ناصر قنديل
* بالتوازي مع مسارات إختبارية تقودها واشنطن وحليفيها كيان الإحتلال والكيان السعودي ، حول نتائج الإعتراف بالقدس عاصمة لكيان الإحتلال وكيفية التأقلم مع مرحلة سقوط التفاوض ومسار التسويات ، كما حول نتائج الإنسحاب من التفاهم النووي مع إيران وتبلور التوازنات الدولية والإقليمية المحيطة به أوروبيا وفي ساحات المواجهة في المنطقة ، وكذلك ما تستكشفه واشنطن في مسار التفاوض مع كوريا الشمالية ، تضع واشنطن وحليفيها أمام إيران وسوريا وحلفائهما في محور المقاومة خيارات للمقايضة ، بإنتظار شهور لازمة لتبلور نتائج الإختبارات ، المقايضة بين حكومة لبنانية مريحة للمقاومة مقابل حكومة عراقية مريحة لأميركا والسعودية ، مع تطمين لإسرائيل بدور كردي من الحلفاء ، أو عرقلة ولادة الحكومتين معا وبقائهما على لائحة الإنتظار .
سيتكفل أطراف محور المقاومة وحلفاؤهم في لبنان والعراق ، كل في بلده برفض هذا الجمع للمقايضة ، ولن يحرجهم ، ولا يجوز أن يحرجهم كشف شروط القوات اللبنانية التعجيزية كسعي لجعل لبنان رهينة للمقايضة السعودية من أجل حصة دسمة للحزب الديمقراطي الكردستاني في الحكم العراقي ، وسينجح الملتزمون بخط المقاومة في العراق بإدارة الصراع في ظل التوازنات الملتبسة بما يمنع وقوع العراق فريسة للحلف الأميركي السعودي الإسرائيلي ، بينما سينجح اللبنانيون بإنتزاع حكومة تعبر بأمانة عن التغييرات التي حملتها الإنتخابات النيابية على طبيعة التوازنات المحلية ، رغم نجاح التعطيل بإضاعة الوقت والتلويح بالفراغ المديد .
*السعي الأهم لإقامة التوازن تشهده ساحة اليمن ، حيث تنطلق واشنطن والرياض وتل أبيب من معادلة إستحالة وقف مسار تقدم الجيش السوري في إسترداد الجغرافيا من أيدي الجماعات المسلحة ، وفقا لما بدأ من تحرير حلب ولم ينفع كل ما بذل للعرقلة في وقفه ، وحيث يحل العناد مكان الواقعية يجري الحسم عسكريا بصورة لا تبقي مجالا لمكاسب سياسية ، وحيث يتم التسليم للدولة السورية عبر التسوية يقترن ذلك بإذلال الإعتراف بإنتصار الرئيس السوري و الجيش السوري ، لذلك تجري محاولات للعب على حبال التسويات وتشويهها بالضخ الإعلامي ، على طريقة رمي التساؤلات عن معنى القبول بدور تركي والتذكير بما فعلته تركيا في الحرب بحق سوريا ، وبالتوازي تصوير القبول بالجيش السوري أنه محاط بشروط كعدم إنتشار حزب الله والقوات الإيرانية مع الجيش السوري ، كأن هذا مطروح أصلا ، حيث المعلوم أن الحلفاء يساندون الجيش السوري في الحرب وليسوا مرافقين لإنتشاره السيادي حيث يسلم له الأعداء بالإنتصار ، ولأن هذه المشاغبات لن تغير في أصل المعادلة السورية الجديدة التي تتقدم وفق روزنامتها ، وتنتقل من منطقة إلى منطقة ، يجري العمل لفرض واقع عسكري جديد في اليمن والسعي الموازي لتوظيفه بتصنيع تسويات مشابهة ينتشر فيها جماعة منصور هادي بالتراضي .
*خلال عامين ماضيين كان الرهان على منطقة تعز لتحقيق هذا التوزان ، لكن كل الإختبارات فشلت ، وفي خريف العام الماضي كان الرهان الأهم على إنقلاب الرئيس السابق علي عبدالله صالح لتكون صنعاء هي الهدف ، وفشل الرهان رغم كل التمهيد الذي سبق لمعركة صنعاء والتبشير بالإنجازات فيها ، واليوم تجري الرهانات على الساحل الغربي وصولا لميناء الحديدة ، وقد نجح الهجوم بتحقيق تقدم ملحوظ ، وهنا لا بد من تسجيل حقيقة علاقة التقدم بطبيعة المناطق الجغرافية المفتوحة التي تم التقدم فيها من جهة ، وبطبيعة القوة التي كانت تنشر فيها من مجموعات ليست من النواة الصلبة لقوى المقاومة في اليمن من جهة مقابلة ، لكن أيضا لا يجوز للمتابع والمحلل أن ينسى أن اليمنيين يقاتلون باللحم الحي منذ أكثر من ثلاث سنوات ، بوجه كل الجيش السعودي والمال السعودي والجيش الإماراتي والمال الإماراتي ، والسلاح الأميركي والخبرة والمخابرات الإسرائيليين ، ومجرد صمودهم أسطورة ، دون أن يعني ذلك توقع نجاح تتمة المخطط السعودي بعدما وضعت للمواجهة خطط جديدة ورصدت لها قوى وإمكانات جديدة .
*قوى محور المقاومة مطالبة بمنح المزيد من الضوء للحرب الظالمة على اليمن ، وتنظيم الفعاليات التضامنية مع الشعب اليمني ، خصوصا أن ميناء الحديدة منفذ بحري وحيد لتزويد مناطق صنعاء وسواها بأبسط مقومات الحياة ، ومجلس الأمن الدولي سبق وأصدر بيانا رئاسيا يدعو لوقف أي عمل عسكري يستهدف الحديدة ، داعيا لفتح المرفأ أمام الملاحة التجارية ورفع الحصار عنه ، لكن يجب أن نقول للحليف الروسي أن التحرك الدبلوماسي في القضية اليمنية لم يعد يحتمل المراعاة والحسابات الباردة ، فالمجزرة الإنسانية المرتكبة بحق هذا الشعب تستحق صوتا مرتفعا في مجلس الأمن الدولي أسوة بما يفعله الأميركيون والأوروبيون في كل مرة يتقدم الجيش السوري إلى منطقة تحت سيطرة الإرهاب ، مع حفظ الفارق بين هذه وتلك ، بين مجزرة حقيقية في اليمن ومجاعة حقيقية تقتل شعبه ، وإدعاءات كاذبة بإستخدام السلاح الكيميائي في سوريا والتباكي المنافق على حياة المدنيين وألاعيب الخوذ البيضاء .
2018-05-30 | عدد القراءات 2426