عندما يعبر اللبنانيون عن مشاعرهم وهم يرون رئيس حكومتهم في ضيافة من قام بإحتجازه وإهانته وضربه بما لا يقبل الشك ولا ينتظر تأكيدا لا من الحريري ولا من محتجزه السابق ومضيفه اللاحق ، فمن حقهم أن يعبروا عن مرارة المشهد وفيه من المشهد المسرحي الأقرب للكوميديا السوداء
محمد بن سلمان بلا خجل يحول المأساة إلى مزحة سمجة بالقول أن الحريري باق ليومين فلا تقولوا غدا أنه محتجز وكأنه في المرة السابقة لم يكن محتجزا فيجاريه الحريري مبتسما وضاحكا بالقول " وبإرادتي "
الغضب اللبناني مما شاهدوه هو رفض للمهانة التي أراد بن سلمان إلحاقها بهم وكان بمستطاعه وقد صارت قضية قتل الخاشقجي قضية رأي عام عالمية وصار المنفذون معلومون وهم من قاموا بإحتجاز الحريري وإهانته وضربه كما قالت وكالة رويتر أن يستغل المناسبة ليتبرأ من الإساءة للحريري ويلقي التبعة على القتلة المنفذين طالما لا يزال ينكر دوره في قتل الخاشقجي ويقدم إعتذارا علنيا للحريري مدعيا عدم المعرفة بما حدث له على أيدي هؤلاء وإعتذاره منه لما فعلوه لكن تقصده بالإنكار والتجاهل يعني ما هو أبعد من الفجاجة والوقاحة
كلام بن سلمان يعني أنه قاتل الخاشقجي لأنه كما ينكر ما هو ثابت من إحتجاز الحريري وإهانته يفعل بإنكار معرفته وصلته بقتل الخاشقجي بينما الإعتذار من الحريري كان من الزواية القانونية شهادة لصالح بن سلمان
تصرف الحريري الضعيف قهر اللبنانيين وربما كان معذورا عند البعض لقلة الحيلة وضعف الموقف وربما رأى آخرون أنه يلعب سياسة بإستثمار مأزق بن سلمان ببيعه البراءة لنيل مزيد من الهامش في الحركة وطي الصفحة السوداء بينه وبين بن سلمان كمصلحة ثمنها هذا الضعف المشفوع بالتوقيع على إدعاء بن سلمان أنه كان مالكا لحريته وموجود هذه المرة كما التي قبلها بإرادته
اللبنانيون حزانى للمشهد وقد تضامنوا مع رئيس حكومتهم في محنته وأظهروا له أنهم حماته الفعليون من بطش القتلة لكنه لم يرد لهم الجميل بل ساهم بإهانتهم مجددا بالتصديق على حملة الإنكار وكانوا يستحقون أن يفكر برضاهم أكثر مما يفكر برضا بن سلمان