية روبرت فورد إنّ الرئيس السوري بشار الأسد قد حسم النصر في حرب السنوات السبع لإسقاطه لمصلحته، مضيفاً أنّ الحكومة السورية لن تسمح بصيغ من الفدرالية واللامركزية، وأنّ سقف التغيير المتوقع هو مشاركة بعض المعارضين كوزراء في الحكومة، بينما خطت مصر على لسان وزير خارجيتها سامح شكري خطوة علنية نحو العلاقة بسورية، بالإعلان عن نية التواصل مع الحكومة السورية تعزيزاً لدور الوسيط الذي تتولاه مصر منذ رعايتها اتفاق التهدئة في الغوطة، ومشاركتها في مسارات الحلّ السياسي في سورية.

على خلفية هذا الاتجاه المحسوم لسورية كانت إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لوضع النقاط على حروف الحرب في السلسلة الشرقية والحدود اللبنانية السورية ودعوته للاحتفال بعيد التحرير الثاني بعد غد الخميس، فاتحاً النقاش حول الكلام السجالي الذي ساقته أطراف سياسية بحق إنجاز المقاومة، داعياً بوضوح لتحقيق حكومي وقضائي وبرلماني يحدّد المسؤوليات ويحاسب مَن تسبّب بمقتل العسكريين الذين خطفوا قبل ثلاثة أعوام وتمّت تصفيتهم بعد ذلك بشهور قليلة، بينما كان كلام القائد السابق لفوج المغاوير العميد شامل روكز يحسم الجدل من الموقع الذي كان فيه على رأس القوة المرابطة آنذاك في أطراف بلدة عرسال، والمعنية بالمواجهة والتي مُنعت من التقدّم لتحرير العسكريين، حيث قال روكز لو واصلنا المواجهة عام 2014 لحرّرنا العسكريين، وأضاف كان يمكن لنا أن نستعيد العسكريين المخطوفين لو لم يصدر قرار وقف إطلاق النار عام 2014. والقرار بعدم متابعة الهجوم كان خطأ كبيراً، موضحاً أنّ «قيادة الجيش هي مَن أمرت بوقف إطلاق النار يومها، ولكن لم تكن لدينا إشكالية أن نستكمل المعركة وقتها».

ودعا روكز إلى فتح تحقيق بما حصل في معركة عرسال التي نتج عنها سقوط مراكز الجيش وخطف العسكريين بهذا العدد الكبير، مشيراً الى أنّ هذه الصفحة يجب أن تنكشف بتفاصيلها لتحميل المسؤوليات.

وأشار إلى أنّ وقف إطلاق النار في معركة عرسال أوقف عملية استرداد الأسرى في العام 2014، ولم تكن هناك محاولة لتحريرهم، مع العلم أنّ الأهالي كانوا يزورون أبناءهم مع النصرة، ومكانهم كان معروفاً، والإرهابيون سحبوا العسكريين إلى الجرود، بعدما تلقينا الأوامر بوقف إطلاق النار. وكشف أنّ القرار السياسي والعسكري كان يمنع الجيش من الدفاع حتى عن مراكزه التي كان كان من السهل سقوطها بسبب الخطأ في طريقة الانتشار، مع العلم أنّ القوى الأمنية كانت لديها مراكز في عمق الجرود، قبل عملية عرسال.

من جهته المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي تولّى إدارة الملف التفاوضي حول مصير العسكريين، قال: هناك اتفاق حصل بعد استسلام المسلحين، للحصول على مكان جثامين شهداء الجيش، ولو تمّ القضاء على مسلحي داعش لما كنا وصلنا الى الجثث وكانت القضية عالقة الى أبد الآبدين.

نصرالله: 28 آب 2017 تاريخ التحرير الثاني

على وقع تحرير الجرود اللبنانية كاملة من الوجود الإرهابي وانسحاب فلول مسلحي تنظيم «داعش» من آخر نقطة لبنانية، أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، معلناً 28 آب 2017 تاريخ التحرير الثاني الذي يوازي تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000، معتبراً أن معركة الجرود هي استكمال لمعركة إسقاط المشروع «الإسرائيلي»، وأعلن أن المقاومة والشعب اللبناني سيحتفلان بهذا الانتصار يوم الخميس المقبل في مدينة بعلبك.

وخرج السيد نصرالله عن صمته إزاء اتهامات بعض القوى السياسية المحلية للحزب بأنه يبتز الحكومة اللبنانية من أجل التفاوض مع الحكومة السورية، وقال: «لم ننتظر من الحكومة اللبنانية أن تفعل شيئاً ولم ننتظر أحداً في ظل القتال الدائر»، وأضاف «لا يمكن أن يُقال عن حزب الله إنّه يبتز في قضية إنسانية، وكل مَن قال ذلك إما جاهل وإما عديم الأخلاق».

وأعلن أننا «أمام تحرير كامل للأراضي اللبنانية وتأمين الحدود مع سورية بالكامل»، ولفت الى أنّ «هذا النصر في الجرود هو جزء من الانتصارات الموجودة في المنطقة»، وأشار الى أن «الهزائم في الموصل والبادية وجنوب الرقّة باتجاه دير الزور وحلب تركت آثاراً معنوية كبيرة جداً على عناصر «داعش» التي كانت تقاتل على الحدود اللبنانية السورية».

أصررنا على كشف مصير العسكريين

وحول سير المفاوضات، قال: «منذ بداية المعركة كانت «داعش» تريد وقف إطلاق النار، وقد استمرت المعركة على الجبهتين، وحين وجدت «داعش» نفسها في المربع الأخير انهارت واستسلمت»، وأوضح أنه «عندما طرح «داعش» أمر التفاوض عرضنا شروطنا بكشف مصير العسكريين وتسليمنا أجساد كل الشهداء الذين قاتلوا على الجبهة وإطلاق سراح المطرانين المختطفين والإعلامي سمير كساب».

وكشف أنّه «جرى رفض إطلاق سجناء لـ «داعش» من سجن رومية وتجزئة المراحل خلال التفاوض، وأصررنا على كشف مصير الجنود اللبنانيين»، ورأى أن «ما جرى بالمعنى العسكري والسياسي في الجرود هو فعل استسلام من «داعش»، ولفت الى أنه «لو لم يحصل ذلك كان هناك عملية كبيرة ستنهي المعركة عسكرياً»، وأعلن عن أنه سيتمّ الاحتفاظ «بعنصر «داعش» الذي استسلم إلى حين كشف موضوع جثمان الشهيد مدلج».

وأوضح السيد نصرالله أن «أحد أسباب تبطيء المعركة في الجرود كان كشف مصير العسكريين، ولو ذهبنا إلى خيار الحسم كان من الممكن أن يُقتل مَن يعرف مكان الجنود والكثير من المدنيين». وأضاف «الكل متفق على أنه لو حرّرنا الأرض اللبنانية والسورية من دون كشف مصير العسكريين كان سيصبح النصر منقوصاً»، وتابع القول «لمن طالبنا بالحسم العسكري والانتقام من «داعش» نقول إننا وقفنا عند الاتفاق والتزمنا بالعهود».

ووجّه الأمين العام لحزب الله رسالة إلى بعض القوى في الداخل الذين راهنوا على الإرهابيين وانتقدوا عملية التفاوض مع «داعش»، وقال: «فتشوا على مَن سمح بأن يبقى هؤلاء الجنود بأيدي خاطفيهم». وأضاف «حقِّقوا مع أصحاب القرار السياسي الجبان الذي كان يرى هؤلاء المسلحين جزءاً من مشروعه السياسي الكبير». وشدّد على أنه «تجب محاسبة القرار السياسي المتردّد والجبان ومَن كان لا يعتبر أن «النصرة» و«داعش» عدوّ».

إنجاز المرحلة الثانية من الاتفاق

ومع انتهاء معركة الجرود واستسلام مسلّحي «داعش»، رفع عناصر الجيش السوري والمقاومة العلمَيْن اللبناني والسوري وراية المقاومة على جبل «حليمة قارة» الاستراتيجي. وهو أعلى قمة على الحدود اللبنانية السورية وثبتوا مواقعهم العسكرية عليه، وأعلن الإعلام الحربي في المقاومة إنهاء وجود إرهابيّي تنظيم «داعش» في القلمون الغربي بعد خروج آخر حافلة تقلّهم من معبر الروميات.

وكانت المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار بين حزب الله والمسلحين، قد أنجزت بخروج المسلّحين من وادي مرطبيا وعددهم نحو 600 في اتّجاه دير الزور في سورية، في مقابل تسليم جثامين 5 مقاتلين من الحزب وأسير لدى «التنظيم»، وذلك بعدما تمّ الكشف عن مصير العسكريين المخطوفين الثمانية ونقل رفاتاتهم إلى المستشفى العسكري لإجراء فحوص الحمض النووي للتأكد من هوياتهم.

ووصلت الحافلات التي تقل المسلّحين وعائلاتهم عند معبر الشيخ علي في جرود القلمون لإخراجهم في اتجاه البوكمال في ريف دير الزور الشرقي، وخرج 25 جريحاً من «داعش» في سيارات الهلال الأحمر السوري إلى نقطة تجمّع خارج معبر الشيخ علي الروميات في جرود القلمون الغربي.

وستعبر الحافلات من أقصى غرب سورية إلى أقصى شرقها في دير الزور مسافة نحو 500 كلم. تحتاج الى خمس ساعات لوصولها الى المحطة الأخيرة في مربع البوكمال في بادية دير الزور التي يسيطر عليها «التنظيم»، مقابل الإفراج عن جثامين ثلاثة شهداء لحزب الله، بينهم الشهيد الإيراني محسن حججي وأسير آخر كانوا أصيبوا في البادية السورية، ورفات 8 شهداء للجيش كان «داعش» خطفهم في جرود عرسال في آب 2014، وبالتالي تكون الجرود اللبنانية الشرقية وكامل منطقة القلمون السوري الغربي خالية تماماً من الإرهاب.

وقبيل عملية الترحيل، قام مسلحو «التنظيم» بإحراق مقارهم بواسطة السيارات المفخّخة التي تحمل لوحات لبنانية في الجرود، لإخفاء جميع الدلائل والإثباتات والوثائق الخاصة بهم. وعثر رجال المقاومة على كهف في الجزء السوري من الجبهة العسكرية مع «داعش»، مخصص لأعمال التفخيخ، إذ احتوى على مواد أولية تدخل في صنع المفخخات والعبوات الناسفة، بالاضافة الى صواعق وأسلاك كهربائية وكتيبات تدل على طرائق التفخيخ، كما عثر في الكهف على أوراق ولوحات معدنية تعود لسيارات لبنانية مسروقة، ما يدلّ على أنها كانت تتحضّر للتفخيخ لإرسالها إلى لبنان.

نتائج الفحوص خلال ثلاثة أيام

وبانتظار تحديد نتائج فحوص «الحمض النووي» في مهلة اقصاها ثلاثة أيام، توجّه أهالي العسكريين الثمانية الى المستشفى العسكري وأجروا فحوص للمرة الثانية لمطابقتها مع فحوص رفاتات العسكريين. وقالت مصادر الأهالي لـ «البناء» «إننا لم نتأكد حتى الأن بأن الرفاتات تعود للعسكريين، وأملنا كبير بألا يكونوا للعسكريين الثمانية، خصوصاً بعد ورود صورة طفل من بين صور الرفاتات التي تمّ تداولها»، وأوضحت أن «هناك خفايا لم يُطلعنا عليها المعنيون، خصوصاً أن معلوماتنا تُفيد بأن العسكريين الثمانية لم يكونوا كلهم في مكان واحد».

وأشارت المصادر إلى أنه «عندما نتأكد من استشهاد العسكريين سنعلنهم شهداء ونرفع رؤوسنا بهم، لكننا سنبدأ تحركات من نوع آخر وسيكون لنا مواقف أيضاً أولها المطالبة بلجنة تحقيق عسكرية وقضائية للتحقيق مع المسؤولين السياسيين عن خطف العسكريين ونقلهم إلى الجرود وتركهم لمصيرهم منذ العام 2014، ومَن الذي أعطى التعليمات لقيادة الجيش بوقف المعركة لتحريرهم؟».

وأكّد مدير الأمن العام اللواء عباس ابراهيم أنّه «سيستأنف العمل عند الخامسة من صباح الغد اليوم للبحث عن رفات الشهيد عباس مدلج»، مشيراً إلى أن «موضوع الـ «دي آن آي» لم ينتهِ حتى الساعة والنتائج لم تصدر بعد، ولكن أشك في ما قاله محامي أهالي العسكريين عن إمكانية أن تكون الرفات إلى أشخاص آخرين».

وأضاف في تصريح: «كنتُ أشرت من قبل إلى أن النتائج تحتاج إلى شهر، ولكن قد تصدر في وقت أقلّ». وتابع إبراهيم: «أنا ككل اللبنانيين أتمنى أن لا تكون هذه الرفاتات إلى الشهداء إلاَّ أن الكثير من الأمور تدّل على أن هذه الرفاتات تابعة لشهداء الجيش».

امّا عن موضوع التفاوض مع الإرهابيين للخروج من لبنان بدلاً من الانتقام لمن قتل الشهداء، قال: «أتعاطف مع كل من وقف ضد إعادة الإرهابيين الى سورية، ولكن عودةً إلى العقل، هؤلاء الدواعش طالبوا الخروج مقابل الكشف عن أماكن الشهداء، ولو تمّ القضاء على داعش، لما كنّا وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، وهناك قواعد للحرب، فالأمور لا تتمّ بهذه الطريقة، والدولة تمارس العدالة لا القتل».

2017-08-29 | عدد القراءات 2973