هل قرر الحريري التهرب من الحكومة لما بعد القمة ؟ نقاط على الحروف ناصر قنديل
ناصر قنديل
السؤال الطبيعي الذي يجب أن يطرحه المعنيون بمتابعة تشكيل الحكومة اللبنانية هو ماذا لو تمت تسوية قضية الوزير جواد عدرة بين فريق رئيس الجمهورية واللقاء التشاوري ، هل كانت نية الرئيس سعد الحريري إنهاء أزمة تشكيل الحكومة ، وهو ربما لم يكن يتوقع ظهور أزمة في حل هذه العقدة بين فريقي الرئيس واللقاء كنتيجة سوء فهم وسوء تدبير لدى الفريقين لم يكن في حساب الرئيس سعد الحريري أن يمنحه العذر لعدم إكمال عقد الحكومة ، فبادر إلى إفتعال قضية إعادة النظر بتوزيع الحقائب لتظهر فجأة وبصورة إستفزازية للرئيس نبيه بري ولحزب الله ، لتبرير بقاء البلد بلا حكومة ، والطبيعي أن الحريري يجب أن يسأل لماذا تبقى هذه الأمور عالقة ، ولماذا إثارتها في اللحظة الأخيرة كمشكلة مخبأة عن عمد، ولو سملنا بوجودها فرئيس الحكومة قادر على إحتوائها من موقعه وحصته ، لو كان كما يقول يريد تسريع ولادة الحكومة ، وكانت قضيته مع مقعد اللقاء التشاوري الذي رفض الإجتماع به بعدما رفض منحه مقعدا ووضع شروطا على رئيس الجمهورية في حال قرر التنازل عن مقعد من حصته لحساباللقاء بأن لا يكون الوزير المسمى من بين النواب وألا يشكل له إستفزاز ، كما يدعي قضية زعامته لطائفته وليس ذريعة لتأخير الحكومة ، وهو الذي كان يعلم ـأنه متى حلت العقدتان الدرزية والمسيحية سيكون عليه مواجهة هذه العقدة .
يجب الإعتراف أولا أن الحريري نجح في تظهير خصومه في فريق رئيس الجمهورية وفريق الثامن من آذار ، وهو يبيع حلو الكلام لريس الجمهورية ورئيس التيار الوطني من جهة ولرئيس المجلس النيابي من جهة أخرى ، كمسؤولين عن عدم ولادة الحكومة ، وهو الممسك بالثلث المعطل يتهم فريق رئيس الجمهورية بالسعي لإمتلاك الثلث المعطل ، وهو من يبتكر الذرائع لتأخير الحكومة يرمي بالمسؤولية على سواه ، والذين يتبرعون بتسهيل ولادة الحكومة يحملون مسؤولية تأخيرها اليوم ، وقد إرتضوا أقل من أحجامهم ، والحريري الذي نال أكبر من حجمه ورفض منح الحد الأدنى من حق التمثيل لمستحقيه لا ينظر له الناس كمسؤول عن التعطيل ، وهذه قمة سوء التدبير لدى ثنائي الثامن من آذار وفريق رئيس الجمهورية ، اللذين كادا يشتبكان على تحديد مسؤوليات إنفراط تسوية مقعد اللقاء التشاوري بينما الحريري يتفرج ويضحك ملء فمه ، وها هو يسافر فرحا لتمضية العطلة .
تسارع الحركة الدولية والإقليمية نحو سورية ومن حولها يقول اشياء كثيرة تربك الحريري ويبدو أنه في صورتها ويريد تفادي الأسوا منها ، فمع الإنسحاب الأميركي من سورية ، والزيارات الرئاسية العربية إلى دمشق والإعلان التونسي عن نية دعوة سورية إلى القمة العربية المقبلة ، جاء كلام للرئيس الأميركي دونالد ترامب بصيغة خبرية ، "لقد قررت السعودية تمويل إعادة إعمار سورية " ، وكل هذه التطورات تصل إلى الحريري كمعلومات ، وثمة من يقول من الأوساط القريبة جدا من الحريري أن إحتمال تسارع الحراك العربي نحو إعادة مقعد سورية في الجامعة العربية ودعوة الرئيس السوري للمشاركة في القمة الإقتصادية في بيروت ، ترتفع بعد اللقاءات القيادية بين سورية ومصر ، والتغييرات المتسارعة في الموقف السعودي ، وأن الأفضل للرئيس الحريري أن يكون رئيس حكومة تصريف أعمال رئيسا فعليا للحكومة أثناء عقد القمة ، فيتسنى له التهرب من الحضور الذي يقتصر على رئيس الجمهورية والوزراء الراغبين ، بينما ذهب بعض المحسوبين على الحريري إلى الدعوة لإلغاء القمة إذا تمت دعوة سورية للمشاركة فيها .
الحديث عن قطبة مخفية كما قال رئيس الجمهورية ، وعن شيئ كبير كما قال رئيس المجلس النيابي ، تعليقا على تأخير الحكومة قبل فشل تسوية مقعد اللقاء التشاروي وبعد إثارة توزيع الحقائب ، ربما يجد تفسيره في سعي الحريري للتهرب من مشاركته في القمة الإقتصادية ، والتعامل مع حقائق الإنتصار السوري وتلقي تبعات الكلام المتسرع الذي قاله عن العلاقة بسورية ، قبل أن يرتب له السعوديون مصالحة شبيهة بما جرى قبل عشر سنوات لا يتسع الوقت لها قبل القمة .
هذا يعني أن ترتيب العلاقة بين فريق الثامن من آذار وفريق رئيس الجمهورية صار ضرورة ملحة لضمان تشكيل الحكومة وإسقاط اللعب الحريرية من جهة ، وضمان نجاح القمة الإقتصادية بحضور سورية من جهة أخرى ، ولتكن الخطوة زيارة رئاسية إلى دمشق وزيارة مماثلة للقاهرة تسبقان القمة ، ترافقهما دعوة وزراء الخارجية لإجتماع طارئ يكرس عودة سورية إلى الجامعة ، وبعد القمة نتحاسب !