«إسرائيل» تستنجد بالمصوّتين معها ضدّ القرار الأممي... والسنوار يُشهر الحلف مع إيران سورية تنشر سيطرتها العسكرية شمالاً وجنوباً و«سوتشي» يتوسّع على حساب «جنيف» ملف الضباط يُعيد التوتر الرئاسي... وبري ل

كتب المحرّر السياسي

المأزق الدبلوماسي «الإسرائيلي» بعد القرار الأممي بإسقاط أيّ صفة قانونية أو شرعية عن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» وجد تعبيراته في سعي محموم لتل أبيب لزيادة المعترفين بالقدس عاصمة لها، بينما أوصدت أبواب أوروبا وأفريقيا وآسيا أمامها، فتوجّهت للدول التي صوّتت ضدّ القرار الأممي لتزيد العدد وهي تدرك أنّها لا تحقق ربحاً بل تتاجر برأسمال ناضب، فاعتراف غواتيمالا ولو تبعتها هندوراس سيصل للطريق المسدود، وتبقى الدول الجزر التي لا تمنحها دعماً دبلوماسياً في ظلّ معادلة مفتوحة لاعترافات بفلسطين كدولة عاصمتها القدس الشرقية تتخطّى بمرّات حجم المعترفين بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل»، بينما المواجهات في فلسطين تنتقل من القدس إلى نابلس والخليل وتسجل نهاية الأسبوع الثالث استعداداً لدخول الشهر الثاني مع مطلع العام الذي توقعت مصادر فلسطينية أن يشهد إحياء من نوع خاص في ذكرى انطلاقة حركة فتح والرصاصة الأولى لفصائل المقاومة الفلسطينية، بينما كان يحيى السنوار المسؤول المركزي لحركة حماس في غزة يعلن أنّ التحالفات التي ستقيمها الحركة لن تتأثر بالتحريض الطائفي والمذهبي ولا بالمزايدات الإقليمية، لأنّ بوصلتها الوحيدة هي مَن يدعم المقاومة وفصائلها دفاعاً عن القدس، وذلك في معرض إشارته للموقف الإيراني الداعم الذي تبلغتْهُ كتائب القسام من الجنرال قاسم سليماني بالنيابة عن القيادة الإيرانية.

في سورية، يواصل الجيش السوري تقدّمه النوعي في مناطق حساسة، بعمليات مدروسة شمالاً وجنوباً، حيث نجح في إنهاء وجود جبهة النصرة في منطقة جبل الشيخ مع الحلّ الذي فرضه التقدّم العسكري في محور بلدة بيت جن الواقعة على كتف جبل الشيخ والحدود اللبنانية السورية، بينما يتقدّم ببطء في ريف إدلب على حساب النصرة، في ظلّ تحضيرات روسية حثيثة لمؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وكلام مسؤولي الخارجية الروسية عن مشاركة أممية في المؤتمر، ما وضع جماعة مؤتمر الرياض في ارتباك بين تصريحات رفض المشاركة والتريث، فيما قالت وزارة الخارجية الروسية بلسان أكثر من مسؤول إنّ الفرق بين جنيف وسوتشي هو في الموقف من الرئيس بشار الأسد ودوره في العملية السياسية، فلا مكان في سوتشي لمن يجادلون بشرعية ومبرّرات بقاء الرئيس السوري ويريدون طرح مستقبله الرئاسي على طاولة التفاوض، بينما شهد الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي ريكس تلرسون تشاوراً حول العلاقة بين صيغتي جنيف وسوتشي، اللتين تقول موسكو إنهما لا يتعارضان، إذا التزم المبعوث الأممي بإدارة محادثات جنيف وفقاً لنص القرار 2254.

لبنانياً، عاد إلى السطح التوتر الرئاسي على خلفية مرسوم أقدمية الضباط خريجي دورة 1994، حيث تحدّث رئيس المجلس النيابي نبيه بري بلغة العتب على ما صدر عن رئيس الجمهورية ميشال عون من دعوة للتوجّه إلى القضاء، مفنّداً الملف القانوني للمرسوم، والحاجة الدستورية والميثاقية لتوقيعه من وزير المالية، منهياً بالقول إنه يتوجّه إلى رئيس الجمهورية بصفته القاضي الأول، بينما جاء ردّ وزير العدل سليم جريصاتي على رئيس المجلس النيابي ليزيد التوتر، فيما قالت مصادر متابعة إنّ مساعي تبريد التوتر لم تنقطع، وإنّ العودة إلى اقتراح القانون الذي كان قد وقعه أصلاً رئيس الجمهورية بصفته النيابية قبل توليه الرئاسة، تبقى هي المخرج القابل لاستيعاب الحلول، وهو ما يتحرّك على تسويقه النائب وليد جنبلاط والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ويلقى تحركهما دعم حزب الله الذي يؤكد أنّ حرصه على تبريد التوتر بين الرئيسين الحليفين لا يلغي تبنّيه موقف الرئيس بري لاعتبارات ميثاقية ودستورية.

رسائل بين بعبدا وعين التينة خرقت هدنة العيد

لم تمرّ عطلة عيد الميلاد من دون رسائل سياسية وهدايا ساخنة على خط بعبدا عين التينة من جهة، وعلى خط بيت الوسط معراب من جهة ثانية، كما لم تخلُ من أجواء النعي والترحّم والتعازي، فبعد الهدنة الإعلامية بين الرئاستين الأولى والثانية إفساحاً بالمجال أمام الوسطاء الذين دخلوا على مسار معالجة أزمة مرسوم «دورة عون»، خرقت مواقف رئيس الجمهورية وردّ رئيس المجلس النيابي الهدنة التي فرضتها فرصة الميلاد على المشهد السياسي في البلاد.

وقد أثبتت المواقف خلال اليومين الماضيين وصول المفاوضات التي يقوم بها أكثر من طرف بين الرئيسين عون وبري إلى طريق مسدود. وفي حين آثر الرئيس بري عدم الرد على كلام رئيس الجمهورية الذي أطلقه في احتفالية الميلاد في بكركي بسبب العيد، خرج أمس عن صمته، في دردشة مع الإعلاميين تضمّنت رسائل مباشرة باتجاه بعبدا، وكشف عن أجزاءٍ خفيّة من القضية تتّصل بضباط في قوى الأمن يشملهم المرسوم ما يحتاج عملياً الى توقيع وزير الداخلية، مؤكداً في ردّه على دعوة عون اللجوء الى القضاء بأن «الضعيف يذهب الى القضاء» وسائلاً: أهكذا يكون تعاون المؤسسات وأنت يا فخامة الرئيس راعيها؟

وقال بري: «لفتني القول «إن المرسوم يوقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحدهما». اذاً رحمة الله على الطائف، وعلى الدستور، والعرف، ومجلس الوزراء، والوزراء. وتقبّل التعازي في باحة ساحة المادة 54 من الدستور». وتابع «أما القول «لدينا مجلس نواب ومجلس وزراء» فهو قول صحيح، وهذا أحد أسباب الاعتراض، إذ إن اقتراح قانون بموضوع دورة الضباط المذكورة ورد الى المجلس النيابي موقعاً من فخامتكم شخصياً آنذاك، وعرض على الهيئة العامة للمجلس فلما لم توافق عليه ردّته الى اللجان المشتركة وما زال. فلم تنتظروا ولم يُعرَض على مجلس الوزراء، وهرّب في ليلٍ بمرسوم أمرد. فإن كان هذا المرسوم قانونياً، فلماذا سبق أن اقتُرح قانونٌ لأجل قوننته؟ أهكذا تعاون المؤسسات وانت يا فخامة الرئيس راعيها؟». وأضاف بري «اما القول «لا عبء مالياً على هذا المرسوم» لا يا فخامة الرئيس، العبء المالي قائم وحال وقادم، ومَن قال لك عكس ذلك فهو مدّعٍ للمعرفة بعيدٌ عنها. اذن كان يجب عرضه على المالية. واذ أعلن «مرة جديدة يا فخامة الرئيس اترك الأمر لحكمتك وقضائك، فالمخفي اعظم»، وقال رداً على سؤال عن الذهاب الى القضاء «عندما تصبح وزارة العدلية غير منتمية أذهب. الضعيف يذهب الى القضاء». أما عما اذا كان يمكن أن تتأثر علاقته بالرئيس الحريري جراء هذا الموضوع، فأجاب «اسألوه».

وردّ وزير العدل المحسوب على رئيس الجمهورية سليم جريصاتي على كلام الرئيس بري، قائلاً: «لا وزارة في لبنان منتمية. فالوزارات منتمية للوطن ورمز وحدة الوطن أي رئيس الجمهورية»، مشيراً إلى أنّ هذا مفهوم خطير. وأضاف في تصريحات تلفزيونية: «أسماء الضباط التي أوردها بري في كلامه غير واردة في المرسوم، بل في مراسيم أخرى للأمن الداخلي لا تزال قيد التوقيع». وقال: «صاحب الحق سلطان وليس ضعيفاً على الإطلاق».

أزمة سياسية تلوح في الأفق؟

وفي وقتٍ رأت مصادر نيابية أن «الأمور معقدة وأن أزمة سياسية بين الرئاستين تلوح في الأفق، إن لم تصل المساعي الى خاتمة إيجابية، وأن كلام الرئيس ميشال عون في بكركي يؤشر الى تمسكه بموقفه إزاء قانونية ودستورية المرسوم وضرورة تنفيذه، استبعدت مصادر سياسية على صلة بالرئيسين عون وبري تصعيد المواقف بين بعبدا وعين التينة أو أن تفجير العلاقة التي تحسّنت في الآونة الأخيرة على نطاق أوسع، مؤكدة لـ «البناء» أن «الأمور مضبوطة تحت سقف القانون والدستور واحترام الرأي والرأي الآخر»، مشيرة الى أن «الخلاف الحاصل في مقاربة الدستور هو الخلاف الذي لا يُفسِد في الودّ قضية، مرجّحة أن تتقلّص دائرة الخلاف وتتّجه الى حلّ وسطي للأزمة، مشيرة الى أن «لا مصلحة لكلا الطرفين بتصعيد المواقف أكثر لما لذلك من انعكاسات سلبية على عمل المؤسسات وعلى البلد بشكل عام»، موضحة أن «الرئيسين عون وبري يدركان حجم المسؤوليات على عاتقهما إزاء معالجة الأزمات التي يعاني منها البلد، ما يفرض تغليب مصلحة البلد ومعالجة الأزمات الحياتية المتفاقمة وعدم الانشغال بمرسوم من هنا وقضية من هناك».

وكان الرئيس بري قد أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس ميشال عون هنأه خلاله بعيد الميلاد.

المساعي مستمرّة ومخارج مطروحة

مصادر مقرّبة من عين التينة رفضت اعتبار كلام رئيس المجلس بمثابة قنبلة أو انفجار أو تصعيد في وجه رئيس الجمهورية، بل توضيحاً قانونياً ودستورياً لخلفيات وأبعاد المرسوم وخطورة تمريره من دون مراعاة الاصول الدستورية والقانونية والميثاقية، ولفتت لـ «البناء» في ردها على كلام وزير العدل «بمعزل عن أسماء الضباط المذكورة أسماؤهم وتوقيع وزير الداخلية، لكن القضية الأساس هي تمرير المرسوم من دون توقيع وزير المال». ولفتت الى أن «كلام بري هو لتصويب الأمور ووضعها في نصابها القانوني ودعوة إلى إعادة النظر في المرسوم وتوقيعه من الوزراء المختصين».

واعتبرت المصادر أن «كلام بري لا يعني فشل المساعي والوساطات التي لا زالت مستمرة والاتصالات جارية للتوصل الى حلّ تحت سقف الدستور والقانون والميثاق». وأصرّت المصادر على أن «المرسوم يرتب أعباءً مالية الآن وفي المستقبل، مشيرة الى رفع لائحة في المجلس العسكري تتضمن بعض الأسماء الواردة في المرسوم لترفيعهم الى رتبة عميد وحينها سيرتّب درجات اضافية وبالتالي مخصّصات اضافية».

ولفتت المصادر الى أن «الرئيس بري يكنّ للقضاء كامل الاحترام، ولا يقصد بكلامه النيل من هيبة ونزاهة القضاء بقدر ما يدلل على أن قوة عمل المؤسسات أقوى من القضاء. فالقضية ليست عادية كما يصوّرها البعض بل قضية دستور وميثاق وقانون وتوازن في السلطة وفي عمل المؤسسات».

وعن الاتجاه الذي ستسلكه عين التينة في حال فشلت المساعي، قالت المصادر إن «الرئيس بري لن يذهب الى القضاء وكل شيء في أوانه وأن كل السيناريوات واردة». وتتحدث المصادر عن عتبٍ من بري على رئيس الحكومة سعد الحريري الذي وقع المرسوم من دون استشارة رئيس المجلس، مشيرة الى أن مسعى رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط كان يهدف الى إلغاء المرسوم وهو يقف في ضفة الرئيس بري».

وأسف جنبلاط في تغريدة «لأن الجو الوفاقي الذي ساد البلاد في المدة الاخيرة عاد وانتكس بعد مرسوم الضباط غير المتفق عليه والذي من الافضل قانونيا العودة عنه».

وتتحدّث مصادر مطلعة لـ «البناء» عن أن مساعي المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مستمرة، وهناك مخارج توافقية عدّة مطروحة تجري دراستها وجوجلتها، منها أن يُصار الى اضافة أسماء الضباط الذي ذكرهم بري الى المرسوم وتوقيعه من وزير المال على أن ينشر لاحقاً في الجريدة الرسمية ليصبح نافذاً»، ولفتت المصادر الى أن حزب الله «يقف الى جانب الرئيس بري في هذا الأمر من الجانب الميثاقي فيه، لكنه يسعى الى إيجاد الحل ضمن الأطر القانونية والدستورية والميثاقية».

اتصال بين الحريري وجعجع…

وفيما تراوح العلاقة بين معراب وبيت الوسط على حالها في ظل استبعاد أي لقاء بين الحريري ورئيس القوات سمير جعجع، سجّل اتصال هاتفي من رئيس الحكومة بجعجع اقتصر على التهنئة بالعيد ولم يتطرّق الى الوضع السياسي والعلاقة بين الطرفين، بحسب المعلومات. غير أن مصادر «القوات» أوضحت أن الاتصال لا يعني عودة المياه الى مجاريها بين الحزبين، إذ إن «القوات» تُصرّ على توضيح من الحريري إزاء الحملة المستقبلية عليها.

«لجنة النفايات» بلا حلول

وفيما تغيب جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع، حضر ملف النفايات في السراي الحكومي في صلب اجتماع رأسه الرئيس الحريري للجنة الوزارية المكلفة متابعته. إلا أن أيّ مقررات أو حلول لم تصدر في شأنه، حيث قال وزير البيئة طارق الخطيب «لم نتخذ قراراً في شأن توسعة مطمري الكوستابرافا وبرج حمود، والبحث أرجئ حتى موعد لاحق يحدده الرئيس الحريري». أما وزير الصناعة حسين الحاج حسن فقال: «تمت مناقشة خطة وزير البيئة وتوسعة المطمرين على أن تناقشها اللجنة وترفعها لمجلس الوزراء»، أما وزير الطاقة سيزار أبي خليل فلفت الى أنه طرح داخل اجتماع اللجنة مشروع قانون يسمح للبلديات بإنتاج الكهرباء من النفايات.

باسيل: نحن مع سورية في مواجهة الإرهاب

واعتبر وزير الخارجية جبران باسيل أن «الشراكة مع الرئيس سعد الحريري أصبحت أقوى بعد أزمته الأخيرة مع السعودية».

ومن جهة أخرى وفي حديث تلفزيوني أكد باسيل أن «صمود سورية ولبنان أسقط مشروع التفتيت ونحن مع سورية في مواجهة الإرهاب ونتمنى لها كل السلام والخير»، مضيفاً: «زيارتي الى سورية تأتي في حينها ولن أقوم بخطوة تؤذي الوحدة الداخلية».

وأكد باسيل أننا «لا نقبل إلا بعلاقة ندية مع السعودية والشعب اللبناني صديق مع السعودية وكل العرب».

مخاوف من تسلّل إرهابيين إلى شبعا

على صعيد أمني، وفيما يواصل الجيش السوري تضييق الخناق على تنظيمي «النصرة» و«داعش»، وما يُسمّى «الجيش الحر» في بيت جنّ السورية، تتزايد المخاوف من تسلل عناصر إرهابية الى مزارع شبعا المتصلة بالأراضي السورية بتسهيل من العدو «الإسرائيلي»، غير أن مصادر مطلعة في المنطقة طمأنت الى الوضع الأمني والى الإجراءات المشدّدة التي يتّخذها الجيش اللبناني على الحدود، مشيرة لـ«البناء» إلى أن «الاتصالات التي تحصل مع المسلحين تؤشر الى نجاح الوساطة لإخراج المسلحين من الغوطة الغربية الى إدلب خلال 24 ساعة، مستبعدة أي تسرب للارهابيين الى الأراضي اللبنانية».

2017-12-27 | عدد القراءات 2578